«مترو المدينة» أقلعَ صوب غزّة

زياد الأحمديّة: نغنّي لندعم أهل القطاع ولنخرج قليلاً من الكآبة

من أمسيات «مترو المدينة» في بيروت الخاصة بدعم أهل غزة (صور المسرح)
من أمسيات «مترو المدينة» في بيروت الخاصة بدعم أهل غزة (صور المسرح)
TT

«مترو المدينة» أقلعَ صوب غزّة

من أمسيات «مترو المدينة» في بيروت الخاصة بدعم أهل غزة (صور المسرح)
من أمسيات «مترو المدينة» في بيروت الخاصة بدعم أهل غزة (صور المسرح)

«احكِ للعالم، احكِ له عن بيتٍ كسروا قنديله، عن فأسٍ قتلت زنبقةً، وحريقٍ أودى بجديلة». يستعير «مترو المدينة» من شعر سميح القاسم ليرسل تحيّةً «من القلب» إلى غزّة وأهلها وأرواحها التي حلّقت.

ليس جديداً ولا غريباً على هذا المسرح البيروتيّ أن يتفاعل ويتعاطف مع الأحداث المحيطة به. منذ الثورات التي تنقّلت بين عدد من الدول العربية، مروراً بأزمات بيروت المتلاحقة، وليس انتهاءً بتفجير مرفأها، شكّلت خشبة «المترو» منذ عام 2011، صدىً لصوت الشارع العربي.

عدّل المسرح البيروتيّ برمجته تماشياً مع التطوّرات الدامية في غزة (مترو المدينة)

ادفع قد ما بدك

«على قاعدة (ادفع قدّ ما بدّك)، أطلقنا برمجة (من القلب) من أجل التضامن مع غزة»، يخبر مؤسس «مترو المدينة» هشام جابر «الشرق الأوسط». فبعد إحباط الأيام الأولى، الذي فاقمه استشهاد الصحافي عصام عبد الله، أحد وجوه «المترو» وأصدقائه، ارتأت إدارة المسرح تأجيل معظم العروض. لكنّ تَشبُّث الغزّيّين ونداءات استغاثتهم حفّزت المجموعة على النهوض من جديد.

هذه المرة ليس التضامن نغماً وإيقاعاً فحسب، بل سيعود الجزء الأكبر من إيرادات الحفلات إلى غزّة، عن طريق جمعيّات طبية فلسطينية. يوضح جابر: «شعرنا بوجوب التحرّك، حتى لو كان ما نفعله يساوي صِفراً بالمقارنة مع ما يحصل في غزة من مجازر وهمجيّة».

انطلقت أنشطة «من القلب» ليلة الخميس، مع عرض فيلم «حكاية الجواهر الثلاث» من إخراج السينمائي الفلسطيني ميشال خليفي. يتناول الفيلم، وهو من إنتاج عام 1995، قصة حب بريئة تدور أحداثها في قطاع غزة المحاصَر، حيث يختلط واقع الشخصيات المروّع مع الحلم بمستقبل أفضل.

الحرب من زاوية الفن

تحت شعار «معكم أينما كنتم»، التقت في سهرة الجمعة أصوات زياد الأحمديّة، وساندي شمعون، وكوزيت شديد من لبنان، بصوت سلوى جرادات من فلسطين. وحلّ زياد الأحمديّة ضيفاً على الأمسية، فقدّم «وعودٌ من العاصفة» لمحمود درويش ومارسيل خليفة، إضافةً إلى أغنية «يا ولد» من ألحانه. للطفولة المحرومة من طفولتها، غنّى الأحمديّة وسط تفاعل الحضور.

في حديث مع «الشرق الأوسط»، يلفت المطرب والمؤلّف الموسيقي اللبناني إلى أنّ «دور الموسيقى في هذه ظروف هادف وليس ترفيهياً». الهدف الأول، وفق الأحمديّة، هو المساهمة المادّيّة، وإن كانت رمزيّة ومتواضعة، من أجل غزّة. أما الهدف الثاني فهو متابعة برنامج فنّي يحمل رسالة: «مش رايحين نرقص ونفرح، رايحين نغنّي القضيّة والمعاناة وإحساسنا».

