شجون الهاجري لـ«الشرق الأوسط»: الدراما الخليجية تأثرت بـ«المنصات» وارتفاع سقف الحرية

قالت: مسلسل «غسيل» من وحي الخيال… والتجميل المبالغ فيه حوّل الممثلين لـ«تماثيل»

الهاجري تنتقد التجميل المبالغ فيه (الشرق الأوسط)
الهاجري تنتقد التجميل المبالغ فيه (الشرق الأوسط)
TT

شجون الهاجري لـ«الشرق الأوسط»: الدراما الخليجية تأثرت بـ«المنصات» وارتفاع سقف الحرية

الهاجري تنتقد التجميل المبالغ فيه (الشرق الأوسط)
الهاجري تنتقد التجميل المبالغ فيه (الشرق الأوسط)

تتجه الدراما الخليجية في الآونة الأخيرة لسرد قصص لم يسبق التطرق لها، ومنها على سبيل المثال مسلسل «غسيل»، الذي يعتبر أول مسلسل كويتي من أعمال (شاهد) الأصلية، ويحتل مرتبة متقدمة في قوائم المسلسلات الأعلى مشاهدة في الخليج منذ بدء عرضه وحتى اليوم، العمل يتناول قصة الزوجين (حنين وحسن) اللذين يلجآن إلى غسل الأموال والدخول إلى عالم الشهرة لتحقيق أحلامهما، مما يفتح باب التساؤلات حول مدى التصاق ذلك بالواقع المعيش.

بطلة المسلسل، الفنانة الكويتية شجون الهاجري، قالت في حديث لها مع «الشرق الأوسط» إن شخصية حنين شدتها منذ أن قرأت الحلقة الأولى، كونها شخصية قوية، طموحة متمسكة بأحلامها وحقها في اختيار شريك حياتها، حتى لو كان الطريق أمامها صعب، لافتة إلى أنها بعد أن قرأت بقية النص تعلّقت أكثر بالشخصية، وأحبت الرسالة التي تقدمها في المسلسل، والمتمثلة في الإجابة على السؤال الذي يطرحه النص: «هل تحقيق أحلامنا وأهدافنا يجعلنا نتنازل عن مبادئنا وأخلاقنا وقيمنا؟ أو بمعنى آخر هل الغاية تبرر الوسيلة؟».

تقاطع مشاهير غسل الأموال مع العمل

وبسؤال الفنانة شجون عن مخاوفها من أن يتم ربط هذا العمل بأشخاص معروفين بمجال الشهرة وتصميم الأزياء، خاصة مع كونه يحاكي قضية غسل الأموال، تجيب بالنفي وتردف «الكاتب فهد العليوة أكد لنا أن الشخصيات جملة وتفصيلا هي من الخيال ولو تشابهت الأحداث، وفعلا عندما قرأت النص لم أجد أي شبه بين شخصية حنين وظروفها مع أي مشهورة».

ولأن «غسيل» هو أول مسلسل كويتي من أعمال (شاهد) الأصلية، فإنه بالضرورة لا بد من سؤال شجون عن تقييم هذه التجربة، لتجيب «تجربة ممتعة جدا، أحببت اهتمام (شاهد) في تفاصيل العمل من قبل التصوير وأثناء التصوير والمونتاج، واعتمادهم طريقة تسويق عبقرية ضمنت أن يأخذ المسلسل حقه من المتابعة، وأشكرهم على مجهودهم واهتمامهم في كل تفاصيل العمل والحرص على نجاحه».

الفنانة شجون الهاجري في مسلسل غسيل (الشرق الأوسط)

الهاجري: التجميل المبالغ فيه يجعل الممثل «مانيكان»

في كل عمل للفنانة شجون الهاجري يلفت انتباه الجمهور حفاظها على جمالها الطبيعي، وبسؤالها إن كان لها موقف معارض لعمليات التجميل، تجيب «ملامح الممثل وتعبيره الجسدي من أهم أدواته في إيصال الدور والشخصية للمشاهد، وأنا لست ضد التجميل لكني ضد تشويه هذه الأدوات وتعطيلها، فالمطلوب من الممثل أن يحوّل الشخصية من حبر على ورق إلى شخصية من لحم ودم وروح».

وترى الهاجري أن التجميل المبالغ فيه يؤثر على هذه العملية مما يجعل الممثل حينها يبدو أشبه بـ«مانيكان» (تمثال جامد) بحسب توصيفها، وتضيف «هذا الشيء يؤثر سلبا على العمل الفني والقدرة على إيصال رسالته للجمهور. وعن مسلسل (غسيل) الذي يأتي في 8 حلقات وتوجه الدراما الخليجية لهذه المسلسلات القصيرة، تقول «من الجميل أن يُترك للكاتب الحرية في تناول القضية بعدد حلقات تناسب القصة».

نقلة نوعية في الدراما الخليجية

وتوضح الهاجري أن هناك قصصا وخطوطا لا تحتمل 30 حلقة والعكس صحيح هنا بحسب قولها، وتتابع «رغم أن هذا النهج كان موجوداً في الأعمال الكويتية القديمة، مثل درب الزلق وخالتي قماشة... وسعيدة طبعاً أنه عاد من جديد». وعن رأيها في وضع الدراما الخليجية حالياً، ترى شجون الهاجري أنها في تطور مستمر، وتضيف «أرى أن التنوع في الطرح صار أكبر مع ظهور المنصات وارتفاع سقف الحرية، وحتى من حيث التقنيات بما يشمل الصور والديكور والموسيقى... هناك نقلة كبيرة وأتمنى أن تكتمل حتى نستطيع أن ننافس على مستوى العالم».

