ما المشكلات النفسية التي قد يعانيها طفلك مع العودة للمدرسة؟ وكيف تكتشفها؟

أخصائية تشرح خطوات تحضير الطلاب للعام الجديد... و«تحبيبهم» بالدراسة

أطفال يتفاعلون داخل صف مدرسي (رويترز)
أطفال يتفاعلون داخل صف مدرسي (رويترز)
TT

ما المشكلات النفسية التي قد يعانيها طفلك مع العودة للمدرسة؟ وكيف تكتشفها؟

أطفال يتفاعلون داخل صف مدرسي (رويترز)
أطفال يتفاعلون داخل صف مدرسي (رويترز)

يحمل شهر سبتمبر (أيلول) معه رياحا مليئة بالتغيير. فهو ليس الشهر الذي تتساقط فيه أوراق الصيف لترتدي الطبيعة حلّة الخريف فحسب، بل أيضا يعود معه الروتين اليومي للعائلات بعد عطلة صيفية طويلة مليئة بتحديات السهر وقلّة النظام لدى الأطفال.

وهنا، يواجه الآباء في العادة صعوبة في التعامل مع أطفالهم لتهيئتهم نفسياً للمدارس، عبر إلزامهم بالنوم باكرا ومراجعة المناهج سريعاً أو إجبارهم على الانتهاء من القصص الصيفية التي يجب عليهم قراءتها وتحليلها.

فالعودة للمدرسة تتطلب ليس فقط الالتزام بروتين يومي صحي (النوم باكرا على سبيل المثال)، بل أيضاً تجهيزاً نفسياً لما قد تتطلبه السنة الدراسية الجديدة من تركيز ذهني، والالتزام بوقت مخصص لحل الواجبات.

ووسط كل هذه التحديات، لا يمكننا إلا أن نسلط الضوء على فكرة أن كثيرا من الأطفال يعانون من مشكلات نفسية وعاطفية ترتبط بواقعهم الجديد، مع انخراطهم في سنة دراسية قد تكون أصعب، أو مواجهتهم رفاقاً جدداً وأساتذة مختلفين عن السنوات التي مضت.

فما أبرز المشكلات النفسية التي قد يواجهها الأطفال... وكيف نكتشفها؟

وسط هذه التقلبات ومحاولة مجاراة المرحلة الحديثة في حياة كل طفل مع بداية العام، تشرح الأخصائية النفسية للأطفال والخبيرة في الإرشاد والتوجيه العائلي، رهام منذر، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن الأطفال يعانون من ما يُعرف بـ«اكتئاب ما بعد الإجازة»، وهي حالة تحدث مع الكبار أيضاً عند العودة من العطلة إلى دوامهم في العمل.

وتقول منذر: «هي حالة من الصدمة يعيشها الأطفال، كما الكبار أحياناً، حيث يشعرون أنهم بحاجة للراحة من العطلة الصيفية قبل تقبل نظام جديد على الفور، خاصة بعد العودة من السفر أو من قضاء إجازة في مكان بعيد عن المنزل». ولحل هذه المشكلة، على الأهل عدم الضغط على الأطفال وإعطاؤهم مساحة معينة في أول فترة من المدرسة للتأقلم مع الروتين الجديد. وتوضح منذر: «يحدث ذلك عبر عدم إجبارهم على الدرس بشدة يومياً بعد المدرسة، فلا بأس في بعض المرونة فيما يخص الواجبات المدرسية والمواد التي عليهم تحضيرها».

ومن المشكلات أيضاً التي قد يعاني منها الطلاب مع العودة إلى المدارس توقعات الأهل المرتفعة الخاصة بأدائهم، وبشكل فوري. وتفيد منذر: «يشعر الطالب بالضغط النفسي بسبب توقعات الآباء العالية المرتبطة بأدائهم، مع دخولهم إلى صف جديد، بينما قد لا يكونون جاهزين لإعطاء أفضل ما لديهم على الفور»، وهنا يجب على الأهل التنبه لهذا الأمر، وعدم طلب أداء مثالي منذ البداية.

