دوما... إنجاز لبناني جديد على الخريطة العالمية

اختيرت أفضل قرية سياحية ضمن منافسة شملت 60 دولة

دوما أفضل القرى السياحية في العالم (إنستغرام البلدة)
دوما أفضل القرى السياحية في العالم (إنستغرام البلدة)
TT

دوما... إنجاز لبناني جديد على الخريطة العالمية

دوما أفضل القرى السياحية في العالم (إنستغرام البلدة)
دوما أفضل القرى السياحية في العالم (إنستغرام البلدة)

صمَّم أهالي قرية دوما البترونية على بلوغ أهداف بيئية واجتماعية من شأنها وَضْع بلدتهم على الخريطة السياحية العالمية. بعد سنوات من الاجتهاد والعمل المضني، حقّقوا أمنيتهم، إذ أعلنت الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية، مؤخراً، عن فوز هذه القرية اللبنانية البديعة بلقب إحدى أفضل القرى السياحية في العالم.

التحدّي خاضته البلدة الشمالية مع 54 قرية أخرى من 60 دولة. ومن مدينة سمرقند في أوزبكستان، حيث انعقدت الجمعية، أُعلن فوزها.

يتحدّث رئيس بلدية دوما الطبيب أسد عيسى عن أسباب كثيرة أدّت إلى هذه النتيجة، أهمها أنّ البلدة تملك جميع المقوّمات السياحية التي يتطلّبها الفوز. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «جمال الطبيعة والبيوت التراثية الأصيلة والموقع الجغرافي وغيرها... ميزات أسهمت في تحقيق الحلم».

قرية دوما اللبنانية البديعة تنال لقباً عالمياً (إنستغرام البلدة)

لم يتأكد عيسى من انتزاع هذه النتيجة عالمياً. فالمنافسة احتدمت بين دوما وقرى من 60 دولة. دول أميركا اللاتينية وأوروبا وغيرها من دول غربية وآسيوية، شاركت في التحدّي، من بينها الصين التي فازت باللقب عينه عن 3 قرى لديها. يوضح: «أعددنا ملفاً شاملاً عن دوما أدرجنا فيه كل المقوّمات المُساعِدة على الفوز. توقّعناه، لكن نسبة التفاؤل لم تتجاوز الـ60 في المائة. سُررنا عند إعلان النتيجة، فدوما تستحق».

رشّحت وزارة السياحة اللبنانية دوما لنيل اللقب، ضمن ملف شامل و«مُحكم»، وفق رئيس البلدية. لذا كان الأمل كبيراً. يتابع: «قرى جميلة أخرى رُشّحت للقب من دول عربية وغربية، ولم يحالفها الحظ، فالملف الذي قدّمته لم يخدمها. صوّبنا على دوما التراث والجمال والبيئة، وأرفقنا بالملف 1600 صورة فوتوغرافية عنها، فتعرّفت الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية إليها من كثب، وكوّنت فكرة واضحة عن أهميتها، فنجحنا في الامتحان».

تقع دوما في أعالي قضاء البترون وترتفع ما بين 950 متراً و1800 متر عن سطح البحر، وتمتد على مساحة مقدارها 1100 هكتار، متّكئة على منخفض جبلي ومحاطة من جوانبها الثلاثة بالقمم والأودية. تنفتح على سهل كفرحلدا الفريد الذي كوّنته الزلازل، وتبعد 42 كيلومتراً عن مدينة جبيل ونحو 75 كيلومتراً عن بيروت على نقطة بين 3 أقضية؛ هي البترون والكورة وبيبلوس. تنتشر فيها أشجار التفاح والكرز وحقول الزيتون وتشتهر بإنتاجات مختلفة. فإلى زيت الزيتون والطحينة، تُعرف بصناعة راحة الحلقوم.

يعدّد عيسى ميزاتها: «تحتضن سياحة دينية غنية تتألف من 14 كنيسة و5 أديرة تعود إلى قرون سابقة. إضافة إلى 30 مَعْلماً تراثياً، تُعرف ببيوتها التراثية المغطاة بالقرميد. وهي نموذج حي عن منازل لبنان التراثية الأصيلة، فيها 17 جمعية ناشطة، وحافظت عبر الزمن على تراثها وثقافتها وملامحها العمرانية».

