الموت يغيّب المخرج المصري منير راضي

أخرج «أيام الغضب» و«زيارة السيد الرئيس» و«فيلم هندي»

المخرج منير راضي (أرشيفية)
المخرج منير راضي (أرشيفية)
TT

الموت يغيّب المخرج المصري منير راضي

المخرج منير راضي (أرشيفية)
المخرج منير راضي (أرشيفية)

شيع الوسط الفني المصري المخرج السينمائي منير راضي، ظُهر السبت، بعدما وافته المنية عن عمر ناهز 80 عاماً، ونعت نقابة المهن السينمائية في مصر المخرج الراحل، كما نعته شقيقته المطربة الكبيرة عفاف راضي، عبر صفحتها في موقع «فيسبوك»، وكتبت: «إنا لله وإنا إليه راجعون، توفي إلى رحمة الله، شقيقي الغالي، المخرج منير راضي».

وينتمي المخرج الراحل لعائلة راضي الفنية التي ضمت المخرج المسرحي والممثل السيد راضي، والمخرج السينمائي محمد راضي، وشقيقه مدير التصوير السينمائي د. ماهر راضي.

وبدأ منير راضي مسيرته الفنية عقب تخرجه في معهد السينما، قسم الإخراج، عام 1976، وقد عمل في البداية مساعد مخرج لابن عمه المخرج محمد راضي في أفلام «أبناء الصمت»، و«المقيدون إلى الخلف»، و«الحاجز».

بوستر فيلم «زيارة السيد الرئيس» (أرشيفية)

ثلاثة أفلام ناجحة شكّلت مسيرة منير راضي هي «أيام الغضب»، و«زيارة السيد الرئيس»، و«فيلم هندي»، وجاء أول أفلامه «أيام الغضب» عام 1989 الذي كتبه السيناريست بشير الديك، ولعب بطولته نور الشريف، ويسرا، وإلهام شاهين، ونجاح الموجي، وحقق الفيلم نجاحاً لافتاً، تبعه فيلم «زيارة السيد الرئيس» عام 1994 من بطولة محمود عبد العزيز أمام نجاح الموجي، وهياتم، وأحمد راتب، الذي كتب قصته الأديب يوسف القعيد، وتناول في إطار كوميدي اجتماعي شائعة زيارة الرئيس الأميركي إحدى القرى المصرية خلال زيارته لمصر، فتنقلب أحوال القرية، وتطفو على السطح أشكال الفساد والنفاق والدجل جميعها.

ثم جاء ثالث أفلامه «فيلم هندي» عام 2003، الذي لعب بطولته أحمد آدم، وصلاح عبد الله، ومنة شلبي، وتطرق فيه لعلاقة صداقة قوية تجمع بين سيد وعاطف في حي شبرا.

ويفسر السيناريست بشير الديك انسحاب منير راضي من الوسط السينمائي قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «كان لديه كبرياء وأنفة، ويتمتع بعزة نفس، ولم يكن متكالباً على السينما مثلما لم يكن متكالباً على الحياة»، مؤكداً أنه هاتَف المخرج الراحل، قبل أيام، ولم يكن مريضاً أو يشكو من شيء.

«كان راضي يراهن دائماً على الفن وليس على الجانب التجاري، فهو ينتمي لمخرجي الثمانينات أمثال؛ داود عبد السيد، وخيري بشارة، ومحمد خان، وعاطف الطيب، الذين يمثلون جيلاً مهماً للغاية، وقد تأخر منير عنهم قليلاً».

الناقد طارق الشناوي

وعَدّ الناقد طارق الشناوي منير راضي، أحد أهم مخرجي السينما المصرية، وإحدى ضحاياها في الوقت نفسه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن فيلمه الأول «أيام الغضب» حظي بمكانة مميزة، بعدها أخرج فيلم «زيارة السيد الرئيس» الذي ينتمي للفانتازيا، لكن «فيلم هندي» جاء أقل مستوى، ولم تكتمل تجربته فنياً على الرغم من أنه كان صاحب رؤية سياسية واجتماعية، وصاحب موهبة حقيقية، وينتمي لعائلة فنية، وكانت لديه مشروعات فنية متعددة، لكنّه لم يتمكن من تنفيذها لظروف السوق السينمائية.

