تنتصف أيام معرض «الرياض الدولي للكتاب»، الذي انطلق في دورته الجديدة، مدشناً رحلة متجددة لنوافذ الثقافة والمعرفة، ومتوجاً ليالي الرياض بفصول ثقافية ونقاشات ثرية حول مختلف موضوعات الأدب والشعر والرواية والسرد وبقية الفنون.
ويشهد المعرض في كل يوم اكتظاظاً لأروقته وأجنحته التي تزيد عن 800 جناح من رواد المعرض المتطلعين إلى رؤية أحدث الإصدارات والاستمتاع بالجسور الثقافية التي يمدّها المعرض وبرنامجه الثقافي إلى مختلف الحضارات.
من مسرح الرياض، إلى بيت الخبراء، ومسرح كيت وكيت، تنهض النقاشات التي يدلي بها نخبة من المثقفين والأدباء السعوديين والعرب، يحيون الأمسيات الحوارية والفنية الغامرة بالعناوين، التي تتناول مختلف القضايا والموضوعات التي تمس الحراك الفكري والإبداع العربي، وتشهد على كون معرض الرياض الدولي للكتاب، وجهة عالمية للمؤلفين والكتاب وطلاب العلم والمتطلعين للنهل من زاد المعرفة الذي لا ينضب.
ومن بين أجنحة المعرض المتعددة، تقف أسماء اليامي، التي تشارك بإنتاج شركتها الناشئة، التي تستهدف بناء وعي الأطفال واليافعين، وهي واحدة من 10 شركات فازت بفرصة التدريب والتطوير الفريدة التي أطلقتها هيئة الأدب السعودية «مسرعة أدب الأطفال واليافعين»، التي تهدف إلى تمكين مجموعة من الشركات السعودية الناشئة، والمتخصصة في تنمية وتطوير قدرات الأطفال واليافعين في مختلف المهارات الأدبية، من خلال توفير الإرشاد، والمنح المالية الضرورية لتطوير أداء وعطاء الشركات الواعدة.
وقالت أسماء اليامي، مالكة دار مهارات الأطفال للتجارة، إنها سعيدة بفرصة الظهور والوصول إلى جمهور ورواد معرض الرياض الدولي للكتاب، بالإضافة إلى مشاريع سعودية ناشئة أخرى ضمن المسرعة، تشارك إلى جانبها في الجناح الذي يمثل فرصة ثمينة ونافذة مهمة للتعريف بجهودهم والاقتراب من فرص التطوير وتنمية المشاريع وتوسيع قاعدتها الجماهيرية.
تنوع في التجارب القرائية
واستقطب البرنامج الثقافي، الذي يعدّ الأكبر بين معارض الكتب العربية، تشكيلة متنوعة من الضيوف، تغطي مختلف المجالات السياسية والثقافية والرياضية والفنية. وقد صُمم البرنامج، الذي حشدته هيئة الأدب السعودية، لبثّ خطاب متنوع يكرّس قيمة القراءة وإشاعتها لكونها عادة مهمة لبناء الأفراد وتطوير القدرات والمهارات.
وأجمعت الأسماء، التي حضرت للمشاركة في موضوعات البرنامج، على قيمة القراءة وتأثيرها في بناء شخصياتهم، واستعرضوا جوانب من دور القراءة في حياتهم، مؤكدين أن الكتاب هو مصدر المعرفة الأول.
وقال السفير والدبلوماسي السعودي، عبد الله المعلمي، إن علاقته لم تنقطع يوماً واحداً عن الكتاب، مشيراً في ندوة له ضمن معرض الرياض للكتاب، إلى أن مشاغله الوظيفية التي تزايدت عندما كلّف بالعمل دبلوماسياً في مواقع مختلفة من العالم، كان لها تأثير على علاقته بالكتاب، لكنه لم ينقطع عنه تماماً، بل وجّه قراءاته لتلبية حاجته إلى فهم العالم ومتابعة تفاصيل وخلفيات الموضوعات الشائكة والمعقدة التي كان يتعامل معها في إطار مهامه الدبلوماسية، مؤكداً أن القراءة والبناء المعرفي للفرد سيكون له أثره العميق على تجربته ودوره ومساهمته في خدمة أهدافه ونفع مجتمعه.
من جهته، قال نجم الكرة الإنجليزي، الكابتن ستيفن جيرارد، إن الكتب تعزز الانفتاح على العالم. وأضاف ضمن مشاركته في المسرح الرئيسي لمعرض الكتاب: «أنصح الأجيال الناشئة بالاهتمام بالقراءة وبناء قدراتهم المعرفية، لأنها ضرورية لبناء الإنسان والمستقبل معاً، وتحقيق أحلامهم وشغفهم الخاص».
وأشار جيرارد إلى أن اللاعبين لديهم القدرة على إصدار الكتب التي توثق تجاربهم، وتلهم الآخرين بقصص النجاح، باعتبار الكتب أفضل مصادر التأثير والتعلم، وهي ضرورية لبناء قدرات الفرد ومهاراته المعرفية والعقلية، خصوصاً في مواجهة الإبهار التقني والبصري الذي يحتم إدارة الوقت وتحسين الاختيارات الشخصية والاعتماد على نوعية الكتب التي تلهم العقول والأرواح وتشجع على التعلم.
محفل الثقافة ووجهة المعرفة
وعلى الرغم من أن يوم الثلاثاء هو اليوم السادس لهذه التظاهرة الثقافية التي تحتضنها العاصمة السعودية، لا يزال الجمهور يتوافد بكثافة على الدور المحلية والدولية التي تشارك بأحدث إصداراتها، وملايين العناوين في صنوف الأدب وألوان الفن والثقافة، والاستمتاع ببرنامج ثقافي يلبّي الاهتمامات، هو الأكبر عربياً في تنوّعه واستيعابه للموضوعات الفكرية والفنية والعلمية.
#قافلة_تراحيل تغنت بالشعر والقصيد في #معرض_الرياض_الدولي_للكتاب_2023 #عام_الشعر_العربي_2023#الفعاليات_الثقافية pic.twitter.com/vKr9gQPJVA
— الفعاليات الثقافية (@MoC_Engage) October 1, 2023
كما لا تزال الباحة الخارجية للمعرض تقدم عروضاً مسرحية ارتجالية وفنوناً أدائية سعودية وعُمانية، يجتمع حولها الضيوف، ويستمتعون بأجواء ثقافية تعكس تاريخية العلاقة بين الإنسان والكتاب، وذلك ضمن فضاء شاسع من النقاش الفكري والمعرفي والثقافي، ينعش ليالي الرياض.
وتحط قافلة تراحيل، وهو عرض تفاعلي مع ضيوف معرض الرياض للكتاب، ينظم في إطار عام الشعر العربي، ويقدم عرضاً شعرياً ومسرحياً في الساحة الخارجية للمعرض، ويحظى العرض في كل ليلة بتفاعل الجمهور الذي يتلقى هدايا القافلة، التي تفيض شعراً واعتزازاً بالمكون الثقافي العربي وبعناصره المختلفة.