ماذا يحدث عندما يجتمع المئات من علماء الآثار في «مركز زجاجي» في قلب الصحراء؟ سؤال طرحته شبكة «سي إن إن» الأميركية، بعدما اجتمع خلال الأسبوع الماضي خبراء من جميع أنحاء العالم في مركز «مرايا» الثقافي المتلألئ والمغطى بالمرايا بالقرب من واحة العلا في السعودية، لحضور افتتاح «قمة العلا العالمية للآثار».
وأعطى الحدث وجهات نظر جديدة حول بعض الأسرار القديمة، التي تم اكتشافها في السعودية، التي تستثمر مليارات الدولارات لإبراز ماضيها الشيق والغامض والتاريخي أمام حركة السياحة العالمية. ومن أبرز أهداف القمة كانت المساعدة في رسم مسار السعودية نحو السياحة التراثية المستدامة.
ومُنح الخبراء فرصة استثنائية للوصول إلى مجموعة من الاكتشافات القديمة التي لم تكن حتى السنوات القليلة الماضية موجودة على الخريطة الأثرية المعروفة للجميع. ووفقاً لـ«سي إن إن» يعد علم الآثار شغفاً لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قائد مسيرة التطوير والنهضة في المملكة؛ لتنويع مداخيل الاقتصاد السعودي من خلال جلب السياح للاستمتاع بالمواقع التراثية، إلى جانب المنتجعات الفاخرة.
10 لغات أفريقية قديمة
وبوجود المقابر الأثرية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، بالإضافة إلى استكشاف عدد لا يحصى من المواقع الأخرى، وتطوير واحة العلا، تشهد السعودية اكتشافات أثرية «رائعة».
ووفقاً للشبكة الأميركية فقد «تم اكتشاف ما يصل إلى 10 لغات قديمة من شمال أفريقيا» في صحراء السعودية التاريخية، كما تُظهر الاكتشافات الأثرية أن البشر عاشوا في محيط واحة العلا قبل نحو 200 ألف عام على الأقل، حيث وصلوا إليها بعد مغادرة أفريقيا عن طريق سيناء.
وكانت قطعة حرير قديمة، تم العثور عليها أخيراً، دليلاً على امتداد طرق التجارة القديمة جنوباً إلى «الهند أو الشرق الأقصى».
حياة «خضراء مزدهرة»!
وفي متحف العلا، الذي تم تجديده، نجد في غرفة تخزين القطع الأثرية - المزدحمة - كيساً شفافاً يحتوي على ما يشبه قرناً أصفر ضخماً لحيوان «الأرخص»، وهو سلالة انقرضت في القرن السابع عشر، من الماشية المستأنسة اليوم، ولكن أكبر حجماً.
ويعطي هذا دلائل على أن الماشية كان يمكنها أن تبقى على قيد الحياة في هذه المنطقة الصحراوية، ما يعني أنها كانت خضراء مزدهرة في وقت ما و«كان المطر أكثر».
أيضاً تم اكتشاف تماثيل صغيرة مكسورة، من المرجح أنها تعود للأشخاص الذين أداروا طرق تجارة البخور والتوابل عبر العلا قديماً.
ترابط الحضارات القديمة
ووفقاً لـ«سي إن إن»، فقد تم العثور على مئات القطع والحفريات الأثرية في هذه البقعة، يتم فرزها حسب الأهمية، بهدف عرض عديد من هذه «الكنوز المكتشفة». وتعد العملات المعدنية المكتشفة من أكبر الأدلة حول الحضارات التي كانت العلا موطناً لها ذات يوم.
وحسب أحد الخبراء الأثريين، فإن المنطقة المحيطة بالعلا «مذهلة»، مشيراً إلى أن بها «بعضاً من أروع الآثار في العالم». ويقول عالم الآثار آدم فورد: «في الماضي، كنا نظن أن الحضارات أقل ترابطاً»، ويضيف أن ما تم اكتشافه في العلا يشير إلى أن «العالم القديم كان أكثر ترابطاً مما نعتقد».