وأكد أنه كان «يراهن دائماً على الفن وليس على الجانب التجاري، فهو ينتمي لمخرجي الثمانينات أمثال؛ داود عبد السيد، وخيري بشارة، ومحمد خان، وعاطف الطيب، الذين يمثلون جيلاً مهماً للغاية، وقد تأخر منير عنهم قليلاً».

ويشير الشناوي إلى أن المخرج الراحل كان «يتمتع بسعة أفق، الأمر الذي يجعله يستمع لآراء فريق العمل، بدليل أنه استجاب لاقتراح الفنان نجاح الموجي بإضافة أغنية (اتفضل من غير مطرود) ضمن أحداث فيلم (أيام الغضب)، التي حققت نجاحاً وتماساً مع الجمهور، والتي تعدّ من أبدع أغاني الأفلام التي وُظّفت وصُوّرت بشكل جيد، غير أنه لم يتمكن من استكمال طريقه مخرجاً، وبقي على مدى أكثر من 20 عاماً بعيداً عن الاستوديو».


مقالات ذات صلة

السينما المصرية في 2024... إيرادات قياسية وولادة مخرجات جديدات

يوميات الشرق أبطال الفيلم مع المخرج طارق العريان (حساب كريم قاسم على «فيسبوك»)

السينما المصرية في 2024... إيرادات قياسية وولادة مخرجات جديدات

شهدت السينما المصرية أحداثاً وظواهر عدة خلال عام 2024... لكن 3 منها كانت لافتة وجديرة بتسليط الضوء عليها.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل مشعل المطيري في مشهد من فيلم «هوبال» الذي يبدأ عرضه هذا الأسبوع (الشرق الأوسط)

الأفلام السعودية في 2024... نضج التجربة وغزارة الإنتاج

ساعات قليلة تفصلنا عن نهاية عام 2024 الذي شكّل فترة استثنائية للمشهد السينمائي السعودي، مع عرض أكثر من 10 أفلام محليّة في صالات السينما خلال هذا العام.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق أبطال الفيلم في المشهد الأخير (الشركة المنتجة)

«بضع ساعات في يوم ما» يعيد النصّ الروائي إلى السينما المصرية

يطرح العمل 5 حكايات تدور أحداثها خلال 8 ساعات، وفي كل ساعة يظهر على الشاشة عدّاد يعلن فصلاً جديداً يتطرّق إلى علاقات حبّ وزواج تتبدّل فيها مشاعر الأبطال.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثلة البريطانية أوليفيا هاسي مع مخرج فيلم «روميو وجولييت» فرانكو زيفيريلي (يسار)، والممثل لينارد وايتنغ بعد العرض الأول للفيلم في باريس في 25 سبتمبر 1968 (أ.ب)

وفاة نجمة فيلم «روميو وجولييت» أوليفيا هاسي عن 73 عاماً

تُوفيت الممثلة البريطانية أوليفيا هاسي أمس (الجمعة) عن 73 عاماً، بحسب ما أعلنت عائلتها.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
سينما بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)

«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

أطلقت «هوليوود» منذ مطلع القرن الحالي مئات الأفلام بأجزاء متسلسلة فأصبح اهتمامُ الجمهور بالفيلم وليس بالممثل

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز (كاليفورنيا))

السينما المصرية في 2024... إيرادات قياسية وولادة مخرجات جديدات

أبطال الفيلم مع المخرج طارق العريان (حساب كريم قاسم على «فيسبوك»)
أبطال الفيلم مع المخرج طارق العريان (حساب كريم قاسم على «فيسبوك»)
TT

السينما المصرية في 2024... إيرادات قياسية وولادة مخرجات جديدات

أبطال الفيلم مع المخرج طارق العريان (حساب كريم قاسم على «فيسبوك»)
أبطال الفيلم مع المخرج طارق العريان (حساب كريم قاسم على «فيسبوك»)

