جسور ثقافية بين الشعوب والحضارات في معرض الرياض الدولي للكتاب

دُور نشر من 32 دولة تعزز جهود تبادل الثقافة بين المجتمعات

معرض الرياض الدولي للكتاب تجمُّع ثقافي عالمي يوسع آفاق المعرفة والتبادل الثقافي بين الدول (وزارة الثقافة)
معرض الرياض الدولي للكتاب تجمُّع ثقافي عالمي يوسع آفاق المعرفة والتبادل الثقافي بين الدول (وزارة الثقافة)
TT

جسور ثقافية بين الشعوب والحضارات في معرض الرياض الدولي للكتاب

معرض الرياض الدولي للكتاب تجمُّع ثقافي عالمي يوسع آفاق المعرفة والتبادل الثقافي بين الدول (وزارة الثقافة)
معرض الرياض الدولي للكتاب تجمُّع ثقافي عالمي يوسع آفاق المعرفة والتبادل الثقافي بين الدول (وزارة الثقافة)

الرياض تقرأ الفرنسية، وجناح الصين يستعرض ألواناً من ثقافته وكنوز أدبه المترجمة إلى العربية، ومبادرة «ترجم» السعودية تنقل كتاب الرئيس الكازاخستاني للمكتبة العربية، والكثير من نوافذ الثقافة العالمية تمدّ جسوراً من التبادل الحضاري والتواصل الثقافي عبر معرض الرياض الدولي للكتاب الذي انطلق لتجسير الثقافات وتعزيز التواصل بين الأمم والحضارات.

من 32 دولة، تشارك مئات الدور في تقديم أحدث إصداراتها إلى جمهور سعودي وعربي نهِم للقراءة، ومتطلّع لمتابعة ما تسفر عنه المكتبة العربية والدولية من جديدها في مختلف الفنون والعلوم، كما يزخر البرنامج الثقافي الأكبر بين معارض الكتب العربية، بالمنصات التي تلقي الضوء على تجارب المجتمعات والشعوب والثقافات أمام استحقاقات النهضة والتنمية والازدهار.

وفي مسرح كيت وكيت، الذي من المنصات التي يحتضنها معرض الرياض الدولي للكتاب، التأم الحضور لتدشين كتاب «كلمة عن أبي» الذي ألّفه رئيس جمهورية كازاخستان «قاسم جومارت توقاييف»، وترجمه إلى العربية الدكتور محمد رياض علوش.

وقال بيريك إيرين، السفير الكازاخستاني لدى السعودية خلال المناسبة إن «معرض الرياض الدولي للكتاب»، يعدّ تجمعاً ثقافياً عالمياً يوسع آفاق المعرفة والتبادل الثقافي بين الدول، ومن جهته قال حاتم الشهري، مدير وكالة «حروف» الأدبية، إن مبادرة «ترجم» التي أطلقتها هيئة الأدب والنشر والترجمة، واحدة من أهم الخطوات النوعية التي تلبي حاجة المكتبة العربية إلى أحدث الإصدارات، ونقلها إلى الجمهور العربي المتطلع لإطلالة من نوافذ الكتاب إلى تجارب الآخرين، مؤكداً أن المبادرة هي جهد سعودي رصين في دعم الثقافة العربية، ومن شأنها التقريب بين الثقافات.

من 32 دولة تشارك مئات دور النشر في تقديم أحدث إصداراتها إلى جمهور سعودي وعربي نهِم للقراءة (واس)

وفي أحد أجنحة معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي يزخر بنحو 800 جناح تتنوع في محتواها والثقافة التي تضمّها، يبرز الجناح الصيني بألوانه وتصميمه الفريد، لاستقبال زواره، والاطلاع على جوانب من الثقافة الصينية ومساهماتها الفكرية والثقافية وتأثيرها في التقدم الإنساني. وتضمّن الجناح عدداً من دُور النشر الصينية الشهيرة، ومنها «دار إنتركونتننتال للنشر الصينية» التي تتبنى منظوراً دولياً، تنشر من خلاله في كل عام نحو 300 نوع من الكتب إلكترونياً، ومنتجات ثقافية وإبداعية عن الصين، وتوفرها بلغات عدة، منها الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والعربية... وغيرها، وتوزع المنشورات على ما يقارب 200 بلد حول العالم.

