مصر... اكتشاف جبانة كهنة «الدولة الحديثة» في المنيا

ضمت تابوتين لابنة «عظيم الخمسة» و«منشدة جحوتي»

أوانٍ كانوبية (الشرق الأوسط)
أوانٍ كانوبية (الشرق الأوسط)
TT

مصر... اكتشاف جبانة كهنة «الدولة الحديثة» في المنيا

أوانٍ كانوبية (الشرق الأوسط)
أوانٍ كانوبية (الشرق الأوسط)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، (الأحد)، اكتشاف جبانة أثرية تعود لعصر الدولة الحديثة للمرة الأولى بمنطقة الغريفة الأثرية في تونا الجبل، بمحافظة المنيا (جنوب القاهرة)، ضمت لقى أثرية وتوابيت خشبية لـ«منشدة الإله جحوتي»، وابنة الكاهن «عظيم الخمسة».

مومياء ناني (الشرق الأوسط)

وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، في مؤتمر صحافي، إن «البعثة الأثرية المصرية العاملة بالمنطقة عثرت على جبانة لكبار موظفي وكهنة الدولة الحديثة، تضم مقابر عدة منحوتة في الصخر وبداخلها عدد من اللقى الأثرية». وأوضح وزيري أن «هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها العثور على جبانة الدولة الحديثة بالإقليم الخامس عشر من أقاليم مصر العليا». وبينما عثر في هذا الإقليم خلال الفترات السابقة على جبانات تعود لفترة الدولة القديمة وعصر الانتقال الأول، والدولة الوسطى شرق نهر النيل في منطقة الشيخ سعيد، ودير البرشا، لم يكن موقع جبانة عصر الدولة الحديثة والعصر المتأخر معروفاً.

مومياء تا دي إيست (الشرق الأوسط)

بدوره قال الدكتور ميسرة عبد الله، أستاذ الآثار المصرية، لـ«الشرق الأوسط» إن «النصوص القديمة كانت تقول إن المنطقة تضم جبانة الإله جحوتي، من الدولة الحديثة، لكن الحفائر بمنطقة تونا الجبل، على بعد 5 كيلومترات جنوب الغريفة، كشفت عن جبانة للحيوانات المقدسة، وكبار رجال الدولة من العصر البطلمي، في حين ظلت جبانة الدولة الحديثة مجهولة، لذلك بدأت الحفائر الأثرية بحثاً عنها». ويعود تاريخ حفائر البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار في منطقة الغريفة إلى عام 2017، بهدف البحث عن موقع جبانة الإقليم الخامس عشر خلال عصر الدولة الحديثة.

تماثيل أوشابتي (الشرق الأوسط)

وأوضح وزيري أن «الشواهد الأثرية أشارت إلى أن جزءاً من هذه الجبانة المكتشفة أخيراً أعيد استخدامه في العصور المتأخرة». وعثرت البعثة على تمائم وحلي وتوابيت حجرية وخشبية بها مومياوات، إضافة إلى مجموعة من تماثيل الأوشابتى من الفخار والخشب لبعض كبار الموظفين مثل «جحوتي مس»، الذي يحمل لقب المشرف على ثيران معبد آمون.

بعض اللقى الأثرية المكتشفة (الشرق الأوسط)

وتضمن الكشف العثور على تابوتين الأول لسيدة تحمل اسم «ناني»، وكانت تلقب بـ«منشدة الإله جحوتي»، والثاني تابوت خشبي منقوش وملون، وهو لسيدة أيضاً وتدعى تا دي إيست «بنت إيرت حرو» كبير كهنة جحوتي بالأشمونين، وكان والدها يحمل لقب «عظيم الخمسة»، وهو لقب «مهم يخص كهنة تحوت في تلك الفترة» بحسب وزيري.

وعثرت البعثة بجانب تابوت «تا دي إيست» على صندوقين من الخشب يحويان الأواني الكانوبية الخاصة بها، بالإضافة إلى مجموعة كاملة من تماثيل الأوشابتي وتمثال الإله بتاح سوكر.

وقال وزيري إنه «للمرة الأولى تشهد منطقة الغريفة العثور على لفافة بها بردية كاملة بحالة جيدة من الحفظ». وأوضح أن الدراسات الأولية أشارت إلى أن طولها يبلغ ما بين 13 و15 متراً تقريباً، وتضم نصوصاً من «كتاب الموتى»، مشيراً إلى أنه «من المقرر عرضها في المتحف المصري الكبير».

جزء من البردية المكتشفة

واستخدمت منطقة الغريفة كجبانة لدفن الموتى في العصر المتأخر بدءاً من الأسرة 26 وحتى العصر البطلمي، ويعود تاريخ الحفائر بها إلى عام 1925، وعلى مدار تاريخها تعرضت للسرقات، مما دفع وزارة الآثار لبدء حفائر إنقاذ عامي 2002 و2003، قبل أن تضمها رسمياً لأملاك الآثار عام 2004.