سوق دوما عند المساء (إنستغرام البلدة)

تسهم «مهرجانات دوما الدولية» في الإضاءة على أهمية البلدة من نواحٍ عدة، وهي تُنظَم منذ عام 1995 بمحتوى ثقافي وفني واجتماعي لفت انتباه العالم. تقول رئيسة هذه المهرجانات حياة شلهوب لـ«الشرق الأوسط»: «منذ انطلاقها، ونحن نعمل على إبراز تراثنا اللبناني العريق، فيقصدها اللبنانيون من كل صوب، ويغرفون من جمالها. أسواقها القديمة وحاراتها الفوقى والتحتا وحارة الوادي، تعج بالنشاطات الثقافية. نحرص دائماً على إبراز تراثنا الحرفي وجمال قريتنا للفت الأنظار إليها».

تُعدّ سوق دوما من الأقدم في البترون؛ فيها دكاكين وحوانيت صغيرة، بعضها يبيع المونة والحرفيات. «إننا بصدد ترميم هذه السوق ونتوقّع انتهاء الأعمال مع أوائل الربيع»، تقول شلهوب، وتتابع: «السوق بقيت على حالها منذ تأسيسها، وهي تضمّ (سينما دوما) ومقاهيَ صغيرة تحتفظ بنفحتها التراثية أباً عن جد».

في دوما أيضاً متاحف وعيون مياه ومسارات خاصة برياضة المشي. أسهم تنظيمها المدني بمساعدة الدكتور رشيد شمعون في الحفاظ على بيوتها المغطاة بالقرميد. توضح شلهوب: «لا عمارات في دوما بل بيوت من طبقتين أو ثلاث، جميعها مغطاة بالقرميد، ما يميّزها بمشهدية سياحية لا تشبه سواها. تشتهر دوما بإنتاجاتها الصناعية، من غذائية ومونة وحرف يدوية. فيها عيون مياه ومعالم أثرية. وتتميّز ببيئة سليمة، لا سيما أنها تواكب عصر الإنارة الحديث من خلال 600 صفيحة خاصة بتوليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية».

موقع أثري في دوما (إنستغرام البلدة)

إضافة إلى ناديها العريق، أسّست دوما طبقة في داخله تُعرَف بـ«بيت الشباب»، مُتّبعة المفاهيم والمبادئ العالمية. وهو مركز يضج بالحياة والنشاطات الشبابية، ومكان منامة ينطلقون منه نحو نشاطات عدة.

تمتاز دوما أيضاً بالفنادق وبيوت الضيافة، أهمها «بيت دوما». تشرح شلهوب: «أطلقه كمال الذوقي صاحب مفهوم مطعم (طاولة) التراثي العريق. كما أنّ بيوت ضيافة كثيرة أخرى نجدها في دوما، من بينها بيت لميشال إسحق، وهو قبو قديم تتفرّع منه 4 غرف للإقامة القروية الأصيلة؛ إلى (ديوان البيت) و(كازا سكاف) وغيرها».

فوز دوما يخوّلها أن تصبح عنواناً سياحياً مشهوراً من لبنان، لتضعه مرة جديدة على خريطة السياحة العالمية، بعد مدينة جبيل التي نالت عام 2016 لقب «العاصمة العربية السياحية» من الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية. كذلك الأمر بالنسبة إلى بلدة بكاسين الجنوبية التي حازت اللقب عينه عام 2022.


