السعودية تؤسس لمرحلة انتقالية في مسار تطوير القطاع الموسيقي

حزمة من المبادرات آخرها اعتماد أول دبلوم للموسيقى

تهدف السعودية إلى تطوير القطاع الموسيقي في البلاد على الأصعدة كافة (واس)
تهدف السعودية إلى تطوير القطاع الموسيقي في البلاد على الأصعدة كافة (واس)
TT

السعودية تؤسس لمرحلة انتقالية في مسار تطوير القطاع الموسيقي

تهدف السعودية إلى تطوير القطاع الموسيقي في البلاد على الأصعدة كافة (واس)
تهدف السعودية إلى تطوير القطاع الموسيقي في البلاد على الأصعدة كافة (واس)

تتجه السعودية لتطوير المشهد الموسيقي في البلاد على جميع الأصعدة وذلك عن طريق تقديم حزمة من المبادرات الرامية إلى تطوير البنية التحتية للثقافة الموسيقية واكتشاف المواهب وإبراز الفلكلور الموسيقي لمختلف المناطق، إضافة إلى تمكين الموسيقيين السعوديين وتأهيلهم للمشاركة في المحافل الدولية.

وتعمل وزارة الثقافة السعودية من خلال هيئة الموسيقى على دعم المبادرات التي تساهم في تحقيق مستهدفات تلك الاستراتيجية، عبر 5 ركائز أساسية هي «التعليم» حيث يتاح تعليم الموسيقى لجميع الأفراد باختلاف أعمارهم ومهاراتهم وخلفياتهم الاجتماعية.

تليها ركيزة «الإنتاج» الهادفة إلى دعم عملية إنشاء مركز إقليمي لإنتاج الموسيقى، لتعزيز الآثار الاجتماعية والاقتصادية وجذب المواهب المحلية والدولية، أما الركيزة الثالثة «فهي أداء العروض الموسيقية والنشر والتوزيع» التي ستعمل على إتاحة الوصول إلى العروض الموسيقية المحلية والعالمية ونشر أعمال الفنانين المحليين على نطاق واسع.

كما خصصت الهيئة ركيزة لـ«التوعية والدعم» وذلك من أجل الارتقاء بالموسيقى لتكون جزءا أساسيا من نمط الحياة الذي يعيشه الأفراد وتكون مسارا مهنيا ناجحا لمن يرغب في ممارستها، والركيزة الأخيرة هي «التراخيص» التي تأتي لضمان تطبيق أعلى مستويات الحماية لأعمال المحترفين في مجال الموسيقى وتطبيق جميع معايير الجودة وتقديم المكافآت القيمة على مستوى المنظومة.

تعمل المبادرات على إبراز الفلكلور الموسيقي السعودي - واس

استراتيجية تنمية القدرات الثقافية

وقد أطلقت وزارتا الثقافة والتعليم السعودية، في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي «استراتيجية تنمية القدرات الثقافية الرامية لربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل في القطاع الثقافي؛ حيث تعمل الاستراتيجية على إدراج الثقافة والفنون في جميع مراحل التعليم والتدريب التقني والمهني، وتطوير البيئة التعليمية، لتنمية القطاع الثقافي والارتقاء به».

ومن ضمن المستهدفات التي تعمل عليها الاستراتيجية تأهيل المعلمين في الفنون الموسيقية لينقلوها بدورهم إلى الطلاب في جميع المراحل الدراسية، إضافة إلى تطوير مناهج دراسية متخصصة بالموسيقى، يدرسها الطلاب، وتسهم في تأسيسهم على المهارات الموسيقية الأساسية التي يحتاجون إليها لتعلم أي آلة موسيقية.

وقد بدأت الاستراتيجية بإقامة برامج تأهيلية للمعلمين من ضمنها استقطاب أكثر من 15 ألف معلمة رياض أطفال من مختلف المناطق السعودية على عدة مراحل لتطوير كفاءاتهن، وبناء مهاراتهن المعرفية والأدائية المرتبطة بتنفيذ الأنشطة الموسيقية الموجهة للأطفال، من خلال التعرّف على خصائص الصوت والمصطلحات المرتبطة به؛ لبناء شخصية الطفل، وتكوين الذائقة الجمالية لديه.

