جويل ماردينيان لـ«الشرق الأوسط»: أشعر أنني جندية من أجل غزة

«كيف أتحدّثُ عن فلسطين وجراحات التجميل؟ المسألة ليست (سَلَطَة)»

رائدة الأعمال اللبنانية جويل ماردينيان تشعر بأنّ فلسطين وظيفتها (حسابها الشخصي)
رائدة الأعمال اللبنانية جويل ماردينيان تشعر بأنّ فلسطين وظيفتها (حسابها الشخصي)
TT

جويل ماردينيان لـ«الشرق الأوسط»: أشعر أنني جندية من أجل غزة

رائدة الأعمال اللبنانية جويل ماردينيان تشعر بأنّ فلسطين وظيفتها (حسابها الشخصي)
رائدة الأعمال اللبنانية جويل ماردينيان تشعر بأنّ فلسطين وظيفتها (حسابها الشخصي)

يستوقف جويل ماردينيان وصف «influencer» (مؤثرة) في بداية الحديث مع «الشرق الأوسط». تُصوّب: «تخرج الكلمة عن سياقها وتفقد المعنى. لستُ أحبذ الانتماء إليها». يمر كلبها المفضل في خلفية فيديو «الزووم»، ويلقي بشَعره الأسود الكثيف بين يديها. مناسبة الاتصال من بيروت إلى دبي هي آلام أطفال غزة، ودورها المؤثر في التنديد والمناشدة. تنغمس خبيرة الجمال والموضة اللبنانية ورائدة الأعمال تماماً في إعلاء أصوات المتروكين إلى مصائرهم، ونشر الفظائع الإسرائيلية أمام نحو 22 مليون متابع في «إنستغرام»، أملاً بعدالة إنسانية.

تعترف بأنها لم تعلم شيئاً عن تاريخ فلسطين: «ظننتُ الأمر أشبه بالنزاع اللبناني - السوري. غادرتُ لبنان في سن الثالثة عشرة. لا أذكر من كتاب التاريخ سوى اسم فخر الدين الأيوبي. في لندن، ابتعدتُ عما يتعلق بالمنطقة العربية، وقلّ أصدقائي منها. حتى اللغة، تحولت تدريجياً إلى الإنجليزية. عودتي إلى دبي في 2004 أعادتني إلى عالم أتيتُ منه».

صفحة جويل «الإنستغرامية» حزينة هذه الأيام. لم تعلم أنَّ الحرب ستمتدّ وتلتهم ضحاياها بلا شبع. ظنَّت أن التبرُّع بكامل عائدات منتجها «دبدوب» المخصَّص لبشرة الطفل، لدعم فلسطين، يكفي ليرتاح الأنين الداخلي. لكنها طالت، وكلَّفت، وحصدت أعمار أبرياء.

تتناول أكثر من 3 مناديل لمسح الدمع خلال الاتصال: «كم غيَّرتني هذه الحرب! أشعر بحقد كبير، فهم يقتلون الأطفال والأمهات. المسألة ليست متعلّقة بالجيوش. منذ قراءتي عن فلسطين، تحوَّلتُ إلى أخرى. لن أسامح». يغتسل الوجه بماء القلب، ويحلّ الصمت.

تؤلم الطفولة النازفة في غزة خبيرة الجمال جويل ماردينيان (حسابها الشخصي)

نتحدَّث عن الشهرة، وماذا يعني أن يحظى المرء بملايين المهتمّين بأمره والمتتبّعين ليومياته؟ تُعرّفها جويل: «أهدي صفحتي لصاعدين في عالم (البزنس)، وأدعم مَن يستحق. لا تعني الشهرة أكثر من أنك معروف. ماذا يعرف عنك الآخرون، هي حقيقتك الإنسانية. (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو مشهور أيضاً، لكنه كريه. قد تفضح الشهرة أبشع جوانب البشر. هنا، المشهور يخطّ سمعته. لا يكفيني أنني أبرز مذيعة عربية أضاءت على المرأة وجمالها، ولا ما أملكه من عيادات تجميل في الدول. أنا إنسان، أريد أن يراني الجميع من أعماقي».

