«موقف رقم 20»: الآفاق المسدودة للأحلام الكبيرة

ابتكرتها مجموعة ممثلين غير محترفين في منطقة البقاع اللبنانية

مشهد من مسرحية «موقف رقم 20» لـ«سيناريو» (صور الجمعية)
مشهد من مسرحية «موقف رقم 20» لـ«سيناريو» (صور الجمعية)
TT

«موقف رقم 20»: الآفاق المسدودة للأحلام الكبيرة

مشهد من مسرحية «موقف رقم 20» لـ«سيناريو» (صور الجمعية)
مشهد من مسرحية «موقف رقم 20» لـ«سيناريو» (صور الجمعية)

تمارس جمعية «سيناريو» النهج التشاركي لفنون الأداء والتعليم مع المجتمعات المتروكة. ومن باب تفعيل التغيير لدى هذه المجتمعات، تقدّم عروضاً مسرحية، يشارك فيها ممثلون وممثلات شباب غير محترفين من لبنان وسوريا والأردن. نقص الخدمات الحياتية في هذه البلدان يدفع بـ«سيناريو» لإقامة هذا النوع من التفاعل المباشر مع المسرح. فتختار نماذج من تلك المجتمعات لتُفرغ هواجسها وهمومها على الخشبة.

مسرحية «موقف رقم 20»، ضمن البرمجة الفنية السنوية لـ«سيناريو»، من المقرّر عرضها ضمن 4 حفلات موزّعة على مناطق لبنانية؛ فتفتتحها في «الكلية الشرقية» بمدينة زحلة البقاعية في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ومن ثم تنقلها في 1 ديسمبر (كانون الأول) المقبل إلى «مسرح مونو» في بيروت؛ لتحطّ رحالها في حفلين بـ3 و8 منه في برج حمود، و«بيت الفن» في طرابلس.

تبدأ العروض في 24 نوفمبر الحالي في زحلة البقاعية (صور الجمعية)

يقدّم شباب ونساء مسرحية ابتكروا موضوعها وتدرّبوا على تمثيلها طوال الصيف. وهم جزء من برنامج «سيناريو ممسرحي المناهج» الذي تموّله مؤسّسة «دروسوس». وعلى مدى 4 سنوات، تُدرّب «سيناريو» نحو 100 شاب وشابة لتعليمهم فن المسرح باستخدام البرنامج المذكور.

تتناول «موقف رقم 20» محطة باص ينتظر ركاب حافلاتها وصولها بفارغ الصبر. فقد وضعوا خططهم المسبقة لوُجهة الرحلة المراد القيام بها. وبسبب حادث طارئ، لا تصل الباصات. يجتمع الركاب في مكان واحد يتشاركون آمالهم وأحلام المستقبل.

مدة العرض لا تتجاوز الـ60 دقيقة، يشارك فيه نحو 20 شخصاً، من إخراج رويدا الغالي. عمل مسرحي يجمع بين الواقع والخيال، تديره الغالي ضمن ديكورات متواضعة، تعتمد فيه على التمثيل التعبيري ضمن رحلة إنسانية تلامس أحلام الشباب. كما تطلّ على أهمية تحقيق الذات.

مجموعة من الشباب والصبايا يشاركون في المسرحية (صور الجمعية)

توضح لـ«الشرق الأوسط»: «إنها لعبة مسرحية واقعية تمزج بين حالات إنسانية نتعرّف إليها طوال العرض الذي يكتنفه بعض الغموض أحياناً. فالسعي وراء الحلم، تترجمه المسرحية في مشهدية فنية تتشابك فيها القرارات الشخصية. كما تأخذنا إلى تحدّيات الحياة التي يواجهها شباب اليوم، فيتجاوزونها متسلّحين بالأمل والإرادة الصلبة رغم الخيبة».

وفق القصة، تتفرّع من المسرحية موضوعات كثيرة تولّدها حبكتها المشوّقة. فيوفر لهم المكان الذي يُسجنون فيه قسرياً، بانتظار تغيير ما، مساحة لخوض الظروف عينها، فينقسمون أحياناً بالرأي، بحيث يتمسّك بعضهم بالرحلة، بينما يتردّد آخرون في ظلّ صعوبات قد تواجههم.

تحضر السينوغرافيا والموسيقى والتمثيل الانفعالي في هذا العمل. فجميع المشاركين فيه ممثلون غير محترفين، يرتجلون ويبتكرون المَشاهد كل بأسلوبه الإبداعي.

تشرح رويدا الغالي حالات تمرّ بها المجموعة خلال الرحلة: «سنشاهد في (موقف رقم 20) الوجهات التي ينوي الشباب الوصول إليها، وهي تختزل أحلامهم. أحدهم يحمل حقيبة السفر سعياً وراء الأمان، بينما إحداهن تشارك في الرحلة لإيجاد عمل. ومن بين القصص؛ واحدة عن عازف عود آلمه التنمّر في صغره. كذلك نتعرّف إلى حكاية 3 شبان ينخرطون في الرحلة سعياً وراء الشهرة، بينما تقطع امرأة حامل كل هذه المسافة لتشاهد بحر مدينة طرابلس».

المسرحية من إخراج رويدا الغالي (صور الجمعية)

في نهاية المسرحية، تطالعنا مفاجأة تتعلّق بسبيل خروج المجموعة من المأزق: تحط حافلة كُتب عليها «إلى جميع الوجهات»، فتتسلّقها لأنها تناسب الجميع.

