كشف الملياردير بيل غيتس، في مذكراته المقبلة «Source Code: My Beginnings» عن اعتقاده بأنه كان ليُشخَّص بالتوحد لو كان من جيل اليوم.
في مقتطف من الكتاب، الذي نُشر في صحيفة «وول ستريت جورنال»، كتب غيتس عن كيف «كافح والداه مع ابنهما المعقد» خلال طفولته في ولاية واشنطن.
وقال: «لو كنت أكبر اليوم، لربما تم تشخيصي على أنني مصاب بالتوحد».
وأضاف: «خلال طفولتي، لم يكن مفهوماً على نطاق واسع أن أدمغة بعض الأشخاص تعالج المعلومات بشكل مختلف عن الآخرين».
ولاحظ غيتس أن مصطلح «الاضطراب العصبي»، والذي يُستخدم على نطاق واسع اليوم، لم يكن قد تمت صياغته بعدُ أثناء نشأته.
وتابع: «لم يكن لدى والديّ أي إرشادات أو كتب مدرسية لمساعدتهما على فهم سبب هوس ابنهما بمشاريع معينة، وتجاهله للإشارات الاجتماعية، وكونه وقحاً وغير لائق من دون أن يلاحظ تأثيره على الآخرين».
وأخبر غيتس كيف قدم له والداه، بيل وماري، «المزيج الدقيق من الدعم والضغط» الذي يحتاجه لتطوير مهاراته الاجتماعية.
وقال: «حتى مع تأثيرهما، كان الجانب الاجتماعي لدي بطيئاً في التطور، وكذلك إدراكي للتأثير الذي يمكن أن أخلفه على الآخرين. لكن هذا يأتي مع التقدم في السن، ومع الخبرة، ومع الأطفال، وأنا أفضل بسبب ذلك».
وأضاف: «أتمنى لو حدث ذلك في وقت أقرب، حتى لو لم أستبدل أي شيء آخر بالدماغ الذي أعطوني إياه».
علامات التوحد
وفقاً لأندي شيه، كبير مسؤولي العلوم في Autism Speaks في مدينة نيويورك، فإن العلامات المميزة للتوحد هي التحديات في مهارات التواصل الاجتماعي والسلوكيات المقيدة والمتكررة.
وأوضح شيه لـ«فوكس نيوز» أن ذلك «قد يبدو مثل تجنب الاتصال البصري، أو تأخر تطور اللغة، أو صعوبة فهم مشاعر الآخرين، أو تكرار الكلمات أو العبارات، أو رفرفة اليدين، أو وجود اهتمامات مكثفة ومحددة للغاية».
من الناحية السلوكية، يمكن أن يتجلى اضطراب طيف التوحد أيضاً على أنه «اعتماد صارم على الروتين، أو التركيز الشديد على مواضيع أو حساسيات حسية محددة»، وفقاً لجوناثان ألبرت، المعالج النفسي في مدينة نيويورك.
ولاحظ ألبرت أن التوحد هو طيف، مما يعني أن الأعراض يمكن أن تختلف بشكل كبير في النوع والشدة.
بعيداً عن الرادار
وأكد ألبرت أن التوحد «لم يكن على رادار الناس» بقدر ما هو عليه اليوم عندما كان غيتس طفلاً.
وقال: «لم يتم التعرف على التوحد أو فهمه على نطاق واسع منذ عقود من الزمان. في ذلك الوقت، كانت معايير التشخيص أضيق بكثير، وكان الوعي محدوداً حتى بين المتخصصين في الرعاية الصحية».
وأشار ألبرت إلى أن ما يُعرف الآن باسم طيف التوحد تم تصنيفه بشكل مختلف أو تم تجاهله تماماً. ونتيجة لذلك، لم يتم تشخيص العديد من الأفراد الذين يستوفون معايير التوحد اليوم.
واتفق شيه على أن تشخيصات التوحد كانت أقل شيوعاً عندما كان غيتس يكبر في الخمسينات والستينات.
وقال لـ«فوكس نيوز»: «تم وصف التوحد لأول مرة من قبل ليو كانر في عام 1943، وبينما نما الوعي ببطء في العقود التالية، لم يتم إدخال اضطراب طيف التوحد في DSM (الدليل التشخيصي المستخدم في الولايات المتحدة) ولم يتم الاعتراف به على نطاق واسع وتشخيصه بمعدلات أعلى إلا في الثمانينات والتسعينات».
أسباب ارتفاع الحالات
أشار شيه إلى أن واحداً من كل 45 بالغاً في الولايات المتحدة يتم تشخيصه بالتوحد -أكثر من أي وقت مضى.
وأشار إلى أن «معدل انتشار التوحد ارتفع بسبب زيادة الوعي العام والمهني بالتوحد، ومعايير التشخيص الأوسع للتوحد، وأدوات الفحص المحسنة مثل قائمة المراجعة المعدلة للتوحد لدى الأطفال الصغار (M - CHAT)، وعمليات الفحص الموحدة».
وأوضح أن «هذه العوامل أدت إلى الكشف المبكر والمزيد من التشخيصات».
بدوره، أشار ألبرت إلى أن الانتشار المتزايد للتوحد هو موضوع مثير للجدال إلى حد كبير. وقال: «من المحتمل أن يُعزى جزء كبير من الزيادة في تشخيصات التوحد إلى تحسن الوعي، ومعايير التشخيص الأوسع، وتحسين الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية».
ومع ذلك، تتم دراسة عوامل أخرى -مثل التعرض البيئي والاستعدادات الوراثية- على أنها مساهمة محتملة.
وحذر ألبرت من أنه «في حين أن من الضروري تحديد ودعم أولئك الذين لديهم تشخيصات شرعية، هناك أيضاً مخاوف من أن الإفراط في التشخيص -والذي قد يتأثر بالاتجاهات المجتمعية أو التفسيرات الخاطئة من قبل المعالجين الأقل خبرة- يمكن أن يقلل من أهمية الحالة ويقوض أولئك الذين يحتاجون حقاً إلى الدعم».