شهدت السينما المصرية أحداثاً وظواهر عدة خلال عام 2024، لكن 3 منها كانت لافتة وجديرة بتسليط الضوء عليها، وهي الإيرادات القياسية التي حققتها، وتسجيل أفلامها حضوراً مميزاً بالمهرجانات الدولية الكبرى، بالإضافة إلى ظهور 7 مخرجات جديدات للمرة الأولى قدمن أعمالاً حققت نجاحاً نقدياً.

قفزات بالإيرادات

تصدَّر قائمة الإيرادات لعام 2024 فيلم «ولاد رزق 3: القاضية»، الذي دعمت إنتاجه «هيئه الترفيه» السعودية، وتم تصوير بعض مشاهده بـ«موسم الرياض»، وأدى بطولته أحمد عز وعمرو يوسف وآسر ياسين، وهو من إخراج طارق العريان، وحاز المركز الأول محققاً إيرادات بلغت 260 مليوناً و226 ألف جنيه مصري (الدولار يساوي 50.87 جنيه مصري)، فيما احتل فيلم «X مراتي» المركز الثاني بإيرادات قدرها 92 مليوناً و797 جنيهاً، وهو من بطولة هشام ماجد وأمينة خليل ومحمد ممدوح وإخراج معتز التوني، وجاء في المركز الثالث فيلم «شقو» لعمرو يوسف ويسرا ودينا الشربيني وإخراج كريم السبكي، محققاً 78 مليوناً و815 جنيهاً.

السينما المصرية التي شهدت عرض 45 فيلماً روائياً طويلاً في عام 2024، انتعشت بفضل الدماء الجديدة التي انضمت إليها، عبر مخرجين جدد عرضت مهرجانات دولية كبرى أعمالهم، وأحرز بعضهم جوائز مهمة، على غرار ندى رياض وأيمن الأمير مُخرجيْ فيلم «رفعت عيني للسما» المتوَّج بجائزة «العين الذهبية» بمهرجان «كان»، وهي المرة الأولى التي يفوز فيها فيلم مصري بهذه الجائزة، وفيلم «معطر بالنعناع» للمخرج محمد حمدي الذي شارك بـ«أسبوع النقاد» بـ«مهرجان فينسيا»، وفيلم «شرق 12» للمخرجة هالة القوصي الذي عُرِض ضمن تظاهرة «نصف شهر المخرجين» بمهرجان «كان» السينمائي.

فيلم «رفعت عيني للسما» الذي حاز على جائزة «العين الذهبية» بمهرجان «كان» (الشركة المنتجة)

كما شارك فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» للمخرج خالد منصور بمهرجان «فينيسيا»، وحاز على جائزة «لجنة التحكيم» بمسابقة «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» الذي ساهم بدورته الرابعة في الكشف عن أفلام مهمة، من بينها فيلم «سنو وايت» لمخرجته تغريد أبو الحسن، وفيلم «ضي» للمخرج كريم الشناوي الذي افتتح دورته الماضية، وهو إنتاج مصري سعودي، وتم اختياره للعرض بـ«مهرجان برلين»، في دورته المقبلة (2025).

مخرجات جديدات

وشهد عام 2024 ميلاد 7 مخرجات جديدات قدمن أفلامهن الطويلة الأولى التي شهدت تنوعاً كبيراً بين الرومانسية والاجتماعية والكوميدية، وهن كوثر يونس بفيلم «مقسوم»، وهبة يسري بفيلم «الهوى سلطان»، ونهى عادل بفيلم «دخل الربيع يضحك»، وزينة أشرف عبد الباقي بفيلم «مين يصدق»، وجيلان عوف بفيلمها «الفستان الأبيض»، وتغريد أبو الحسن بفيلم «سنووايت»، كما أقدمت الفنانة دُرة على تقديم أولى تجاربها مخرجةً في الفيلم الوثائقي الطويل: «وين صرنا»، الذي شارك بمهرجانَي «القاهرة» و«قرطاج».