مقالات ذات صلة

مصر: البحث عن مفقودين في غرق مركب سياحي

شمال افريقيا ناجون من غرق المركب في مقهى بمرسى علم أمس (أ.ب)

مصر: البحث عن مفقودين في غرق مركب سياحي

عملت فرق الإنقاذ المصرية، على مدار الساعة، على إنقاذ العدد الأكبر من 45 شخصاً كانوا على متن «لنش» سياحي، تعرض للغرق بمنطقة سطايح شمال مدينة «مرسى علم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اللنش السياحي «سي ستوري» (محافظة البحر الأحمر - فيسبوك)

إنقاذ 28 شخصاً والبحث عن 17 آخرين بعد غرق مركب سياحي في مصر

أفادت وسائل إعلام مصرية، اليوم (الاثنين)، بغرق أحد اللنشات السياحية بأحد مناطق الشعاب المرجانية بمرسي علم بالبحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق ستقدم للزوار رحلة فريدة لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة (منصة ويبوك)

تركي آل الشيخ و«براذرز ديسكفري» يكشفان عن «هاري بوتر: مغامرة موسم الرياض»

في حدث يجمع المتعة والإثارة، سيكون زوار موسم الرياض 2024 على موعد لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة «هاري بوتر: موسم الرياض».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

هولندي يروّج للسياحة المصرية بالتجديف في النيل لمدة أسبوع

دشن المجدف الهولندي المحترف، روب فان دير آر، مشروع «التجديف من أجل مصر 2024»، بهدف الترويج لمنتج السياحة الرياضية المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
سفر وسياحة قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات وفاقت شهرتها حدود البلاد

محمد عجم (القاهرة)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
TT

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

تُثابر أليس مغبغب منظمة مهرجان «بيروت للأفلام الفنية» (باف) على تجاوز أي مصاعب تواجهها لتنظيم هذا الحدث السنوي، فترفض الاستسلام أمام أوضاع مضطربة ونشوب حرب في لبنان. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «علينا الانتصاب دائماً ومواجهة كل من يرغب في تشويه لبنان الثقافة. نعلو فوق جراحنا ونسير بثباتٍ للحفاظ على نبض وطن عُرف بمنارة الشرق. كان علينا أن نتحرّك وننفض عنّا غبار الحرب. ندرك أن مهمتنا صعبة، ولكننا لن نستسلم ما دمنا نتنفس».

الصورة وأهميتها في معرض العراقي لطيف الآني (المهرجان)

انطلقت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي فعاليات مهرجان «بيروت للأفلام الفنية»، ويحمل في نسخته العاشرة عنوان «أوقفوا الحرب»، وتستمر لغاية 6 ديسمبر (كانون الأول). يعرض المهرجان 25 فيلماً، ويقيم معرض صور فوتوغرافية. ويأتي هذا الحدث بالتوازي مع الذكرى الـ50 للحرب الأهلية اللبنانية، وتجري عروضه في المكتبة الشرقية في بيروت.

وتتابع مغبغب: «رغبنا في لعب دورنا على أكمل وجه. صحيح أن كل شيء حولنا يتكسّر ويُدمّر بفعل حرب قاسية، بيد أننا قررنا المواجهة والمقاومة على طريقتنا».

تقع أهمية النسخة الـ10 بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية. ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها. فأُطلق في 25 نوفمبر معرض هادي زكاك عن صالات السينما في مدينة طرابلس، يحمل عنوان «سينما طرابلس والذاكرة الجماعية»، وذلك في المكتبة الشرقية في العاصمة بيروت. ويسلّط المعرض الضوء على هذه المدينة الثقافية بأسلوبه. كما عرض المهرجان في اليوم نفسه الوثائقي «أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي. وقد نال عنه مؤخراً جائزة لجنة التحكيم الكبرى في الدورة الـ24 لمهرجان السينما الأثرية (FICAB) في مدينة بيداسوا الإسبانية.

يُختتم المهرجان بالفيلم اللبناني «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»

وفي السابعة مساءً، اختُتم أول أيام الافتتاح بعرض المهرجان لفيلم هادي زكاك «سيلّما»، ويوثّق فيه سيرة صالات السينما في طرابلس، يومَ كانت السينما نجمة شعبيّة في المدينة الشماليّة.

وكما بداية المهرجان كذلك ختامه يحمل النفحة اللبنانية، فيعرض في 6 ديسمبر (كانون الأول) فيلم فيروز سرحال «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»، وذلك في الذكرى الـ30 لرحيله. في الفيلم زيارة أماكن عدّة شهدت على حياة بغدادي وأعماله، والتقاء بالمقربين منه لتمضية يوم كامل معهم في بيروت، حيث يسترجعون مسيرة بغدادي المهنية في ذكريات وصور.

