تدريس السيرة الفنية لسميحة أيوب يقسم الآراء في مصر

وزارة التعليم رأت تقديمها ضمن نشاط المسرح «أمراً طبيعياً»

أيوب في لقطة من مسلسل «الطاوس» (الشركة المنتجة)
أيوب في لقطة من مسلسل «الطاوس» (الشركة المنتجة)
TT

تدريس السيرة الفنية لسميحة أيوب يقسم الآراء في مصر

أيوب في لقطة من مسلسل «الطاوس» (الشركة المنتجة)
أيوب في لقطة من مسلسل «الطاوس» (الشركة المنتجة)

أثار قرار وزارة التربية والتعليم المصرية تدريس شخصية الفنانة سميحة أيوب ضمن مناهج التعليم الابتدائي جدلاً في مصر، فبينما ثمّن مثقفون وخبراء تعليم هذا الاتجاه، أعرب آخرون عبر مواقع التواصل عن رفضهم لفكرة وضع مقرّرات عن فنانين ضمن المناهج الدراسية، مُطالبين بالاكتفاء بالشخصيات التاريخية البارزة والعلماء ضمن المناهج.

وتعليقاً، يرى الناقد الفني أيمن الحكيم، أنّ أيوب تستحق تدريس سيرتها الفنية بوصفها نموذجاً مهماً في مسيرة الفن، فهي «سيدة المسرح المصري والعربي»، رافضاً تبرير الهجوم الذي طال القرار: «بعض الأشخاص من أصحاب الأفكار الظلامية يرون الفنانين في صورة نمطية غير صالحة للدراسة».

الفنانة المصرية الكبيرة سميحة أيوب (أرشيفية)

يضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الدول المتقدّمة ترى فنانيها رموزاً مشرِّفة، وفرنسا مثالاً لكيفية التعامُل مع شخصية المطربة الكبيرة إديث بياف، فتفتخر بأنها أنجبت فنانة بحجمها. الاحتفاء بسميحة أيوب بداية موفَّقة في طريق الاهتمام بالفن والثقافة بوصفهما جزءاً من مصادر ثروة المجتمع المصري».

ويَعدُّ الحكيم سرد السيرة الذاتية لأيوب «بداية لردّ الاعتبار للفن والعاملين فيه ممن يُشوَّهون ليلَ نهار، ويُصوَّرون على أنهم كائنات غير سوية، من أطراف تسعى إلى تهميش دور الفن ورموزه».

الصفحة التي خصّصتها وزارة التعليم لسميحة أيوب في منهج الصف السادس (فيسبوك)

أسباب الانتقادات

وهو ما يتوافق ورأي الباحثة في السياسات التعليمية الدكتورة فاتن عدلي التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت الحرب على الفن والفنانين عبر منابر عدّة منذ نهاية السبعينات، ما أدّى إلى النتيجة الراهنة»، مُحمِّلة «الأزمة الاقتصادية التي أثرت بدورها في التعليم، جزءاً من الأزمة». تتابع: «اكتظاظ المدارس أدّى إلى تهميش تدريس الأنشطة التربوية، فأُلغي جدول الموسيقى أو المسرح المدرسي شيئاً فشيئاً، خصوصاً مع انتشار المدارس الخاصة، إذ سادت التصوّرات السلبية عن الفنون، وتلاشت الفوارق بين الفن الهادف والمُدمِّر، لكن المنظومة الثقافية كلّها يجب أن تتغيّر جذرياً، فالتعليم وحده ليس الحل».

أيوب في مسلسل «الطاوس» (الشركة المنتجة)

ووفق مصادر في وزارة التربية والتعليم، فإنّ سيرة أيوب تحضر بالفعل في منهج الصف السادس الابتدائي، بكتاب المهارات والأنشطة ضمن نشاط المسرح. ورأت المصادر اختيارها «أمراً طبيعياً» ضمن هذا الكتاب.

بدورها، ثمنت الفنانة المبادرة، قائلة في تصريحات صحافية: «شرف لي أن يتعرّف الجيل الجديد إلى الفنانين الذين يحظون بتاريخ فني»، مضيفة: «أتمنّى حضور فنانين آخرين يتمتّعون بمسيرة مشرّفة في المناهج. هذا كان متّبعاً من قبل، فالتواصل مع الأجيال مسألة مهمّة جداً، ويجب أن يصبح الجانب المعرفي الخاص بالفن المصري مادة أساسية في التعليم».

وسميحة أيوب واحدة من رائدات المسرح المصري، تشتهر بلقب «سيدة المسرح العربي» لما قدّمته من أعمال مميّزة خلال رحلتها، وستحمل الدورة المقبلة من «المهرجان القومي للمسرح المصري» عام 2024 اسمها تكريماً لعطاءاتها.