-مشكلة التنمر

أما الأطفال الذين يعانون في العادة من مشكلات في الانخراط الاجتماعي، أي لا يُعدون «اجتماعيين» بالمعنى البعيد، فهم يواجهون ضغطا نفسيا كبيرا قبيل بدء العام الدراسي الجديد. وتشرح منذر: «الأطفال غير الاجتماعيين أو الذين تعرضوا في سنوات ماضية للتنمر في المدرسة من قبل أقرانهم، ينشأ لديهم ضغط نفسي كبير وقلق من العودة إلى الأجواء ذاتها».

وفي هذه الحالة، يمكن للأهل اكتشاف المشكلة عبر تصرفات الطفل، أي البكاء المستمر وطلب عدم الذهاب للمدرسة بشكل متكرر والطبع العدائي والحاد أحياناً عند ذكر المدرسة. وهنا، وفقاً لمنذر، يجب اللجوء فوراً لحلول لمساعدة الطفل على التحدث عن تجربته في السنة الماضية، واستشارة أخصائيين للتعامل مع المشكلة.

-صعوبات تعلمية

تقول الأخصائية ريهام منذر إن «الأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلمية وأكاديمية، مثل مشكلات في القراءة أو النطق بشكل واضح وسليم، يمكن أن يتأثروا أكثر عند الدخول إلى المدرسة مجددا، وأن يعانوا بشكل كبير من مشكلات نفسية في بداية السنة».

وهنا، يجب على الأهل التنبه للمشكلات الأكاديمية التي يعانيها أطفالهم قبل الانخراط في العام الجديد، ومعرفة أن هذه الأمور قد تسبب ضغطا نفسيا سلبيا على الطلاب عند بداية كل مرحلة جديدة وعام حديث.

وتوضح منذر: «الصعوبات التعلمية تجعل الأطفال يشعرون وكأنهم دون غيرهم مرتبة، فالحل يكمن في رصد المشكلات وعلاجها بشكل واع وسريع، لتفادي أي مشاعر سلبية لدى الأطفال، وتنمية مهاراتهم بشكل سيلم».

وتسلط منذر الضوء على أن التأخر في رصد أو علاج أي صعوبات تعلمية يؤدي إلى تضاؤل فرص التحسن أو التقدم عند الأطفال.

معلمة تخاطب الطلاب داخل أحد الصفوف (رويترز)

«خطة سحرية» لترغيب الطفل بالمدرسة

عند سؤالها عن «خطة سحرية» لجعل الأطفال يحبون الذهاب إلى المدرسة، أجابت منذر بأن الطريقة المثالية هي الاهتمام بنقاط قوة الطالب، وليس نقاط ضعفه.

وتشرح قائلة: «يجب على الآباء تسليط الضوء على ما يحبه الطفل، المواد التي يتفوق فيها، وليس الاهتمام فقط بنقاط ضعفه، كما يفعل معظم الأهل... ومثال على ذلك، عندما نرى طفلا ضعيفا في مادة الرياضيات، لا ينبغي علينا صب تركيزنا على جعله قوياً فيها، فالطفل ربما لا يحب هذه المادة وقد لا يرغب في أن يصبح مهندساً... التركيز يجب أن ينصب على المواد التي يحبها وقد يبدع فيها عندما يكبر، وهكذا نخفف من الضغط النفسي الذي يواجهه، ونبتعد عن إجباره على التفوق فيما لا يحب».

كثير من الأطفال يعانون من ما يُعرف بـ«اكتئاب ما بعد الإجازة» (رويترز)

خطوات بسيطة لتحضير الأطفال نفسياً للعام الدراسي

ووسط أهمية رصد أي مشكلات نفسية وعاطفية يعانيها الطفل مع الرجوع للمدرسة، تبرز الحاجة إلى خطة واقعية وبسيطة للتحضير للعام الدراسي الجديد.

توضح منذر أن الخطوة الأساسية الأولى هي تنسيق جدول نوم يعتمد على الخلود للفراش مبكرا، والالتزام به لفترة معينة قبل بدء الدوام الفعلي.

أما الخطوة الثانية فهي محاولة الحد من وقت الشاشات قدر الإمكان، حيث إن الابتعاد تدريجياً عن الأجهزة التكنولوجية مثل الـ«آيباد» والهواتف، وحتى تقليل أوقات مشاهدة التلفاز، يلعبان دوراً كبيراً في تجهيز الطفل للروتين اليومي الجديد.

