لماذا خشيت فنانات الوقوف أمام أحمد زكي خلال «مشاهد الضرب»؟

لبلبة ونبيلة عبيد ونجوى إبراهيم تحدثن عن موهبته في ذكرى ميلاده

زكي ولبلبة (الشرق الأوسط)
زكي ولبلبة (الشرق الأوسط)
TT

لماذا خشيت فنانات الوقوف أمام أحمد زكي خلال «مشاهد الضرب»؟

زكي ولبلبة (الشرق الأوسط)
زكي ولبلبة (الشرق الأوسط)

أعربت فنانات مصريات عن افتقادهن لموهبة الراحل أحمد زكي (1946- 2005)، الذي يوافق يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) ذكرى ميلاده الـ77.

وشارك زكي في أعماله منذ أواخر ستينات القرن الماضي فنانات كثيرات، من بينهن سعاد حسني، ونبيلة عبيد، ويسرا، وليلى علوي، ولبلبة، ونجوى إبراهيم، ونجوى فؤاد، ومعالي زايد، وشيرين سيف النصر، وسماح أنور، وصفية العمري، ووفاء سالم، ورغدة.

لكن لماذا خشيت فنانات الوقوف أمام زكي، خصوصاً في المشاهد التي تضمنت ضرباً وعنفاً من قبله؟

زكي ونبيلة عبيد في لقطة من فيلم «الراقصة والطبال» (أرشيفية)

الفنانة المصرية نبيلة عبيد، التي شاركت زكي بطولة 3 أفلام، هي «التخشيبة»، و«شادر السمك»، و«الراقصة والطبال»، تُعرب عن اعتزازها بعلاقتها بالفنان الراحل، وتضيف نبيلة في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «زكي كان ممثلاً ليس له مثيل، وصديقاً لن يتكرر، وأحياناً كان يفضل تناول وجبة الغذاء في منزلي، فقد كان يسكن بجواري في شارع جامعة الدّول العربية. وعلى صعيد العمل فهو أستاذ في التقمص والمعايشة وإعطاء العمل حقه، ولو على حساب نفسه».

وتحكي نبيلة عبيد عن مشهد الضرب الذي جمعها به في فيلم «شادر السمك» تقول: «تقمُص زكي للشخصيات كان مخيفاً، مما اضطرني إلى أن أطلب من المخرج معرفة خط سير المشهد وأين ستكون الضربة تحديداً، فقد كنت خائفة، وسألت زكي أكثر من مرة عن كيفية تعامله مع المشهد، لكنه رفض أن يجيبني، واستعنت بالمخرج بعد انفعالي نتيجة الضربة القوية التي تلقيتها منه أثناء التصوير، التي أحدثت جرحاً في فمي».

لقطة من فيلم «شادر السمك» (أرشيفية)

الحالة نفسها، كشفت عنها الإعلامية والفنانة المصرية نجوى إبراهيم، التي شاركت زكي بطولة فيلم «المدمن» منتصف الثمانينات، قائلة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «شعرت بالخوف خلال أحد المشاهد بعد أن ارتطم زكي بحائط صلب لدرجة إصابته»، وكان من المفترض أن يوجّه لها ضربة قوية بعد ذلك، لكنها ذهبت للمخرج من أجل حذف المشهد لخوفها الشديد: «المخرج طمأنني وتحدث مع زكي ليتعامل بخفة حتى لا أتعرض للإصابة، وطلب مني زكي حينها تفادي الضربة بشكل احترافي حتى لا تظهر للمشاهد».

زكي ولبلبة في أحد الأعمال (الشرق الأوسط)

وعبرت الفنانة المصرية لبلبة عن سعادتها للمشاركة في فيلمي «ضد الحكومة»، و«معالي الوزير»، مع زكي، مؤكدة في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أنه «كان فناناً مختلفاً ومتميزاً، ولا يشغله شيء سوى الفن».

وتضيف لبلبة أن زكي يتقمّص الشخصية بأنماط مختلفة في كل لقطة، وعن تعرضها للضرب منه أثناء التمثيل قالت: «قدمت أمامه دور (محامية فاسدة)، في فيلم (ضد الحكومة)، ودور زوجته وأم أولاده في فيلم (معالي الوزير)، ولم أتعرض للضرب في كلا العملين».

لكنها تعلق على خوف بعض الفنانات من مشاهد الضرب أمام زكي قائلة: «كل من عمل معه يعرف أنه لا يتهاون في أي مشهد بسبب تقمصه الشديد للشخصية».

زكي كان يتقمص شخصياته بشكل مميز وفق سينمائيين (أرشيفية)

ولِد زكي الملقب بـ«الإمبراطور» في مدينة «الزقازيق» بمحافظة الشرقية (دلتا مصر)، وحصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم تمثيل وإخراج، وتميز الفنان المصري بتقديم العديد من الأدوار المتنوعة خلال مشواره الذي بدأه من خلال ظهور مسرحي، بينما كان أول دور بطولة يقدمه في مشواره السينمائي أمام سعاد حسني في فيلم «شفيقة ومتولي».