المؤلف الموسيقي والمطرب اللبناني زياد الأحمديّة (مترو المدينة)

«وليكُن... لا بدّ لي أن أرفض الموت، وأن أحرق دمع الأغنيات الراعفة»... تستحضر حنجرة الأحمديّة وأوتار عودِه شعرَ درويش ولحنَ خليفة. تصدح الأغنية ليمتزج الدمع بالغضب فوق الخشبة وقبالتها؛ على مقاعد الصالة الممتلئة.

وفق هشام جابر، الذي بات خبيراً في جَسّ نبض الجمهور، فإنّ «الناس بحاجة إلى رؤية الصراع من زاوية ثانية، وليس من زاوية الأخبار والتغطيات المباشرة والسوشيال ميديا فحسب». يقول إن الخوف والحزن والعجز أحاسيس تكبّل الناس وتُغرقهم في دوّامة واحدة، فيأتي الفنّ ليخرجهم منها.

بعيداً عن الأخبار والتغطيات المباشرة، يحاول المسرح تقديم الأحداث من زاوية أخرى (مترو المدينة)

المترو الملجأ

«يا فلسطينيّة وأنا بدّي سافر حدّاكو ناري في إيديّه، وإيديّه تنزل معاكو على راس الحيّة»... الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم ضيفا المترو مساء السبت. وإلى جانبهما، بصوت زياد الأحمديّة ترافقه الكورال، مجموعة من الأغاني الوطنية المعروفة وتلك الفلسطينية الفولكلوريّة، مثل «يمّا مويل الهوى»، و«هدّى البلبل عالرمّان».

من أغانيه الخاصة الإنسانية منها والوطنيّة، يغنّي الأحمديّة كذلك. «لا بدّ أن نغنّي لنخرج ولو قليلاً من حالة الكآبة التي نعيش، ولنشغل أنفسنا بشيء يساعد أكثر من الغضب الصامت والجلوس متفرّجين»، يقول الفنان المعروف بالتزامَيه الفني والإنساني.

أمضى الأحمديّة في «مترو المدينة» عقداً موسيقياً كاملاً. يشعر فنّانو المترو كما زبائنه بالانتماء إلى هذا المكان الذي صار بمثابة ملجأ بالنسبة إليهم؛ مهما اشتعلت الدنيا في الخارج، فإنّ المترو يغطّيهم بسحابة أمان ويسافر بهم إلى أماكن أجمل.

يشرح الأحمديّة خصوصيّة المكان قائلاً إنّ «مترو المدينة»، ومنذ تأسيسه، هو مساحة فنية مختلفة عن الاستهلاك الفنّي السطحي السائد. يضيف: «يتفاعل المترو مع الحدث اليومي في لبنان والعالم العربي من خلال مواقفه وبرمجته. أما فنياً، ففلسفة المكان هي أن يشكّل مساحة تتيح أمام الجمهور متابعة عروض محترمة وترفيهيّة وهادفة في آنٍ معاً. هو فعلاً ملجأ للناس الباحثة عن محتوى فني غير متوفّر في مساحات أخرى من مسارح وملاهٍ».

اعتاد المسرح وفنّانوه التفاعل مع الأحداث في لبنان والعالم العربي (مترو المدينة)

في ردهات المترو وبين طاولاته، نُسجت صداقات كثيرة. من بين هؤلاء الأصدقاء مَن صار فرداً من العائلة. «هنا التقيت بعصام... من الصعب جداً أن ينتهي العرض الليلة ولا نجده ينتظرنا في القاعة لنحتفل معاً كما جرت العادة». يتحدّث الأحمديّة عن الصحافي عصام عبد الله الذي قُتل بنيران إسرائيلية على الحدود اللبنانية الجنوبية منذ 3 أسابيع.

مثل الأحمديّة، يفتقد هشام جابر عصام الإيجابيّ، الضاحك، الذي ضجّ حياةً إلى درجة أنّه كان نقيض هذا الرحيل الدامي. يذكره جابر صديقاً وزميلاً يتنقّل بين التصوير، والاهتمام بأمن المكان، وحتى بطلبات الزبائن أحياناً.

من أجل عصام وأهل غزّة، لن تتوقّف برمجة «مترو المدينة» الخاصة. وحتى لو أضيفت إليها عروضٌ لا علاقة لها بأحداث فلسطين، فإنّ جزءاً من الريع سيظلّ يُرسل إلى غزّة.