إطلاق أول دبلوم معتمد للموسيقى

وكجزء من خطة السعودية لتعليم الموسيقى في مختلف القطاعات التعليمية دشن معهد البيت الموسيقي في الرياض أول برنامج دبلوم موسيقي معتمد في السعودية لتأهيل الخريجين للعمل بصفتهم معلمي موسيقى بالمدارس دعما لاستراتيجية التنمية الثقافية وتطوير هواة الموسيقى أكاديميا ليتمكنوا من نقل معارفهم إلى الآخرين.

وخلال تدشين برنامج الدبلوم الموسيقي قال معتز الشبانة المدير التنفيذي للمعهد إن البرنامج الذي يقدمه المعهد سيبدأ من العام الدراسي وستكون مدة الدراسة فيه عامين، وهو الأول من نوعه في السعودية، وسيمثل نقلة نوعية في مجال تعليم الموسيقى محلياً.

وأضاف الشبانة أن الدبلوم يأتي جزءا من جهود المعهد لتعزيز الثقافة الموسيقية، واستطاع خلال السنوات الماضية تحقيق إنجازات ملموسة في مجال تعليم وتطوير الموسيقى، ومنها على سبيل المثال تدريب وتأهيل الفرقة الوطنية السعودية والكورال الوطني، وتقديم مجموعة كبيرة من المواهب والفنانين والموسيقيين والفرق الموسيقية.

وسيعمل المعهد على تعليم الموسيقى ضمن برامج تنتهي بشهادات أكاديمية معتمدة تتوافق مع أفضل المناهج التعليمية العالمية، وتدريب وتأهيل الفرق الموسيقية وإدارتها، وتقديم الاستشارات الموسيقية، إضافة إلى إقامة الفعاليات والعروض الموسيقية، وصناعة الهوية الصوتية، وإعداد الحقائب التدريبية، وكذلك تقديم الدورات الموسيقية الحرة.

المؤتمر الصحفي في أثناء إطلاق أول دبلوم للموسيقى في السعودية (معهد البيت الموسيقي)

برامج استقطاب المواهب

وإضافة إلى الخطط السعودية لتأسيس النشء في المهارات الموسيقية وتأهيلهم من خلال المناهج الدراسية، عملت هيئة الموسيقى كذلك على استقطاب المواهب الحالية ودعمهم ومساعدتهم على بدء مسيرتهم الفنية، وذلك من خلال برامج عدة آخرها برنامج «موجة» بالتعاون مع منصة أنغامي، حيث يقدم سلسلة من ورشات العمل المختارة بعناية يشرف عليها نُخبة من المدربين والخبراء في هذا المجال؛ لتزويدهم بالمهارات الأساسية التي تساعدهم في الانطلاق نحو الاحترافية المهنية في عالم الموسيقى، مستهدفاً بذلك تخريج ما يصل إلى 100 موهبة استثنائية في عالم الفن والموسيقى.

ويأتي البرنامج ضمن إطار عمل شامل، مُصمم لتوجيه الفنانين الطموحين إلى إنشاء موسيقى فريدة، من خلال تقديم رحلة متكاملة لهم لاكتشاف جوانب مختلفة منها كتابة الأغاني، والتلحين، والإنتاج، والتوزيع والدمج، بإشراف ذوي الخبرة من المنتجين ومهندسي الصوت، والمغنّين والملحّنين.

وصرح رئيس قسم الإنتاج في «أنغامي» كميل أبي خليل لـ«الشرق الأوسط» بأن البرنامج سيأخذ المشهد الموسيقي السعودي إلى بُعد آخر يثري هذا القطاع الأساسي عن طريق صقل وتعزيز مهارات الفنّانين المحليين ولتمكينهم من إحداث الأثر المنتظر على المسرح العالمي، وستتمكن المواهب من إظهار قدراتهم على المستوى العالمي، ما سيساعد في ترسيخ دور السعودية بوصفها مركزا موسيقيا ناشطا ومبتكرا على الخريطة الإقليمية والدولية.

وأكد كميل أن منصة أنغامي ستعمل على نشر الأعمال الناجمة عن هذا البرنامج وتسويقها لمستخدمي المنصة لإحداث فرق على المسرح العالمي وإطلاق المسيرة المهنية للمواهب الموسيقية في المنطقة وعلى النطاق الأوسع.

وأوضح أبي خليل أن كل المواهب مرحب بها، ونشجع من يجد لديه موهبة موسيقية على التقديم في البرنامج، فلا فرق في المعايير؛ إن كان أكاديميا أو يملك موهبة ويرغب في صقلها سواء من خريجي الموسيقى أو الفنانين أو الموسيقيين أو حتى من الهواة من ذوي المواهب الفطرية.

