حرب غزة تُربك مواعيد مهرجانات سينمائية وغنائية مصرية

بعد إعلان «الموسيقى العربية» و«الجونة» تأجيل انطلاقهما

بوستر مهرجان الجونة
بوستر مهرجان الجونة
TT

حرب غزة تُربك مواعيد مهرجانات سينمائية وغنائية مصرية

بوستر مهرجان الجونة
بوستر مهرجان الجونة

ألقت الحرب على غزة بظلالها على مهرجانات فنية مصرية، اضطرتها الظروف الراهنة لتأجيل فعالياتها، وأربكت مواعيدها. فبعد أن أعلن مهرجان الجونة السينمائي، الأسبوع الماضي، تأجيل دورته السادسة، التي كان مقرراً عقدها في 13 أكتوبر (تشرين الأول)، لتقام في الـ27 من الشهر نفسه؛ صدر (الأحد) قرار وزيرة الثقافة المصرية، الدكتورة نيفين الكيلاني، تأجيل فعاليات الدورة الـ32 لـ«مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية» الذي تنظمه دار الأوبرا المصرية، وكان مقرراً إطلاقه في 24 أكتوبر الحالي.

نجيب وسميح ساويرس ويسرا مع فريق عمل مهرجان الجونة (إدارة المهرجان)

كان خالد داغر رئيس دار الأوبرا، ورئيس المهرجان، المايسترو هاني فرحات، عقدا مؤتمراً صحافياً الأسبوع الماضي كشفا فيه عن تفاصيل دورته الـ32، ومن ثَمّ أصدرت وزارة الثقافة بياناً أعلنت فيه التأجيل من دون تحديد موعد جديد للمهرجان.

وأثارت واقعتا التأجيل مخاوف لدَى البعض من أن يمتد الأمر لمهرجانات سينمائية وغنائية مقبلة، وفي مقدمتها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي يستعد لعقد دورته الـ45 بعد شهر من الآن (15-24 نوفمبر/ تشرين الثاني).

فهمي ورمسيس مع المخرج يسري نصر الله

من جانبه، استبعد الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، فكرة التأجيل، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنهم يعملون بكل جهدهم لإقامة الدورة الـ45 في موعدها، وتابع: «مسألة التأجيل ليست في حساباتي»، موضحاً أنهم مستمرون في خطتهم لإقامة المهرجان في موعده؛ لكونه مهرجاناً دولياً يمثل الدولة، وشدّد على ضرورة إقامته في توقيته المحدد.

وأشار فهمي إلى دورة «القاهرة السينمائي» خلال رئاسته الأولى له، قائلاً: «سبق أن خضنا هذه التجربة في دورة المهرجان عام 2000، التي واكبت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وشهدت سقوط (الشهيد) محمد الدرة برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي»، مذكّراً بأنه «كانت هناك مطالبات بإلغاء المهرجان»، وتابع: «لكننا أصررنا على إقامته وقدمنا دورة قوية».

حسين فهمي وأمير رمسيس يكرمان بيلاتار في حفل الدورة الماضية لمهرجان القاهرة (إدارة المهرجان)

وكان مهرجان القاهرة السينمائي عام 2000 قد تضمّن حلقة بحثية عن «السينما الفلسطينية»، بمشاركة صناع أفلام فلسطينيين وعرب، وحققت تلك الدورة «صدى دولياً»، لما شهدته من تكريم النجمة الإيطالية صوفيا لورين.

ومن المقرر أن تشهد الدورة المقبلة العرض الأول في الشرق الأوسط للفيلم الفلسطيني «بيت في القدس»، للمخرج مؤيد عليان، ضمن عروض منتصف الليل. كما يشارك الفيلم الفلسطيني «غنّينا قصيدة»، من إخراج لاني سكاب، ضمن المسابقة الدّولية للأفلام القصيرة، ويشارك الفيلم الوثائقي «الوعود الثلاثة» للمخرج الفلسطيني يوسف السروجي، ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية، وهي مشاركات تقرّرت من قبل حرب غزة، حسب إدارة المهرجان، التي قرّرت أيضاً عرض النسخة المرممة لفيلم «باب الشمس» في إطار تكريم المخرج يسري نصر الله، بعد عرضها الأول في مهرجان «لوكارنو» السينمائي، أغسطس (آب) الماضي.

افتتاح مهرجان الموسيقى العربية الماضي احتفل بمئوية ميلاد الموسيقار علي إسماعيل (إدارة المهرجان)

ويرى المخرج مجدي أحمد علي، أن النظر للمهرجانات السينمائية بصفتها نشاطاً ترفيهياً ليس دقيقاً، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن المهرجانات السينمائية، وعلى رأسها مهرجان «القاهرة السينمائي»، تمثل نشاطاً ثقافياً جاداً ومهماً، مضيفاً أن تأجيلها ليس له معنى.

