حواران مع أنوراغ كاشياب ومات ديلون... و«كذب أبيض» مغربي في خامس أيام «مراكش»

«أشباح بيروت» في «القارة الـ11» و«بانيل وأداما» في المسابقة الرسمية

المخرج الهندي أنوراغ كاشياب في فقرته الحوارية (الجهة المنظمة)
المخرج الهندي أنوراغ كاشياب في فقرته الحوارية (الجهة المنظمة)
TT

حواران مع أنوراغ كاشياب ومات ديلون... و«كذب أبيض» مغربي في خامس أيام «مراكش»

المخرج الهندي أنوراغ كاشياب في فقرته الحوارية (الجهة المنظمة)
المخرج الهندي أنوراغ كاشياب في فقرته الحوارية (الجهة المنظمة)

قدَّم اليوم الخامس من «المهرجان الدولي للفيلم» بمراكش، بدورته العشرين، فقرتين حواريتين مع المخرج الهندي أنوراغ كاشياب، والممثل والمخرج وكاتب السيناريو الأميركي مات ديلون. وتضمّن برنامج العروض أفلاماً توزّعت على «المسابقة الرسمية»، و«بانوراما السينما المغربية»، و«القارة الحادية عشرة»، و«العروض الاحتفالية»، و«العروض الخاصة».

الممثل والمخرج وكاتب السيناريو الأميركي مات ديلون في فقرته الحوارية (الجهة المنظمة)

حوار مع كاشياب

في فقرة «حوار مع...»، استعاد كاشياب جوانب من سيرته المهنية، منها انتقاله من المسرح إلى السينما، مؤكداً أنه وجد راحته في الفن السابع.

وأقر بدور المسرح في حياته المهنية، خصوصاً على صعيدَي الإخراج وإدارة الممثلين.

وتحدّث كاشياب، وهو أيضاً منتج وكاتب سيناريو وممثل، عن علاقة السينما بالمجتمع والارتباط الوثيق بينهما، وعن تناول أفلامه قضايا وظواهر مجتمعية، مشدداً على ضرورة أن تعكس السينما إشكاليات المجتمع، من منطلق أنّ المخرج ابن بيئته، وأفلامه مرايا الواقع.

كاشياب المولود عام 1972، يحظى بشهرة كبيرة في السينما الهندية، وحصد جوائز عدّة، كما منحته فرنسا وسام الفنون والآداب عام 2013، ولقيت أفلامه نجاحاً كبيراً، وهو أحد مخرجي سلسلة «الألعاب المحرّمة» (2018 - 2019)؛ أول مسلسل هندي على «نتفليكس».

الفنانة المغربية دعاء لحياوي على السجادة الحمراء في المهرجان (الجهة المنظمة)

حوار مع مات ديلون

من جهته، شدّد مات ديلون، ضمن فقرته الحوارية، على أنّ اهتمامه بشخصيات الفيلم تسبق اهتمامه بالسيناريو، مشيراً إلى تفضيله الارتجال على التقيّد بالنصّ، من منطلق أنه يميل أكثر إلى الحرية في الأداء الفني، التي تُضفي حيوية أكبر على الشخصيات والمَشاهد.

وتحدّث عن شعوره حين يتلبّس الدور، فيصير شخصاً آخر؛ ما يمنحه فرصة اكتشاف التجارب الخاصة بكل شخصية، وفهم حالتها النفسية.

تمتدّ مسيرة ديلون السينمائية لأكثر من 3 عقود، أدّى خلالها أدوار البطولة في أفلام عدّة. وفي عام 2003، انتقل إلى خلف الكاميرا لإخراج فيلم «مدينة الأشباح» الذي كتبه وباري جيفورد. أما في عام 2006، فترشّح لجائزة أفضل ممثل في دور ثانٍ عن «تصادم» الذي نال عنه «الأوسكار». كما لعب أخيراً دور البطولة أمام باتريشيا أركيت في مسلسل منصة «آبل»، «الصحراء العالية»، وأخرج أفلاماً وثائقية قصيرة هدفها زيادة الوعي بمعاناة اللاجئين جراء النزاعات الدولية والتغيّرات المناخية.

الممثل والمخرج الأسترالي سايمون بيكر على السجادة الحمراء في المهرجان (الجهة المنظمة)

«بانيل وأداما»... و«كذب أبيض»

ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، عُرض فيلمان: «بانيل وأداما» (2023) للفرنسية – السنغالية راماتا - تولاي سي، و«كذب أبيض» (2023) للمغربية أسماء المدير.