تتمنّى لو يصحّ ما يُقال عنها: «انظروا إلى جويل. إنها مقيمة في الـ(لالا لاند)!»، فترد: «أودّ لو أقيم هناك فعلاً. ليتني أنظر إلى السماء فأراها زرقاء طوال الوقت، ثم تعبر غيمة على شكل قلب أبيض. الحرب على فلسطين سلختني عن هذا كلّه». تشاء لو تسافر إلى البعيد؛ إلى قرية أو بحر، بلا هاتف ونشرات أخبار «لكنني لا أستطيع. أفقدُ تدريجياً سلامي العقلي. ما عدتُ أرى الوجود جميلاً».

يقترب عيد ميلادها، فتعلن: «لا أراني قادرة على الاحتفال ونشر الصور». بعضٌ، بحكم المسافة عن أرض الاشتعال، ينتشل نفسه من المكوث في جروح الآخرين. جويل ليست منهم. تعلن أيضاً أنَّ عملها يتراجع، ولا مزاج للترويج لعدسات العينين أو شدّ الوجه ونفخ الشفاه: «لا أستطيع الحديث عن فلسطين، ثم عن جراحات التجميل. المسألة ليست (سَلَطة). كيف أنشر فيديو لطفل على ماكينة أكسجين، ولآخر مقطَّع الأطراف، وأروّج بعدها للموضة والجمال؟ هذا مستحيل! أعود إلى تعريف الشهرة. اليوم، تهمّني إنسانيتي».

الحرب على غزة تجعلها تمضي ساعات بتتبُّع نشرات الأخبار (حسابها الشخصي)

تُقدِّم النجاح على المال؛ فالأول غاية والثاني وسيلة؛ إنْ فُقِد يُعوَّض. تقول: «أمام مشهدية الموت، لن أفكر بخسائري المادية. لستُ ألتحق بوظيفة، فأُجبر على العمل تحت أي ظرف. أعمل لحسابي، وقراري إرجاء كل شيء حتى إشعار آخر. أؤدِّي دوري الإنساني، بالتبرُّع وتكريس الحقيقة والدعوة إلى وقف الحرب. أشعر أنني جندية، وعليَّ إيصال الصوت. بإمكاني التغاضي عن المأساة، وإلهاء النفس بالانكباب على العمل، لكن كيف؟ أبذل نفسي لحماية الأطفال وإعلاء الصرخة من أجل العدالة».

تمضي ساعات في تتبُّع الأخبار واختيار المحتوى الهادف لنشره بكثافة. «وقتي لتعرية الأكاذيب ووظيفتي فلسطين». تقول إن ما جرى في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عمره 75 عاماً، والفلسطينيون «جميعاً أسرى»؛ فمنذ زمن وهي تصلِّي لأطفال العالم، واليوم تضيف إلى الرجاء، غزة وأطفالها. تشاء لو تنام لتصحو على مفاجأة سارَّة، فتنهض لتُصدَم بمزيد من انتهاك الكرامة البشرية. تتابع الأخبار وتنتقي عشرات الفيديوهات ليرى الـ22 مليوناً فظاعة ما لا يتصوَّره عقل.

ينزف القلب على أطفال الارتجاف والصدمة، وتعود إلى البكاء. تفكر بطفلها بالتبنّي (نايثن) أمام الطفولة المرميَّة في العراء والحالمة بعناق: «لا أستوعب كيف يفقد طفل والديه فجأة، ولا ينادي بعد اليوم (ماما) أو (بابا). هذا مرعب. الأطفال هم مأساتي الكبرى، ولا أدري كيف أستعيد ضوء حياتي بعد مشاهدتهم يُحتَضرون أمام الكاميرات».

تعيش شيئاً من العزلة العائلية، «فلا يُضطر أحدٌ إلى تحمل تقلباتي ومزاج الحِداد». الداعم الأكبر زوجها، وكشيء من تكذيب الشائعات ونفي التأويلات الجاهزة، تؤكد أن الحب يتضاعف في الشدائد: «يساندني، ويصبر على أحزاني. يسألني صباح كل يوم: (إلى متى؟)، فأجيبه (ليس الآن). يُقبِّل جبيني ويغادر إلى عمله».