جناح الصين يستعرض ألواناً من ثقافته وكنوز أدبه المترجمة إلى العربية (واس)

كما يشارك ما يزيد على 70 دار نشر فرنسية عبر مبادرة «الرياض تقرأ الفرنسية»، وتعرض نحو 10 آلاف كتاب تعكس قيمة وتنوع المحتوى في المكتبة الفرنسية، مع مشاركة جهات تعليمية وأكاديمية من السعودية وخارجها في تعزيز انتشار اللغة الفرنسية في مجتمع متطلع ومنفتح على الثقافات الأخرى.

وتحدثت «الشرق الأوسط» إلى مجموعة من الزوار حول النوافذ الثقافية التي يفتحها المعرض لجمهوره، وقال عبد الله الغامدي الذي لم يفوّت حضور معرض كتاب الرياض منذ عقدين، إن حرصه على مواصلة الاهتمام والدأب على الحضور بشكل شبه يومي إلى أروقة المعرض هو الفرصة الثمينة التي يجدها في متابعة إنتاجات الدُور التي قد لا تتوافر في مناسبات ومواعيد أخرى، وإنه مغرم بمتابعة مواقع جغرافية من العالم، وإن الكتاب وحده هو من يلبي هذا الاهتمام ويغذّيه، متطلعاً إلى أن تكون النسخ المقبلة من المعرض على منوال ما هو عليه اليوم من تطور مستمر، واستقطاب للثقافات العالمية، لا سيما تلك التي تبعد مسافات جغرافية كبيرة، بينما يقلص التبادل الثقافي والتواصل الحضاري تلك المسافات، ويذيب الحدود بين المجتمعات.


مقالات ذات صلة

محكمة فرنسية تلغي حظراً على مشاركة شركات إسرائيلية في معرض للأسلحة

أوروبا إيمانويل ماكرون يزور جناحاً في معرض «يورونافال» للدفاع البحري في لو بورجيه بالقرب من باريس 23 أكتوبر 2018 (رويترز)

محكمة فرنسية تلغي حظراً على مشاركة شركات إسرائيلية في معرض للأسلحة

قال منظمو معرض «يورونافال للأسلحة البحرية»، إن محكمة فرنسية ألغت حظراً حكومياً على مشاركة شركات إسرائيلية في المعرض المقرر عقده الأسبوع المقبل قرب باريس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق جانب من الأعمال المعروضة في الملتقى (الشرق الأوسط)

حوار فني بين «شيخ» الخط العربي وتلاميذه في مصر

يُتيح «ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي» لزائره فرصة استكشاف الزخم الجمالي للخطوط العربية، وتراكم فنونها عبر أجيال مختلفة.

منى أبو النصر (القاهرة)
يوميات الشرق جزء تفاعلي من «فن تناول الطعام: ثقافة الطعام في العالم الإسلامي» في معهد ديترويت للفنون (نيويورك تايمز)

متحف ديترويت يركّز على تجربة تناول الطعام الإسلامية

يحاول معرض يستضيفه «معهد ديترويت للفنون» التواصل مع المجتمع العربي الأميركي الكبير والحيوي في المنطقة، عبر معروضات عن الطعام.

ميشيلين ماينارد (نيويورك)
يوميات الشرق إمرأة في حالة الطيران (الشرق الأوسط)

«قصائد مرئية»... معرض قاهري لنساء في حالة الطيران

رسمت الفنانة عدداً من البروفات للوحات النساء الطائرات؛ لتلغي الخلفيات، وترسّخ لحالة الحرية عبر الانطلاق في الفراغ، وجاءت هذه البروفات «اسكتشات» ضمن المعروضات.