وتشير الأخصائية إلى أنه من الضروري أيضاً «تشجيع الأطفال على تحضير أغراضهم الخاصة بالمدرسة والمشاركة في عملية اختيار اللوازم المدرسية وعلبة الطعام». وتؤكد منذر على أهمية أن يساهم الطفل في تحضير الحقيبة يومياً واختيار الوجبات التي يريدها داخل علبة الطعام، لإضافة الحماسة لليوم المدرسي.


مقالات ذات صلة

بعيداً عن «كيف كان يومك في المدرسة»... 10 أسئلة يمكنك طرحها على أطفالك

يوميات الشرق مع القليل من الإبداع وبعض الأسئلة المصممة جيداً يمكنك تحويل الإجابات الغامضة إلى محادثات ذات مغزى (رويترز)

بعيداً عن «كيف كان يومك في المدرسة»... 10 أسئلة يمكنك طرحها على أطفالك

يستخدم الكثير من الأهالي السؤال التقليدي المتمثل في «كيف كان يومك في المدرسة؟» للحصول على بعض المعلومات عن أطفالهم.

العالم طالبة مؤيدة لإسرائيل تحمل لافتة في حين يقف طلاب مؤيدون للفلسطينيين على الجانب الآخر من الحاجز في جامعة برنارد بنيويورك 3 سبتمبر 2024 (أ.ب)

الطلاب اليهود يتخوفون من الاحتجاجات ضد إسرائيل مع بدء العام الدراسي

يتأهب الطلاب اليهود لتجدد المظاهرات المناهضة لإسرائيل في الجامعات حول العالم مع بدء العام الدراسي الجديد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ كولت غراي المشتبه به في إطلاق النار في مدرسة أبالاتشي الثانوية (إ.ب.أ)

إطلاق النار في جورجيا: كيف أدخل المشتبه به البندقية إلى المدرسة؟

كشفت السلطات الأميركية أن المراهق البالغ من العمر 14 عاماً المتهم بإطلاق النار في مدرسة ثانوية في جورجيا الأسبوع الماضي أحضر البندقية إلى المدرسة داخل حقيبته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون على خشبة المسرح في قمة المرأة في العالم بحي مانهاتن في نيويورك 6 أبريل 2017 (رويترز)

هيلاري كلينتون تنتقد نتنياهو وطلاب جامعة كولومبيا في كتاب جديد

في كتابها الجديد، انتقدت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لتَحَمُّله «صفر مسؤولية» عن هجوم 7 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مسؤولون يتجمعون لعقد مؤتمر صحافي خارج مدرسة أبالاتشي الثانوية في ويندر بجورجيا (أ.ف.ب) play-circle 00:38

تلميذ عمره 14 سنة يُطلق النار ويقتل 4 أشخاص في مدرسة أميركية

كشفت السلطات الأميركية عن أن طالباً يبلغ من العمر 14 عاماً أطلق النار في مدرسة ثانوية في ولاية جورجيا وقتل أربعة أشخاص، أمس (الأربعاء).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)
جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)
TT

مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)
جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)

أثار تشويه بعض نقوش مقبرة ميروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) غضباً في مصر، وارتباكاً في أروقة وزارة السياحة والآثار التي أصدرت بياناً مساء الاثنين، أكدت فيه ترميم الجدار بعد محاولة تخريبه.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر في المجلس الأعلى للآثار خبر نقل 7 مفتشي آثار ومسؤولي أمن من المنطقة الأثرية في سقارة إلى مكان آخر في نوع من العقاب لهم جراء تقصيرهم في حماية المقبرة.

وطالب أثريون ونشطاء بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب، من خلال زياد أعداد الحراس والاستعانة بتقنيات المراقبة الحديثة.

مقبرة ميروكا تتمتع بنقوشها الفريدة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وبعد مرور ساعات على نشر صور الأعمال التخريبية للمقبرة عبر مواقع التواصل، قالت وزارة السياحة والآثار المصرية، إنه في أثناء قيام مفتشي آثار المنطقة بالمرور الدوري اليومي على المقابر المفتوحة للزيارة بالمنطقة تبين وجود خطوط بيضاء على أحد الجدران الداخلية لمقبرة ميروكا.

