محمد فراج لـ«الشرق الأوسط»: الدور ينادي صاحبه والصدق مفتاح الوصول للجماهير

أشاد بدور السعودية في تقديم فن متطور

فريق عمل فيلم «فوي فوي فوي» خلال عرضه في صالات السينما في دبي (فوكس سينما)
فريق عمل فيلم «فوي فوي فوي» خلال عرضه في صالات السينما في دبي (فوكس سينما)
TT

محمد فراج لـ«الشرق الأوسط»: الدور ينادي صاحبه والصدق مفتاح الوصول للجماهير

فريق عمل فيلم «فوي فوي فوي» خلال عرضه في صالات السينما في دبي (فوكس سينما)
فريق عمل فيلم «فوي فوي فوي» خلال عرضه في صالات السينما في دبي (فوكس سينما)

ممثل من الطراز الرفيع، لديه القدرة على تقمص الشخصيات باحترافية، ويتقن أداء الشخصيات المركبة. مر بتحديات كبيرة لانطلاقته. لم يستعجل على البطولة ولم يطلبها، لكنها أتت إليه ووضعته على عرشها، ليصبح نجماً عالمياً ينافس أول أفلامه التي أدى بطولتها على جائزة «الأوسكار»، إنه الممثل محمد فراج.

يشهد له الوسط الفني بالتميز والصدق في أدائه. وصفه المخرج عمر هلال بالصادق في تمثيله، فهو يرى أن فراج لديه موهبة كبيرة وقدرة في إيصال مشاعر الشخصية التي يؤديها للمشاهد، كما أنه يجيد تنوع الأدوار، وأيضاً يعرف كيف يضع الكوميديا في قالب الشخصية التي يؤديها، وليست في قالبه الشخصي. وهذه الأسباب كانت نقاط أساسية لاختياره، فهو فنان ذكي صادق في مشاعره، يعرف كيف يؤدي الشخصية ويقنع المشاهد بحقيقتها.

من الرياضة للتمثيل

يقول فراج لـ«الشرق الأوسط» إن «الدور ينادي صاحبه، والممثل متلقٍّ للأدوار، وله الحرية في قبولها أو رفضها».

بدأ فراج حياته لاعب كرة قدم، ووصل إلى مرحلة الاحتراف في النادي الأهلي لفئة الناشئين، واتجه للتمثيل منذ 23 عاماً، وقضى فيه أكثر من نصف عمره، متنقلاً بين عدة أدوار في المسلسلات والأفلام. وبين محمد فراج الممثل ولاعب الكرة، يرى فراج أن الشغف كان وراء احترافه كل هواية مارسها؛ سواء في كرة القدم أو التمثيل، وكلتاهما تركتا بصمتيهما في تشكيل شخصيته.

فراج يقدس حياته الخاصة، ويرى أن الخصوصية أفضل طريقة للعيش بسلام مع من حوله. ومع علمه بأن الشهرة لها ضريبتها، يحاول بقدر الإمكان الابتعاد عنها والتركيز في أعماله، واستغلال الوقت في قضائه مع زوجته وأصدقائه المقربين، طالباً من الله أن يعطيه خير الشهرة ويبعد عنه شرها، فليس كل مشهور محبوباً وصالحاً في المجتمع.

الممثل محمد فراج (فوكس سينما)

بطولة و«أوسكار»؟

وعن أول بطولة قام بها في فيلم «فوي فوي فوي» الذي رشحته مصر لجائزة «الأوسكار»، يقول فراج: «عندما قرأت دوري في الفيلم الذي يتحدث عن واقعة حقيقية حدثت في عام 2015، بمشاركة نيللي كريم وبيومي فؤاد، وإنتاج مشترك بين (فيلم كلينيك)، و(فوكس ستوديوز)، و(إيميج نيشن أبوظبي) تحمست جداً لمعرفة تفاصيل القصة؛ خصوصاً أن شخصية حسن السيد في الفيلم شخصية حقيقية، وأنا أعشق تجسيد أدوار الشخصيات الحقيقية، ويأخذني الفضول لمعرفة تفاصيل حياتها وسلوكها وطريقة تعاملها مع الآخرين، ومع الأمور الحياتية».

