لماذا تُثير الاستعانة بـ«مؤثرين» في أعمال فنية جدلاً بمصر؟

نقابة «الممثلين» قررت منع التعامل مع مخرج مسلسل «بطن الحوت»

مشاكل في لقطة من مسلسل «بطن الحوت» (صفحة باسم كروان مشاكل بـ«فيسبوك»)
مشاكل في لقطة من مسلسل «بطن الحوت» (صفحة باسم كروان مشاكل بـ«فيسبوك»)
TT

لماذا تُثير الاستعانة بـ«مؤثرين» في أعمال فنية جدلاً بمصر؟

مشاكل في لقطة من مسلسل «بطن الحوت» (صفحة باسم كروان مشاكل بـ«فيسبوك»)
مشاكل في لقطة من مسلسل «بطن الحوت» (صفحة باسم كروان مشاكل بـ«فيسبوك»)

استعانت الدراما المصرية خلال السنوات الأخيرة بعدد من مؤثري السوشيال ميديا، لكن هذه المشاركات تسببت في إثارة الجدل لأسباب إجرائية تتعلق بالمعايير التي تحددها نقابة الممثلين المصرية للمشاركة في الأعمال الفنية، وأخرى فنية مرتبطة بالموهبة وإجادة التمثيل.

وكانت مشاركة «التيك توكر» المصري «كروان مشاكل» أحدث حلقة في مسلسل «أزمات المؤثرين بالأعمال الفنية»، إذ أثار جدلاً كبيراً عقب ظهوره في أولى حلقات مسلسل «بطن الحوت» عبر مشهد لم يتجاوز دقيقتين.

وشهدت الدراما المصرية مشاركة مؤثرين آخرين خلال السنوات الماضية، على غرار الطفل عبد الرحمن طه، واليوتيوبر محمد المولي، اللذين شاركا في مسلسل «الكبير أوي»، وأحمد رمزي في مسلسل «في بيتنا روبوت»، ومحمود السيسي في مسلسل «مكتوب عليا»، ودينا مراجيح في مسلسل «ليه لأ»، ويوسف حشيش في مسلسل «ريفو».

فراج على بوستر العمل (صفحة المنتجة ليليان سالم بـ«فيسبوك»)

وبينما شهدت مشاركة «مشاكل» تأييد المخرج المصري يسري نصر الله، الذي كتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «كمخرج أبحث عن وجه لا يمثل، لكنه حقيقي»، شهدت المشاركة ذاتها رفض السيناريست المصري محمد أمين راضي، الذي كتب عبر صفحته بـ«فيسبوك» أيضاً: «كل من يقف أمام الكاميرا لا بد أن يكون ممثلاً».

ويؤيد الناقد الفني المصري طارق الشناوي الاستعانة بأي شخص بشرط توظيفه بشكل صحيح بالعمل، وقال الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد من الفصل بين رفض النقابة وأحقيتها في تحصيل الغرامة، وبين استعانة المخرج بشخص من خارج منسوبي النقابة، هذا حق خالص للمخرج، لأنه لا يروج لما يقدمه (مشاكل) أو غيره، إنما وظّف الشخصية في المسلسل بشكلٍ يلائم أحداث العمل».

رؤية المخرج

ولفت الشناوي إلى أن «هناك مخرجين استعانوا من قبل بلاعبي كرة قدم، على الرغم من عدم وجود موهبة أو انتماء للنقابة، فرؤية المخرج هي التي تحتم ذلك، والفيصل توظيفه السليم في العمل وليس شهرته اللحظية في مواقع التواصل، بالنهاية الانتصار للموهبة والكفاءة».

وبعيداً عن الشروط الإجرائية والإدارية، يعتبر الناقد الفني الدكتور نادر رفاعي أن المعيار الأساسي في المشاركة هو كفاءة الممثل في أداء الدور، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «وارد تمتع الشخص بشعبية جارفة وخفة دم ملحوظة على السوشيال ميديا، لكنه في التمثيل لم يثبت جدارة تؤهله لأداء الدور، وبالتالي يتم تصنيفه ممثلاً ضعيفاً، وهذا غير مقبول بالعمل الفني».

واتخذت نقابة المهن التمثيلية قرارات الجمعة، بهدف تنظيم المشاركات وفرض عقوبات على المخالفين، تمثلت في تغريم شركة «ماشا»، المنتجة للعمل مبلغ مليون جنيه (الدولار الأميركي يعادل نحو 31 جنيهاً مصرياً)، بالإضافة إلى منع أعضاء نقابة المهن التمثيلية من التعامل مع المخرج أحمد فوزي صالح مخرج مسلسل «بطن الحوت» والتهديد بشطب أي عضو يخالف هذه التعليمات.