وقدم زكي على خشبة المسرح عرضي «مدرسة المشاغبين»، و«العيال كبرت»، بجانب مسلسل «الأيام»، ومسلسل «هو وهي»، والعديد من الأفلام من بينها «النمر الأسود»، و«موعد على العشاء»، و«العوامة 70»، و«زوجة رجل مهم»، و«البريء»، و«طائر على الطريق»، و«شادر السمك»، و«التخشيبة»، و«المدمن»، و«معالي الوزير»، و«ضد الحكومة»، و«الهروب»، و«البيضة والحجر»، و«البيه البواب».

أحمد زكي في شبابه (أرشيفية)

واشتهر زكي بتجسيد السيرة الذاتية لعدد من الشخصيات الشهيرة على غرار رئيسي مصر الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات، و«عميد الأدب العربي» طه حسين، و«العندليب الأسمر» عبد الحليم حافظ عبر فيلم «حليم»، الذي يُعد آخر عمل فني قدمه قبل وفاته، وتعاون زكي مع مجموعة من المخرجين من بينهم محمد خان، وعاطف الطيب، وعلي عبد الخالق، وداود عبد السيد، وشريف عرفة، وإيناس الدغيدي.

تقمص كامل للشخصيات

وتؤكد المخرجة المصرية إيناس الدغيدي أن أحمد زكي كان يتأثر بالشخصية ويتعايش معها بشكل لافت: «في إحدى المرات التي جمعتنا في كواليس فيلم (السادات) اعتقد أنه السادات بالفعل، وكان يتعامل معي على هذا الأساس، وغضب عندما لم يجد التشريفة تنتظره عند الباب».

وتضيف الدغيدي لـ«الشرق الأوسط»: إن «حياة زكي الشخصية تأثرت كثيراً بفنه، فهذه مدرسة خاصة به، لكنها مرهقة للأعصاب، فهو فنان اعتاد أن يعيش كل كبيرة وصغيرة في الفن والحياة، لذلك موهبة زكي المفرطة كانت مدمرة لأعصابه، فقد كان عصبياً ومُرهِقاً لمن يعمل معه، وكان يرفض تقديم أي تنازل في أي لقطة، حتى لو احتاجت تكنيكاً بعينه».

أحمد زكي قدم أعمالاً سينمائية مهمة (أرشيفية)

ووفق الناقد الفني محمد شوقي، فإن زكي كان نجماً كبيراً ومتميزاً وأفضل من عبر عن المهمشين والطبقة الوسطى في أعماله، وكان نجماً استثنائياً في موهبته وحضوره، وفي قبوله لدى الجمهور.

إعادة تقييم

ويضيف شوقي لـ«الشرق الأوسط»: «لم يأخذ زكي حقه في التقييم حتى الآن، إذ ينحصر الحديث عنه في أدوار بعينها، على الرغم من تقديمه شخصيات عدة لم تُسلّط عليها الأضواء، من بينها (عيون لا تنام)، رائعة رأفت الميهي، مع فريد شوقي ومديحة كامل، وفيلم (المخطوفة) مع كمال الشناوي وليلى علوي، وفيلم (طائر على الطريق) مع فردوس عبد الحميد، وفيلم (وراء الشمس) مع رشدي أباظة ونادية لطفي، و(أبناء الصمت)، وعلى الرغم من أن أدواره لم تكن بطولات مطلقة، لكنها كانت أدواراً مميزة في السينما المصرية».


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
TT

هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)

تحمس وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو الذي تولى حقيبة الثقافة قبل 6 أشهر، لعقد «يوم الثقافة» بُغية تكريم المبدعين في مختلف مجالات الإبداع، من منطلق أن «التكريم يعكس إحساساً بالتقدير وشعوراً بالامتنان»، لكن كثرة عدد المكرمين وبعض الأسماء أثارت تساؤلات حول مدى أحقية البعض في التكريم، وسقوط الاحتفالية الجديدة في فخ «التكريمات غير المستحقة».

وأقيم الاحتفال الأربعاء برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقدمه الفنان فتحي عبد الوهاب، وكان الوزير قد عهد إلى جهات ثقافية ونقابات فنية باختيار من يستحق التكريم من الأحياء، كما كرم أيضاً الفنانين الذين رحلوا عن عالمنا العام الماضي، وقد ازدحم بهم وبذويهم المسرح الكبير في دار الأوبرا.

ورأى فنانون من بينهم يحيى الفخراني أن «الاحتفالية تمثل عودة للاهتمام بالرموز الثقافية»، وأضاف الفخراني خلال تكريمه بدار الأوبرا المصرية: «سعادتي غير عادية اليوم».

