الموت يغيب يعقوب الشاروني رائد أدب الأطفال العربي

عن عمر ناهز 92 عاماً

الأديب الراحل يعقوب الشاروني  (حساب الكاتب محمد فتحي على «فيسبوك»)
الأديب الراحل يعقوب الشاروني (حساب الكاتب محمد فتحي على «فيسبوك»)
TT

الموت يغيب يعقوب الشاروني رائد أدب الأطفال العربي

الأديب الراحل يعقوب الشاروني  (حساب الكاتب محمد فتحي على «فيسبوك»)
الأديب الراحل يعقوب الشاروني (حساب الكاتب محمد فتحي على «فيسبوك»)

غيَّب الموت الأديب المصري يعقوب الشاروني رائد أدب الأطفال في العالم العربي عن عمر ناهز 92 عاماً.

وقدَّم الراحل للمكتبة العربية ما يقرب من 400 كتاب في مجال قصص وروايات الصغار والناشئة، منها: «مغامرة البطل منصور»، و«سر الاختفاء العجيب»، و«حكاية طارق وعلاء»، و«عفاريت نص الليل»، و«سر ملكة الملوك»، و«أحلام حسن»، و«أجمل الحكايات الشعبية». واختارت الدورة المقبلة من «معرض القاهرة الدولي للكتاب» الشاروني «شخصية العام».

الشاروني قدم عشرات الأعمال المميزة (معرض القاهرة للدولي للكتاب)

وصدرت في عام 1998 مختارات من أعماله تقع في 10 أجزاء بعنوان «ألف حكاية وحكاية»، وهو نفس عنوان الباب الذي كان يقدمه بصحيفة «الأهرام» المصرية، وينشر عبره روائع هذا اللون من الأدب حول العالم.

وقال دكتور شريف الجيار أستاذ الأدب المقارن وعميد كلية الألسن بجامعة بني سويف، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الشاروني يُعدّ أيقونة إبداعية في مجال التخيل السردي الخاص بالطفل العربي؛ فهو رائد من رواد العطاء والإنجاز الفني، طيلة ما يزيد على نصف قرن من الزمان؛ حيث استطاع بذائقة المبدع المتميز أن يطرح نصوصاً سردية جاذبة، ومنخرطة في التاريخ والمعارف المتنوعة، عبر أسلوب شائق للطفل والأسرة، ومعجم لفظي يلائم ثقافة الصغار والناشئة».

وأضاف الجيار: «يُحسب لهذا الرائد أنه انفتح على الأجيال المختلفة، لا سيما شباب المبدعين، في الندوات والمؤتمرات، والورش الإبداعية، وقد تجسد ذلك بشكل واضح، في الملتقى الثقافي الذي كان يعقده في منزله بالمنيل، طوال عقود، وفي مركز توثيق وبحوث أدب الأطفال، وهو لقاء يجمع الكبار والشباب في هذا المجال، في حالة من تلاقح الخبرات، ومناقشة الأعمال الجديدة، والنصوص الإبداعية قبل النشر، وهو ما أثمر أسماء جديدة في مجال الكتابة للطفل، حصل بعضهم على جوائز مهمة».

يعقوب الشاروني (معرض القاهرة للدولي للكتاب)

ونعى عدد من الأدباء والمثقفين الراحل، الخميس، حيث وصفه الكاتب إبراهيم عبد المجيد على منصة «إكس»، («تويتر» سابقا)، بـ«الكاتب العظيم»، متمنياً له الرحمة، ونشرت دكتورة إلهام سيف الدولة حمدان رئيس قسم الإنتاج الإبداعي الأسبق بأكاديمية الفنون عدة صور تجمعها به في مناسبات مختلفة معلقةً على صفحتها بموقع «فيسبوك»: «فَقْد جديد وحزن يخيم على الحالة الثقافية المصرية والعربية برحيل هذا الرائد المعطاء بقلمه وفكره وكل طاقته على مدار 60 عاماً، يقيناً سيبكيه صغارنا قبلنا؛ فقد حفر أجمل القيم في وجدانهم وعقولهم وكانت قصصه خير معين تربوي لكل أم وأب».

