ذكرت دراسة نُشرت في قاعدة بيانات «كوكرين للمراجعات البحثية المنهجية»، أنه «يمكن الاحتفاظ بالأنسولين في درجة حرارة الغرفة لأشهر من دون أن يفقد فاعليته، ما يوفر الأمل للأشخاص الذين يعانون مرض السكري في المناطق ذات الوصول المحدود إلى الرعاية الصحية أو إمكانات التبريد المطلوبة».
وأظهرت النتائج أنه من الممكن تخزين قوارير وخراطيش غير مفتوحة من أنواع معينة من الأنسولين البشري في درجات حرارة تصل إلى 25 درجة مئوية لمدة أقصاها 6 أشهر، وما يصل إلى 37 درجة مئوية لمدة شهرين حداً أقصى، من دون أي دليل سريري على فقدان الأنسولين فاعليته.
وأجرى الفريق البحثي بقيادة الدكتور بيرند ريختر، من معهد الممارسة العامة بكلية الطب بجامعة «هاينريش هاينه» في دوسلدورف بألمانيا، بحثاً شاملاً للتحقق من استقرار الأنسولين في ظل ظروف تخزين مختلفة.
وحلّلت المراجعة البحثية ما مجموعه 17 دراسة، بما في ذلك التحقيقات المعملية لقوارير الأنسولين، والخراطيش - الأقلام، والمحاقن المعبأة مسبقاً، للبحث عما يدل على فاعلية الأنسولين عند درجات حرارة تتراوح من 4 درجات مئوية إلى 37 درجة مئوية، مع عدم فقدانه نشاطه وفاعليته.
وشدّد ريختر على أهمية الدراسة، خصوصاً بالنسبة إلى المصابين بداء السكري من النوع الأول، إذ «يُعدّ الأنسولين شريان حياتهم، وهو يساعد مرضى السكري من النوع الثاني على التغلّب على المشكلات الصحية الناتجة عن ارتفاع مستويات السكر في الدم»، مؤكداً على «الحاجة الماسة إلى إرشادات واضحة للمصابين بالسكري في الظروف الحياتية الحرجة».
وأضاف: «تفتح دراستنا الباب أمام إمكانات جديدة للأفراد الذين يعيشون في بيئات صعبة، حيث يكون الوصول إلى التبريد محدوداً، ومن خلال فهم الاستقرار الحراري للأنسولين واستكشاف حلول تخزين مبتكرة، يمكننا إحداث تأثير كبير في حياة أولئك الذين يعتمدون على الأنسولين من أجله».
والأنسولين البشري هو هرمون ينتجه الجسم ويساعد على تحويل الطعام إلى طاقة، كما يتولّى عملية ضبط مستويات السكر في الدم. ولا يستطيع المصابون بداء السكري إنتاج ما يكفي منه، ويتعيّن على مرضى السكري من النوع الأول الحقن بالأنسولين مرات في اليوم. ويُعدّ الأنسولين دواءً أساسياً لهم، وتنصّ الإرشادات الحالية على وجوب وضعه في الثلاجة للحفاظ على فاعليته ونشاطه.
لكن بالنسبة إلى الملايين من مرضى السكري الذين يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، فإن الحقيقة القاسية هي أنّ الكهرباء والتبريد من الكماليات التي قد تكون غير متاحة لهم. كما يحتاج السكان في المناطق التي مزّقتها الحروب، والمناطق المعرّضة للكوارث، والمناطق المتضرّرة من تغيّر المناخ، بما في ذلك تلك التي تعاني الحرارة الشديدة، إلى حلول لا تعتمد على الثلاجات العاملة بالطاقة.
ووفق الدراسة، فإنه يمكن لهذه النتائج أن تساعد المجتمعات التي تواجه تحدّيات في تأمين التخزين البارد المستمر للأنسولين، إذ توفر الطمأنينة بأنّ بدائل التبريد الآلي للأنسولين ممكنة من دون المساس باستقرار هذا الدواء الأساسي. وأشارت إلى أنه «إذا لم يكن التبريد الموثوق به ممكناً، فيمكن خفض درجة حرارة الغرفة باستخدام أجهزة تبريد بسيطة، مثل الأواني الفخارية لتخزين الأنسولين».