جوائز «نوبل» تعوّض الإجحاف بحق النساء وتُبقي على تغييب الرياضيات

ما تجب معرفته عن هذه المكافآت العريقة

لقطة أمام تمثال مخترع الديناميت ألفريد نوبل (أ.ف.ب)
لقطة أمام تمثال مخترع الديناميت ألفريد نوبل (أ.ف.ب)
TT

جوائز «نوبل» تعوّض الإجحاف بحق النساء وتُبقي على تغييب الرياضيات

لقطة أمام تمثال مخترع الديناميت ألفريد نوبل (أ.ف.ب)
لقطة أمام تمثال مخترع الديناميت ألفريد نوبل (أ.ف.ب)

يُجرى بدءاً من الاثنين حتى 9 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، توزيع جوائز «نوبل» هذا العام في أستوكهولم وأوسلو. ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، لا بدّ من معرفة 5 أمور عن هذه المكافآت التي تُسلّم لرجال ونساء ومؤسسات عملوا من أجل تقدُّم البشرية، استناداً إلى وصية مؤسِّس هذه الجوائز المخترع السويدي ألفريد نوبل.

غياب قسري ومقاعد شاغرة

منذ عام 1901، لم يتمكن 6 من حائزي جائزة «نوبل» للسلام من حضور حفل توزيع هذه المكافأة العريقة في أوسلو. ففي 1936 كان الصحافي الألماني وداعية السلام كارل فون أوسيتسكي، يعاني في معسكر اعتقال نازي. ثم عام 1975، استُبدل بالفيزيائي السوفياتي والمنشقّ أندريه ساخاروف زوجته إيلينا بونر.

وفي عام 1983، قرّر النقابي البولندي ليخ فاليسا عدم الذهاب إلى أوسلو خشية عدم تمكنه من العودة إلى بلاده.

أما المعارضة البورمية أونغ سان سو تشي، التي مُنحت الجائزة عام 1991 في أثناء وجودها في الإقامة الجبرية، فحصلت على إذن من المجلس العسكري بالذهاب إلى أوسلو، لكنها امتنعت عن ذلك بسبب ليخ فاليسا نفسه.

وفي عام 2010 كان المنشق الصيني ليو شياوبو مسجوناً. وتُرك كرسيه الذي توضع عليه الجائزة فارغاً في بادرة رمزية. كذلك في عام 2022 كان المدافع البيلاروسي عن حقوق الإنسان أليس بيالياتسكي (يُكتب أيضاً بيلياتسكي) مسجوناً، ومثّلته زوجته ناتاليا بينتشوك في حفلة تسلم جائزة «نوبل» للسلام.

مؤسِّس هذه المكافآت العريقة مخترع الديناميت ألفريد نوبل (أ.ف.ب)

جائزة للأحياء مع استثناء

منذ 1974 ينصّ النظام الأساسي لمؤسّسة «نوبل» على أنه لا يمكن منح الجائزة لشخص متوفى، إلا في حال حدوث الوفاة بعد الإعلان عن اسم الفائز. وحتى اعتماد هذه القاعدة رسمياً، مُنحت الجائزة مرتين فقط لشخصين متوفيين، هما الشاعر السويدي إريك أكسل كارلفيلدت («نوبل للآداب» عام 1931)، ومواطنه الأمين العام للأمم المتحدة داغ همرشولد، الذي اُغتيل على الأرجح (جائزة «نوبل للسلام» عام 1961).

وحُجبت الجائزة أيضاً سنة 1948 إثر وفاة غاندي تقديراً له. كذلك حُرم الكندي رالف شتاينمان الحصول على جائزة «نوبل للطب» سنة 2011، إذ علمت لجنة «نوبل» لدى الاتصال به لإبلاغه بالفوز أنه توفي قبل 3 أيام. لكن اسمه لا يزال مدرجاً بين قائمة الفائزين.

أين النساء؟

مع 60 فائزة في تاريخ الجوائز، تقتصر نسبة النساء في قائمة حائزي جوائز «نوبل» على 6 في المائة فقط منذ عام 1901، وفي أدنى القائمة جائزة الاقتصاد (2.2 في المائة)، تليها الجوائز العلمية مجتمعةً (3.7 في المائة). أما على صعيد الأدب، فتبلغ نسبة النساء الفائزات 14.2 في المائة، فيما الوضع أفضل قليلاً على صعيد التمثيل النسائي بين الفائزين بجائزة «نوبل للسلام» (16 في المائة).

