مصر: اكتشاف مقبرة الكاتب الملكي «جحوتي إم حات» جنوب الجيزة

يرجع تاريخها إلى 2500 سنة

جانب من المقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
جانب من المقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف مقبرة الكاتب الملكي «جحوتي إم حات» جنوب الجيزة

جانب من المقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
جانب من المقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة، عن اكتشاف مقبرة أثرية يزيد عمرها على 2500 سنة، وذلك خلال أعمال الحفائر التي تنفذها البعثة الأثرية التشيكية التابعة لكلية الآداب بجامعة تشارلز ببراغ، بمنطقة آثار أبو صير جنوب الجيزة. وتخص المقبرة المكتشفة شخصاً يدعى «جحوتي إم حات» كان يشغل منصب «الكاتب الملكي»، بحسب بيان وزارة السياحة والآثار المصرية، الذي أوضح أن «تاريخ المقبرة يعود إلى منتصف الألفية الأولى قبل الميلاد».

وتقع المقبرة في منطقة «جبّانة أبو صير الأثرية»، والتي تضم مقابر لكبار المسؤولين والقادة العسكريين من الأسرتين الـ26 والـ27 في مصر القديمة؛ ما يجعلها «إضافة مهمة لفهم تلك الحقبة التاريخية»، بحسب آثاريين.

اكتشاف مقبرة أثرية في أبو صير (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور مصطفى وزيري، في بيان صحافي: إن «صاحب المقبرة (جحوتي إم حات) عاش خلال فترة الأسرة الـ27 من التاريخ المصري القديم، وهي فترة لم تكن معروفة من قبل بالنسبة للآثاريين». وأضاف أن «المقبرة إلى جانب الاكتشافات السابقة في أبو صير، ومن بينها مقبرة القائد العسكري (واح إيب رع)، تساهم في إلقاء الضوء على التغيرات التاريخية التي حدثت في مصر خلال الأوقات المضطربة في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد».

وكانت البعثة التشيكية اكتشفت في منتصف يوليو (تموز) عام 2022، مقبرة «قائد الجنود الأجانب» في مصر القديمة، في المنطقة نفسها، والتي يعود تاريخها إلى ما يزيد على 2500 عام.

إحدى القطع داخل المقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بدوره، أكد نائب مدير البعثة التشيكية، الدكتور محمد مجاهد لـ«الشرق الأوسط»، أن «أي اكتشاف أثري من فترة الأسرتين الـ26 والـ27 له أهمية كبيرة؛ كونه يٌساهم في فهم تلك الحقبة التاريخية من عمر مصر، والتي عانت فيها الدولة ضعفاً، حيث استوطنها عدد من الأجانب من ليبيا والفرس وغيرهم». وأضاف أن «المقبرة كغيرها من المقابر تعرّضت للسرقة في العصور الفرعونية القديمة؛ لذلك لم يُعثر فيها على لقى أثرية»، لافتاً النظر في الوقت نفسه إلى «الأهمية الأثرية للمناظر والنصوص الدينية الموجودة في المقبرة» والتي «تفوق اللقى الأثرية».

وأوضح مجاهد، أن «الكتابات على جدران المقبرة كانت من نصوص الأهرامات، وهو أمر مهم يشير إلى اعتمادها في مقابر كبار الموظفين في تلك الفترة التي ضعفت فيها الدولة، كمحاولة لاستعادة مجد الدولة المصرية القوية».

وشُيدت المقبرة المكتشفة على شكل بئر تنتهي بحجرة للدفن، ويمكن الوصول إلى تلك الحجرة عن طريق ممر أفقي صغير أسفل البئر يبلغ طوله نحو 3 أمتار.

وقال مدير البعثة التشيكية، الدكتور مارسلاف بارتا: إنه «على الرغم من أن الجزء العلوي من المقبرة لم يُعثر عليه سليماً، فإن حجرة الدفن تحتوي على مناظر وكتابات هيروغليفية ثرية». وأضاف أن «البئر المؤدية إلى المقبرة عٌثر بداخلها على الكثير من بقايا المناظر التي كانت جزءاً من مناظر المقبرة المجاورة، والتي شُيدت لأحد القادة العسكريين خلال تلك الفترة وكان يدعي (منخ إيب نيكاو)».

المقبرة من الداخل (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويوجد على الجدار الشمالي لحجرة دفن «جحوتي إم حات» سلسلة طويلة من النصوص الدينية ضد لدغات الثعابين والمقتبسة من «نصوص الأهرامات». بينما تضم «الجدران الجنوبية والغربية مناظر لقرابين طقسية وقائمة من القرابين، أما السقف فنُقش عليه منظر لرحلة الشمس عبر السماء في مراكبها الصباحية والمسائية، مصحوبة بتراتيل لشروق الشمس وغروبها»، بحسب البيان.