محمد الكفراوي (القاهرة )
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)

رحلة بحث عن «الفستان الأبيض» تكشف خبايا «المهمشين»

أفيش الفيلم (الشركة المنتجة)
أفيش الفيلم (الشركة المنتجة)
TT

رحلة بحث عن «الفستان الأبيض» تكشف خبايا «المهمشين»

أفيش الفيلم (الشركة المنتجة)
أفيش الفيلم (الشركة المنتجة)

قبل يوم واحد من حفل زفاف «وردة»، جسّدت دورها الفنانة المصرية ياسمين رئيس، العروس الشابة ابنة الحي الشعبي، تُفاجَأ بأن فستان الزفاف قد تعرّض للحرق ولا يمكن إصلاحه، لتبدأ رحلتها مع ابنة خالتها، أسماء جلال، للبحث عن فستان جديد عبر شوارع القاهرة، وسط أضواء تخفي كثيراً من معاناة المهمشين بها.

كان هذا المشهد مدخلاً لرحلة مثيرة مليئة بالمفاجآت ضمن أحداث فيلم «الفستان الأبيض» الذي تقول مخرجته الشابة جيلان عوف إن رحلتها معه استغرقت 4 سنوات، كتبت خلالها 16 نسخة من سيناريو الفيلم الذي يُعد أول أفلامها الطويلة، وأشارت في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أنها تُعد نفسها محظوظة لأنها وجدت منتِجاً مثل محمد حفظي تحمّس لإنتاج الفيلم، كما أنها ممتنة لدخول بطلة فيلمها الفنانة ياسمين رئيس بوصفها منتجة مشاركة في الفيلم، لافتة إلى أن فترة عملها مساعدة مخرج لكبار المخرجين أمثال داود عبد السيد أفادتها كثيراً.

جانب من المؤتمر الصحافي الخاص لفيلم «الفستان الأبيض» (الجونة السينمائي)

وشهد مساء (الأربعاء) العرض الافتتاحي للفيلم في مهرجان «الجونة السينمائي» حيث يشارك بمسابقة الأفلام الروائية الطويلة بحضور فريق العمل وعدد كبير من الفنانين.

وبعد رحلة البحث المضنية تجد «وردة» أخيراً فستاناً قدمته إليها سيدة تعمل في تأجير ملابس الأفلام مجاناً، تحتضن العروس الفستان وترقص فرحاً في الشارع هي وابنة خالتها وصديقتهما فيواجهن تحرّشاً واعتداءً من بعض الشباب فتفقد فستانها للمرة الثانية، وتشعر بإحباط شديد هي وزوجها الذي لم تُزفّ إليه «أحمد خالد صالح»، والذي يعترف لها بأنه تسرّع في قرار الزواج وأنه غير مؤهل له. تفقد وردة حماسها لكل شيء، وتعكس رحلتها عن أزمات عديدة في المجتمع.

وحين تعود لبيت أسرتها تجد مفاجأة بانتظارها لتسود الفرحة حياتها من جديد، ويشاركها فرحتها جيرانها في الحي الشعبي، تظهر ياسمين رئيس عروساً بسيطة تغطي شعرها وقد خلا وجهها من المساحيق في كثير من المشاهد.

تطلّ الفنانة ميمي جمال بمشهد واحد مؤثر داخل قسم الشرطة حيث تلتقي «وردة» وتحكي لها أنها وقّعت «كمبيالات» لأجل تجهيز ابنتها وأنها معرّضة للسجن، وتتعاطف معها «وردة» فتخلع سواراً ذهبياً من يدها وتضعه في يد المرأة العجوز.

وأكّدت المخرجة جيلان عوف وهي أيضاً مؤلفة الفيلم في حوار لـ«الشرق الأوسط» أن التحضير للفيلم استغرق 4 سنوات بدأ بمرحلة الكتابة ثم رحلة البحث عن التمويل وهو أمر عدّته صعباً لأي مخرجة تقود فيلمها الأول، ثم جاءت أحداث «كوفيد 19» ليتوقف الفيلم، بينما كانت تواصل عملها عليه، وفي السنة الأخيرة خاضت التصوير والمونتاج، مشيرة إلى أن التصوير استغرق 24 يوماً غير متواصلة، لكنها تُعدّ نفسها محظوظة: «محظوظة أنا لأن المنتج محمد حفظي، تحمّس لفكرة الفيلم. وممتنّة كثيراً للفنانة ياسمين رئيس (بطلة الفيلم) التي شاركت أيضاً في إنتاجه، وسعيدة بمشاركة المُمثِّلَين أسماء جلال وأحمد خالد صالح اللذين منحاني ثقتهما وشجعاني على إخراج هذا العمل. فكلّ من شاهد الفيلم أحبه بالقدر نفسه، وأتمنى أن يُكلّل ذلك أيضاً بحب الجمهور له».

