مبادرة مصرية لتوفير الكتب المستعملة مجاناً قبل بدء الدراسة

وسط زيادة أسعار الملخصات الخارجية بنسبة 40 %

الكتب المستعملة تعد ملاذاً لمن لا يقوى على شراء الكتب الجديدة (تويتر)
الكتب المستعملة تعد ملاذاً لمن لا يقوى على شراء الكتب الجديدة (تويتر)
TT

مبادرة مصرية لتوفير الكتب المستعملة مجاناً قبل بدء الدراسة

الكتب المستعملة تعد ملاذاً لمن لا يقوى على شراء الكتب الجديدة (تويتر)
الكتب المستعملة تعد ملاذاً لمن لا يقوى على شراء الكتب الجديدة (تويتر)

لا تخفي ثناء محمد من محافظة الإسماعيلية سعيها لامتلاك كتب خارجية مستعملة لطفلها في الصف الرابع الابتدائي بعد أن ارتفعت أسعار الكتب بما يزيد على 40 بالمائة، مقارنة بالعام الماضي.

وتقول السيدة التي تقطن محافظة الإسماعيلية (جنوب غربي القاهرة) إن التجربة في عالم الكتب المستعملة والقديمة جعلتها تسعى للكتب التي لا توجد بها كتابة بخط اليد من الطالب السابق المستخدِم للكتاب من السنة الماضية، وتسرد: «الكتب النظيفة (ليس بها حلول) أفضل من الكتب ذات الحلول، هي في كل الأحوال ليست جديدة، لكنها تفي بالغرض، وأفضل من حيث فرق السعر».

وانضمت ثناء مؤخراً إلى مجموعة عبر تطبيق «واتساب» في محافظتها تحت اسم (كتب مدرسية وخارجية مستعملة مجاناً)، تأسست منذ فترة بهدف توفير الكتب لغير القادرين على شراء الكتب الجديدة في المراحل الدراسية المختلفة. وتسعى السيدة إلى إعطاء كتب العام الماضي لأحد المستفيدين، في الوقت الذي تبحث فيه أيضاً عن كتب للصف الرابع الابتدائي لطفلها.

* الكتاب الموازي

وتعد الكتب الخارجية أحد أهم العوامل المساعدة بجانب الكتاب المدرسي الرسمي في العملية التعليمية، وتسعى دور النشر في المنافسة بينها وبين بعضها في جذب الطلاب لشراء الكتاب بمزيد من التدريبات والأسئلة التي قد تقل في الكتاب المدرسي الرسمي.

وتشهد الكتب الخارجية قفزة في أسعارها بمصر، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الورق، وفي ظل ارتفاع سعر الدولار بقوة أمام الجنيه المصري في الآونة الأخيرة، ووسط ارتفاع التضخم بمصر في أغسطس (آب) إلى 40 بالمائة مسجلاً رقماً قياسياً تاريخياً، ما يزيد من الأعباء على كاهل الأسر المصرية قبل انطلاق موسم الدراسة مطلع الشهر المقبل.

كتب خارجية مدرسية مستعملة (مجموعة لتبادل الكتب المستعملة بفيسبوك)

وتقول حنان صلاح، مؤسسة مبادرة (كتب مدرسية وخارجية مستعملة مجاناً)، لـ«الشرق الأوسط» إن الدافع وراء المبادرة كان عندما دفعت ما يزيد على ألف جنيه مصري (34 دولاراً) في مجموعة كتب خارجية العام المنصرم لابنها، والذي يدرس في المرحلة الثانوية، وفكرت: لماذا لا يستفيد طالب آخر غير قادر بهذه الكتب؟ وبسؤالها لأقارب وجيران حولها، وجدت صلاح أن هناك احتياجاً لتبادل الكتب بين المستغني عن الكتاب من جهة، وبين من يبحث عنه من جهة أخرى، فقامت بتدشين مجموعة عبر تطبيق «واتساب» تهدف لتبادل الكتب بشكل مجاني.

وتفسر مؤسسة المبادرة: «علينا أن نحاول إيجاد بدائل للكتب الجديدة، خصوصاً أن الكتب الخارجية هي فرع واحد فقط من المصروفات الدراسية الأخرى التي تثقل كاهل الأسرة»، كما تشجع السيدة الخمسينية الأمهات في دوائرها لتأسيس مجموعات موازية لتبادل الكتب الخارجية في محافظات مصرية أخرى، خصوصاً بعد رواج المجموعة التي تضم قرابة 300 ولية وولي أمر يبحثون عن الكتب الخارجية المستعملة.