يصطدم بانيل وأداما، الحبيبان، ويعيشان في قرية نائية بشمال السنغال، بأعراف المجتمع وتقاليده. فلا مكان للعواطف حيث يقيمان، ولا حتى للفوضى. أما أحداث «كذب أبيض»، فتتمحور حول سلسلة أكاذيب عائلية، وبحث امرأة عن الحقيقة. وفي سياق تأرجحها بين تاريخ بلدها وحياتها الشخصية، تروي المدير واقعة انتفاضة الخبز عام 1981، وتستعرض ارتباطها بالمجتمع المغربي المعاصر. وسبق لهذا الفيلم، الذي حظي بدعم برنامج «ورشات الأطلس» لتطوير المواهب التابع لـ«مهرجان مراكش»، أن فاز بجائزة أفضل إخراج في قسم «نظرة ما» بـ«مهرجان كان».

خلال تقديم فيلم «بانيل وأداما» ضمن فقرات المهرجان (الجهة المنظمة)

«أرض الميعاد» و«فوي! فوي! فوي!»

كان الموعد، ضمن فقرة «العروض الخاصة»، مع فيلم «أرض الميعاد» (2023) للدنماركي نيكولاي أرسيل، من بطولة مادس ميكلسن. تدور الأحداث عام 1755، حين خاض القائد لودفيك كالين رحلة غزو مستنقع دنماركي لا يسكنه أحد، لإقامة مستعمرة باسم الملك، مقابل حصوله على لقب ملكي يخلّصه من الفقر. لكن سيد المنطقة المتغطرس فريدريك دو شينكل، يعدُّ الأرض ملكه. على إثر الأحداث، يخوض معركة غير متكافئة، مخاطراً بحياته وحياة من حوله.

ضمن الفقرة عينها، كان الموعد مع فيلم «فوي! فوي! فوي!» (2023) للمصري عمر هلال. تدور أحداث عام 2013 في مصر، ضمن قصة مستوحاة من الواقع، تتمحور حول حلم شاب بالهجرة، يحصل على فرصته عندما يعلن فريق لكرة القدم الخاصة بالمكفوفين مشاركته في بطولة بأوروبا. يلتحق بالمجموعة المكوّنة من شباب يائسين يبذلون جهدهم لتحقيق أحلامهم.

لقطة من تقديم فيلم «فوي! فوي! فوي!» المصري (الجهة المنظمة)

«أشباح بيروت»

ضمن فقرة «القارة الحادية عشرة»، كان الموعد مع فيلم «أشباح بيروت» (1999) للبناني غسان سهلب. تعود الأحداث إلى نهاية الثمانينات، حيث يخوض لبنان صراع حرب بلا نهاية. يستغل البطل بلبلة أعقبت إحدى المعارك فيتظاهر بالموت، ثم توارى، قبل أن يعود إلى بيروت بهوية زائفة. لكن، كيف له أن يُخفي حقيقته عن معارفه في مدينة صغيرة يزداد فيها مَن يتعرّفون إليه أكثر فأكثر؟

من تقديم فيلم «ليمبو» خلال فقرات المهرجان (الجهة المنظمة)

«ليمبو»

تضمّنت فقرة «العروض الاحتفالية»، فيلم «ليمبو» (2023) للأسترالي إيفان سين، الذي يتناول وصول المحقّق ترافيس هارلي إلى بلدة ليمبو النائية للكشف عن خيوط قضية يلفّها كثير من الغموض؛ موضوعها اختفاء فتاة من السكان الأصليين قبل 20 سنة. تدريجياً، يُسلَّط الضوء على سلسلة من الحقائق، وعلى نظام العدالة في أستراليا وأثره في السكان الأصليين.

معاناة عمال المناجم

أما في فقرة «بانوراما السينما المغربية»، فكان الموعد مع الوثائقي «موغا يوشكاد» (2023) للمغربي خالد زايري، الذي يعود إلى خمسينات القرن الماضي، حين كلّفت إدارة مؤسسة مناجم الفحم في فرنسا الضابط السابق لشؤون السكان الأصليين في الجيش الفرنسي بالمغرب فيليكس مورا، بمهمّة تشغيل اليد العاملة. وعلى مدى 20 عاماً، يجلب مورا أكثر من 70 ألف عامل من جنوب البلاد إلى مناجم منطقة «نور با دو كاليه»، بشمال فرنسا.

