بيونسيه... الظاهرة الاقتصاديّة الخارقة

توقّعات بأن تفوق إيرادات جولة المغنّية العالمية ملياري دولار

بيونسيه خلال حفلها في لاس فيغاس من ضمن جولتها العالمية Renaissance (إنستغرام)
بيونسيه خلال حفلها في لاس فيغاس من ضمن جولتها العالمية Renaissance (إنستغرام)
TT

بيونسيه... الظاهرة الاقتصاديّة الخارقة

بيونسيه خلال حفلها في لاس فيغاس من ضمن جولتها العالمية Renaissance (إنستغرام)
بيونسيه خلال حفلها في لاس فيغاس من ضمن جولتها العالمية Renaissance (إنستغرام)

«تخطّيت رغبتي في أن أكون نجمة في عالم الموسيقى، وما عدت أطمح إلى أن أكون فتاة جميلة. أريد أن أصبح أيقونة»، قالتها بيونسيه منذ سنوات. كان عليها انتظار اللحظة المناسبة حتى تضع اللمسات الأخيرة على طموحها هذا، وقد حانت اللحظة مع انطلاقة جولتها العالميّة «Renaissance» (نهضة).

لم تستعجل بيونسيه على رزقها، فالمغنّية الأميركيّة معروفة بتأنّيها أكان في الإصدارات أم في الحفلات. وبما أنّ التأنّي والسلامة رفيقان لا يفترقان، فقد تخطّت إيرادات الجولة الموسيقية منذ انطلاقها من السويد مطلع مايو (أيار) 2023 وحتى اللحظة 500 مليون دولار.

«أثر بيونسيه»

أحيت بيونسيه حتى الآن 52 حفلة، متنقّلةً بين عدد كبير من المدن الأوروبية والبريطانية وكندا والولايات المتحدة الأميركية. تبقّى على روزنامة الجولة 4 مواعيد، وما إن تودّع الفنانة السمراء جمهورها بعد الحفل الأخير ضمن الجولة في ولاية ميسوري في 1 أكتوبر (تشرين الأول)، حتى يرتفع عدّاد الإيرادات إلى مليارَين و400 مليون دولار، وفق توقّعات مجلّة «فوربس».

تتوقع مجلّة «فوربس» أن تصل إيرادات جولة بيونسيه إلى 2,4 مليار دولار (إنستغرام)

يبلغ المعدّل الأعلى لثمن البطاقة الواحدة 700 دولار، غير أنّ محبّي بيونسيه مستعدّون للاستثمار في تجربة كهذه. كيف لا، وهم انتظروا عودة محبوبتهم إلى العروض الغنائية المباشرة بعد 7 سنوات على جولتها الأخيرة «The Formation Tour». توافدَ مليون ونصف مليون شخص إلى الحفلات حتى اللحظة، محطّمين الأرقام القياسيّة عالمياً في مبيعات البطاقات؛ ما جعل من «Renaissance» الجولة الموسيقيّة الأكثر ربحيّةً بين جولات الفنانات الإناث عبر التاريخ.

بذلك، تكون بيونسيه قد سبقت فنانةً لطالما رأت فيها مثالاً أعلى؛ هي سرقت اللقب من مادونا التي جمعت جولتها «Sticky & Sweet» بين 2008 و2009، 408 ملايين دولار. وفيما كان المراقبون يتوقّعون أن تصبح تايلور سويفت الملكة الجديدة للجولات الموسيقيّة بعد النجاح الهائل لجولتها «Eras» (حقبات)، اتّضح وفق «فوربس» أن بيونسيه ستسبق زميلتها بنصف مليون دولار من الإيرادات تقريباً.

تقود بيونسيه الجولة الموسيقيّة الأكثر ربحيّةً بين جولات الفنانات الإناث عبر التاريخ (إنستغرام)

أبعد من الأرقام، تحوّلت جولة بيونسيه إلى ظاهرة اقتصاديّة خارقة. كلّما حطّت الفنانة رحالها في مدينة، جلبت إليها الانتعاش الماليّ. وهذا ما اتّضح منذ العرض الأوّل في أستوكهولم، حيث شهدت العاصمة السويديّة تضخّماً غير متوقّع، جرّاء حجوزات الفنادق والمطاعم ووسائل النقل، إلى جانب الحركة التجاريّة في الأسواق.