تسرد صلاح أن هناك من الأسر من يضطر إلى الاستعانة بالكتاب المستعمل الذي يحوي حلولاً وكتابة من الطالب السابق؛ لعدم القدرة على شراء الكتب الجديدة. وتنصح السيدة من حولها من الأهالي أن يحاول الطالب الحل بالقلم الرصاص، على الأقل في المراحل التعليمية الأولى، لكي يتسنى لمن سيحصل على الكتاب لاحقاً الاستفادة به.

* أسعار مرتفعة

وتداولت مجموعات تضم أولياء أمور عبر مواقع التواصل الأسعار الجديدة للكتب الدراسية عام (2023 - 2024)، للمراحل التعليمية المختلفة من الابتدائية إلى الثانوية، إذ تخطت معظم الكتب حاجز الـ100 جنيه في المرحلة الابتدائية (الدولار يعادل 30.90 جنيه)، ووصلت لـ300 جنيه في المواد العلمية بالمرحلة الإعدادية كالعلوم والحساب باللغة الإنجليزية، وتجاوزت حاجز الـ400 جنيه في بعض كتب المرحلة الثانوية.

وفي السياق نفسه، يقر أحمد جابر، رئيس غرفة الطباعة والنشر باتحاد الصناعات المصري سابقاً، وعضو مجلس الإدارة حالياً لـ«الشرق الأوسط» بأن أسعار الكتب الخارجية زادت بنسبة تزيد على 40 بالمائة عن أسعار الكتب العام الماضي، مضيفاً أن سعر طن الورق زاد بنسبة 400 بالمائة، نتيجة زيادة سعر المواد الخام، فضلاً على فرق سعر الدولار نتيجة التضخم في مصر.

أحمد جابر رئيس غرفة الطباعة والنشر باتحاد الصناعات (موقع الغرفة)

ويواجه الجنيه المصري مزيداً من الضغط بسبب شح السيولة من العملات الأجنبية في البلاد، في الوقت الذي يتوقع فيه مراقبون قرب تعويم جديد للجنيه لفتح الباب للدولار بشكل أكبر.

ويضيف جابر أن سعر لُب الشجر الذي يعد المادة الخام لصناعة الورق ارتفع سعره من 650 دولاراً للطن إلى 1500 دولار، ما أثر على ارتفاع سعر الكتاب الخارجي، مضيفاً أن السعر يخضع للعرض والطلب والمنافسة بين دور النشر.

ويسرد جابر أنه كانت هناك مبادرات سابقة من قبل غرفة الطباعة والنشر باتحاد الصناعات المصري موجهة لوزارة التربية والتعليم لكي تحفز الطلاب بإعادة الكتاب المدرسي مرة أخرى للمدرسة مقابل الإعفاء من المصاريف، في مسعى لتقليل تكلفة طباعة الكتاب المدرسي من فوق كاهل الحكومة. لكن المبادرة لم تر النور من قبل الوزارة المعنية.

* مخاوف من قلة أهمية الكتاب المستعمل

وعلى الرغم من وجود مساعٍ حكومية مصرية لتطوير المناهج الرسمية، فإن الكتاب الخارجي لا يزال يستقطب الكثير من الطلاب، لا سيما في مراحل الشهادات (السنة النهائية من المراحل التعليمية)، خصوصاً المرحلة الثانوية.

ويقول سالم الرفاعي، الخبير التربوي والتعليمي، إن الكتاب الخارجي ليست له أهمية كبرى مقارنة بالكتاب المدرسي، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن العادة هي التي أعطت قيمة سوقية وتجارية للكتاب الخارجي، معتبراً أن الكثير من أولياء الأمور يزيلون عن كاهلهم التقصير مع أبنائهم بشراء الكتب الخارجية، ويقول: «(الأب والأم بيقول هعمل اللي عليا وأجيب الكتب عشان ميقصرش في النتيجة)».

وعدَّ الخبير التربوي أن رواج الكتاب الخارجي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدروس الخصوصية، والاستعاضة بها عن الحصص المدرسية، مشيراً إلى أن ذلك ليس الهدف من العملية التعليمية، وأن هناك فرقاً بين المقرر (محتوى الكتاب المدرسي) والمنهج، وهو مجموعة المهارات التي يكتسبها الطالب من الكتب.


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
TT

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي، لافتاً إلى أن الفيلم يحترم دور المعلم ويقدّره حتى مع وجود الطابع الكوميدي في العمل.

الفيلم الذي عُرض للمرة الأولى ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» بالنسخة الماضية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تدور أحداثه في 8 فصول حول رهان مدير المدرسة على تأسيس «الفصل الشرعي» ليقدم من خلاله نهجا مختلفاً عن المتبع.