من قلب العواصف والغبار والانهيارات الجبلية، تلمس المجموعة قرب انتهاء معاناتها. تشبّه المخرجة العمل بـ«تلفزيون الواقع»، وتتابع: «سيدرك المشاهد عند نهاية العرض ما يفضح اللعبة التي تدور على الخشبة. لكنه أيضاً سيلمس مدى أهمية الحقيقة التي تُحدث رؤية جرعة صغيرة منها الفارق».

تختم الغالي بالحديث عن تجربتها في «موقف رقم 20»: «استمتعتُ، كما في تجارب أخرى سبق وجمعتني بـ(سيناريو). بصفتي أستاذة جامعية أحتكّ مباشرة مع جيل الشباب من طلابي، تأخذني تجارب (سيناريو) إلى فضاءات أوسع. فلكلّ مجموعة أتعاون معها خصوصيتها التي تضيف إلى مسيرتي مدرّبةَ تمثيل؛ ما يحفّزني على الاستمرار في العطاء».


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

«إثراء» تكرّس مؤتمر الفن الإسلامي بالظهران «في مديح الفنان الحِرفي»

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
TT

«إثراء» تكرّس مؤتمر الفن الإسلامي بالظهران «في مديح الفنان الحِرفي»

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)

افتتح الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية، اليوم الأحد، أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية، بحضور الأمير سلطان بن سلمان، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، رئيس مجلس الأمناء لجائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد.

وينظم المؤتمر مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» بالظهران، بالتعاون مع جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد، ويستمر حتى 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تحت شعار «في مديح الفنان الحِرفي».

ويحضر المؤتمر باحثون في الفن والتاريخ الإسلامي، ومثقفون وضيوف من مختلف دول العالم،

ويهدف إلى دعم وإحياء التقاليد الفنية الإسلامية بتسليط الضوء على أعمال الحِرفيين المعاصرين الذين يُبقون هذه التقاليد الفنية والحِرفية على قيد الحياة.

الحرف رحلة تعلّم

وفي كلمته، ثمن المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين ورئيس مجلس أمناء جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد الأمير سلطان بن سلمان آل سعود، جهود «أرامكو» في مجال الإرث والحضارة ودعم المشاريع التراثية في المنطقة الشرقية، مستعرضاً الأهمية التاريخية للحِرف بوصفها مليئة بالتراث الحضاري للمناطق، وذلك عطفاً على إنجازات المملكة في المحافل الدولية والعالمية بمشاركات متنوعة، سواء من مؤسسات ومعارض ومؤتمرات ذات بُعد تاريخي واجتماعي تصبّ في المنفعة المجتمعية.

وأكد «الأهمية التاريخية للحرف على أنها رحلة تعلم وليست إنجازات»، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى «دور المتاحف في تعزيز التاريخ بوصفها وجهة رئيسية لكل دولة». وأشار إلى جهود المملكة في تسجيل واحة الأحساء بصفتها موقعاً تراثياً عالمياً في منظمة اليونسكو.

الحرفي شاعر صامت

وفي كلمته ذكر مدير مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» عبد الله الراشد أن مدرسة الفنون الإسلامية يكاد يغيب عنها الصانع، قائلاً: «القطع الإسلامية لا تعرف من صنعها، أما القطع المعاصرة فيُحتفى بالصانع، وكأن الحرفي في الفنون الإسلامية يود أن يبقى في الظل والخفاء»، مشيراً إلى أن «الحرفي شاعر صامت»، فمن هذا المنطلق حرص «إثراء» على إقامة هذا المؤتمر «في مديح الفنان الحرفي»، والذي «يحوي أوراقاً بحثية وجلسات حوارية ومعارض مصاحبة من أنحاء العالم؛ لنستكشف جمال الحرف الإسلامية وتأثيرها العميق على الثقافة الإنسانية، ولنعبر بتقدير عالٍ لمن يبدعون بأيديهم تراثنا وهويتنا ويصنعونها في زمن جل ما يلمس ويستخدم يصنع بالآلة، لذا أتينا بهذه المعارض لنحتفي باليد البشرية».

ولفت الراشد إلى إطلاق ثلاثة معارض متزامنة مع أعمال المؤتمر في القطع الأثرية والفنون الإسلامية والأزياء التراثية من حول العالم، في حين يتزامن إطلاق المؤتمر مع تسمية عام 2025 عام الحرف اليدوية الذي أطلقته وزارة الثقافة، مما يضيف بعداً خاصاً لهذه المناسبة.

وأضاف: «جهودنا في (إثراء) للعام المقبل تتضمن تقديم عشرات البرامج الكبرى والمعارض والورش؛ كلها حول الحرف اليدوية نستهدف فيها آلاف الزوار».

كود المساجد

بدوره، أعلن رئيس مجلس أمناء الفوزان لخدمة المجتمع عبد الله بن عبد اللطيف الفوزان، اعتماد كود المساجد في المملكة، والذي عملت عليه الجائزة بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية واللجنة الوطنية لكود البناء، مشيراً إلى أنه سيجري تدشينه في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.

وأشار إلى أن المؤتمر ملهم لإحياء الإرث الحضاري والتاريخي للأجيال القادمة، منوهاً، في الوقت نفسه، بالمكانة التي يتمتع بها الفنان الحرفي عبر العصور، لذا جاءت الجائزة بوصفها مرجعاً ثقافياً وفكرياً ومظلة حاضنة للمبادرات، والتي تحافظ على الموروث بوصفه رؤية مستقبلية.