موسم الزيتون في إيطاليا يتلقّى ضربة مؤلمة

الزراعة تواجه مستقبلاً أكثر غموضاً من أي وقت

موسم الزيتون في إيطاليا يواجه مصيراً مريراً (أ.ف.ب)
موسم الزيتون في إيطاليا يواجه مصيراً مريراً (أ.ف.ب)
TT

موسم الزيتون في إيطاليا يتلقّى ضربة مؤلمة

موسم الزيتون في إيطاليا يواجه مصيراً مريراً (أ.ف.ب)
موسم الزيتون في إيطاليا يواجه مصيراً مريراً (أ.ف.ب)

دمَّرت الأحوال الجوية القاسية التي تُعزَى إلى التغيّر المناخي، موسم الزيتون في وسط إيطاليا، بعدما جرت العادة أن تُحمَّل الأشجار به خلال هذه الفترة من السنة.

وقال المزارع ألان ريسولو (43 عاماً) المتحدّر من سابينا في شمال روما، الشهيرة منذ العصر الروماني ببساتين الزيتون، وتضم أشجاراً يقال إنّ عمرها آلاف السنين؛ وهو يمسك بغصن شجرة لا يحمل سوى عدد قليل من حبات ذابلة من الزيتون الأخضر والأسود: «انخفض الإنتاج بنسبة 80 في المائة».

وأضاف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «منذ سنوات، تعاني أرضنا حقاً من تغيّر المناخ»، مشيراً إلى هطول أمطار غزيرة في مقابل «فترات طويلة من الحرارة تستمر حتى الخريف».

المزارع ألان ريسولو المتحدّر من سابينا في شمال روما (أ.ف.ب)

في العادة، كان ريسولو وعمّاله يرتدون معاطف لموسم حصاد الخريف، عندما يستخدمون الأجهزة الكهربائية لهزّ الأشجار حتى تسقط الثمرة على القماش المشمّع في الأسفل. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، كانوا يجمعون الزيتون وهم يرتدون قمصاناً؛ إذ وصلت الحرارة إلى 29 درجة مئوية. ولم يؤثر خفض الإنتاج في سابينا فحسب، بل في معظم المناطق الوسطى والشمالية من إيطاليا؛ ثاني أكبر منتج لزيت الزيتون في العالم بعد إسبانيا.

ويُقدَّر الإنتاج الوطني هذا العام بـ290 ألف طن، بتراجع من 315 ألف طن في عام 2022، وهو أدنى مستوى في السنوات الأربع الماضية، وفق جمعية «كولديريتي» الزراعية.

مواسم الزيتون تتلقى ضربة مؤلمة في إيطاليا (أ.ف.ب)

عند قطف الزيتون، يذهب ريسولو إلى المعصرة، ليُغسَل مع محاصيل أخرى من المنطقة، ثم يُفرز ويُسحق ليصبح أشبه بمعجون لزج أخضر يُستخرج منه الزيت البكر الثمين.

الرائحة في المكان مميزة، والمعدات على أحدث طراز، لكن كل التكنولوجيا في العالم لا تستطيع استخراج هذا النوع من الزيت إذا لم يعد للزيتون وجود.

وأكد المهندس الزراعي ستيفانو سيفيكا، المسؤول عن مراقبة الجودة في الموقع، ضعف المحصول هذا العام: «للأسف، تغيُّر المناخ يعني أنه في أبريل (نيسان) ومايو (أيار) - شهري التزهير- هطلت أمطار غزيرة جرفت حبوب اللقاح»، ما أعاق الإخصاب وتنمية الزيتون.