محتوى غير جاد

من جانبها، قالت منتجة مسلسل «بطن الحوت» ليليان سالم إن «شركتها تنشغل حالياً بإنتاج أكثر من عمل فني، وكل عمل له فريقه المنوط بتفاصيله»، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «كروان قدم المشهد من دون عقد رسمي مع الشركة، ومسألة الاستعانة به من عدمه هي مسؤولية المخرج أو الكاستنج».

وأكدت أن ظهور «مشاكل» يستحق الانتقاد، موضحة أنها «لا تعرفه لكنها اطلعت على ما يقدمه بالسوشيال ميديا ووجدت أنه محتوى غير جاد»، بحسب وصفها، «لدينا مواهب كثيرة تستحق الوجود، وقرارات النقابة تحترم، لكننا كشركة إنتاج لم يصل إلينا حتى الآن أي إخطار رسمي بالقرارات»، مشيرة إلى أن الأمور لم تتضح بعد، ولم تعرف وجهة نظر المخرج في الاستعانة به حتى الآن.

بوستر مسلسل «بطن الحوت» (صفحة المنتجة ليليان سالم بـ«فيسبوك»)

مراجعة النقابة

وقال المخرج المصري رؤوف عبد العزيز إن «ضوابط النقابة هي الأساس في أي عمل فني، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «في حال وجود دور يليق بالمؤثرين في الدراما وظهورهم بشكل حقيقي، كما هو بالواقع، فلا مانع من ذلك».

وكشف عبد العزيز أن «الاستعانة بهم من أجل دور تمثيلي لا بد أن يكون بعد ممارسة التمثيل ودراسته والالتحاق بورش أكاديمية الفنون، لكن الخلاف هنا يكمن في لجوء بعض الصناع لهم للاستفادة من مشاهداتهم عبر السوشيال ميديا، وهذا الهدف من وجهة نظري غير مشروع» .

وأوضح عبد العزيز أنه «كمخرج لا يستعين بأي ممثل إلا بعد مراجعة النقابة... نحن في المجمل نستعين بالمواهب في كافة المجالات لكن بعد استشارة النقابة في اسم الشخص ونوعية الدور، والتنسيق معها بشكل رسمي، والالتزام بقوانينها».

وأخطرت نقابة الممثلين المصرية أخيراً كافة شركات الإنتاج بمنع التعامل مع 20 ممثلاً، لحين تصحيح أوضاعهم النقابية.


مقالات ذات صلة

دراما رمضانية تراهن على فناني الكوميديا و«المهرجانات»

يوميات الشرق الفنان محمد هنيدي (حسابه بفيسبوك)

دراما رمضانية تراهن على فناني الكوميديا و«المهرجانات»

يراهن عدد من الأعمال الدرامية المقرر عرضها في الموسم الرمضاني المقبل خلال عام 2025 على عدد من فناني الكوميديا و«المهرجانات».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

هشام المياني (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )

هل تستطيع الروبوتات الجراحية تعويض نقص الأطباء في مصر؟

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
TT

هل تستطيع الروبوتات الجراحية تعويض نقص الأطباء في مصر؟

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)

أثار إعلان وزارة الصحة المصرية اعتزامها التوسع في استخدام الروبوتات الجراحية جدلاً، إذ اعتبره البعض تحركاً من الحكومة نحو تقليل الاعتماد على الأطباء، تزامناً مع الخلاف الحادث حالياً مع نقابة الأطباء حول مشروع قانون «المسؤولية الطبية».

لكن الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية، قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن سعي الوزارة للتوسع في استخدام الروبوتات الجراحية هدفه معاونة الجراحين وتسهيل مهمتهم وزيادة إنتاجيتهم، وليس من أجل تقليل الاعتماد على الأطباء أو الاستغناء عنهم.

واجتمع وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار، الثلاثاء الماضي، مع ممثلي إحدى الشركات الصينية الرائدة في مجال الروبوتات الجراحية، وكشفت الوزارة في بيان أن الاجتماع بحث آفاق التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات الجراحية بمستشفيات وزارة الصحة.

«اتجاه الوزارة للتوسع في استخدام الروبوتات الجراحية ليس له علاقة بالخلاف حول قانون أو غيره، ولا يهدف لاستبدال الأطباء»، بحسب حسام عبد الغفار، الذي أكد «أن الروبوت لا يعمل مستقلاً، لكنه يحتاج لطبيب ماهر ومحترف لتشغيله، والهدف من ذلك جعل الطبيب الجراح الماهر يجري الجراحات في أي مكان عن بعد دون أن يتحرك الطبيب من مكانه الموجود فيه».

مصر تعاني من نقص في عدد الأطباء (وزارة الصحة المصرية)

من جانبه، قال يحيى دوير، عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الروبوتات الجراحية موجودة بمصر بأعداد قليلة، ولا يتم العمل أو التدريب عليها؛ لأنها تحتاج إلى فترة تدريب طويلة».