انسحب النموذج السويديّ على المدن الأوروبية والبريطانيّة والولايات الأميركية، مع تهافت عشّاق بيونسيه إليها وإقبالهم على متاجرها وفنادقها ومطاعمها. لم تتردّد «بي بي سي» في وصف جولة بيونسيه بـ«اللحظة الاقتصاديّة الكبيرة»، لما ضخّت من انتعاش في اقتصادات الدول، وذهبت الشبكة البريطانية إلى حدّ استخدام تسمية «أثر بيونسيه».

«بلو آيفي»

استغرق تجهيز المسرح الذي تطلّ عليه بيونسيه عاماً ونصف العام من العمل. هو مؤلّف من جزأين تتنقّل بينهما خلال الحفل الذي يمتدّ ساعتين ونصفا من الوقت. في الخلفيّة دائرة كبيرة مرصوصة بالأضواء، وكأنها جسرٌ يصل بين المسرحَين. يُقسَم العرض إلى 6 أجزاء ينطلق كلٌ منها مع أغانٍ من الألبوم الجديد «Renaissance»، لتلحقها أعمال من أرشيف بيونسيه الحافل.

تطلّ بيونسيه على مسرح ضخم استغرق تصميمه سنة ونصفا (إنستغرام)

«الملكة بي»، كما يطلق عليها جمهورها، ليست حتماً وحيدة على الخشبة. إلى جانب عشرات العازفين والراقصين، تجري الاستعانة بديكورات مبهرة وصادمة أحياناً. فجأةً تدخل إلى المسرح على صهوة حصان فضّيّ بمقاييس خياليّة، ثم تطلّ هي على متن دبّابة. لا تنتهي المفاجآت هنا، إذ تحتضن بيونسيه ذراعي رجُلٍ آليّ وهي تغنّي أمام ذهول الجمهور. أما في فقرة عالم البِحار، فتخرج من قلب صَدفة ضمن إطلالة مستوحاة من لوحة «ولادة فينوس» لبوتيتشيللي.

ديكورات جولة بيونسيه مبهرة ومن بينها الصدفة الضخمة التي تخرج منها المغنّية (إنستغرام)

بعد انقضاء 4 أشهر على انطلاقة العرض، جرى إحصاء 120 «لوكاً» أطلّت بها بيونسيه. تستعين في تلك الإطلالات الخارجة عن المألوف بكبار عالم الموضة وتصميم الأزياء، من بينهم ألكسندر ماكوين، وتييري موغلر، وبالمان، وإيلي صعب، وجورج حبيقة، وغيرهم.

إلا أنّ المفاجأة الكبرى في الجولة، والتي كادت تسرق الأضواء من بيونسيه، هي ابنة الفنانة «بلو آيفي» والبالغة 11 عاماً. منذ عرض باريس في 26 مايو، انضمّت الفتاة إلى والدتها راقصةً على أغنيتَي «My Power» و«Black Parade».

تشارك بلو آيفي (11 عاماً) والدتها الرقص ضمن أغنيتين من العرض (إنستغرام)

جذب أداء بلو آيفي الأنظار ولاقى استحسان الصحافة. بدت الابنة متمكّنةً من حركاتها الراقصة ومن الثقة على المسرح، التي ورثتها عن والدتها وعن والدها مغنّي الراب الأميركي «جاي زي».

إضافةً إلى النجمة الصغيرة، استضاف مسرح بيونسيه كبار النجوم أمثال «دي جي خالد» الذي افتتح عرضَي لوس أنجليس لليلتَين متتاليتَين. أما مساء 4 سبتمبر (أيلول)، واحتفالاً بعيد ميلاد بيونسيه، فأطلّت أسطورة الديسكو ديانا روس لتغنّي «هابي بيرثداي بيونسيه».