إلهام حمدان مع الشاروني (حساب حمدان على «فيسبوك»)

كما نعته وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني قائلة: «فقَدَ أدب الطفل في الوطن العربي أحد أبرز رواده؛ كاتباً مبدعاً أثرى المكتبة العربية بالمئات من الأعمال الأدبية الخاصة بالطفل، ليرحل تاركاً أثراً سيبقى حاضراً في وجدان كل مصري وعربي من خلال كتاباته الفريدة».

ويُعد كتاب «تجليات القص في أدب الطفل عند يعقوب الشاروني» من أبرز الدراسات النقدية التي تناولت تجربة الراحل في السنوات الأخيرة، وفيه ترصد الباحثة دكتورة هبة محمد عبد الفتاح بعض سمات التجربة الإبداعية للراحل، مثل مزج عالم الصغار بالكبار، والاهتمام بالفئات المهمشة مثل ذوي الاحتياجات الخاصة، والتركيز على قيمة الحب تجاه البشر والنبات والحيوان واستلهام التراث الشعبي لـ«ألف ليلة وليلة» في صورة عصرية تتميز بالتشويق والبهجة.

وحظي الراحل بإشادة لافتة من بعض رموز الثقافة العربية، مثل «عميد المسرح العربي»، توفيق الحكيم، الذي رشح الشاروني عام 1963 للحصول على منحة تفرُّغ للإبداع الأدبي تمنحها وزارة الثقافة قائلاً: «أزكي هذا الطلب بكل قوة لما أعرفه عن السيد يعقوب الشاروني من موهبة».

وقالت دكتورة سهير القلماوي في تقرير اللجنة التي منحت يعقوب الشارونى جائزة «أحسن كاتب أطفال» في عام 1981: «إن أسلوب الشاروني قد حقَّق آفاقاً بعيدة المدى، سهولة وبساطة وتعليماً... إنه أسلوب واضح المعالم، مُستجيب لكل ما نطمع فيه من حيث اللغة التي نخاطب بها الأطفال».


مقالات ذات صلة

سردية ما بعد الثورات

كتب سردية ما بعد الثورات

سردية ما بعد الثورات

لا تؤجل الثورات الإفصاح عن نكباتها، هي جزء من حاضرها، وتوقها إلى التحقق، وتلافي تكرار ما جرى، بيد أنها سرعان ما تصطنع مآسيها الخاصة، المأخوذة برغبة الثأر

شرف الدين ماجدولين
ثقافة وفنون 3 قطع برونزية من موقع مليحة في الشارقة

3 قطع برونزية من موقع مليحة في الشارقة

أسفرت عمليات التنقيب المتواصلة في موقع مليحة الأثري التابع لإمارة الشارقة عن العثور على مجموعات كبيرة من اللقى المتعدّدة الأشكال والأساليب

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون «الشارقة الثقافية»: سيرة التجاني يوسف بشير

«الشارقة الثقافية»: سيرة التجاني يوسف بشير

صدر أخيراً العدد الـ«99»؛ يناير (كانون الثاني) 2025، من مجلة «الشارقة الثقافية»، وقد تضمن مجموعة من الموضوعات والمقالات والحوارات، في الأدب والفن والفكر

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
ثقافة وفنون باقر جاسم محمد

نقد النقد بصفته خطاباً فلسفياً

شهدت مرحلة ما بعد الحداثة صعودَ الكثير من المفاهيم والمصطلحات النقدية والثقافية والسوسيولوجية، ومنها مفهوم «نقد النقد»

فاضل ثامر
ثقافة وفنون «فلسفة هيوم»... زيارة جديدة لأحد أهم مفكري القرن الثامن عشر

«فلسفة هيوم»... زيارة جديدة لأحد أهم مفكري القرن الثامن عشر

عن دار «أقلام عربية» بالقاهرة، صدرت طبعة جديدة من كتاب «فلسفة هيوم: بين الشك والاعتقاد» الذي ألفه الباحث والأكاديمي المصري د. محمد فتحي الشنيطي عام 1956

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر وتونس تستحوذان على جوائز «الأقصر السينمائي»

مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية (إدارة المهرجان)
مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية (إدارة المهرجان)
TT

مصر وتونس تستحوذان على جوائز «الأقصر السينمائي»

مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية (إدارة المهرجان)
مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية (إدارة المهرجان)

استحوذت مصر وتونس على جوائز الدورة الـ14 من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، الذي اختتمت فعالياته، الثلاثاء، في محافظة الأقصر (جنوب مصر)، بعد 6 أيام من الفعاليات التي شهدت عرض 65 فيلماً سينمائياً من 35 دولة.