وقد قام مديرو المنطقة باتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة كافة وتحرير محضر بالواقعة، حيث أثبتت التحريات قيام أحد زائري المنطقة بالكتابة على الجدار في أثناء زيارته المقبرة، مما نتج عنه وجود هذه الخطوط البيضاء.

وقد قام المجلس الأعلى للآثار بترميم الجدار وإزالة هذه الخطوط وإعادة الجدار كما هو في حالة جيدة من الحفظ.

لكنَّ الصور التي أرفقتها الوزارة بالبيان أظهرت وجود بقايا خط أفقي غائر في نقوش ورسومات المقبرة مما يدل على أن التشويه كان بآلة حادة وليس مجرد خطه بلون أبيض، وفق متابعين.

صورة نشرتها وزارة السياحة والآثار بعد معالجة العمل التخريبي (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتقوم الجهات المعنية بالتحقيقات اللازمة لمعرفة الجاني ومعاقبته وفقاً لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، والذي تنص المادة 45 منه على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

ووفق خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، فإن «المقابر الفرعونية تحتاج إلى توثيق ونشر علمي لكل محتوياتها، إلى جانب رقمنة هذا التوثيق وإتاحته على مواقع معروفة متاحة للباحثين والإعلاميين».

المقبرة تعد واحدة من كبرى مقابر عصر الملك «تتي»... (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه جرى «تسجيل المتحف المفتوح بالكرنك بواسطة المركز المصري الفرنسي ووضع محتوياته على قاعدة بيانات دولية، وإذا تمت سرقتها أو تشويه أحد معالمها سيُكشف كل ذلك».

وقال الباحث الأثري أحمد عامر إن معظم المقابر الأثرية غير مراقَبة بالكاميرات، إذ يتم الاكتفاء في أغلب الأحيان بوجود حارس على كل مقبرة مفتوحة للزيارة مع وجود مفتش آثار».

وتوقع أن يكون قد تم تشويه مقبرة ميروكا خلال وجود أحد الزائرين داخل المقبرة عندما كان بعيداً عن أعين الحراس، وبالإضافة إلى توقيع جزاء إداري ضد مسؤولي حراسة المقبرة، يتوقع عامر تحويل القضية إلى النيابة الإدارية لإصدار حكم في الواقعة حيث تتوافر عناصر الإهمال، وفق تعبيره.

جدران المقبرة تتضمن كثيراً من المناظر التي تعرض الحياة اليومية خلال الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتعد سقارة من أبرز المناطق الأثرية في مصر، حيث تلقَّب بـ«أقصر الشمال»، فهي تعد الجبانة الشمالية الموازية لجبانة طيبة (الأقصر) في جنوب البلاد، ولا تزال مليئة بالأسرار، بوصفها مكان الدفن الأساسي لجبانة «منف» عاصمة مصر لعصور طويلة.

وترجع تسمية منطقة سقارة إلى إله الجبانة «سوكر»، وهي إحدى المناطق الموجودة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو منذ عام 1979، ومن أشهر آثارها هرم زوسر المدرج، أول بناء حجري في التاريخ.

وإلى جانب كون ميروكا وزيراً في عهد الملك تتي (2345 - 2323 ق.م)، فإنه كان كذلك زوج ابنة الملك وكان يتمتع بنفوذ كبير، وهي الفترة التي بدأ فيها زيادة نفوذ طبقة كبار رجال الدولة خلال نهاية الأسرة السادسة.

يُذكر أن ميروكا قد دفن في مقبرة على شكل مصطبة شمالي هرم تتي بسقارة، وتعد واحدة من كبرى مقابر عصر الملك «تتي» كما أنها الأروع من حيث المناظر والزخارف التي تزينها من بين مقابر الدولة القديمة، وتضم أكثر من ثلاثين حجرة تتضمن ست حجرات لزوجته وخمساً لابنه «مري تتي»، وفق موقع وزارة السياحة والآثار المصرية.

وتتضمن جدران المقبرة كثيراً من المناظر التي تعرض الحياة اليومية في الدولة القديمة، مثل مناظر رعي الماشية، وصيد فرس النهر، ومناظر صيد الطيور.