وأوضح ميسرة أن «منطقة الغريفة من أهم المواقع الأثرية المستحدثة، حيث لم تكن على خرائط الآثار القديمة، ولم تقم بها حفائر كبيرة»، مشيراً إلى أنها «منطقة بكر بعيدة عن العمران، ولم يكن أحد يتوقع العثور على آثار بها».

بعض الأواني الكانوبية (الشرق الأوسط)

وخلال المواسم الأثرية السابقة منذ عام تمكنت البعثة العاملة بالمنطقة من العثور على جبانة العصر المتأخر في أقصى شمال المنطقة، وهي عبارة عن آبار دفن محفورة في الصخر تؤدي إلى حجرات دفن بها توابيت حجرية وخشبية وأكثر من 25 ألف تمثال أوشابتي، وعدد كبير من الأواني الكانوبية وآلاف التمائم، وبعض التماثيل الحجرية والخشبية، التي تم عرض جزء منها في المتاحف المصرية.


مقالات ذات صلة

مدافن حجرية في السعودية تعيد كتابة تاريخ الجزيرة العربية

يوميات الشرق مدفن «ثقب المفتاح» الذي يُعد نمطاً مميزاً في تصميمه وهندسته المعمارية (مجلة Herança)

مدافن حجرية في السعودية تعيد كتابة تاريخ الجزيرة العربية

قدم الباحثان عيد اليحيى وقصي التُّركي تحليلاً أركيولوجياً، نشرته مجلة «Herança» إحدى أهم المجلات العلمية العالمية المحكّمة ضمن مستوعبات سكوباس.

يوميات الشرق أشارت بقايا الآثار التي استودعتها الحقب الماضية إلى حجم وقيمة تراث السرين الغنيّ (واس)

«مدينة السرين الأثرية» عمق تاريخي لأكثر من ألفيْ عام

توجد مدينة «السِّرّين» بمحافظة الليث، الواقعة على بُعد 250 كيلومتراً جنوب مكة المكرمة، وتحديداً في السهل الفيضي لوادي «حَلية»

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق جانب من عملية هدم المدافن بقرافة الإمام الشافعي (الشرق الأوسط)

«الثقافة المصرية» تُوقف هدم أضرحة تراثية إثر انتقادات حادة

بعد موجة انتقادات حادة لعمليات هدم مقابر وُصفت بأنها «تراثية» في القاهرة، أعلنت وزارة الثقافة وقف عمليات الهدم في منطقة مقابر الإمام الشافعي مؤقتاً.

عبد الفتاح فرج (القاهرة )
يوميات الشرق نقوش مقبرة نفرتاري تنبض بالحياة (وزارة السياحة والآثار)

مصر لإعادة فتح مقبرة نفرتاري أمام الجمهور

تتجه مصر لإعادة افتتاح مقبرة نفرتاري بالأقصر (جنوب مصر) بمدينة الأقصر أمام الجمهور، بعد إغلاقها للترميم قبل عدة أشهر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا تماثيل يصل ارتفاعها إلى عشرة أقدام لملوك نوبيين في عاصمة النوبة كرمة (غيتي)

بريطانيا تمول ناشطين سودانيين لمنع نهب المتاحف والآثار

قالت مصادر بريطانية، إن ناشطين سودانيين يتلقون تمويلاً بريطانياً، لإنقاذ الكنوز الثقافية من جهات تقدم على نهب المتاحف في مختلف أنحاء السودان.

«الشرق الأوسط» (لندن)

معرض يحتفي بأماكن تصوير أفلام مصرية

لقطة من فيلم «المومياء» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «المومياء» (أرشيفية)
TT

معرض يحتفي بأماكن تصوير أفلام مصرية

لقطة من فيلم «المومياء» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «المومياء» (أرشيفية)

ضمن دورته السابعة، يحتفي مهرجان «الجونة السينمائي» بأماكن تصوير أفلام مصرية عبر معرض «مدن مصرية احتضنت السينما» للباحث السينمائي إبراهيم مسيحة بوصفه معرضاً مرئياً مبتكراً يوثّق المدن التي شهدت تصوير الأفلام المصرية، وقد اختار 10 محافظات كانت صاحبة النصيب الأكبر في تصوير الأفلام، من بينها القاهرة والإسكندرية والفيوم وسيناء والبحر الأحمر.