احتفلت الفنانة ديانا روس بعيد ميلاد بيونسيه على المسرح معها في كاليفورنيا (إنستغرام)

انضمّ إلى مئات آلاف الحضور زملاء بيونسيه في عالم الموسيقى والنجوميّة، فتوافدوا إلى حفلاتها تشجيعاً لها وإعجاباً بها. ومن بين المشاهير الذين شوهدوا وهم يصفّقون لأغاني النجمة، السير بول مكارتني، شاكيرا، أريانا غراندي، سيلينا غوميز، آديل، كيتي بيري... كما حضرت إحدى الحفلات نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس. وشوهد بين الحضور الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل.

بيونسيه على صهوة الحصان الفضّي الضخم (إنستغرام)

بانتظار اختتام العروض مطلع الشهر المقبل واتّضاح غلّة حصاد الأشهر الخمسة من الجولة العالميّة، يُضاف إلى الإبهار البصريّ والظاهرة الاقتصاديّة، محتوى فنّي عالي المستوى وأداءٌ صوتيّ لافت. تعليقاً على رحلة بيونسيه حول القارّتين الأوروبية والأميركيّة، قالت صحيفة «الغارديان» البريطانيّة إنّه «أعظم عرض لموسيقى البوب على الكرة الأرضيّة»، مضيفةً أنه سيبدّل حتماً قواعد اللعبة في قطاع صناعة الموسيقى.


مقالات ذات صلة

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يوميات الشرق لها في كل بيتٍ صورة... فيروز أيقونة لبنان بلغت التسعين وما شاخت (الشرق الأوسط)

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يُضاف إلى ألقاب فيروز لقب «سيّدة الصمت». هي الأقلّ كلاماً والأكثر غناءً. لكنها عندما حكت، عبّرت عن حكمةٍ بسيطة وفلسفة غير متفلسفة.

كريستين حبيب (بيروت)
خاص فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص «حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

في الحلقة الثالثة والأخيرة، نلقي الضوء على نشوء «حزب الفيروزيين» في لبنان وسوريا، وكيف تحول صوت فيروز إلى ظاهرة فنية غير مسبوقة وعشق يصل إلى حد الهوَس أحياناً.

محمود الزيباوي (بيروت)
خاص فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

فيما يأتي الحلقة الثانية من أضوائنا على المرحلة الأولى من صعود فيروز الفني، لمناسبة الاحتفال بعامها التسعين.

محمود الزيباوي (بيروت)
يوميات الشرق فيروز في صورة غير مؤرّخة من أيام الصبا (أرشيف محمود الزيباوي)

فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

منذ سنوات، تحوّل الاحتفال بعيد ميلاد فيروز إلى تقليد راسخ يتجدّد يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث تنشغل وسائل الإعلام بمختلف فروعها بهذه المناسبة، بالتزامن

محمود الزيباوي ( بيروت)
خاص فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

عشية عيدها الـ90 تلقي «الشرق الأوسط» بعض الأضواء غير المعروفة على تلك الصبية الخجولة والمجهولة التي كانت تدعى نهاد وديع حداد قبل أن يعرفها الناس باسم فيروز.

محمود الزيباوي (بيروت)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
TT

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة، وأكد أنه يعود للسينما بأحدث أفلامه «الغربان» الذي قام بتصويره على مدى 4 سنوات بميزانية تقدر بنصف مليار جنيه (الدولار يساوي 49.73 جنيه)، وأن الفيلم تجري حالياً ترجمته إلى 12 لغة لعرضه عالمياً.

وأضاف سعد خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الخميس، أنه يظهر ضيف شرف لأول مرة من خلال فيلم «الست» الذي يروي سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وتقوم ببطولته منى زكي وإخراج مروان حامد، ومن إنتاج صندوق «بيج تايم» السعودي و«الشركة المتحدة» و«سينرجي» و«فيلم سكوير».