المخرجة جيلان عوف (الشرق الأوسط)

وعن اختيارها لتقديم فكرة الرحلة التي تقوم بها البطلة بحثاً عن الفستان الأبيض تقول جيلان: إن «رسالة الفيلم تكمن في هذه الرحلة وأن مساعدة الناس بعضهم لبعض هي التي تجعلنا نتخطى أزماتنا».

درست جيلان عوف القانون الدولي في الجامعة الأميركية كما درست السينما والمسرح فيها، لكنها تؤكد أن تعليمها الأساسي اكتسبته من عملها مساعد مخرج مع كبار المخرجين، وفي مقدمتهم داود عبد السيد الذي له فضل كبير عليها وفق قولها، فقد شاركت في فيلمه «رسائل حب» الذي لم يُصوّر، وفيلمه الأخير «قدرات غير عادية». وتتابع: «عملت مع مخرجين أحب أعمالهم ومن بينهم عمرو سلامة وتامر محسن وأحمد علاء وأحمد عبد الله الذي يشارك معي في فيلم (الفستان الأبيض)، بصفته منتجاً إبداعيا، وطوال الوقت كنت أستشيره في مشاهد ومواقف حتى في اختيار الممثلين، وهو أيضاً لديه خبرة إنتاجية كبيرة وكان داعماً لي».

وعملت جيلان مخرجة منفذة، كما خاضت تجارب إنتاجية، مؤكدة أنها متعدّدة وفد أفادتها كثيراً في إنجاز تجربتها الأولى، وأنها تعلّمت خلالها أنه كلّما كان الفيلم بسيطاً يكون أقرب لقلب المشاهد.

وقبل هذا الفيلم أخرجت عوف فيلمين روائيين قصيرين الأول «مهرجاني» الذي عُرض في أول دورة بـ«الجونة السينمائي»، وفيلم «لما جات 10» الذي شارك في مهرجانات عدة قادتها لفيلمها الطويل الأول.

وتُلفت المخرجة إلى سعادتها باختيار فيلم «الفستان الأبيض» ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان «البحر الأحمر السينمائي» في دورته المقبلة، مؤكدة أنه سيكون أول عرض خارج مصر.

وتشير جيلان إلى أنها اكتسبت مرونة في البحث عن بدائل لأنه لا يوجد مخرج ولا مخرجة يستطيع أن يقول إنه حقّق كل ما تمنى، لكن من المهم عدم تنازلي عن الأشياء المهمة وأن تكون لدي مرونة البدائل وأن أجد حلولاً لكل موقف خلال التصوير، وفي المونتاج هناك أشياء تحدث صدفة وحين يجري توليفها تحلّ بعض المواقف المعقدة.

أفيش الفيلم (الشركة المنتجة)

وخلال المؤتمر الصحافي الذي نُظّم (الخميس) تحدثت الفنانة ياسمين رئيس عن حماسها لدخول تجربة الإنتاج وقالت: «بعد فترة من عملي في الفن اكتشفت أن وجودي ممثلة لا يعتمد فقط على الموهبة، فهناك جانب تجاري وهناك أدوار قد أتحمّس لها بصفتي ممثلة، ولا يتحمّس لها منتج الفيلم. ووجدت الحل في أن أكون جزءاً من الفيلم». وذكر المنتج محمد حفظي أن ياسمين رئيس ستُطلق شركة إنتاج قريباً.

في حين ذكرت الفنانة أسماء جلال أن المخرجة اهتمت بالتحضيرات الجيدة للفيلم، واستعانت بامرأة من منطقة شعبية لتتكلّم أمامنا، وعلمنا منها تفاصيل لم نكن نعلمها.