ورأت الفائزة الفرنسية بـ«نوبل للآداب» أني إرنو، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عام 2022 أنّ «نوبل» مؤسّسة لـ«الرجال».

رغم البطء، فإن الأمور تتحسن. فمنذ مطلع القرن الحالي، نالت 31 امرأة جوائز «نوبل»، أي ما يقرب من 3 مرات أكثر من عددهنّ في العقدين السابقين. وفي عام 2009 حصل رقم قياسي من 5 نساء على الجائزة، بينهن أول فائزة بجائزة الاقتصاد الأميركية إلينور أوستروم. كما أن أول شخص يفوز بجائزة «نوبل» مرتين كانت امرأة، هي الفرنسية من أصل بولندي ماري كوري (الفيزياء 1903، والكيمياء 1911).

الكاتب والشاعر التشيلي بابلو نيرودا الحاصل على «نوبل» للآداب (أ.ف.ب)

الرياضيات... وخلفيات غيابها

لماذا لا توجد جائزة «نوبل» في الرياضيات؟ في ثمانينات القرن الماضي، دحض باحثون رواية جرى تداولها طويلاً، وتفيد بأنّ ألفريد نوبل تعمّد عدم تخصيص جائزة في هذه الفئة انتقاماً من عشيق عشيقته، عالم الرياضيات ماغنوس غوستا ميتاغ ليفلر. لكنّ شيئاً لا يدعم هذه الفرضية.

أما التفسير الأكثر منطقية لهذا الغياب فهو ذو شقين: في عام 1895، عندما كتب نوبل وصيته، كانت هناك جائزة موجودة بالفعل في السويد للرياضيات، ولم يرَ تالياً أي فائدة من إنشاء جائزة ثانية. إلى ذلك، في بداية القرن العشرين، كانت العلوم التطبيقية مفضّلة من جانب النخب والرأي العام الذين لم يروا أنّ البشرية تَدين بالكثير للرياضيات.

الموعد وضيوف الاحتفال

تُعلَن الجوائز في بداية أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، لكنها تُقدَّم وسط أجواء احتفالية كبيرة في أستوكهولم للجوائز العلمية والاقتصادية والأدبية، وفي أوسلو لجائزة «نوبل» للسلام في 10 ديسمبر (كانون الأول)، ذكرى وفاة مؤسِّس هذه المكافآت، مخترع الديناميت ألفريد نوبل (1833 - 1896).

وفي أستوكهولم، تلي حفلة توزيع الجوائز مأدبة تجمع نحو 1300 ضيف في مقر البلدية، بحضور الملك كارل السادس عشر غوستاف، والملكة سيلفيا.

وفي أوسلو، يجتمع 1000 ضيف لحضور الحفلة في مقر البلدية، تليها مأدبة أصغر في «غراند أوتيل».

وبعد استبعاده من حفلة توزيع الجوائز العام الماضي في أستوكهولم بسبب الحرب في أوكرانيا، استُبعد السفير الروسي مجدداً هذا العام من قائمة المدعوين بعد جدل كبير.

وفي أوسلو، من ناحية أخرى، يخطط معهد «نوبل» النرويجي لدعوة جميع السفراء.


مقالات ذات صلة

تدهور صحة السجينة الإيرانية نرجس محمدي ونقلها إلى المستشفى

شؤون إقليمية نرجس محمدي (رويترز)

تدهور صحة السجينة الإيرانية نرجس محمدي ونقلها إلى المستشفى

وافقت السلطات الإيرانية على نقل السجينة الحائزة على جائزة نوبل للسلام نرجس محمدي إلى المستشفى بعد نحو تسعة أسابيع من معاناتها من المرض.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد الخبير الاقتصادي سايمون جونسون بعد فوزه المشترك بجائزة نوبل في الاقتصاد بمنزله في واشنطن يوم الاثنين 14 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الفائز بـ«نوبل الاقتصاد»: لا تتركوا قادة شركات التكنولوجيا العملاقة يقرّرون المستقبل

يؤكد الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد سايمون جونسون على ضرورة أن يستفيد الأشخاص الأقل كفاءة من الذكاء الاصطناعي، مشدداً على مخاطر تحويل العمل إلى آلي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق خلال إعلان الأكاديمية الملكية السويدية عن فوز ثلاثة أميركيين بجائزة نوبل للاقتصاد (رويترز)