هطول أمطار غزيرة في مقابل فترات طويلة من الحرارة يضرب موسم الزيتون (أ.ف.ب)

في مواجهة فصول الصيف الحارة بشكل متزايد والفترات الطويلة من انحباس المطر، تدعو الرابطة الوطنية لمنتجي زيت الزيتون «أونابرول»، إلى خطة وطنية للمساعدة في توفير المياه. تدعم منظمة سيفيكا هذه الفكرة على المستوى المحلي، وتحضّ على إنشاء أحواض لجمع المياه في الشتاء، والتي يمكن إعادة استخدامها بعد ذلك عند حدوث الجفاف.

يتذكر ريسولو أنه في عام 2018، قضى الصقيع على محصوله، لكنه حذّر من أنّ الزراعة تواجه «مستقبلاً أكثر غموضاً من أي وقت مضى؛ لأننا لا نستطيع التنبؤ بدقة بهذه التغيّرات في المناخ».


مقالات ذات صلة

اتّساع نطاق الحرائق في لوس أنجليس... وحصيلة القتلى ترتفع إلى 16

الولايات المتحدة​ عنصرا إطفاء يتابعان حريقاً في باليساديس بلوس أنجليس (رويترز)

اتّساع نطاق الحرائق في لوس أنجليس... وحصيلة القتلى ترتفع إلى 16

اتّسع نطاق الحرائق الكثيرة المستعرة في لوس أنجليس منذ 5 أيام، التي أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 16 قتيلاً، السبت، لتطول مناطق كانت بمنأى من النيران.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
الولايات المتحدة​ براندون رود يساعد زوجته على ارتداء قناع وجه خلال تفقُّدهم الدمار الذي لحق منزلهم جراء حرائق لوس أنجليس (رويترز)

الشرطة: أصدرنا أوامر إخلاء لنحو 153 ألف شخص جراء حرائق لوس أنجليس

قال قائد شرطة لوس أنجليس، اليوم الجمعة، إن أوامر إخلاء صدرت لنحو 153 ألف شخص جراء الحرائق، و166 ألفاً آخرين تلقوا إنذارات للاستعداد.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
علوم أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

أعلن فريق دولي من العلماء أنهم نجحوا في حفر واحدة من أعمق الحفر الجليدية حتى الآن، بعمق ميلين (2.8 كيلومتر) للوصول لطبقة جليدية في القارة القطبية.

«الشرق الأوسط» (روما)
ظواهر جوية حادة أثّرت على مناطق السعودية خلال عام 2024 (الأرصاد)

15 ظاهرة تجسّد واقع التغيرات المناخية في السعودية

كشف المركز السعودي للأرصاد عن 15 ظاهرة جوية حادة أثّرت على مناطق المملكة خلال عام 2024 وتجسّد بوضوح تأثير التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق الفيضانات المدمرة في البرازيل تسببت في مقتل أكثر من 80 شخصاً خلال مايو 2024 (رويترز)

تهجير 40 مليون شخص بسبب كوارث مناخية في 2024

أفادت دراسة دولية بأن عام 2024 شهد درجات حرارة قياسية تسببت في تغييرات جذرية بدورة المياه العالمية، مما أدى إلى فيضانات مدمرة وجفاف شديد في العديد من المناطق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

ببغاوات تقلد الحركات عفوياً مثل البشر

«ببغاوات المكاو زرقاء الحنجرة» تمتلك قدرة فريدة على تقليد الحركات بشكل عفوي (معهد ماكس بلانك)
«ببغاوات المكاو زرقاء الحنجرة» تمتلك قدرة فريدة على تقليد الحركات بشكل عفوي (معهد ماكس بلانك)
TT

ببغاوات تقلد الحركات عفوياً مثل البشر

«ببغاوات المكاو زرقاء الحنجرة» تمتلك قدرة فريدة على تقليد الحركات بشكل عفوي (معهد ماكس بلانك)
«ببغاوات المكاو زرقاء الحنجرة» تمتلك قدرة فريدة على تقليد الحركات بشكل عفوي (معهد ماكس بلانك)

كشفت دراسة ألمانية عن أن «ببغاوات المكاو زرقاء الحنجرة»، تمتلك قدرةً فريدةً على تقليد الحركات غير المرتبطة بأهداف محددة وبشكل عفوي، وهي ظاهرة لم تُلاحظ سابقاً إلا لدى البشر.