في أثناء تقديم فيلم «موغا يوشكاد» الذي يتناول معاناة عمال المناجم (الجهة المنظمة)

يستعرض الفيلم حكايات عمال المناجم المغاربة السابقين، فيكشف عن تاريخهم المجهول، ويضيء على حكاياتهم المؤثرة في مواجهة التمييز العنصري، ومخاطر الأمراض الجسدية، ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي الهشّ، كما يرسم صورة معقّدة عن مظاهر الصمود والشجاعة التي تحلّوا بها أمام التحدّيات.


مقالات ذات صلة

اختبار البداية يبتسم للعرب في العرس الأفريقي بالمغرب

الرياضة صورة من حفل افتتاح كأس الأمم الأفريقية بالمغرب 21 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

اختبار البداية يبتسم للعرب في العرس الأفريقي بالمغرب

سجلت المنتخبات العربية حضوراً لافتاً في المباريات الافتتاحية مؤكدة أنها تدخل المنافسة برؤية واضحة وثقة فنية تعكس تطور كرة القدم العربية على الساحة القارية.

كوثر وكيل (الرباط)
رياضة عربية نزلاء السجون في المغرب سيشاركون في بطولة مصغرة تضم 150 نزيلاً من 15 جنسية أفريقية (كأس أفريقيا)

من خلف القضبان... سجناء في المغرب يحتفلون بكأس أفريقيا بطريقتهم الخاصة

أشعلت كأس أمم أفريقيا لكرة القدم حماس الجميع، حتى إن نزلاء السجون في المغرب سيشاركون في بطولة مصغرة تضم 150 نزيلاً من 15 جنسية أفريقية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
رياضة عربية حكيم زياش (إكس)

المغربي حكيم زياش ينعى شقيقه

أعلن المغربي حكيم زياش، مساء الثلاثاء، عن وفاة شقيقه، من خلال حسابه على منصة «إنستغرام»، ما أثار موجة من التضامن والمواساة من الأندية والجماهير.

«الشرق الأوسط» (الرباط )
الاقتصاد مشهد عام لميناء الحاويات في القصر الصغير في طنجة بالمغرب (رويترز)

«مرسى المغرب» لتشغيل المواني للاستحواذ على 45 % من «بولودا ماريتايم تيرمينالز» الإسبانية

قالت شركة «مرسى المغرب» لتشغيل المواني، إنها وقعت صفقة للاستحواذ على حصة 45 في المائة في شركة «بولودا ماريتايم تيرمينالز» الإسبانية، مقابل 94 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا عمال البلدية يرفعون الركام من أحد شوارع بلدة آسفي الساحلية الاثنين (أ.ف.ب)

37 قتيلاً في فيضانات مفاجئة ضربت بلدة ساحلية مغربية

أفادت السلطات المحلية بأن آسفي الواقعة على بعد نحو 300 كيلومتر جنوب الرباط تعرضت لعواصف رعدية شديدة تسببت في تدفقات سيول استثنائية خلال ساعة واحدة.

«الشرق الأوسط» (الرباط)

«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
TT

«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)

وسط أجواء من الفرح والأنشطة المتنوعة، عادت المدن حول العالم لتزيين شوارعها واستقبال موسم الميلاد بألوان زاهية، من بيت لحم وغزة إلى الأقصر في مصر وسيدني في أستراليا، معبرة عن الأمل وتجدد الحياة رغم التحديات.

قداس عيد الميلاد في كنيسة المهد ببيت لحم مع مسيرة كشافة فلسطينية (أ.ف.ب)

شهدت بيت لحم والأراضي الفلسطينية احتفالات ميلادية بعد عامين خيّم عليهما النزاع في غزة، حيث عادت الحياة تدريجياً بعد اتفاق وقف إطلاق النار. شارك المئات في ساحة المهد وشارع النجمة في قداس ومسيرة للكشافة، وسط أصوات الطبول وألحان الترنيم الميلادي.

رئيس الوزراء الأسترالي ألبانيزي يقدم الطعام في غداء عيد الميلاد بسيدني (إ.ب.أ)

وقالت كاتياب عمايا، إحدى المشاركات في الكشافة، إن عودة الاحتفالات تمثل رمزاً مهماً لوجود المجتمع المسيحي في المنطقة، وتمنح سكان غزة الأمل في مستقبل أفضل. وأكد السكان أن الاحتفالات تعكس رغبتهم في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح، بعد فترة من عزوف الزوار وارتفاع معدلات البطالة.