يرى فراج أن شخصية حسن السيد نموذج لشخصيات موجودة بكثرة في كل العالم، وليس في مصر فقط، تركض خلف طموحها وتحقيق أهدافها في ظل ظروف صعبة وقاسية. ولكن حسن السيد يتميز بذكاء عالٍ رغم بساطة تعليمه وحياته، ولديه جرأة في بلورة هذا الذكاء لأفعال ومواقف تساعده على تحقيق حلمه. اختار طريقاً صعبة لقرار مصيري، وتحايل على كل من حوله لإقناعهم بأنه كفيف رغم إبصاره: «في المشهد تحدٍّ كبير يتمثل فيَّ: ما الجديد الذي سيقدمه محمد فراج؟ وما الذي سيفعله ليختلف عن الكل؟».

فراج قال إنه أدى مشاهده وهو كفيف في الفيلم، مغمضاً عينيه، ليعيش الإحساس بشكل حقيقي، مما عرّضه لكثير من المواقف التي أصيب فيها نتيجة التصادم؛ خصوصاً أثناء مشاهد لعب الفريق كرة القدم، وتعرضه لإصابة قال عنها إنها بسيطة نوعاً ما، بعد سقوطه على لوح خشبي به كثير من المسامير.

الارتقاء بالفن

نشأ فراج على المسرح، ويحترم التلفزيون؛ لكنه عاشق للسينما، ويرى في المنصات فائدة كبيرة لتلبية حاجة المستهلكين للثقافة والترفيه، كما أنها تتيح وصول المنتج الفني لشريحة كبيرة من الجمهور، ووضعت الفنانين تحت الضوء المباشر والتقييم والنقد، بسبب توسع شريحة المشاهدين من مختلف الثقافات والجنسيات.

وعن دخول السعودية سوق السينما، رأى فراج أن هذا الوجود سجل علامة فارقة في منطقة الشرق الأوسط، فالسينما في السعودية تتصدر قائمة الأكثر ربحاً في المنطقة منذ افتتاحها من 5 سنوات؛ مشيراً إلى أن هذا الوجود أحدث فرقاً في نوعية الأفلام التي تُقدَّم، وألزم الطامعين بأن يكونوا على قدر المستوى المطلوب.

وقدم فراج نصيحته للمبتدئين في صناعة السينما بالسعودية، بقوله: «اثبتوا على شجاعتكم الفنية وجرأتكم والحماس الذي يراه العالم أجمع؛ ليس فقط في الفن؛ بل أيضاً في الرياضة، فالسعودية وإنجازاتها المنطلقة بسرعة الصاروخ محط أنظار العالم، والكل يشهد على المثابرة الواضحة لعمل فن متطور، وهذا ما شاهدته في أفلام سعودية شاركت في مهرجانات عالمية، وأفلام شاركت في مهرجانات في مصر وحصدت عدة جوائز، وأقول لهم: نشد على أيديكم، ويدنا معكم للارتقاء بالفن العربي».


مقالات ذات صلة

كيف استرجعت ديمي مور شبابها السينمائي في الـ62 من العمر

يوميات الشرق ديمي مور ومارغريت كوالي بطلتا فيلم The Substance المرشح إلى 5 جوائز أوسكار (إنستغرام)

كيف استرجعت ديمي مور شبابها السينمائي في الـ62 من العمر

تنافس الممثلة الأميركية ديمي مور للمرة الأولى على أوسكار أفضل ممثلة عن فيلم The Substance بعد عقودٍ أمضتها في الخيارات السينمائية الخاطئة.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق لم يشهد المهرجان استقراراً بالإدارة الفنية في الدورات الماضية (إدارة المهرجان)

لماذا يُشكّل منصب المدير الفني لـ«القاهرة السينمائي» أزمة؟

أثار اختيار إدارة مهرجان «القاهرة السينمائي» الناقد والمبرمج محمد طارق لتولي منصب المدير الفني للمهرجان تساؤلات بشأن أزمة اختيار هذا المنصب.