وعرض سعد لقطات من فيلم «الغربان» الذي يترقب عرضه خلال 2025، وتدور أحداثه في إطار من الحركة والتشويق فترة أربعينات القرن الماضي أثناء معركة «العلمين» خلال الحرب العالمية الثانية، ويضم الفيلم عدداً كبيراً من الممثلين من بينهم، مي عمر، وماجد المصري، وأسماء أبو اليزيد، وهو من تأليف وإخراج ياسين حسن الذي يخوض من خلاله تجربته الطويلة الأولى، وقد عدّه سعد مخرجاً عالمياً يمتلك موهبة كبيرة، والفيلم من إنتاج سيف عريبي.

وتطرق سعد إلى ظهوره ضيف شرف لأول مرة في فيلم «الست» أمام منى زكي، موضحاً: «تحمست كثيراً بعدما عرض علي المخرج مروان حامد ذلك، فأنا أتشرف بالعمل معه حتى لو كان مشهداً واحداً، وأجسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، ووجدت السيناريو الذي كتبه الروائي أحمد مراد شديد التميز، وأتمنى التوفيق للفنانة منى زكي والنجاح للفيلم».

وتطرق الناقد رامي عبد الرازق الذي أدار الحوار إلى بدايات عمرو سعد، وقال الأخير إن أسرته اعتادت اصطحابه للسينما لمشاهدة الأفلام، فتعلق بها منذ طفولته، مضيفاً: «مشوار البدايات لم يكن سهلاً، وقد خضت رحلة مريرة حتى أحقق حلمي، لكنني لا أريد أن أسرد تفاصيلها حتى لا يبكي الحضور، كما لا أرغب في الحديث عن نفسي، وإنما قد أكون مُلهماً لشباب في خطواتهم الأولى».

عمرو سعد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (إدارة المهرجان)

وأرجع سعد نجاحه إلي «الإصرار والثقة»، ضارباً المثل بزملاء له بالمسرح الجامعي كانوا يفوقونه موهبة، لكن لم يكملوا مشوارهم بالتمثيل لعدم وجود هذا الإصرار لديهم، ناصحاً شباب الممثلين بالتمسك والإصرار على ما يطمحون إليه بشرط التسلح بالموهبة والثقافة، مشيراً إلى أنه كان يحضر جلسات كبار الأدباء والمثقفين، ومن بينهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، كما استفاد من تجارب كبار الفنانين.

وعاد سعد ليؤكد أنه لم يراوده الشك في قدرته على تحقيق أحلامه حسبما يروي: «كنت كثيراً ما أتطلع لأفيشات الأفلام بـ(سينما كايرو)، وأنا أمر من أمامها، وأتصور نفسي متصدراً أحد الملصقات، والمثير أن أول ملصق حمل صورتي كان على هذه السينما».

ولفت الفنان المصري خلال حديثه إلى «أهمية مساندة صناعة السينما، وتخفيض رسوم التصوير في الشوارع والأماكن الأثرية؛ لأنها تمثل ترويجا مهماً وغير مباشر لمصر»، مؤكداً أن الفنان المصري يمثل قوة خشنة وليست ناعمة لقوة تأثيره، وأن مصر تضم قامات فنية كبيرة لا تقل عن المواهب العالمية، وقد أسهمت بفنونها وثقافتها على مدى أجيال في نشر اللهجة المصرية.

وبدأ عمرو سعد (47) عاماً مسيرته الفنية خلال فترة التسعينات عبر دور صغير بفيلم «الآخر» للمخرج يوسف شاهين، ثم فيلم «المدينة» ليسري نصر الله، وقدمه خالد يوسف في أفلام عدة، بدءاً من «خيانة مشروعة» و«حين ميسرة» و«دكان شحاتة» وصولاً إلى «كارما»، وقد حقق نجاحاً كبيراً في فيلم «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي، وترشح الفيلم لتمثيل مصر في منافسات الأوسكار 2018، كما لعب بطولة عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية من بينها «يونس ولد فضة»، و«ملوك الجدعنة»، و«الأجهر»، بينما يستعد لتصوير مسلسل «سيد الناس» أمام إلهام شاهين وريم مصطفى الذي سيُعْرَض خلال الموسم الرمضاني المقبل.