في غزة، أحيا المسيحيون قداس الميلاد في الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة بعد وقف إطلاق النار، معبرين عن رغبتهم في عودة الحياة الطبيعية إلى المدينة.

شجرة عيد الميلاد المضيئة في إحدى حدائق بكين (أ.ف.ب)

احتفلت الأقصر التاريخية في صعيد مصر بعيد الميلاد بعروض فلكلورية وألعاب التحطيب، على أنغام الربابة والمزمار، مستعرضة إرث المصريين القدماء في الاحتفال بالأعياد والمواسم. واستمرت الاحتفالات طوال فترة الميلاد ضمن فعاليات الدورة الـ15 للمهرجان القومي للتحطيب، ما أضفى بهجة وفرحاً على السكان والزوار.

أعضاء جوقة أغابي يقدمون عرضاً بمتحف الحضارة المصرية بالقاهرة (أ.ب)

شهد شاطئ بونداي في أستراليا احتفالات محدودة بسبب هجوم إرهابي أودى بحياة 15 شخصاً قبل أيام، حيث حافظ المشاركون على طقوس الميلاد مع احترام ذكرى الضحايا، وسط تعزيز الإجراءات الأمنية، بينما قلل الطقس العاصف من عدد المحتفلين.

وفي الوقت نفسه، تواجه بعض مناطق العالم ظروف طقس صعبة، مثل كاليفورنيا التي أعلنت السلطات فيها حالة الطوارئ تحسباً لفيضانات محتملة، ما يعكس التحديات المتعددة التي تواجه المجتمعات خلال موسم الأعياد.

أوكرانيون يرنمون للميلاد حاملين نجوم بيت لحم وسط مدينة لفيف (إ.ب.أ)

على الرغم من الظروف الصعبة، حملت الاحتفالات الميلادية هذا العام رسائل فرح وتجدد للأمل، سواء في فلسطين أو مصر أو أستراليا. وتجسد هذه الفعاليات قدرة المجتمعات على التعبير عن التضامن والحياة المشتركة، والحفاظ على التراث والثقافة، حتى في أصعب الأوقات.


«مقابر الخالدين» تفشل في ابتلاع انتقادات هدم ضريح «أمير الشعراء»

الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
TT

«مقابر الخالدين» تفشل في ابتلاع انتقادات هدم ضريح «أمير الشعراء»

الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)

رغم إعلان محافظة القاهرة نقل رفات أمير الشعراء أحمد شوقي (1868 - 1932) إلى مقابر الخالدين التي تضم رفات رموز المجتمع المصري من ساسة ومبدعين وعلماء وأمراء، فإن خبر هدم ضريح أحمد شوقي في مكانه التاريخي قوبل بردود فعل غاضبة، جاء معظمها من مهتمين بتراث المقابر ذات الطرز المعمارية المتميزة، وأضرحة الشخصيات التاريخية، والعارفين بقدر شوقي، ومكانته في تاريخ الشعر المصري والعربي الحديث.

ويؤكد الباحث في التاريخ الدكتور مصطفى الصادق أن «هدم ضريح أمير الشعراء أحمد شوقي، يأتي ضمن لائحة طويلة من قبور المشاهير والعظماء التي تمت إزالتها»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك غضب كبير، إلا أن عملية الهدم نفسها غير مستغرَبة، ومتوقَّعة، فقد سبقه كثيرون، جرفتهم المعاول، حيث سبق هدم ضريح محمود الفلكي، والسردار راتب باشا، وكثيرون آخرين».

وتحدث الصادق عن «وعود لم يفِ بها أحد»، على حد قوله، مضيفاً: «بعد هدم قبة حليم بن محمد علي باشا، أعلن المسؤولون أن أعمال الهدم سوف تتوقف، لكن ما جرى بعدها فاق الوصف، كانت أعمال الإزالة بعد ذلك خرافية»، ولفت إلى أن الحديث الذي يدور حالياً عن «مقابر فاخرة» لا معنى له في ظل هدم أضرحة لا مثيل لها في الفخامة والإبداع والعمارة.

من جهتها أعلنت محافظة القاهرة قرب افتتاح «مقابر تحيا مصر للخالدين»، التي «أقامتها الدولة خصيصاً لنقل رفات الشخصيات التاريخية، وسيخصص جزء منها لعرض التراكيب المعمارية الفريدة ذات الطراز المعماري المتميز».