«نوبل الاقتصاد» لـ 3 أميركيين

فاز خبراء الاقتصاد الأميركيون دارون أسيموغلو وسايمون جونسون وجيمس روبنسون، بجائزة «نوبل» في العلوم الاقتصادية، أمس، عن أبحاثهم في مجال اللامساواة في الثروة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد شاشة داخل «الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم» خلال الإعلان عن جائزة «نوبل الاقتصاد» في استوكهولم (رويترز)

عقد من التميز... نظرة على الفائزين بجائزة «نوبل الاقتصاد» وأبحاثهم المؤثرة

على مدار العقد الماضي، شهدت «الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم» تتويج عدد من الأسماء اللامعة التي أحدثت تحولاً جذرياً في فهم الديناميات الاقتصادية المعقدة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد خلال إعلان الأكاديمية الملكية السويدية عن فوز ثلاثة أميركيين بجائزة نوبل للاقتصاد (رويترز)

الفائزون الثلاثة بجائزة نوبل للاقتصاد... سيرة ذاتية

تنشر «الشرق الأوسط» سيرة ذاتية للفائزين الثلاثة بجائزة نوبل للاقتصاد والذين فازوا نتيجة أبحاثهم بشأن عدم المساواة بتوزيع الثروات.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)

ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
TT

ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)

أثبتت دراسة بريطانية حديثة أن الضوضاء البشرية الناتجة عن حركة المرور يمكن أن تخفي التأثير الإيجابي لأصوات الطبيعة في تخفيف التوتر والقلق.

وأوضح الباحثون من جامعة غرب إنجلترا أن النتائج تؤكد أهمية أصوات الطبيعة، مثل زقزقة الطيور وأصوات البيئة الطبيعية، في تحسين الصحة النفسية؛ ما يوفر وسيلة فعّالة لتخفيف الضغط النفسي في البيئات الحضرية، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «بلوس وان».

وتسهم أصوات الطبيعة في خفض ضغط الدم ومعدلات ضربات القلب والتنفس، فضلاً عن تقليل التوتر والقلق الذي يتم الإبلاغ عنه ذاتياً، وفق نتائج أبحاث سابقة.

وعلى النقيض، تؤثر الأصوات البشرية، مثل ضوضاء المرور والطائرات، سلباً على الصحة النفسية والجسدية، حيث ترتبط بزيادة مستويات التوتر والقلق، وقد تؤدي إلى تراجع جودة النوم والشعور العام بالراحة.

وخلال الدراسة الجديدة، طلب الباحثون من 68 شخصاً الاستماع إلى مشاهد صوتية لمدة 3 دقائق لكل منها. تضمنت مشهداً طبيعياً مسجلاً عند شروق الشمس في منطقة ويست ساسكس بالمملكة المتحدة، احتوى على أصوات طبيعية تماماً مثل زقزقة الطيور وأصوات البيئة المحيطة، دون تدخل أي أصوات بشرية أو صناعية، فيما تضمن المشهد الآخر أصواتاً طبيعية مصحوبة بضوضاء مرور.

وتم تقييم الحالة المزاجية ومستويات التوتر والقلق لدى المشاركين قبل الاستماع وبعده باستخدام مقاييس ذاتية.

وأظهرت النتائج أن الاستماع إلى الأصوات الطبيعية فقط أدى إلى انخفاض ملحوظ في مستويات التوتر والقلق، بالإضافة إلى تحسين المزاج.

بالمقابل، أدى إدخال ضوضاء المرور إلى تقليل الفوائد الإيجابية المرتبطة بالمشاهد الطبيعية، حيث ارتبط ذلك بارتفاع مستويات التوتر والقلق.

وبناءً على النتائج، أكد الباحثون أن تقليل حدود السرعة المرورية في المناطق الحضرية يمكن أن يعزز الصحة النفسية للإنسان من خلال تقليل الضوضاء؛ ما يسمح بتجربة أصوات الطبيعة بشكل أفضل.

كما أشارت الدراسة إلى أهمية تصميم المدن بشكل يقلل من الضوضاء البشرية، ما يوفر للسكان فرصاً أكبر للتفاعل مع الطبيعة.

ونوه الفريق بأن هذه النتائج تفتح المجال لإعادة التفكير في كيفية تخطيط المدن بما يعزز التوازن بين التطور الحضري والحفاظ على البيئة الطبيعية، لتحقيق فوائد صحية ونفسية ملموسة للسكان.