الباحث السينمائي إبراهيم مسيحة وابنته مارينا أمام شاشة تعرض لقطات الأفلام وأماكن تصويرها (الشرق الأوسط)

ويُتاح لزائر المعرض عبر أجهزة عرض مشاهدة لقطات الأفلام والمواقع التي صُورت بها في كل محافظة مثل فيلم «دعاء الكروان» الذي صُورت مشاهده بالفيوم، ويروي مسيحة لـ«الشرق الأوسط» أن الفكرة بدأت حينما كان يفكر في إقامة مهرجان في بلده الفيوم (جنوب غربي القاهرة) وأراد أن يحصر عدد الأفلام التي صورت في المحافظة، وفكّر في بقية المحافظات، ليخوض رحلة بدأها منذ عام 2003 لعدم توافر معلومات موثقة وقتها.

لقطة من «عرق البلح» (أرشيفية)

لكن مسيحة أكمل الفكرة مع ابنته مارينا وهي صيدلانية وفنانة شاركت العام الماضي بـ«سيني جونة للمواهب الناشئة»، التي روت لماريان خوري المديرة الفنية للمهرجان، ما حققه والدها في هذا الشأن، ووجدت فيها ماريان خوري معرضاً يؤرخ للسينما وللأماكن التي صورت بها.

يلفت مسيحة إلى أنه «رغم تاريخ السينما المصرية الطويل ووجود أكثر من 5 آلاف فيلم فإنه ليس هناك سوى 300 أو 400 فيلم استطاع أن يجد نُسخاً لها، ووجد أن الفيوم صور بها وحدها 80 فيلماً، بينما الإسكندرية قد يكون بها أضعاف هذا العدد، والأقصر وأسوان فوق الـ30 فيلماً، وقد امتدت رحلته لهذا التوثيق لأكثر من 20 عاماً وتواصل لأجلها مع فنانين على غرار مديحة يسري ومنتجين ومخرجين من بينهم رمسيس مرزوق وسمير عوف وخالد يوسف.

لقطة من فيلم «زوجة من باريس» (أرشيفية)

ووفق مارينا مسيحة، فإن أفلاماً كثيرة صُوّرت في واحات مصرية على غرار فيلم «زوجة من باريس» لنبيلة عبيد الذي صُوّر بواحة باريس في محافظة الوادي الجديد بالصحراء الغربية المصرية، وفيلم «كنوز» بواحة الخارجة وهو أيضاً من بطولة نبيلة عبيد، في حين صُوّر فيلما «عرق البلح» و«أبو علي» لكريم عبد العزيز بواحة الداخلة. كما صُوّر فيلم «تمر حنة» في الفيوم، وفيلم «المومياء» في الأقصر في المواقع الحقيقية لأحداثه.

وكان لمحافظات البحر الأحمر وسيناء نصيب في اختيارها بوصفها مواقع تصوير أفلام عدة؛ من بينها «جزيرة الشيطان» و«إستاكوزا» و«شورت وفانلة وكاب»، بينما صُوّر فيلم «المشبوه» في مدينة بورسعيد وفيلم «شاطئ المرح» في الإسماعيلية، وصُورت في القاهرة، وفق مارينا، أفلام عدة من بينها «حياة أو موت» و«باب الحديد». كما استقبلت الإسكندرية تصوير أفلام على غرار «أبي فوق الشجرة»، و«رصيف نمرة 5»، و«صراع في الميناء»، و«آيس كريم في جليم»، و«صايع بحر»، و«إسكندرية ليه».

وفي سياق مشابه، يستضيف المهرجان معرضاً ثانياً للمصوّر محمد بكر (87 عاماً) الملقب بـ«شيخ المصورين الفوتوغرافيين» الذي بدأ مسيرته مصوراً فوتوغرافياً للأفلام منذ صباه، مصاحباً لوالده الراحل الفنان حسين بكر الذي ارتبط اسمه بتصوير أجمل اللقطات، ليسير الابن على درب الأب ويصوّر أول أفلامه عام 1956 وهو فيلم «سمارة» لتحية كاريوكا.

صورة تجمع عبد الحليم حافظ وشادية من فيلم «معبودة الجماهير» (أرشيفية)

ويقول بكر لـ«الشرق الأوسط»: «تحية كاريوكا كانت (جدعة) مع الجميع وقد تمسّكت بي مصوراً في فيلم (سمارة) رغم أن المخرج حسن الصيفي كان معترضاً عليّ لصغر سني، فقد كنت تلميذاً في الثانوي، ومع أول لقطات صورتها اقتنع بكفاءتي لتنطلق رحلتي».

يُفسّر بكر أسباب نقاء ووضوح صور معرضه قائلاً: «كنا نصوّر بتقنية عالية لتعيش الصورة، وخلال التصوير كان والدي يقول لا بدّ أن تعيش للأجيال القادمة، وقد حافظت عليها وصنعت أرشيفاً يتضمّن سنوات إنتاجها وفريق عمل كل طاقم الفيلم، بمساعدة نجلي مدير التصوير والأستاذ في معهد السينما ومدير المركز القومي للسينما حسين بكر».