جانب من أعمال الهدم في المقابر (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)

وقالت المحافظة في بيان: «إن المقابر شرفت بإعادة دفن رفات شوقي، إذ تم وضعه في المكان الذي يليق بمكانته الأدبية والتاريخية». فيما قال الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط» إن «هدم ضريح شوقي جاء على خلاف ما أعلن عنه المسؤولون، فقد كان الحديث عن عدم المساس به، لكننا فوجئنا بنقل رفاته منذ شهور، ثم هدم المقبرة الذي لم يراع مكانة شوقي؛ فهو أشهر شعراء العربية في العصر الحديث».

وأضاف عبد المجيد أن «الخبر مؤلم جداً، خصوصا أنه يأتي في ظل الحديث عن هدم أضرحة رموز إبداعية مهمة في تاريخ مصر، بدءاً من مدفن محمود سامي البارودي، وصولاً إلى ضريح عميد الأدب العربي طه حسين، الذي يختفي الآن تحت الجسر».

ووفق عبد المجيد: «هناك أضرحة عديدة هدموها وكانت بمثابة متاحف زاخرة بالتحف والتماثيل والرسومات والزخارف الفنية المرصعة بالمعادن، تعرضت للسرقة وبيعت في السوق، وبينها شواهد قبور وتركيبات لمشاهير كان يجب حمايتها ومنع المساس بها».

المحزن في واقعة هدم ضريح شوقي، وفق الباحث في التراث إبراهيم طايع، أن «عمليات الإزالة سبقها بشهور نقل رفاته، وقام مجهولون بسرقة تركيبات عدد من المقابر داخل الضريح»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «كان من الواضح أن مصير الضريح إلى زوال، لأن كل ما حوله من مدافن جرفتها المعاول».

من جهته وصف الشاعر المصري، أحمد عبد المعطي حجازي، إزالة مقبرة شوقي بأنها بمنزلة «هدم جسم حي وكيان باقٍ وخالد بأيدي فانين وعاجزين عن تقدير القيم». وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحدث لمقبرة شوقي يطول الثقافة المصرية كلها، منذ عقود وحتى الآن، ومَن هدموا مقبرة شوقي هم أنفسهم الذين يهدمون الثقافة المصرية».

دُفن أمير الشعراء في مقبرة تخص عائلة زوجته، وتعود لحسين باشا شاهين، وهناك يوجد رفاته أيضاً، ورفات زوجته ووالده. «أكثر من 5 تركيبات اختفت قبل هدم الضريح، ولم يتبقَّ سوى التركيبة الرخامية الخاصة بشوقي، التي ظلت حتى هدم الضريح»، وفق طايع.


«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
TT

«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)

من جديد، يعود مهرجان «بين ثقافتين» ليعبر حدود الثقافة، ويحتفي بتجارب استثنائية تجمع بين الفنون والموسيقى ومذاقات المأكولات التقليدية وشتى العروض الحيّة، جامعاً في نسخته الثالثة بين الثقافتين السعودية والصينية، لإبراز التنوع الثقافي وحدود التلاقي بينهما في قلب الرياض.

وأطلقت وزارة الثقافة النسخة الثالثة من مهرجان «بين ثقافتين» التي تستضيف جمهورية الصين وثقافتها وتقاليدها المتنوعة، وذلك في قاعة «الملفى» بمدينة محمد بن سلمان غير الربحية «مدينة مسك» في العاصمة الرياض، ضمن حدث دولي يُقام بالتزامن مع العام الثقافي السعودي الصيني 2025؛ بهدف ترسيخ الحوار الحضاري، وتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية والصين.

وتُقدم الفعالية تجربة فنية متكاملة تستعرض الإرث الحضاري والممارسات الثقافية لكلا البلدين، وتكشف عن أوجه التشابه والتكامل بينهما في مجالات الفنون والطهي والحرف اليدوية والموسيقى، ما يعكس عمق الروابط التي تجمع الشعبين.

ويضم المهرجان معرضاً فنياً يزخر بأعمال لفنانين سعوديين وصينيين بارزين، ومتاجر متنوعة تُقدم منتجات من كلتا الثقافتين، وفعاليات تفاعلية تشمل عروضاً أدائية حية، وتجارب طهي فريدة، وأنشطة ثقافية مصممة لإثراء تجربة الزوار.