مسؤولية الممثل

في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، أكدت أيوب مسؤولية الممثل تجاه ما يقدّمه، ورأت وجوب أن يمنح الجمهور ما يساهم في البناء السليم لعقله ووجدانه، مشيرة إلى رفضها أعمالاً لا تحقّق ما تنشده: «أختار أعمالاً تخلو من مَشاهد العنف والقتل. لا أحبّذ دخولها المنازل لإمكان تأثُّر الأطفال بها، فنربّي جيلاً عنيفاً. ثمة مَن يوافق عليها تحت ضغط الحاجة التي تجعل الفنان يتنازل أمام الالتزامات الأسرية المُلحّة».

وتضيف: «ثمة اعتقاد أنّ الفنانين يحصلون على الملايين. هؤلاء لا يتجاوزون أصابع اليدين، بينما الأغلبية تحصل على القليل، وبعضٌ عاطل عن العمل، ليس من الممثلين فحسب بل أيضاً من المخرجين والكتّاب والفنيين وعمال الإضاءة والصوت...».

أضافت: «الفنان ليس تاريخاً فقط، بل شخصية ومواقف تجبر الآخرين على احترامه. لم يعد يستهويني شيء. ثمة أشياء جميلة وتطوٌّر تُجاريه بلادنا، لكن الانتقاد يحضر دائماً مما يشعرني بالمرارة. لا بدّ أن نحمد الله على الصحة، وهي أغلى ما نملك. لقد سيطرت المادة وشغلت الناس عن كل شيء. في الفن يستهويني العمل الذي يؤدّي مَهمّة إنسانية، فالفن رسالة تنويرية عظيمة».


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
TT

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات. كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة، وكل ما تسمعه صدى أزيز حشرة الزيز وأصوات الطيور، الذي يتردد على جوانب الجروف، حسب «بي بي سي» البريطانية .على مدى آلاف السنين، ظل ما يعرف بـ«الحفرة السماوية» أو «تيانكنغ»، كما تُسمى باللغة المندرينية، غير مكتشفة، مع خوف الناس من الشياطين والأشباح، التي تختبئ في الضباب المتصاعد من أعماقها. إلا أن طائرات الدرون وبعض الشجعان، الذين هبطوا إلى أماكن لم تطأها قدم بشر منذ أن كانت الديناصورات تجوب الأرض، كشفت عن كنوز جديدة، وحوّلت الحفر الصينية إلى معالم سياحية. ويُعتقد أن ثلثي الحفر، التي يزيد عددها عن 300 في العالم، توجد في الصين، منتشرة في غرب البلاد، منها 30 حفرة، وتضم مقاطعة «قوانغشي» في الجنوب أكبر عدد من هذه الحفر، مقارنة بأي مكان آخر. وتمثل أكبر وأحدث اكتشاف قبل عامين في غابة قديمة تحتوي على أشجار يصل ارتفاعها إلى 40 متراً (130 قدماً). تحبس هذه الحفر الزمن في باطنها، ما يحفظ النظم البيئية الفريدة والدقيقة لقرون. ومع ذلك، بدأ اكتشافها يجذب السياح والمطورين، ما أثار المخاوف من أن هذه الاكتشافات المدهشة والنادرة قد تضيع إلى الأبد.

بوجه عام، تعد هذه الحفر الأرضية نادرة، لكن الصين، خاصة «قوانغشي»، تضم كثيراً منها بفضل وفرة الصخور الجيرية. جدير بالذكر هنا أنه عندما يذيب نهر تحت الأرض الصخور الجيرية المحيطة ببطء، تتكون كهوف تتمدد صعوداً نحو الأرض. وفي النهاية، تنهار الأرض تاركة حفرة واسعة، ويجب أن يكون عمقها وعرضها لا يقل عن 100 متر حتى تُعدّ حفرة أرضية. وبعض الحفر، مثل تلك التي جرى اكتشافها في «قوانغشي» عام 2022، أكبر من ذلك، مع امتدادها لمسافة 300 متر في الأرض، وعرضها 150 متراً.

من وجهة نظر العلماء، تمثل هذه الحفر العميقة رحلة عبر الزمن، إلى مكان يمكنهم فيه دراسة الحيوانات والنباتات، التي كانوا يعتقدون أنها انقرضت. كما اكتشفوا أنواعاً لم يروا أو يعرفوا عنها من قبل، بما في ذلك أنواع من أزهار الأوركيد البرية، وأسماك الكهوف البيضاء الشبحية، وأنواع من العناكب والرخويات. وداخل محميات من الجروف الشاهقة، والجبال الوعرة، والكهوف الجيرية، ازدهرت هذه النباتات والحيوانات في أعماق الأرض.