المخرجة زينة عبد الباقي وفريق فيلمها الأول «مين يصدق» (الشركة المنتجة)

وتضع الناقدة ماجدة خير الله فارقاً بين السينما المستقلة التي أفرزت أفلاماً قليلة الميزانية استطاعت تمثيل مصر في مهرجانات مهمة، دون اعتماد على نجوم في بطولتها، وانطوت على جرأة وإصرار على تقديم أفكار مغايرة، فيما لم تحرز السينما التجارية أي تقدُّم، حيث تدور في نفس فلك الكوميديا و«الأكشن»، وفق تعبيرها، مضيفة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «فيلم (الهوى سلطان) حقَّق مفاجأة، لأنه جمع بين الرومانسية المغلفة بكوميديا بسيطة، وهو يمثل رجوعاً لدور المرأة في السينما تماماً، مثل فيلم منى زكي (رحلة 404) الذي ترشح لـ(الأوسكار)»، كما ترى خير الله أن ظاهرة المخرجات الجديدات «أمر مبشِّر لم يحدث منذ زمن».

مخاوف مشروعة

ومن الظواهر الإيجابية التي شهدتها السينما المصرية خلال عام 2024، وفق الناقد رامي عبد الرازق، مشاركة أفلام مصرية بشكل مميز في مهرجانات دولية، في ظل إنتاج سينمائي اتسم بالتنوع، واعتمد أفكاراً جديدة، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الوقوف عند نوعيات الأكشن أو الكوميديا فقط يجعل السينما تخسر جمهوراً لا تستهويه هذه الأفلام».

وبينما تتوقف خير الله عند منع عرض فيلم «الملحد»، والفيلم القصير «آخر المعجزات»، متمنية أن يكون هناك تاريخ جديد للرقابة تتوقف فيه عن قرارات المنع، يرى عبد الرازق أن تغيير مسؤول جهاز الرقابة على الأفلام خطوة إيجابية، لأن المهام الثقافية تعتمد على التفاعل الدائم، وأن ثبات الشخص في مكانه لا يحقق هذا التفاعل، متمنياً أن يمتد الأمر لتحقيق رؤية رقابية جديدة تتواكب مع الزمن الحالي بكل متغيراته.

ويلفت الناقد المصري إلى ارتفاع أسعار تذاكر السينما قائلاً إن الجمهور المصري يتردد على السينما منذ أكثر من 100 عام، ومثَّلت رافداً مهماً من ثقافته واهتماماته، مؤكداً أن رفع سعر التذكرة يمثل خسارة للجميع.

ولا يعتقد المخرج أمير رمسيس أن الصورة كانت إيجابية في السينما المصرية عام 2024. وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن الإنتاج السنوي هو المقياس الحقيقي لازدهار الصناعة التي لا تنمو بعدة أفلام شاركت في مهرجانات ولا بعدد أفلام ثابت حقق قفزة بالإيرادات». ويرى رمسيس أن «التقييم الأعم يُقاس بالأفلام متوسطة الميزانية التي بات من المستحيل إنتاجها، بسبب ارتفاع أسعار الخامات والأزمة الاقتصادية والرسوم المفروضة على صناعة الفيلم».

لقطة من فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» (الشركة المنتجة)

وفي الختام، طالَبَ المخرج المصري بإقرار تسهيلات في رسوم التصوير بالشوارع ومختلف الأماكن، وحلّ معوقات كثيرة تعطِّل الصناعة، مشيراً إلى أن «أزمة منع فيلم (الملحد) تدعو للخوف، حين يكون لدى أي سينمائي فيلم أُجيز رقابياً ثم يتم منع عرضه»؛ ما عَدَّه «شيئاً مخيفاً على مستوى استمرارية الصناعة التي قد تواجه خطراً ما لم يحدث تغير بوجود نظام واضح للإنتاج بشكل مستقر» على حد تعبيره.