أشعل الأمير بدر بن عبد المحسن «مسرح الرياض» في معرض الكتاب، مساء الجمعة، في أمسية حوارية خصصت للحديث عن تجربته الشعرية، لكن كاس الشعر فاض وأسقى الحاضرين المتعطشين لسماعه، فكانت ليلة «استثنائية» كليالي «البدر» حيثما طلع.
الأمسية أدارها الشاعر محمد جبر الحربي، المولع بتجربة بدر العبد المحسن، وهو القائل:
«وأدركتُ فيها «البَدْرَ» مُكْتَمِلَ الرُّؤى /
على وَجْهِ مَاءِ الشّعْرِ ذَا مَا بَدَا لِيَا
أميراً لبَيْتِ الشعر أنَّى يُرِيدُهُ /
فكان مكان البَدْرِ حُراً وصَافيا».
وكعادة بدر العبد المحسن يقلّب أشكال الحروف ويراقص الكلمات ليرسم لوحة تعج بالصور الجمالية، ويعزف سيمفونية فريدة في تعابيرها وألحانها... مع قدرة على جعل المتلقي متعلقاً بالنصّ، ومنفعلاً بألوانه وصوره وتشكيلاته الفنية، ومحلقاً في فضائه الشعري، فقد تحدث بلغة شعرية عن تجربته، عن البدايات، وعلاقته بالنقد، والرسم، واستمتاعه بالكتابة التي رأى أنها وسيلته للشعور بالحياة، لكن الجمهور كان ينتظر منه أن يصدح بالشعر، كعادته، فكان ما توقعوه.
حملت الأمسية الحوارية عنوان: «أسئلة الشعر والفن»، وفي بدايتها تساءل الشاعر محمد جبر الحربي، لماذا تغافل النقاد والباحثون عن دراسة التجربة الشعرية لبدر العبد المحسن.
كما تساءل عن اختيار البدر لكتابة الشعر باللغة الفصحى، فأكد الأمير الشاعر أنها جاءت بغرض النشر، لكنه ظلّ على وفائه لكتابة الشعر باللغة العامية، لقناعته بأن «الكتابة بلغة تملكها وتتمكن منها هي الأفضل»، ولأن العامية هي المقربة والمحببة لديه.
وقال الأمير بدر، الذي يبلغ من العمر 74 عاماً، إن طموحه في هذا السن «هو الشعور بالحياة»، وأكمل قائلاً: إن الاستمرار في الكتابة يشكل جسر العبور لهذا الشعور. وأضاف أن كتابة نصّ أدبي قبل 30 عاماً قد لا يستغرق ليلة أو ليلتين، بينما يستغرق اليوم مراحل عدة.
لكن هل يضيق بدر العبد المحسن من النقد؟ ليجيب مفنداً هذا الرأي، حيث كان صدره يتسع للنقد والرأي المختلف عن قصائده طيلة تجربته الشعرية...
خلال
الأمسية ألقى بدر العبد المحسن نصوصاً شعرية طالما ألفها الجمهور ورددها، من بينها نصّ «يذكرني القمر ظلك»:
يذكرني القمر ظلك عجب ياللي ظلالك نور
أنا اللي ما عرفت الليل لولا عتمة أهدابك
حبستك في السما شمس وعلى وجه السحاب طيور
ونخيل باسق يشرب رضاك ويعطش عتابك
وجلست أناظرك ما رف لي جفن تقل مسحور
أقول إن الجمال انتي وكل العشق باسبابك
هقيت إني ملكتك ما دريت إن الأماني غرور
وإنك في يدي لين انتحابي الوقت وقفا بك
سقا الله يوم كان أكبر همومك خاطري المكسور
وكنت الضي في عينك وكنت السقم في ثيابك
سقا الله يوم كنتي الأرض أنهار وشجر وقصور
ديار نورها من طاقتك... وأحلامها بابك
عيوني يا شقى عيوني، من الجدب الموات البور
أراضي ما بها إلا ما ذوى وانهد في غيابك
أحبك كان لي قلب يجض من الجفا مقهور
وصار اليوم يفرح لو لقى له عذر يشقى بك