وقال المطيري لـ«الشرق الأوسط» إن «المدرسة تشكل فترة مهمة في حياة كل شخص ولا تزال هناك ذكريات ومواقف راسخة في ذاكرتنا عنها، الأمر الذي سيجعل من يشاهد الفيلم يشعر بأن هناك مواقف مشابهة ربما تعرض لها أو شاهدها بالفعل خلال مسيرته التعليمية»، مرجعاً حماسه لتقديم شخصية الأستاذ «شاهين دبكة» مدير ثانوية «السويدي الأهلية» رغم كون الدور لرجل أكبر منه سناً إلى إعجابه بالفكرة التي يتناولها العمل وشعوره بالقدرة على تقديم الدور بشكل مختلف.

فهد المطيري مع أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)

وأضاف المطيري: «إن الماكياج الذي وضعته لإظهار نفسي أكبر عمراً، استوحيته جزئياً من الفنان الراحل حسين الرضا خصوصاً مع طبيعة المدير ومحاولته المستمرة إظهار قدرته في السيطرة على الأمور وإدارتها بشكل جيد، وإظهار نفسه ناجحاً في مواجهة شقيقه الأصغر الذي يحقق نجاحات كبيرة في العمل ويرأسه».

وحول تحضيرات التعامل مع الشخصية، أكد المطيري أن خلفيته البدوية ساعدته كثيراً لكونه كان يحضر مجالس كبار السن باستمرار في منزلهم الأمر الذي لعب دوراً في بعض التفاصيل التي قدمها بالأحداث عبر دمج صفات عدة شخصيات التقاها في الواقع ليقدمها في الدور، وفق قوله.

وأوضح أنه كان حريصاً خلال العمل على إبراز الجانب الأبوي في شخصية شاهين وتعامله مع الطلاب من أجل تغيير حياتهم للأفضل وليس التعامل معهم على أنه مدير مدرسة فحسب، لذلك حاول مساعدتهم على بناء مستقبلهم في هذه المرحلة العمرية الحرجة.

وأشار إلى أنه عمل على النص المكتوب مع مخرجي الفيلم للاستقرار على التفاصيل من الناحية الفنية بشكل كبير، سواء فيما يتعلق بطريقة الحديث أو التوترات العصبية التي تظهر ملازمة له في الأحداث، أو حتى طريقة تعامله مع المواقف الصعبة التي يمر بها، وأضاف قائلاً: «إن طريقة كتابة السيناريو الشيقة أفادتني وفتحت لي آفاقاً، أضفت إليها لمسات شخصية خلال أداء الدور».

المطيري خلال حضور عرض فيلمه في «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

وعن تحويل العمل إلى فيلم سينمائي بعدما جرى تحضيره في البداية على أنه عمل درامي للعرض على المنصات، أكد الممثل السعودي أن «هذا الأمر لم يضر بالعمل بل على العكس أفاده؛ لكون الأحداث صورت ونفذت بتقنيات سينمائية وبطريقة احترافية من مخرجيه الثلاثة، كما أن مدة الفيلم التي تصل إلى 130 دقيقة ليست طويلة مقارنة بأعمال أخرى أقل وقتاً لكن قصتها مختزلة»، موضحاً أن «الأحداث اتسمت بالإيقاع السريع مع وجود قصص لأكثر من طالب، والصراعات الموجودة»، مشيراً إلى أن ما لمسه من ردود فعل عند العرض الأول في «القاهرة السينمائي» أسعده مع تعليقات متكررة عن عدم شعور المشاهدين من الجمهور والنقاد بالوقت الذي استغرقته الأحداث.

ولفت إلى أن «الفيلم تضمن تقريباً غالبية ما جرى تصويره من أحداث، لكن مع اختزال بعض الأمور غير الأساسية حتى لا يكون أطول من اللازم»، مؤكداً أن «المشاهد المحذوفة لم تكن مؤثرة بشكل كبير في الأحداث، الأمر الذي يجعل من يشاهد العمل لا يشعر بغياب أي تفاصيل».

وحول تجربة التعاون مع 3 مخرجين، أكد فهد المطيري أن الأمر لم يشكل عقبة بالنسبة له كونه ممثلاً، حيث توجد رؤية مشتركة من جميع المخرجين يقومون بتنفيذها في الأحداث، ولافتاً إلى أن حضورهم تصوير المشاهد الأخرى غير المرتبطة بما سيقومون بتصويره جعل الفيلم يخرج للجمهور بإيقاع متزن.