عودة إلى مجاهد الذي أوضح أن «البعثة عثرت أثناء أعمالها داخل حجرة الدفن على تابوت مصنوع من الحجر، مزيّن بنصوص هيروغليفية وتصوير للآلهة من الخارج والداخل، أما الجانب العلوي من غطاء التابوت والجوانب الأطول له فمزينة بنصوص مختلفة من كتاب الموتى، بما في ذلك صور الآلهة التي تحمي المتوفى. وتحمل الجوانب الأقصر للغطاء صوراً للمعبودات (إيزيس) و(نفتيس) مصحوبة بنصوص الحماية للمتوفى».

وزُينت الجوانب الخارجية للتابوت بمقتطفات من نصوص التوابيت والأهرامات، وهي تكرار جزئي للتعاويذ التي ظهرت بالفعل على جدران حجرة الدفن. وفي أسفل الجدار الداخلي للتابوت تم تصوير الإلهة «إيمنتت» إلهة الغرب، وتحتوي الجوانب الداخلية على ما يسمى بـ«التعاويذ الكانوبية».

وقال مجاهد: إن «كل تلك النصوص الدينية والسحرية المذكورة كان الهدف منها ضمان دخول المتوفى بسلاسة إلى الحياة الأبدية».

نقوش على جدران المقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وبحسب بيان وزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة، فقد أظهرت الدراسات الأنثروبولوجية لبقايا الهيكل العظمي لصاحب المقبرة، أنه «توفي في سن مبكرة نسبياً، حيث من المرجح أن يكون توفي في الخامسة والعشرين من عمره، كما عُثر بالمومياء على علامات تدل على أنه كان يعاني بعض الأمراض بسبب وظيفته، مثل تآكل العمود الفقري بسبب العمل جالساً لفترات طويلة، كما كان يعاني هشاشة شديدة في العظام».

مجاهد أشار إلى أن «تلك الإصابة ربما تؤكد أن (جحوتي إم حات) كانت تربطه صلة قرابة بأصحاب المقابر المجاورة، والذين تم تأكيد إصابتهم أيضاً بالمرض نفسه، منهم على سبيل المثال مومياء الكاهن (إيوف عا) الشهيرة»، مؤكداً أن «الكشف يشير إلى أن جبّانة أبو صير لم تكن مخصصة للكهنة والقادة العسكريين فحسب، بل أيضاً كبار موظفي الدولة».

وتقع منطقة أبو صير الأثرية جنوب محافظة الجيزة، على بعد 4.5 كيلومتر شمال منطقة سقارة الأثرية، واشتق اسمها من «بر أوزير» أي مقر الإله أوزيريس.


مقالات ذات صلة

مصر لتعظيم الاستفادة من ساحلها الشمالي عبر «المكون الفندقي»

يوميات الشرق جانب من مدينة العلمين الجديدة (إدارة مهرجان العلمين)

مصر لتعظيم الاستفادة من ساحلها الشمالي عبر «المكون الفندقي»

أكد اجتماع للحكومة المصرية الأحد «اتجاه الدولة لزيادة عدد الغرف الفندقية بطول الساحل الشمالي الغربي» بحسب إفادة رسمية للمتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا خيام نازحين سودانيين في بعض الدول (المنظمة الدولية للهجرة)

هل تفتح انتصارات البرهان الباب لعودة سودانيين من مصر؟

«انتصارات البرهان» الأخيرة تفاعل معها سودانيون يقيمون في ضاحية فيصل بمحافظة الجيزة بمصر، عبر احتفالات واسعة للجالية السودانية.

أحمد إمبابي (القاهرة )
العالم العربي المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)

أنماط دعاية لحزب مصري جديد تثير اهتماماً وانتقادات

استطاع حزب «الجبهة الوطنية» الوليد في مصر، أن يلفت الانتباه سريعاً، بسبب دعاية غير تقليدية صاحبت الإعلان عنه، ووُصفت بـ«المثيرة للجدل»، بينها مواكب سيارات.

رحاب عليوة (القاهرة)
رياضة عربية بعثة نادي بيراميدز المصري في مطار لواندا (إكس)

البعثة «نجت من الموت»... طائرة «بيراميدز» المصري تتعرض لطارئ جوي خطير

تعرضت طائرة نادي بيراميدز المصري لحالة طوارئ جوية خطيرة خلال رحلة العودة من أنغولا إلى القاهرة، السبت، مما أدى إلى إجلاء الطوارئ في مطار لواندا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة وبجواره السيد البدوي خلال اجتماع سابق (الحزب)

أزمة «الوفد» المصري تتصاعد بعد انسحاب البدوي

تصاعدت أزمة حزب الوفد المصري على خلفية إعلان رئيسه الأسبق، السيد البدوي، انسحابه الكامل من المشهد «الوفدي».