‏أصالة الموروث السعودي والصيني تتجلّى في عروض ثقافية متنوّعة في ⁧‫المهرجان (وزارة الثقافة)

حينما تهب الرياح شرقاً

يحضر الفن في المهرجان بوصفه لغةً وجسراً يربط بين ثقافتين وشعبين اختارا، عبر العصور، التعبير عن مكنونات ثقافتيهما من خلال العطاء الفني والإبداعي الرصين. وفي معرض يحمل عنوان «حينما تهبّ الرياح شرقاً»، تلتقي الأعمال السعودية والصينية في حوار إبداعي يعكس التلاقي الثقافي المعاصر، من خلال لوحات ومنحوتات وأعمال تركيبية، تسعى إلى استكشاف نقاط الالتقاء بين الطبيعة والفكر، وبين الماضي والحاضر، ضمن رؤية فنية مشتركة.

‏تناغم ثقافي يتوهّج بألوان الفن في ⁧‫المهرجان (وزارة الثقافة)

وتتوزع أعمال المعرض في 3 أقسام؛ حيث تلتقي الصحراء ببحر الذاكرة في القسم الأول من المعرض الفني، ويتناول كيف تُشكِّل الصحراء والبحر ذاكرة الفنانين ورؤيتهم الفنية، إذ تتحول العناصر الطبيعية إلى لغة للتأمل تربط بين ثبات الأرض وسيولة الزمن.

وفي قسم «نسيج من نور وتراب»، وهو القسم الثاني من المعرض، يُسلط الضوء على العلاقة بين المادي واللامادي، إذ يذيب الفنانون الحدود بين الضوء والطين والنسيج ليكشفوا جوهر المادة واتحاد الروح بالبيئة.

وفي قسم «آثار المستقبل»، تُركز المعروضات على إعادة قراءة التقاليد برؤية معاصرة تمزج بين الذاكرة والابتكار، لتغدو الأعمال بمثابة خريطة زمنية تصل الماضي بالحاضر، وتستشرف ملامح المستقبل.

‏صور توثّق الالتقاء الثقافي البديع بين المملكة والصين (وزارة الثقافة)

14 يوماً من جسور الثقافة

يُقدم المهرجان الذي سيستمر حتى 6 يناير (كانون الثاني) 2026، تجربة ثقافية شاملة تُبرز عُمق الحضارة الصينية وتَنوُّعَ موروثها، كما يستعرض أوجه التلاقي والتباين بينها وبين الثقافة السعودية، وذلك في إطار جهود وزارة الثقافة لمدّ جسور التواصل الحضاري، وتعزيز حضور السعودية إقليمياً ودولياً، وترسيخ مكانتها بوصفها مركزاً فاعلاً للحوار الثقافي العالمي.

ويستهدف المهرجان العائلات والأفراد، والسياح والزوار الأجانب، والوفود الرسمية، والمهنيين في القطاعات الثقافية، من خلال برنامج متنوع يشمل معرضاً فنياً، وتجربة «الشارع الصيني» التي تجمع بين الثقافتين عبر الحِرف اليدوية، إلى جانب العروض الأدائية والموسيقية، وغيرها من الفعاليات التي تعكس القيم المشتركة في التراث والهوية، وتُسهم في تعزيز التقارب الإنساني عبر الثقافة بوصفها لغةً عالمية.

من الصين إلى المهرجان وجوه متعددة للمتعة واستكشاف الفن والتراث (وزارة الثقافة)

يُذكر أن النسخة الأولى من مهرجان «بين ثقافتين» استضافت الثقافة اليمنية، فيما استضافت النسخة الثانية الثقافة العراقية، إذ شهدت النسختان إقبالاً جماهيرياً واسعاً وتفاعلاً ملحوظاً من المهتمين والمثقفين؛ ما أسهم في ترسيخ مكانة الفعالية منصة ثقافية سنوية تحتفي بالتنوّع الحضاري الإنساني.

وتسعى وزارة الثقافة، من خلال مهرجان «بين ثقافتين»، إلى تقديم الثقافة السعودية في سياق تفاعلي مُقارَن، يُبرز أوجه التقارب والاختلاف مع ثقافات العالم، ويُعزز الوعي بالتنوّع الثقافي، ويدعم تمكين المبدعين والحرفيين والفنانين، ويوسّع آفاق فرص التعاون الثقافي الدولي، إلى جانب بناء شراكات استراتيجية تُسهم في تنمية الصناعات الإبداعية، بما ينسجم مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للثقافة تحت مظلة «رؤية 2030».

أبعاد ثقافية رحبة يضمها المهرجان بين الثقافتين (وزارة الثقافة)