ونوه دوير إلى أن «استبدال الطبيب المصري بالروبوت والعلاج عن بعد مسألة مستبعدة؛ نظراً لبعض العوامل، منها الخوف من عدم استقرار الإنترنت والتيار الكهربائي داخل المستشفيات، بالإضافة إلى عدم وجود الغطاء القانوني اللازم لإتمام الجراحات بالروبوت عن بعد، فنحن بالأساس ليس لدينا غطاء قانوني يسمح بمناظرة المريض عن بعد، فكيف ستتم جراحات عن بعد؟... ناهيك على التكلفة الباهظة لمثل هذه التطبيقات، وموازنة وزارة الصحة في مصر لا تسمح بذلك».

ورداً على تلك النقاط، قال متحدث الصحة: «نحن قلنا إننا منفتحون على العرض الذي قدمته لنا الشركة الصينية؛ نظراً لما سيحققه من فوائد، ولكن آليات التنفيذ على أرض الواقع ستكون في مرحلة لاحقة، وسيتم توفير اللازم، وجزء من الخطة حال تنفيذها سيكون بناء الكوادر الطبية القادرة على تشغيل الروبوتات واستخدامها بشكل صحيح».

وأوضح: «لدينا روبوتات جراحية بالفعل في معهد الأورام ومعهد ناصر، وأثبتت كفاءة عالية، أي أن الأمر ليس جديداً علينا».

وبحسب آخر رصد صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء في مصر، فقد انخفض عدد الأطباء بالبلاد إلى 97.4 ألف طبيب في عام 2022، مقابل 100.7 ألف طبيب في عام 2021، بانخفاض بلغت نسبته 3.3 في المائة.

وزير الصحة المصري في جولة تفقدية لأحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وتفيد الأرقام بأن مصر لديها طبيب لكل 1162 شخصاً، بينما المعدل العالمي، طبقاً لمنظمة الصحة العالمية، هو طبيب لكل 434 شخصاً.

وشهدت السنوات الماضية هجرة العديد من الأطباء إلى خارج مصر، بقصد العمل والاستقرار في أوروبا أو أميركا، وكذلك بعض الدول العربية وخاصة الخليجية، بحسب نقابة الأطباء المصرية.

ويقول يحيى دوير إن هجرة الأطباء من الأسباب الرئيسية لما يمكن وصفه بـ«التصحر الطبي» في مصر، والسبب في رأيه بحث العديد من الأطباء المصريين عن فرص عمل أفضل خارج البلاد؛ «نظراً لضعف الأجور مقارنة بدول أخرى، حيث لا يتجاوز راتب الطبيب بمصر بعد 10 سنوات من الخبرة 120 دولاراً أميركياً شهرياً».

ومن الأسباب الأخرى لهجرة الأطباء، بحسب دوير: «بيئة العمل غير الصحية، حيث نقص المعدات الطبية الحديثة، وغياب الدعم الإداري في عدد من المنشآت الصحية، وضعف الاستثمار في التعليم الطبي المستمر مع صعوبة التفرغ للعمل البحثي والتطوير، وتأجيج العلاقة بين المريض والطبيب، حيث ترسخ بعض المسلسلات والأفلام ثقافة خاطئة بين الطبيب والمريض وتصور الطبيب بصورة غير لائقة»؛ وفق تعبيره.

مصر تدرس الاستعانة بالروبوتات لمساعدة الجراحين (وزارة الصحة المصرية)

وعن مشروع قانون المسؤولية الطبية، يقول دوير إن «مصر تعد آخر دولة في العالم تقوم بصياغة مشروع قانون المسؤولية الطبية، حيث كان يحاكم الأطباء بقانون العقوبات مثلهم مثل المجرمين الجنائيين، وللأسف مشروع القانون الجديد لا يفرق ما بين الخطأ الطبي والخطأ الطبي الجسيم، ولا يعترف بالمضاعفات الوارد حدوثها والمنصوص عليها في أدلة العمل الإكلينيكية العالمية».

وبحسب دوير، فإن ما يقرب 62 في المائة؜ من أطباء مصر هاجروا أو يعملون خارج البلاد، فضلاً عن أعداد كبيرة داخل مصر مقيدة بالنقابة ولا تمارس الطب.

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)

في المقابل، أكد حسام عبد الغفار، متحدث وزارة الصحة، «أن مشروع قانون المسؤولية الطبية تم إعداده بناء على مطالبات الأطباء أنفسهم وليس هناك خلاف حوله سوى في نقطة واحدة تتعلق بما يقولون إنه يسمح بحبس الأطباء، وهذه النقطة تحتاج فقط للتوضيح لإنهاء الجدل، فيما عدا ذلك فنحن منفتحون على جميع مطالب الأطباء، طالما لا تخالف الدستور».