الفنان يحيى الفخراني يلقي كلمة عقب تكريمه في يوم الثقافة المصري (وزارة الثقافة المصرية)

وشهد الاحتفال تكريم عدد كبير من الفنانين والأدباء والمثقفين على غرار يحيى الفخراني، والروائي إبراهيم عبد المجيد، والمايسترو ناير ناجي، والشاعر سامح محجوب، والدكتور أحمد درويش، والمخرجين هاني خليفة، ومروان حامد، والسينارست عبد الرحيم كمال، والفنان محمد منير الذي تغيب عن الحضور لظروف صحية، وتوجه الوزير لزيارته في منزله عقب انتهاء الحفل قائلاً له إن «مصر كلها تشكرك على فنك وإبداعك».

كما تم تكريم المبدعين الذين رحلوا عن عالمنا، وقد بلغ عددهم 35 فناناً ومثقفاً، من بينهم مصطفى فهمي، وحسن يوسف، ونبيل الحلفاوي، والملحن حلمي بكر، وشيرين سيف النصر، وصلاح السعدني، وعاطف بشاي، والفنان التشكيلي حلمي التوني، والملحن محمد رحيم، والمطرب أحمد عدوية.

وزير الثقافة يرحب بحفيد وابنة السينارست الراحل بشير الديك (وزارة الثقافة المصرية)

وانتقد الكاتب والناقد المصري طارق الشناوي تكريم نقيب الموسيقيين مصطفى كامل، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو اختاره مجلس النقابة كان عليه أن ينأى بنفسه عن ذلك»، مشيراً إلى أن الاختيارات جاءت على عُجالة، ولم يتم وضع خطوط عريضة لمواصفات المكرمين، كما أنه لا يجوز أن يُرشح نقيب الموسيقيين ورئيس اتحاد الكتّاب نفسيهما للتكريم، وأنه كان على الوزير أن يتدخل «ما دام أن هناك خطأ». لكن الشناوي، أحد أعضاء لجنة الاختيار، يلفت إلى أهمية هذا الاحتفال الذي عدّه «عودة حميدة للاهتمام بالإبداع والمبدعين»، مشدداً على أهمية «إتاحة الوقت للترتيب له، وتحديد من يحصل على الجوائز، واختيار تاريخ له دلالة لهذا الاحتفال السنوي، كذكرى ميلاد فنان أو مثقف كبير، أو حدث ثقافي مهم»، ضارباً المثل بـ«اختيار الرئيس السادات 8 أكتوبر (تشرين الأول) لإقامة عيد الفن ليعكس أهمية دور الفن في نصر أكتوبر».

الوزير ذهب ليكرم محمد منير في بيته (وزارة الثقافة المصرية)

ووفق الكاتبة الصحافية أنس الوجود رضوان، عضو لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة، فإن «الاحتفال حقق حالة جميلة تنطوي على بهجة وحراك ثقافي؛ ما يمثل عيداً شاملاً للثقافة بفروعها المتعددة»، متطلعة لإضافة «تكريم مبدعي الأقاليم في العام المقبل».

وتؤكد رضوان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تكريم نقيب الموسيقيين لا تُحاسب عليه وزارة الثقافة؛ لأنه اختيار مجلس نقابته، وهي مسؤولة عن اختياراتها».

ورداً على اعتراض البعض على تكريم اسم أحمد عدوية، تؤكد أن «عدوية يُعد حالة فنية في الغناء الشعبي المصري وله جمهور، فلماذا نقلل من عطائه؟!».

ولفتت الناقدة ماجدة موريس إلى أهمية وجود لجنة تختص بالترتيب الجيد لهذا اليوم المهم للثقافة المصرية، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنه من الطبيعي أن تكون هناك لجنة مختصة لمراجعة الأسماء والتأكد من جدارتها بالتكريم، ووضع معايير محددة لتلك الاختيارات، قائلة: «لقد اعتاد البعض على المجاملة في اختياراته، وهذا لا يجوز في احتفال الثقافة المصرية، كما أن العدد الكبير للمكرمين يفقد التكريم قدراً من أهميته، ومن المهم أن يتم التنسيق له بشكل مختلف في دورته المقبلة بتشكيل لجنة تعمل على مدى العام وترصد الأسماء المستحقة التي لعبت دوراً أصيلاً في تأكيد الهوية المصرية».

المخرج مروان حامد يتسلم تكريمه من وزير الثقافة (وزارة الثقافة المصرية)

وتعليقاً على ما أثير بشأن انتقاد تكريم المطرب الشعبي أحمد عدوية، قال الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، على «فيسبوك»، إن «أحمد عدوية ظاهرة غنائية غيرت في نمط الأغنية الذي ظل سائداً في مصر منذ الخمسينات حتى بداية السبعينات»، معتبراً تكريم وزير الثقافة له «اعترافاً بالفنون الجماهيرية التي يطرب لها الناس حتى ولو كانت فاقدة للمعايير الموسيقية السائدة».