المايسترو هاني فرحات (إدارة المهرجان)

وكشف «القاهرة السينمائي» في بيان أصدره (الأحد) عن اختيار 15 مشروعاً من 8 دول عربية في «ملتقى القاهرة السينمائي»، ضمن النسخة العاشرة من أيام القاهرة لصناعة السينما.

واعترض الناقد أسامة عبد الفتاح، على ما عدّه «نظرة دونية» يوجهها البعض للمهرجانات الفنية والسينمائية، وأشار إلى أن هناك من يعدونها «تهريجاً ورفاهية»، عادّاً أن مهرجانات السينما تمثل نشاطاً ثقافياً جاداً وهادفاً.

وقال عبد الفتاح لـ«الشرق الأوسط» إنه في ظل الحرب على غزة من الممكن إلغاء جميع المظاهر الاحتفالية، والاقتصار على إقامة فعاليات المهرجان من عروض ومحاضرات وورش عمل ومشروعات دعم السينمائيين، لافتاً إلى أن هذه الأنشطة ينتظرها صناع الأفلام كل عام.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تقر لأول مرة بمسؤوليتها عن اغتيال إسماعيل هنية في طهران

شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (إ.ب.أ)

إسرائيل تقر لأول مرة بمسؤوليتها عن اغتيال إسماعيل هنية في طهران

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن بلاده اغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في الصيف الماضي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية بقطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي ينشئ منتجعات لجنوده في غزة ومفاعلاً لتحلية مياه البحر

أنشأ الجيش الإسرائيلي 3 منتجعات لجنوده في مواقع عدة له بقطاع غزة، مما يدل على أنه يعمل ليبقى هناك مدة طويلة إذا احتاج الأمر.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد عناصرها فجّر نفسه بقوة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان يحرسان معبراً في غزة الخميس (أ.ب)

جنود إسرائيليون يعترفون: قتلنا أطفالاً فلسطينيين ليسوا إرهابيين

تحقيق صحافي نشرته صحيفة «هآرتس»، الخميس، جاء فيه أن قوات الاحتلال المرابطة على محور «نتساريم»، رسموا خطاً واهياً، وقرروا حكم الموت على كل من يجتازه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«عبده وسنية» يراهن على نوستالجيا «الأبيض والأسود» والسينما الصامتة

إنجي الجمال في مشهد داخل القرية (الشركة المنتجة)
إنجي الجمال في مشهد داخل القرية (الشركة المنتجة)
TT

«عبده وسنية» يراهن على نوستالجيا «الأبيض والأسود» والسينما الصامتة

إنجي الجمال في مشهد داخل القرية (الشركة المنتجة)
إنجي الجمال في مشهد داخل القرية (الشركة المنتجة)

يترقّب المخرج المصري الأميركي عمر بكري عرض فيلمه الأول «عبده وسنية»، متمنياً أن يحوز إعجاب الجمهور في العرض العام، لا سيما بعد الاستقبال اللافت الذي حظي به الفيلم عند عرضه بمهرجان «البحر الأحمر السينمائي» ضمن قسم «روائع عربية»، مؤكداً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الفيلم يعد «نوستالجيا» لزمن السينما الصامتة وأفلام «الأبيض والأسود»، كاشفا عن أنه استغرق 7 سنوات حتى يرى النور.

ويعود الفيلم إلى أجواء السينما الصامتة «دون حوار منطوق»، كما تم تنفيذه بتقنية «الأبيض والأسود»، فيما يمثل محاولة لإحياء زمن أفلام «شارلي شابلن»؛ ليثير تساؤلات حول اختيار المخرج هذا التوجه في أول أفلامه الطويلة.

ويروي الفيلم لمحات مؤثرة من حياة زوجين يعيشان حياة عادية بقريتهما في ريف مصر، لكن تؤرق حياتهما مشكلة عدم الإنجاب، خاصة في ظل ترقّب والدي الزوج حفيداً من ابنهما، وضيق الأم كعادة أهل الريف لعدم إنجابهما، يسافر الزوجان إلى القاهرة وتنصح الطبيبة الزوج بإجراء تحليلات لأن زوجته لا تعاني من شيء، غير أنه يستنكف هذا الأمر، ويقرر وزوجته السفر لأميركا بحثاً عن حل لمشكلتهما.

ويتسبب عدم معرفتهما القراءة والكتابة وعدم إجادتهما اللغة الإنجليزية في وقوعهما فريسة لمشكلات عدة؛ حيث يواجهان التشرد والضياع، لكنهما يتحديان كل الظروف ويعملان في المطاعم وأعمال النظافة سعياً وراء حلمهما.

عبده وسنية في حالة انبهار لدى وصولهما لأميركا (الشركة المنتجة)

ويؤدي مخرج الفيلم شخصية «عبده» بينما تؤدي زوجته الفنانة إنجي الجمال شخصية «سنية» ويشارك في بطولته ممثلون أميركيون، من بينهم روجر هندريكس وسيمون ومارلين فيلافان.