يوميات الشرق المخرج توم تايكوَر والممثلة تالا الدين مع فريق عمل فيلم «الضوء» الذي افتتح مهرجان برلين السينمائي (إ.ب.أ)

مهرجان برلين السينمائي... ترمب حاضر وفيلم الافتتاح لم يرق للنقاد

في لقائه مع الصحافة قبل يومين، تحدَّث المخرج تود هاينز، رئيس لجنة التحكيم للدورة الـ75 من مهرجان برلين الذي بدأ في الـ13، وينتهي في الـ23 من الشهر الحالي، عن…

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق تيلدا سوينتون عند تسلُّمها جائزة مهرجان برلين الشرفية (أ.ف.ب)

مهرجان برلين السينمائي 75 وليلة افتتاح لم تخلُ من السياسة

شهد مهرجان برلين افتتاحاً مثيراً للجدل يوم الخميس، الثالث عشر من هذا الشهر، وذلك احتفاء بدورته الجديدة (الخامسة والسبعين) التي تدوم حتى الثالث والعشرين من هذا…

محمد رُضا (لندن)
سينما «الضوء» فيلم الافتتاح (إيه آر پي)‬

خطوات حذرة لـ«مهرجان برلين الدولي» الـ74

تتسلم تريشيا تاتَل، مديرة «مهرجان برلين الدولي» الجديدة مهاماً صعبة العام الحالي، بعضها إداريٌّ وبعضها سياسيٌّ. وقد بدأ المهرجان دورته الـ74 مساء يوم الخميس.

محمد رُضا (لندن)

فك لغز انبعاث روائح «لطيفة» من مومياوات مصرية

باحثون مع توابيت بداخلها مومياوات
باحثون مع توابيت بداخلها مومياوات
TT

فك لغز انبعاث روائح «لطيفة» من مومياوات مصرية

باحثون مع توابيت بداخلها مومياوات
باحثون مع توابيت بداخلها مومياوات

كانت الرائحة من الاعتبارات الرئيسية لدى المصريين القدماء أثناء عملية التحنيط، حيث ارتبطت الروائح الطيبة بأجساد الآلهة ونقاوتها، في حين اعتبرت الروائح الكريهة مؤشرات على فساد الجسد وتحلله. وبعد نحو 5 آلاف عام، غالباً ما يصف المرممون رائحة هذه الجثث المحنطة بأنها «لطيفة»؛ لأنها نتاج راتنجات وزيوت الصنوبر (مثل الصنوبر والأرز والعرعر)، وراتنجات الصمغ (مثل المر واللبان)، والشمع.

في هذا الإطار، كشفت دراسة جديدة أن جثث المومياوات المصرية المحنطة القديمة يفوح منها مزيج من الروائح المثيرة والمميزة ما بين روائح يمكن وصفها بأنها «خشبية» و«توابل» و«حلوة»، ما ساعد الباحثين على كشف تفاصيل جديدة عن ممارسات التحنيط.

وتُعد الدراسة، التي نُشرت في «مجلة الجمعية الكيميائية الأميركية»، الخميس، هي الأولى التي تتم فيها دراسة روائح الجثث المحنطة بشكل علمي ومنهجي من خلال الجمع بين مزيج من التقنيات الآلية والحسية، بما في ذلك «الأنف» الإلكتروني وحاسة «الشم» البشري المدربة.

ومن المأمول أن يساعد استخدام هذا النوع من التحليل الكيميائي في الحفاظ على سلامة المرممين وحماية القطع الأثرية القديمة والحفاظ على تراثها الشمي.

قال المؤلف الرئيسي للدراسة، البروفيسور ماتيجا سترليتش من كلية بارتليت للبيئة والطاقة والموارد بجامعة لندن وجامعة ليوبليانا: «لقد جذبت رائحة الجثث المحنطة لسنوات اهتماماً كبيراً من الخبراء وعامة الناس».

وأضاف في بيان صحافي صادر الخميس: «ولكن لم يتم إجراء أي دراسة علمية كيميائية وإدراكية حتى الآن. يساعدنا هذا البحث في التخطيط بشكل أفضل للحفاظ على المواد القديمة للتحنيط وفهمها. ويضيف مزيداً من البيانات لإثراء المعرض المتحفي للجثث المحنطة».

وأُجري البحث بالتعاون بين فريق من الخبراء في المتحف المصري بالقاهرة وباحثين من سلوفينيا وبولندا والمملكة المتحدة.

وكان التحنيط عند قدماء المصريين ممارسة جنائزية تهدف إلى الحفاظ على الجسد والروح للحياة الآخرة، وذلك من خلال طقوس مفصلة للتحنيط باستخدام الزيوت والشمع والبلسم. وفي حين أجريت معظم الأبحاث حول الجثث المصرية المحنطة حتى الآن في مجموعات بحثية أوروبية، فإن هذه الدراسة تركز على مجموعة المتحف المصري في القاهرة.