وتابع أن البرنامج جاء امتدادا لنجاح برامج سابقة عملنا فيها بالسعودية وآخرها كان برنامج صوت السعودية الذي حقق نجاحا باهرا وأطلق العديد من الفنانين والمواهب السعودية، كما أن «أنغامي» حرصت مع هيئة الموسيقى على متابعة الجهود في سبيل مساعدة وتنمية العدد الأكبر من هذه المواهب لخلق هيئة حاضنة للموسيقى في السعودية وتنمية هذا القطاع وتمكين الفنانين والموسيقيين.

من جهته، قال أحمد الرشيد، العضو المنتدب لأنغامي السعودية، إن المنصة تدعم رؤية المملكة والقطاع الحكومي في تمكين المجتمع السعودي ودعم المواهب المحلية وصقل مواهبهم، ونطمح نحو أي تعاون يعزز القدرات والمواهب المحلية الواعدة وتمكين السعودية من الوجود في المشهد الموسيقي العالمي.


مقالات ذات صلة

السعودية: تأهيل آلاف المعلمات في الفنون الموسيقية

ثقافة وفنون خطة لتأسيس النشء في المهارات الموسيقية وتأهيلهم عبر المناهج الدراسية (وزارة الثقافة)

السعودية: تأهيل آلاف المعلمات في الفنون الموسيقية

فتحت وزارتا «الثقافة» و«التعليم» في السعودية، الأحد، التسجيل للمرحلة الثانية من برنامج تأهيل معلمات رياض الأطفال للتدريب على مهارات الفنون الموسيقية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق منصور الرحباني في عيون نجوم مسرحه

منصور الرحباني في عيون نجوم مسرحه

في ذكرى رحيل منصور الرحباني يتحدّث غسان صليبا ورفيق علي أحمد وهبة طوجي عن ذكرياتهم مع أحد عباقرة لبنان والشرق وما تعلّموا من العمل على مسرحه

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)

جويل حجار... «جذور ومسارات عربية» تُتوّج الأحلام الكبرى

بالنسبة إلى جويل حجار، الإيمان بالأفكار وإرادة تنفيذها يقهران المستحيل: «المهم أن نريد الشيء؛ وما يُغلَق من المرة الأولى يُفتَح بعد محاولات صادقة».

فاطمة عبد الله (بيروت)
الوتر السادس تحرص حنان ماضي على تقديم الحفلات في دار الأوبرا أو في ساقية الصاوي ({الشرق الأوسط})

حنان ماضي لـ«الشرق الأوسط»: لا أشبه مطربي التسعينات

«عصفور في ليلة مطر»، و«في ليلة عشق»، و«شباك قديم»، و«إحساس»... بهذه الألبومات التي أصبحت فيما بعد من علامات جيل التسعينات في مصر، قدمت حنان ماضي نفسها للجمهور

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس تثابر الحلاني على البحث عن التجديد في مسيرتها (ماريتا الحلاني)

ماريتا الحلاني لـ«الشرق الأوسط»: «يا باشا» عمل يشبه شخصيتي الحقيقية

تلاقي أغنية الفنانة ماريتا الحلاني «يا باشا» نجاحاً ملحوظاً، لا سيما أنها تصدّرت الـ«تريند» على مواقع التواصل الاجتماعي

فيفيان حداد (بيروت)

«الثقافة المصرية» تراهن على الذكاء الاصطناعي في «القاهرة للكتاب»

اختيار سلطنة عمان «ضيف شرف» الدورة الـ56 من معرض القاهرة للكتاب (وزارة الثقافة المصرية)
اختيار سلطنة عمان «ضيف شرف» الدورة الـ56 من معرض القاهرة للكتاب (وزارة الثقافة المصرية)
TT

«الثقافة المصرية» تراهن على الذكاء الاصطناعي في «القاهرة للكتاب»

اختيار سلطنة عمان «ضيف شرف» الدورة الـ56 من معرض القاهرة للكتاب (وزارة الثقافة المصرية)
اختيار سلطنة عمان «ضيف شرف» الدورة الـ56 من معرض القاهرة للكتاب (وزارة الثقافة المصرية)

تحت شعار «اقرأ... في البدء كان الكلمة» تنطلق فعاليات الدورة الـ56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب في 23 من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، بمركز مصر للمعارض الدولية بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة)؛ حيث تحل «سلطنة عُمان» ضيف شرف هذه الدورة، كما وقع الاختيار على اسم الدكتور أحمد مستجير، العالم والأديب المصري، ليكون «شخصية المعرض»، واسم الكاتبة فاطمة المعمول «شخصية معرض كتاب الطفل».