ويعتمد المخرج على أداء الممثلين ويشرح بعض الأحداث بعبارات مدونة على الشاشة، وتلعب الموسيقى دوراً لافتاً لأهميتها في التعبير عن مواقف درامية، وقد اعتمد الفيلم مزيجاً من الموسيقى الشرقية والغربية، وتم تصوير مشاهده بين كل من مصر وأميركا.

وكشف المخرج عمر بكري عن أسباب تقديم فيلمه الطويل الأول صامتاً وبتقنية «الأبيض والأسود»، قائلاً: «نشأت منذ طفولتي على أفلام شارلي شابلن وحينما درست السينما وشاهدت أفلام (الحركة الألماني التشكيلية)، وتعرضت لمخرجين آخرين مثل باستر كيتون الذي كان له تأثير كبير عليّ، كان هناك جزء يُلح عليّ بإعادة السينما الصامتة لأن عدم وجود حوار بالفيلم يجعل المخرج أكثر إبداعاً، فالفيلم صورة بالأساس تعتمد على العناصر الفنية المختلفة من أداء وتصوير وغيرهما، كما أن الموسيقى تخلق طابعاً سحرياً للفيلم».

وأشار إلى أن تقنية «الأبيض والأسود» تثير «نوستالجيا» لدي شخصياً ولدى جمهور كبير، ورأيت فيها تجربة جميلة لا تتعرض لها السينما العربية؛ مما دفعني إلى إعادة الجمهور إلى أجواء السينما الصامتة قبل ظهور الصوت فيها.

وكان لا بد لفكرة الفيلم أن تلائم اختيارات المخرج للإطار الفني الذي قدمه وقد وجدها في مشاهداته بأميركا التي تفد إليها جنسيات كثيرة من نوعية بطلي الفيلم اللذين ليست لديهما دراية بطبيعة الحياة ولا قدرات خاصة تؤهلهما للعمل فيجدان مشقة كبيرة، حسبما يقول بكري: «هؤلاء موجودون بكثرة في أميركا ويتجهون للعمل في المطابخ أو أعمال النظافة، وهي مهن لا تتطلب أن يصدروا أصواتاً في عملهم، لذا كان موضوع الفيلم ملائماً ليكون صامتاً».

ويلفت بكري إلى أنه عاش ظروفاً قاسية في بداية هجرته إلى الولايات المتحدة، موضحا: «سافرت منذ 17 عاماً وبدأت حياتي من الصفر وقد عشت فترة قاسية، لكن ما عانيته لا يقارن بما يعيشه هؤلاء البسطاء».

المخرج عمر بكري خلال مشاركته بمهرجان البحر الأحمر (الشرق الأوسط)

ويتضمن الفيلم مشهداً واحداً بالألوان، ويبرر المخرج ذلك بأن بطلي الفيلم حين تأقلما مع طبيعة الحياة بأميركا كان هذا المشهد بالألوان الذي يعبر عن بداية فهمهما للأمور، ويشير بكري إلى أن تصوير أفلام «الأبيض والأسود» أصعب في تنفيذها من تقنية الألوان.

وحول كيفية تهيئة الممثلين للأداء الصامت، يقول إن «التركيز كان بالأساس على لغة الجسد وتحديداً على تعبيرات الوجه وحركة اليدين، فنحن الشرقيين نستخدم أيدينا كثيراً حين نتحدث، وقد خضنا تدريبات على الأداء بالطبع، كما أنني أعمل مع ممثلين محترفين، فزوجتي ممثلة تعمل في أميركا منذ سنوات وشاركت في مسلسلات أميركية ولها أعمال مسرحية، كما أن الفنان روجر هندريكس لديه استديو لتدريب الممثلين».

وأخرج بكري أفلاماً قصيرة خلال دراسته للفنون الجميلة بالقاهرة وقد تأثر فيها بعمله فناناً تشكيلياً. وواجه المخرج أزمة في تمويل الفيلم يرويها قائلاً: «استغرق الفيلم 7 سنوات حتى يرى النور، في البداية صورنا عدداً من المشاهد بأميركا وحصلنا على دعم من بعض المؤسسات لكنه لم يكن كافياً، ثم صورنا مشاهد في مصر وعرضتها على المنتج محمد حفظي، لكن العمل لم يكن واضحاً له، وحينما صورنا قدراً أكبر اتضحت معالم الفيلم أمامه وشجعني على استكماله، وتحمس لمشاركتنا الإنتاج».

من وقت لآخر يدفع الحنين لتجارب سينمائية مغايرة، وقد فعلها المخرج الفرنسي ميشال هازنافيسيوس حين قدّم تجربة سينمائية مهمة من خلال فيلمه البديع (The Artist) 2011 الذي قدمه بوصفه فيلماً صامتاً «أبيض وأسود»، ودارت أحداثه عام 1927 وقد حاز 5 جوائز أوسكار. ويقول المخرج عمر بكري إن «(عبده وسنية) تدور أحداثه في الزمن الحالي»، مؤكداً أنه سيواصل مشواره السينمائي في مسار التعبير عن الجاليات العربية بالولايات المتحدة.