عصام فضل (القاهرة)

«الثقافة المصرية» تراهن على الذكاء الاصطناعي في «القاهرة للكتاب»

اختيار سلطنة عمان «ضيف شرف» الدورة الـ56 من معرض القاهرة للكتاب (وزارة الثقافة المصرية)
اختيار سلطنة عمان «ضيف شرف» الدورة الـ56 من معرض القاهرة للكتاب (وزارة الثقافة المصرية)
TT

«الثقافة المصرية» تراهن على الذكاء الاصطناعي في «القاهرة للكتاب»

اختيار سلطنة عمان «ضيف شرف» الدورة الـ56 من معرض القاهرة للكتاب (وزارة الثقافة المصرية)
اختيار سلطنة عمان «ضيف شرف» الدورة الـ56 من معرض القاهرة للكتاب (وزارة الثقافة المصرية)

تحت شعار «اقرأ... في البدء كان الكلمة» تنطلق فعاليات الدورة الـ56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب في 23 من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، بمركز مصر للمعارض الدولية بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة)؛ حيث تحل «سلطنة عُمان» ضيف شرف هذه الدورة، كما وقع الاختيار على اسم الدكتور أحمد مستجير، العالم والأديب المصري، ليكون «شخصية المعرض»، واسم الكاتبة فاطمة المعمول «شخصية معرض كتاب الطفل».

وقال وزير الثقافة، أحمد فؤاد هنو، في مؤتمر صحافي خاص بالمعرض، الأحد، إن «شعار الدورة الجديدة يجمع بين العمق الديني والقيمة الثقافية للمعرفة، مما يجعله رمزاً خالداً للدعوة إلى العلم والتعلم»، معتبراً «اختيار سلطنة عُمان ضيف شرف هذه الدورة، انعكاساً لعمق العلاقات الثقافية والتاريخية بين البلدين الشقيقين، واعترفاً بإسهامات السلطنة المتميزة في إثراء الثقافة العربية والإنسانية»، واصفاً في الوقت نفسه «شخصية المعرض»، الدكتور أحمد مستجير، بأنه «جمع بين عبقرية العلم وجمال الأدب».

جانب من حضور المؤتمر (وزارة الثقافة المصرية)

ويتضمن المعرض هذا العام أكثر من 600 فعالية أدبية وفكرية وفنية يشارك فيها نخبة من المفكرين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى استحداث محاور ثقافية جديدة تواكب تحديات العصر، مثل محور «ترجمة العلوم الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي»، ومحور «الدبلوماسية الثقافية».

ويسعى المعرض إلى مواكبة التطور التكنولوجي، عبر الإعلان عن إطلاق منصة الكتب الإلكترونية بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التي ستتيح بشكل مجاني عدداً من إصدارات قطاعات وزارة الثقافة في مختلف فروع المعرفة، كما سيشهد المعرض بالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام إطلاق أول بودكاست بالمعرض.

وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو خلال المؤتمر الصحافي الخاص بمعرض الكتاب (وزارة الثقافة المصرية)

وتراهن وزارة الثقافة المصرية على الذكاء الاصطناعي في الدورة الجديدة من المعرض، يقول هنو: «الذكاء الاصطناعي ليس فقط أداة حديثة، بل هو شريك مهم يساعدنا في تقديم المعرفة بشكل مبتكر وسهل الوصول، لذلك حرصنا على أن تكون هذه الدورة بمنزلة منصة لإبراز الإمكانات الهائلة للتكنولوجيا في خدمة الثقافة، وذلك من خلال العديد من المحاور، حيث تم إطلاق مشروع (الإجابة الذكية) لتسهيل الوصول إلى المعرفة العلمية المتعلقة بسلسلة (في بحور العلم) للدكتور أحمد مستجير».

في السياق نفسه، تم تدشين «مشروع تلخيص (موسوعة مصر القديمة) للدكتور سليم حسن باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ حيث يتم تقديم التاريخ المصري بأسلوب شائق يُثري تجربة عشاق علم المصريات، ويجعل من هذا التراث إرثاً متاحاً للجميع».

ويُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من بين المعارض العربية الأكثر جماهيرية؛ فقد وصل عدد زوّاره العام الماضي إلى أكثر من 4 ملايين و700 ألف زائر، وفق إدارة المعرض.

وأعلن وزير الثقافة اختيار دولة رومانيا لتكون ضيف شرف الدورة الـ57 لعام 2026، ودولة قطر لتكون ضيف شرف الدورة الـ58 لعام 2027. ووصف الاختيار بأنه تقليد يحدث للمرة الأولى في المعرض.

هنو وعد بتقديم دورة جديدة مميزة من المعرض (وزارة الثقافة المصرية)

ويقام المعرض على مساحة 55 ألف متر مربع، تضم 6 صالات للعرض، وهي المساحة الأكبر منذ انتقال المعرض لمقره الجديد بمركز مصر للمعارض الدولية، ويصل عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والعربية والأجنبية المشاركة إلى 1345 دار نشر، من 80 دولة مختلفة من دول العالم، كما يبلغ عدد العارضين 6150 عارضاً هذا العام، يعرضون تنوعاً غنياً من الإصدارات الأدبية والفكرية. تجدر الإشارة إلى أن وزير الثقافة أعلن خلال المؤتمر عن إطلاق مبادرة «المليون كتاب»، لتعزيز «الوعي الثقافي والمعرفي بين أبناء الوطن».