وقال وزير الثقافة، أحمد فؤاد هنو، في مؤتمر صحافي خاص بالمعرض، الأحد، إن «شعار الدورة الجديدة يجمع بين العمق الديني والقيمة الثقافية للمعرفة، مما يجعله رمزاً خالداً للدعوة إلى العلم والتعلم»، معتبراً «اختيار سلطنة عُمان ضيف شرف هذه الدورة، انعكاساً لعمق العلاقات الثقافية والتاريخية بين البلدين الشقيقين، واعترفاً بإسهامات السلطنة المتميزة في إثراء الثقافة العربية والإنسانية»، واصفاً في الوقت نفسه «شخصية المعرض»، الدكتور أحمد مستجير، بأنه «جمع بين عبقرية العلم وجمال الأدب».

جانب من حضور المؤتمر (وزارة الثقافة المصرية)

ويتضمن المعرض هذا العام أكثر من 600 فعالية أدبية وفكرية وفنية يشارك فيها نخبة من المفكرين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى استحداث محاور ثقافية جديدة تواكب تحديات العصر، مثل محور «ترجمة العلوم الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي»، ومحور «الدبلوماسية الثقافية».

ويسعى المعرض إلى مواكبة التطور التكنولوجي، عبر الإعلان عن إطلاق منصة الكتب الإلكترونية بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التي ستتيح بشكل مجاني عدداً من إصدارات قطاعات وزارة الثقافة في مختلف فروع المعرفة، كما سيشهد المعرض بالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام إطلاق أول بودكاست بالمعرض.

وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو خلال المؤتمر الصحافي الخاص بمعرض الكتاب (وزارة الثقافة المصرية)

وتراهن وزارة الثقافة المصرية على الذكاء الاصطناعي في الدورة الجديدة من المعرض، يقول هنو: «الذكاء الاصطناعي ليس فقط أداة حديثة، بل هو شريك مهم يساعدنا في تقديم المعرفة بشكل مبتكر وسهل الوصول، لذلك حرصنا على أن تكون هذه الدورة بمنزلة منصة لإبراز الإمكانات الهائلة للتكنولوجيا في خدمة الثقافة، وذلك من خلال العديد من المحاور، حيث تم إطلاق مشروع (الإجابة الذكية) لتسهيل الوصول إلى المعرفة العلمية المتعلقة بسلسلة (في بحور العلم) للدكتور أحمد مستجير».

في السياق نفسه، تم تدشين «مشروع تلخيص (موسوعة مصر القديمة) للدكتور سليم حسن باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ حيث يتم تقديم التاريخ المصري بأسلوب شائق يُثري تجربة عشاق علم المصريات، ويجعل من هذا التراث إرثاً متاحاً للجميع».

ويُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من بين المعارض العربية الأكثر جماهيرية؛ فقد وصل عدد زوّاره العام الماضي إلى أكثر من 4 ملايين و700 ألف زائر، وفق إدارة المعرض.

وأعلن وزير الثقافة اختيار دولة رومانيا لتكون ضيف شرف الدورة الـ57 لعام 2026، ودولة قطر لتكون ضيف شرف الدورة الـ58 لعام 2027. ووصف الاختيار بأنه تقليد يحدث للمرة الأولى في المعرض.

هنو وعد بتقديم دورة جديدة مميزة من المعرض (وزارة الثقافة المصرية)

ويقام المعرض على مساحة 55 ألف متر مربع، تضم 6 صالات للعرض، وهي المساحة الأكبر منذ انتقال المعرض لمقره الجديد بمركز مصر للمعارض الدولية، ويصل عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والعربية والأجنبية المشاركة إلى 1345 دار نشر، من 80 دولة مختلفة من دول العالم، كما يبلغ عدد العارضين 6150 عارضاً هذا العام، يعرضون تنوعاً غنياً من الإصدارات الأدبية والفكرية. تجدر الإشارة إلى أن وزير الثقافة أعلن خلال المؤتمر عن إطلاق مبادرة «المليون كتاب»، لتعزيز «الوعي الثقافي والمعرفي بين أبناء الوطن».