وأوضح باحثون من «معهد ماكس بلانك»، في الدراسة التي نُشرت نتائجها الدراسة، يوم الجمعة، في دورية «iScience»، أن هذه الطيور تُظهر قدرةً متقدمةً على تقليد حركات غير مرتبطة بأهداف مباشرة، مما يشير إلى مستوى متطور من التعلم الاجتماعي والذكاء الحركي.

وتُعدّ «ببغاوات المكاو زرقاء الحنجرة» من الأنواع النادرة المهددة بالانقراض، التي تعيش في بوليفيا، حيث يبقى منها أقل من 350 طائراً بالغاً في البرية. وتتميز هذه الببغاوات بجمالها اللافت وذكائها الاستثنائي، مما يجعلها موضوعاً مهماً للأبحاث العلمية، وجهود الحفاظ على التنوع البيولوجي.

وتشتهر الببغاوات بقدراتها المذهلة على تقليد الأصوات البشرية وأصوات الحيوانات الأخرى بدقة، إلا أن الدراسة الجديدة كشفت عن أن «ببغاوات المكاو زرقاء الحنجرة» تمتلك أيضاً قدرةً فريدةً على تقليد الحركات بشكل عفوي، مما يجعلها مشابهةً للبشر في هذا السلوك.

ويمثل تقليد الحركات غير الهادفة أساساً مهماً لتطور الثقافة البشرية، حيث يلعب دوراً في نقل المهارات التقنية والاجتماعية. إذ يعتمد جزء كبير من الثقافة الإنسانية على تقليد الحركات والإيماءات بدقة، مما يعزز الترابط الاجتماعي والسلوكيات التعاونية.

واختبر الباحثون قدرة الببغاوات على تقليد الحركات غير المرتبطة بأهداف محددة، باستخدام إشارات يدوية لتدريبها على أداء حركات مثل «رفع الساق» أو «بسط الأجنحة».

وأظهرت الطيور قدرةً استثنائيةً على تقليد هذه الحركات بشكل تلقائي بعد مشاهدتها ببغاوات أخرى تقوم بها، وهي ظاهرة كانت تُعدّ حصريةً على البشر.

وأشار الباحثون إلى دور نظام الخلايا العصبية المرآتية في هذا السلوك، وهذا النظام عبارة عن مجموعة من الخلايا العصبية في الدماغ تنشط عندما يقوم الإنسان بفعل معين أو يشاهد شخصاً آخر يؤديه. وتلعب هذه الخلايا دوراً محورياً في التعلم بالملاحظة وفهم نوايا الآخرين وتعزيز التعاطف، ويُعتقد أنها تسهم في تطوير مهارات اجتماعية مثل التقليد والتواصل.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة، الدكتورة إيشا هالدير من «معهد ماكس بلانك»: «هذه النتائج تُظهر لأول مرة قدرة كائنات غير بشرية على تقليد الحركات غير الهادفة تلقائياً».

وأضافت عبر موقع المعهد: «على الرغم من أننا لم نثبت وجود خلايا عصبية مرآتية لدى الببغاوات، فإن النتائج تدعم هذا الاحتمال بقوة».

ووفق الباحثين قد يُسهم، التقليد التلقائي في تعزيز الترابط الاجتماعي بين أفراد المجموعة، خصوصاً في مجتمعات الببغاوات التي تتغير فيها تشكيلات المجموعات باستمرار. وخلصوا في الدراسة إلى أن هذه النتائج تدعم جهود إعادة توطين «ببغاوات المكاو زرقاء الحنجرة» في البرية، إذ تُظهر قدرتها على تعلم السلوكيات الطبيعية من أفرادها، مما يزيد من فرص نجاح برامج إعادة التوطين.