هل تُسهم دعوات «مقاطعة ماكدونالدز وإخوته» في تراجع الدعم الغربي لإسرائيل؟

أحد فروع «ماكدونالدز» في مصر (صفحة «ماكدونالدز» على «فيسبوك»)
أحد فروع «ماكدونالدز» في مصر (صفحة «ماكدونالدز» على «فيسبوك»)
TT

هل تُسهم دعوات «مقاطعة ماكدونالدز وإخوته» في تراجع الدعم الغربي لإسرائيل؟

أحد فروع «ماكدونالدز» في مصر (صفحة «ماكدونالدز» على «فيسبوك»)
أحد فروع «ماكدونالدز» في مصر (صفحة «ماكدونالدز» على «فيسبوك»)

أثارت دعوات على «السوشيال ميديا» لـ«مقاطعة ماكدونالدز وإخوته»، بسبب دعم إسرائيل في حربها على غزة، تساؤلات بشأن مدى تأثير المقاطعة المحتمل على الدعم الغربي لتل أبيب. وبينما عدّ بعض الخبراء تلك الحملات «وسيلة ضغط» اقتصادية على «ماكدونالدز وإخوته»، عدَّها آخرون نوعاً من «الاحتجاج الرمزي».

وكان «ماكدونالدز إسرائيل» قد نشر على حساباته بمنصات «إكس» و«إنستغرام» و«فيسبوك» ما يفيد دعمه لجنود الجيش الإسرائيلي، وتقديم 4 آلاف وجبة مجانية لهم، ونشر صوراً لجنود إسرائيليين يحملون وجبات عليها شعار المطعم الشهير، قبل أن يتم تقييد الوصول لحساب «ماكدونالدز إسرائيل» على «إكس» و«إنستغرام»، والسماح بالمتابعة داخل إسرائيل فقط على «فيسبوك»، وفقاً لتقارير تلفزيونية.

الخبير الاقتصادي المصري جودة عبد الخالق، وزير التموين المصري الأسبق، عدّ أن استخدام كل أدوات «الضغط» أمر «مشروع في مثل هذه الأوقات»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مقاطعة الشركات التي تدعم إسرائيل في حربها ضد غزة سيجعل هذه الشركات تفكر جيداً قبل استمرار دعمها لتل أبيب». ووفق عبد الخالق، فإن المقاطعة «قد يكون لها تأثير لو استُخدمت بطريقة جيدة»، لكنه حذر من «خطورة استخدامها بطريقة عشوائية».

وتصدر هاشتاغ «مقاطعة ماكدونالدز» محركات البحث في مصر خلال الساعات الماضية.

وقال «حسن»، في تدوينه عبر «إكس»، (السبت): «لا بد من أن المقاطعة تستمر لفترة طويلة حتى تأتي بالنتائج»، بينما ردَّت «مروة» على «إكس» بقولها إن «المهم هو عدم الذهاب لهذه المطاعم، وليس التعاطف على (السوشيال ميديا)». أما نرمين، فذكرت: «أنا وصحباتي مش هروح (ماك) تاني».

تفاعُل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع المقاطعة دعا وكلاء «ماكدونالدز»، في عدة دول عربية، منها «المملكة العربية السعودية، وقطر، والكويت، ومصر» إلى إصدار بيانات تنصلوا فيها من «المواقف السياسية»، وما قام به «ماكدونالدز إسرائيل».

وذكر بيان لـ«ماكدونالدز مصر» أن شركة «مانفودز - ماكدونالدز مصر» هي شركة مصرية 100 في المائة يمتلكها أحد رجال الأعمال المصريين، وتوفر أكثر من 40 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة للمصريين. وأكد البيان أن الشركة لا علاقة لها بما يقوم به «وكلاء آخرون بدول أخرى». أيضاً أعلنت سلسلة «ماكدونالدز في تركيا»، عبر صفحتها بموقع «إكس» أنها «ستقدم مليون دولار من المساعدات الإنسانية لدعم أهالي غزة».

من جهته، يصف نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أيمن عبد الوهاب، دعوات المقاطعة «الرمزية» بأنها نوع من «الاحتجاج الصامت» على ما يحدث في غزة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن هذه «الدعوات تتطلب رؤية شاملة وعميقة، لكي يكون لها تأثير على الاقتصاد الغربي، ومن ثم تمارس الدول الغربية «ضغوطاً على إسرائيل».

وتضم سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» أكثر من 35 ألف فرع في 200 دولة حول العالم، يعمل بها ما يقارب مليونَي موظف، بحسب موقع يدعى «اقتصادنا». ونشرت حركة تدعى «مقاطعة إسرائيل» بياناً عبر صفحتها على «فيسبوك» دعت فيه إلى مقاطعة أكثر من شركة غربية. وأشارت إلى أن «حملات المقاطعة السابقة أدت إلى تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في إسرائيل بنسبة 46 في المائة عام 2014»، على حد قولها.

إحدى وجبات «ماكدونالدز» (صفحة «ماكدونالدز مصر» على «فيسبوك»)

الخبير الاقتصادي المصري، رشاد عبده، يرى أن هناك بعدين مهمين بشأن مقاطعة «ماكدونالدز» والشركات الغربية الداعمة لإسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين، «البعد العاطفي والاقتصادي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الجيد السعي لدعم القضية الفلسطينية ومقاطعة من يدعمون إسرائيل، لكن من حيث المبدأ يجب حساب تلك الخطوة جيداً قبل القيام بها، حتى لا نقوم بخطوة عكسية تضر مجتمعاتنا ولا تفيد»، مشيراً إلى أن «المقاطعة لن يكون لها تأثير كبير على إسرائيل في المدى القصير، لكنها ستتأثر بها في المدى البعيد».


مقالات ذات صلة

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

شمال افريقيا أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

شددت الحكومة المصرية من إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

تطوّر اختبار «اللهجة الفلاحي» إلى «وصم اجتماعي» في مصر بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، مع انتشاره عبر مواقع التواصل.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

أعادت تصريحات تلفزيونية جديدة وُصفت بأنها «صادمة» المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى دائرة الجدل، حين تحدثت عن عدم ارتباطها بزواج عرفي لكنها عاشت «المساكنة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

اختتم مهرجان «العلمين الجديدة» نسخته الثانية بحفل غنائي للمطرب المصري الشاب ويجز، الجمعة، بعد فعاليات متنوعة استمرت 50 يوماً.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق التحف والمقتنيات القديمة أبرز معروضات السوق (الشرق الأوسط)

«سوق ديانا» في القاهرة تبيع أنتيكات برائحة «الزمن الجميل»

رغم حرارة الطقس، كان زوار سوق «ديانا» يتدفقون ويتحلقون حول المعروضات التي يفترشها الباعة على الأرض بكميات كبيرة.

منى أبو النصر (القاهرة )

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».