باحثتان تأخذان عينات لغرض التحليل الميكروبيولوجي (المتحف المصري)

ووفق الدراسة، فقد كان الهدف هو تقييم ما إذا كانت الروائح المعاصرة تعكس مواد التحنيط، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي المعلومات التي يمكن أن تكون ذات قيمة لتفسير طبيعة هذه المجموعة والحفاظ عليها.

وهو ما علق عليه المؤلف المشارك، البروفيسور علي عبد الحليم، مدير المتحف المصري بالقاهرة: «بالنسبة للمصريين القدماء، كان التحنيط ممارسة جنائزية مهمة تهدف إلى الحفاظ على الجسد والروح للحياة الآخرة من خلال طقوس مفصلة لتحنيط المتوفى باستخدام الزيوت والشمع والبلسم»، مضيفاً أن «الممارسة تطورت بمرور الوقت، ويوفر تحديد التقنيات والمواد المختلفة المستخدمة الآن رؤى حول العصر والموقع والوضع الاجتماعي والاقتصادي للفرد الذي يتم تحنيطه».

وأضاف عالم الآثار المصري حسين عبد البصير، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحضارة المصرية كانت مميزة باستخدام العطور، كما أنهم كانوا يستخدمون الروائح ذات المصادر الخشبية أو الراتنجات للحفاظ على حالة الجسد ومنحه رائحة مميزة»، موضحاً أن استخدام العطور له دلالة مهمة جداً تعرف بخاصية «الاستنشاق» التي تمنح الروح القدرة على التنفس في العالم الآخر واستنشاق روائح ذكية وبالتالي إعطاء الروح القدرة على أن تبعث في هذا العالم الجديد، وهناك من الأدلة الكثيرة التي تظهر النساء في مصر القديمة يمسكن بزهرة اللوتس لاستنشاقها من أجل عودة الجسد للحياة مرة أخرى في العالم الآخر.

وأضافت الدكتورة سيسيليا بيمبيبر من كلية بارتليت للبيئة والطاقة والموارد بجامعة لندن: «هناك جانبان بارزان في هذه الدراسة. لقد تم الكشف عن معلومات جديدة من خلال الروائح، مما يسلط الضوء على أهمية استخدام حواسنا لفهم الماضي».

وتوضح: «في حين أجريت معظم الدراسات على الجثث المحنطة في المتاحف الأوروبية حتى الآن، فقد عملنا هنا عن كثب مع زملاء مصريين لضمان تمثيل خبراتهم وتجاربهم، وقمنا معاً بتطوير نهج أخلاقي لدراسة الجثث المحنطة».

مجموعة مختارة من الجثث المحنطة الموجودة بمنطقة العرض في المتحف المصري بالقاهرة (المتحف المصري)

استخدم الباحثون جهاز «كروماتوجرافيا الغاز» مقترناً بجهاز «مطياف الكتلة» لقياس وتحديد كمية المواد الكيميائية المنبعثة من 9 جثث محنطة مصرية قديمة معروضة ومخزنة في المتحف المصري بالقاهرة. بالإضافة إلى ذلك، وصفت مجموعة من «المستنشقين» البشر المدربين الروائح من حيث الجودة والشدة والمتعة.

تقدم هذه البيانات الجديدة أدلة حول المواد المستخدمة في التحنيط وكيف تطورت الممارسات والمكونات، فضلاً عن الكشف عن تفاصيل حول كيفية حفظ المتاحف للبقايا لاحقاً.

وبدمج هذه الأساليب معاً، تمكن الباحثون من تحديد ما إذا كانت الرائحة الكيميائية المنبعثة من القطعة الأثرية ناتجة عن منتجات الحفظ أو المبيدات الحشرية التي ربما أضيفت لاحقاً، أو من خلال التدهور الطبيعي للقطعة على مر السنين بسبب العفن والبكتيريا والكائنات الحية الدقيقة الأخرى. وأثبت البحث فاعلية الرائحة كطريقة غير جراحية وغير مدمرة لأجسام المومياوات لتصنيف وتحليل البقايا القديمة كيميائياً.

وهو ما علق عليه عبد البصير بأن التزاوج بين العلوم التطبيقية الحديثة وعلوم المصريات يضفي على النتائج المزيد من الدقة العلمية، وهو ما أسهم في التوصل إلى نتائج قاطعة للعديد من القصص القديمة التي لم تُحسم بشكل كامل.