وحضر حفل الختام نخبة من صناع السينما الأفريقية، أبرزهم السيناريست تامر حبيب، والكاتب والروائي أحمد مراد، بالإضافة لمحافظ الأقصر عبد المطلب عمارة، الذي قدم الجوائز برفقة السيناريست سيد فؤاد، رئيس المهرجان، والمخرجة عزة الحسيني مديرة المهرجان.

وحصدت مصر جميع جوائز مسابقة الأفلام الوثائقية، وأفلام الطلبة، كما اقتنصت تونس عدداً من الجوائز، منها حصول الفنانة التونسية أمل مناعي على جائزة أفضل ممثلة عن فيلم «عصفور جنة» في مسابقة الأفلام الطويلة، وحصلت تونس أيضاً على جائزة لجنة التحكيم الخاصة بمسابقة أفلام الدياسبورا (أفلام المخرجين الأفارقة المهاجرين خارج القارة)، عن فيلم «تحميل» للمخرج أنيس الأسود.

جانب من حفل ختام مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية (إدارة المهرجان)

وفيما يتعلق بباقي الجوائز، نال الفيلم السنغالي «ديمبا» جائزة أفضل فيلم روائي طويل، والفنان باريس سامبو من مدغشقر حاز جائزة أفضل فنان عن فيلم «ديسكو أفريكا»، وحصل الفيلم الجزائري «دكتور فانون» على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، في حين حصد الفيلم السوداني «جوابات» جائزة أفضل فيلم في مسابقة أفلام «الدياسبورا»، كما حاز الفيلم الموريتاني «والدك على الأرجح» على تنويه من لجنة التحكيم.

ويقول السيناريست سيد فؤاد، رئيس مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، إن «الدورة الـ14 للمهرجان حققت الطموحات التي كنا نرسمها قبل انطلاقها، رغم بعض المعوقات المالية واللوجيستية التي تعرضنا لها».

وأوضح فؤاد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الدورة خرجت بعدد من التوصيات كان «أبرزها وأهمها، هي دعوة جميع البلدان الأفريقية لتخصيص شاشة سينمائية واحدة في الدولة من أجل عرض أفلام أفريقية فقط طول العام، لزيادة المعرفة بالفن والسينما الأفريقية، خصوصاً أن هناك جهلاً شديداً في أغلبية الدول الأفريقية بالفن الأفريقي، كما أننا توصلنا خلال مناقشات منتدى السينما الأفريقية ضمن فعاليات الدورة إلى تقديم مذكرة رسمية لرئيس منظمة الوحدة الأفريقية نهاية العام الجاري لتعزيز التعاون الثقافي بين دول القارة الأفريقية».

مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية شهد مشاركة 35 دولة (إدارة المهرجان)

وعن مستقبل المهرجان، قال: «الدورة الحالية شهدت حضور أفلام وصناع سينما من 35 دولة أفريقية، ونأمل ونسعى خلال الدورة المقبلة لزيادة هذا العدد، والوصول إلى جميع الدول الأفريقية، فنحن نحلم بأن نجمع كل الدول الأفريقية على أرض محافظة الأقصر، كما نأمل بأن تكون هناك دور عرض سينمائية في محافظة الأقصر».

يذكر أن الدورة الـ14 من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية كانت قد انطلقت في 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، بعرض 65 فيلماً سينمائياً من 35 دولة، وكرم المهرجان نخبة من رموز الفن الأفريقي، من بينهم الفنان المصري خالد النبوي، والمخرج المصري مجدي أحمد علي، والممثل التونسي أحمد الحفيان، والممثلة والمخرجة الغانية أكوسوا بوسيا، والمخرج السنغالي موسى أبسا.

وأهدى المهرجان دورته لروح كل من الفنان المصري الكبير نور الشريف الذي حملت الدورة اسمه بمناسبة مرور 10 أعوام على رحيله، والمخرجة السنغالية صافي فاي، والمخرج الموريتاني ميد هوندو، والمؤلف المصري الكبير عاطف بشاي، والمخرج والممثل المغربي القدير الطيب الصديقي، بجانب الاحتفال بمرور 100 عام على ميلاد الفنان الكبير شكري سرحان.