مقالات ذات صلة

تجمدوا حتى الموت... البرد يودي بحياة 3 أطفال في غزة

المشرق العربي تسبب القصف الإسرائيلي على غزة في استشهاد أكثر من 45 ألف فلسطيني أكثر من نصفهم نساء وأطفال (رويترز)

تجمدوا حتى الموت... البرد يودي بحياة 3 أطفال في غزة

توفي 3 أطفال فلسطينيين في الساعات الـ48 الماضية بسبب البرد الشديد، حيث قال الأطباء إنهم تجمدوا حتى الموت أثناء وجودهم في مخيمات غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون خيما قصفتها القوات الإسرائيلية في وقت سابق لدى مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة (أ.ف.ب)

عشرات القتلى والجرحى جراء قصف إسرائيلي في غزة

قال مسعفون في ساعة مبكرة من صباح اليوم الخميس إن خمسة أشخاص قتلوا وأصيب العشرات جراء قصف إسرائيلي لمنزل بحي الزيتون بمدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)

«الحوثيون» يعلنون استهداف إسرائيل بصاروخ باليستي ومسيّرات

أعلن «الحوثيون» في اليمن إطلاق صاروخ باليستي وطائرات مسيّرة على إسرائيل، بعد أيام على هجوم استهدف تل أبيب أصاب 16 شخصاً.

«الشرق الأوسط» (عدن)
شمال افريقيا أشخاص يتفقدون موقع القصف الإسرائيلي على خيام تؤوي فلسطينيين نازحين من بيت لاهيا (أ.ف.ب)

​«هدنة غزة»: «جمود» يدفع المفاوضات إلى «مصير غامض»

مغادرة الوفد الإسرائيلي الدوحة للتشاور بشأن اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة فتح تكهنات بشأن «مستقبل مسار الجمود الحالي» في ظل طلب الوسطاء «التعاون»

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي أبناء هنية الثلاثة: حازم وأمير ومحمد الذين قُتلوا في 10 أبريل الماضي بضربة إسرائيلية على مخيم الشاطئ بغزة (وسائل إعلام فلسطينية)

إسرائيل تكثّف من استهدافها لأبناء قادة «حماس» في قطاع غزة

سبق اغتيال أبناء هنية، مقتل محمد مروان عيسى، نجل نائب قائد «كتائب القسام»، في غارة طالته بشكل مباشر حينما كان برفقة مجموعة من المواطنين في مخيم البريج.

«الشرق الأوسط» (غزة)

مناطيد الهواء الساخن تُزيِّن سماء النيبال

لوحة ألوان زاهية (أ.ف.ب)
لوحة ألوان زاهية (أ.ف.ب)
TT

مناطيد الهواء الساخن تُزيِّن سماء النيبال

لوحة ألوان زاهية (أ.ف.ب)
لوحة ألوان زاهية (أ.ف.ب)

أطلقت بوخارا، هذا الأسبوع، أول مهرجان لمناطيد الهواء الساخن يُقام في النيبال، إذ تحوّلت سماء المدينة لوحةً من الألوان الزاهية ضمن مشهدٍ شكّلت قمم جبال هملايا المغطّاة بالثلوج خلفيته.

مشهد من أول مهرجان لمناطيد الهواء الساخن في النيبال (أ.ف.ب)

في هذا السياق، نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن أحد منظّمي الحدث، سابين ماهارجان، قوله: «رأينا أن علينا بدء تنظيم مهرجان مناطيد الهواء الساخن في النيبال»، الذي شاركت فيه أكثر من 10 دول.

وأكد ماهارجان أنّ «الرحلة هنا رائعة، مع إمكان الاستمتاع بمنظر الجبال والتلال والبحيرات».

المهرجان سيحفِّز القطاع السياحي (أ.ف.ب)

وأضاف: «مستخدمو المناطيد جميعاً قالوا لنا إنهم سعداء جداً، فهذا المهرجان سيحفِّز القطاع السياحي في بلدنا».

وشكّلت المناطيد مشهداً ساحراً في خلفيته جبل أنابورنا المُغطَّى بالثلوج.

شاركت في المهرجان أكثر من 10 دول (أ.ف.ب)

بدوره، قال مُسيِّر المنطاد ديريك هامكوك (67 عاماً): «المشهد مذهل، إذ ظهرت سلسلة جبال هملايا بشكل مدهش».

مشهد ساحر في خلفيته جبال مغطّاة بالثلوج (أ.ف.ب)

وكانت هيئة الطيران المدني النيبالية قد أصدرت تعليمات بشأن رحلات مناطيد الهواء الساخن، التي تستمرّ 9 أيام.

وتُعدّ السياحة مصدراً رئيسياً للدخل في هذه الدولة التي استقبلت أكثر من مليون زائر أجنبي عام 2024، ويتواصل الاستثمار في قطاعَي الفنادق والمطارات لتلبية حاجات المسافرين.