مقالات ذات صلة

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)

بالجدّات والقطط ومواسم الزيتون... آية دبس ترسم التعلُّق بالمكان

الوفاء للمكان جعل تناوُل إشكالية النزوح الطارئة جراء الحرب، مُلحَّاً. وها هي تحضُر في رسومها، كأنها تتدفّق لتشغل المساحة بمظاهر هذا التدفُّق.

فاطمة عبد الله (بيروت)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

نتنياهو يرفع مكافأة معلومات الرهائن إلى 5 ملايين شيقل مع ضمان الخروج الآمن من غزة

أعلن بنيامين نتنياهو رفع قيمة المكافأة المخصصة لتقديم معلومات موثوق بها بشأن مكانهم إلى 5 ملايين شيقل (1300 ألف) لكل رهينة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي فلسطينيون يجلسون بجوار أنقاض المنازل المدمرة في الهجوم الإسرائيلي على خان يونس بجنوب قطاع غزة يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

داعية معروف في غزة يتساءل عن الضرر الذي أحدثه هجوم 7 أكتوبر

أثار هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 الذي أشعل فتيل الحرب في قطاع غزة، جدلاً بين رجال الدين الفلسطينيين في القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية عند الحدود مع قطاع غزة (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وجندي في اشتباكات بشمال قطاع غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، مقتل ضابط وجندي، وإصابة ثالث بجروح خطيرة في اشتباكات بشمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

3 نصائح بخصوص مقابلات العمل... «لا تصل مبكراً جداً»

رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
TT

3 نصائح بخصوص مقابلات العمل... «لا تصل مبكراً جداً»

رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

عند إجراء مقابلة عمل، سواء كانت وجهاً لوجه أو مقابلة افتراضية، يجب أن تتبع آداب السلوك المناسبة.

تقول إميلي ليفين، نائبة الرئيس التنفيذي في شركة «كارير غروب كامبانيز»: «تأكد من أنك تتواصل بعينك بشكل جيد، وإنك تعرف متى يكون من المناسب التحدث، ومتى يكون الوقت مناسباً لطرح الأسئلة».

أجرت ليفين، وفقاً لموقع «سي إن بي سي»، آلاف المقابلات خلال مسيرتها المهنية، غالباً من أجل مشاهير من الدرجة الأولى يبحثون عن مساعدين شخصيين أو رؤساء للموظفين.

هذه مجموعة من أفضل نصائح ليفين لتجنب إثارة علامات تحذير خلال مقابلة العمل.

لا تصل مبكراً جداً

من المهم أن تتأكد من الوصول إلى المقابلة في الوقت المناسب، خصوصاً إذا كانت مقابلة شخصية وليست افتراضية.

وتتابع ليفين: «إذا وصلت متأخراً جداً، فإنك تخاطر بفقدان جزء من مقابلتك، مما يضيع وقت المحاورين ويجعل الانطباع سيئاً. ولكن إذا وصلت مبكراً جداً، فهذا سيجعلك تبدو متحمساً جداً، وقد يجعل المحاور يشعر بالضغط».

وتؤكد ليفين: «الوصول قبل موعدك بعشر دقائق هو الوقت المثالي للدخول إلى مكتب المحاور».

قدم نفسك بأكثر طريقة احترافية ممكنة

تشدد لفين على أنه سواء كانت المقابلة عبر الإنترنت أو شخصية: «لا تمضغ العلكة، ولا ترتدي نظارات شمسية» أثناء المقابلة، مضيفة: «هذه الأمور غير رسمية وغير مهنية».

وتشير: «إذا كانت المقابلة وجهاً لوجه، فتأكد أن رائحة دخان السجائر لا تفوح منك ولا تضع عطراً فواحاً»، موضحة: «الكثير من الناس حساسين للروائح النفاذة».

لا تكشف عن معلومات سرية

تشدد ليفين على ضرورة تجنب التحدث بسوء عن أصحاب العمل السابقين، أو «الكشف عن الكثير من المعلومات السرية أو الخاصة بأماكن العمل السابقة».

تؤكد ليفين أن بعض عملائها يجعلون موظفيهم يوقعون اتفاقيات عدم الإفشاء، وعندما يخبرها أحد المرشحين أنه وقَّع على هذه الاتفاقية ومع ذلك يكشف عن معلومات سرية حول صاحب عمل سابق، فإنها تعد علامة مقلقة.