وتشير مغبغب، في سياق حديثها، إلى أن المهرجان ولّد حالة سينمائية استقطبت على مدى نسخاته العشر صنّاع أفلام عرب وأجانب. وتضيف: «تكثر حالياً الإنتاجات الوثائقية السينمائية. في الماضي كانت تقتصر على إنتاجات تلفزيونية، توسّعت اليوم وصار مهرجان (باف) خير عنوان لعرضها».

فيلم فؤاد خوري يُوثّق الحرب اللبنانية (المهرجان)

ومن النشاطات التي تصبّ في تعزيز الصورة الفوتوغرافية أيضاً، معرضٌ للعراقي لطيف الآني، يحكي قصة العراق منذ 50 سنة ماضية، ينقل معالمه ويومياته كما لم نعرفها من قبل. وتعلّق مغبغب: «أهمية الصورة الفوتوغرافية تأتي من حفاظها على الذاكرة. ولذلك سنشاهد أيضاً فيلم فؤاد خوري عن ذاكرة الحرب اللبنانية».

ويغوص فيلم خوري في مسار هذا الفنان الذي أخذ دور موثّق الحرب، والشاهد على النّزاعات في الشرق الأوسط.

مغبغب التي تأمل بأن تجول بالمهرجان في مناطق لبنانية بينها بعلبك وصور، تقول: «الناس متعطشة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الموضوعات الفنية. إنها تشكّل لهم متنفساً ليتخلصوا من همومهم ولو لبرهة. وهذه الأفلام الواقعية والموثقة بكاميرات مخرجين كُثر، تجذبهم بموضوعاتها الاجتماعية والجمالية».

تقول أليس مغبغب إن عملها في المهرجان كشف لها عدد أصدقاء لبنان من دول أجنبية وعربية. ولذلك نتابع عروضاً لأفلام أجنبية من بينها مشاركة من إنجلترا بعد غياب عن المهرجان لـ4 سنوات. وسيُعرض بالمناسبة «الرجل المقاوم» و«شكسبيرز ماكبث» ثاني أيام المهرجان في 26 نوفمبر.

ويُخصّص «بيروت للأفلام الفنية» أيام عرضٍ خاصة ببلدان أجنبية، من بينها الإيطالي والبلجيكي والسويسري والبرازيلي والإسباني والألماني.

«أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي (المهرجان)

ويبرز فيلما «لاماتوري» و«أخضر على رمادي» للإيطاليين ماريا موتي وإميليا أمباسز في المهرجان. وفي ذكرى مئوية الفن السوريالي تشارك إسبانيا من خلال المخرجَين بالوما زاباتا وكانتين ديبيو، فيُعرض «لا سينغالا» و«دالي»، ويُعدّ هذا الأخير من أهم الأفلام الوثائقية عن الفنان الإسباني الراحل والشهير.

وفي 5 ديسمبر (كانون الأول) سيُعرض فيلم خاص بالمكتبة الشرقية مستضيفة المهرجان. وتوضح مغبغب: «عنوانه (المكتبة الشرقية إن حكت) من إخراج بهيج حجيج، ويتناول عرَاقة هذه المكتبة وما تحويه من كنوز ثقافية».

ومن الأفلام الأجنبية الأخرى المعروضة «إيما بوفاري» وهو من إنتاج ألماني، ويتضمن عرض باليه للألماني كريستيان سبوك مصمم الرقص الشهير، وهو يقود فرقة «ستانس باليه» المعروفة في برلين.

وفي فيلم «جاكوميتي» للسويسرية سوزانا فانزون تتساءل هل يمكن لمكانٍ ما أن يكون مصدر موهبة عائلة بأسرها. وتحت عنوان «من الخيط إلى الحبكة» يتناول مخرجه البلجيكي جوليان ديفو، فنّ النّسيج وما تبقّى منه حتى اليوم، فينقلنا إلى مصانع بروكسل وغوبلان مروراً بغوادا لاخارا في المكسيك.