على مدى 7 أيام متتالية بالواجهة البحرية في الدمام (شرق السعودية)، شهدت النسخة الأولى لمهرجان «النهام» حضوراً كبيراً وتفاعلاً مميزاً، عكس الشغف الكبير بالمسرح من قبل أبناء المجتمع السعودي واعتزازهم بالموروث الشعبي.
وأسدل الستار عن النسخة الأولى للمهرجان، الذي نظمته هيئة المسرح والفنون الأدائية، بمشاركة واسعة من دول مجلس التعاون الخليجي. وجرى خلال المهرجان تنشيط فن النهمة، وتعزيز حضوره في ثقافة الأجيال الناشئة بعد أن كادت ألحانه تضمحلّ من الذاكرة الثقافية لمنطقة الخليج العربي، وذلك بعدما غابت الظاهرة التي تأسس حولها، وهي مهنة الإبحار والغوص.
وقدم المهرجان «فن النهمة» عبر عروض أدائية حية، وفعاليات إثرائية، ومعارض ثقافية، ومسابقة متخصصة في «فن النهمة» شارك بها نهامة منفردون وفرق متخصصة بـ«فن النهمة». كما ضم المهرجان مسرحاً خاصاً عُرضت عليه مسرحية «دانة يا نهام» للمرة الأولى، التي قدمت للجماهير حبكة درامية مُثيرة عن الصعاب التي كان يُقاسيها البحّارة في رحلاتهم، ودَور النّهام في تخفيف أعبائها، وتوفير مُتنفّسٍ لهم للتعبير عما يخالج وجدانهم بأشعار وأهازيج متنوعة.
واشتمل المهرجان على أكثر من 25 منطقة متنوعة ضمت معارض للتحف والصور الفوتوغرافية والمراجع المكتوبة التي حَوَت شواهد على حقبة البحارة والنّهامة تُثري تجربة الزائر وتنقله لتفاصيل الفن وما ارتبط به من ظواهر. إلى جانب استمتاع الزوّار بتجربة مشاهدة فيلم «الغوص العود» بـ 360 درجة في السالية «القبة التفاعلية»، إضافةً لالتقاط الصور التذكارية بإطار إبداعي في أركان التصوير المتنوعة المنتشرة على أرض المهرجان، بالإضافة إلى التعرف على أصناف «فن النّهمة» المختلفة ما بين «الفجري»، و«الخطفة»، و«اليامال»، و«الحدادي»، وكذلك الاطلاع على عددٍ من الأسماء البارزة والأحداث المهمة التي شكلت صورة «فن النهمة» في ذاكرة الأجيال.
وجاء المهرجان ضمن جهود هيئة المسرح في المساهمة بتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 في جوانبها الثقافية، وتهدف من خلال المهرجان إلى تعزيز حضور الفنون الأصيلة في المشهد الثقافي والنهوض بالفنون الأدائية لِتَشغَلَ مكانةً تناسب أهميتها في تحويل الثقافة إلى أسلوب حياة، ودعم الاهتمام بالفنون الأدائية، والارتقاء بجودة المحتوى الثقافي المقدم، كما عكس حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفهِ أحد أهدافها الاستراتيجية تحت مظلة رؤية السعودية.
ومع المطالبات بتمديد أيام المهرجان، برر سلطان البازعي الرئيس التنفيذي لهيئة المسرح والفنون الأدائية، عدم تلبية رغبات التمديد إلى وجود ارتباطات مسبقة لدى المشاركين، خصوصاً من دول مجلس التعاون الخليجي.
وبيّن في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه النسخة حققت النجاح المطلوب، مشيراً إلى أن هناك خطة لاستمرار المهرجان بشكل سنوي في الموعد والمكان نفسيهما، موضحاً أن المملكة تعيش نهضة كبيرة في كل المجالات، من بينها المسرح، في كافة المهرجانات بجميع مناطق المملكة، مقدماً شكره لكل من قدم واجتهد من أجل أن يعود المسرح السعودي إلى المكانة التي يستحقها.