تصدر «غسيل» قوائم الأعلى مشاهدة

وعن تصدر مسلسل (غسيل) قوائم الأعلى مشاهدة لدى الجمهور، وهو عمل من بطولة: شجون الهاجري، عبدالله بوشهري، زهرة الخرجي، عبير أحمد، عبد الله عبدالرضا، زينب بهمن. تقول الهاجري «سعيدة بذلك وممتنة للجمهور الخليجي والعربي في كل مكان، لأن هذا هو الدعم الحقيقي لأي فنان والذي يجعلنا ننسى التعب والسهر والإجهاد أثناء التصوير».

وبالسؤال عن مشاريعها المستقبلية تقول شجون «لدي أكثر من نص وفكرة أقرأها الآن، ما بين التلفزيون والمسرح والسينما والبرامج، وحتى الآن لا يوجد شيء رسمي أستطيع أن أعلن عنه، فأنا في مرحلة الاختيار حالياً، وكل ما يشغلني هو أن أقدم للجمهور ما يرضيهم ويقدم لهم المتعة والفائدة، وكذلك ما يضيف لرصيدي الفني».



جويل حجار... «جذور ومسارات عربية» تُتوّج الأحلام الكبرى

جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)
جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)
TT

جويل حجار... «جذور ومسارات عربية» تُتوّج الأحلام الكبرى

جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)
جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)

اللبنانية جويل حجار متخصّصة في تاريخ الفنون وعلم الآثار في «السوربون»؛ ناشطة ومستشارة ثقافية، تعمل أيضاً مستشارة لوزير السياحة اللبناني وليد نصار؛ تُمثّله أحياناً في مناسبات، وتركت لمسات على جناح لبنان في «إكسبو دبي». سألها الوزير رؤية يحملها وفد بلاده إلى الرياض يحلو تضمينها خطابه لمناسبة اليوم العالمي للسياحة المُقام في عاصمة المملكة. ومعاً توصّلا إلى فكرة تختزل إبداع العقل اللبناني. تقول: «خطرت لي قراءة (رؤية 2030) بتفاصيلها. شعرتُ بما يعنيه (دريم بيغ)، وأنْ نؤمن بوصفنا شعوباً عربية بتخطّي أنفسنا».

المشروع يحاكي الإرث والانفتاح (جذور ومسارات عربية)

وجدت في تلاقي الشعوب ما يُوحِّد، خصوصاً لتشارُك لغة واحدة وخلفيات تتقارب. تقاربٌ يُشبه مذاق المجتمع الفرنكوفوني الذي يُحرّك فيها 20 عاماً أمضتها في فرنسا. هنا اللغة تجمع؛ وعلى مستوى الجغرافيا العربية يتوسّع الجَمْع ليشمل دول شمال أفريقيا أيضاً.

الأماكن قادرة على جَمْع البشر حول دهشة واحدة (جذور ومسارات عربية)

من دلالة الطريق، وهي مسارات جولات العرب ورحلاتهم التي شكَّلت محطات للنمو الاقتصادي؛ وُلدت جزئية «Routes». ومن دلالة الجذور، وهي التراث والثقافة والروابط، وُلدت جزئية «Roots». فحمل مشروع وزير السياحة اللبناني وجويل حجار وفريق عمل متكامل تسمية «Arabian Roots and Routes» (جذور ومسارات عربية)، محاكاةً للإرث مُمثَلاً بالجذور، والانفتاح مُختَزلاً بالطُرق؛ وهما ركيزتا «رؤية 2030» المُلهِمة.

المشروع ليس أخذاً تستفيد منه جهة واحدة وإنما تبادُل (جذور ومسارات عربية)

تُكمل لـ«الشرق الأوسط»: «دخل البُعد السياحي على الخطّ. فالمشروع يرتكز على الترابُط الإنساني من خلال المكان الممتدّ عبر التاريخ. إنها المسارات السياحية القادرة على جَمْع البشر حول دهشة واحدة». وفي السفارة اللبنانية بالمملكة، وبحضور وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب، والمدير العام لمنظمة «الأمم المتحدة للسياحة» الجورجي زوراب بولوليكاشفيلي، وممثلي سفارات، زفَّ وزير السياحة اللبناني المشروع، لتتولّى جويل حجار لاحقاً نقله من الورق إلى الواقع بعدما نال الاستحسان.

المشروع يرتكز على الترابُط الإنساني من خلال المكان الممتدّ عبر التاريخ (جذور ومسارات عربية)

أرجأت حرب غزة المُخطَّط، حدَّ الظنّ أنه أُلغي. لكنَّ اتصالاً ورد قبل أشهر، أكد للطرف اللبناني أهمية إحيائه: «تجدَّد اللقاء مع الوزير أحمد الخطيب بالتعاون مع المكتب الإقليمي في (منظمة الأمم المتحدة للسياحة) الذي يجمع 13 بلداً عربياً. اجتمعنا أيضاً بمدير المكتب سامر الخراشي وراحت الفكرة تشقّ مسارها نحو الولادة».

توضح أنّ المسألة ليست أخذاً تستفيد منه جهة واحدة، وإنما تبادُل. فـ«Arabian Roots and Routes» يصبح بمثابة ماركة مسجَّلة، ينصّ انضواء شركات طيران مثلاً، أو مطاعم أو فنادق، تحتها، الالتزامَ بميثاق الأمم المتحدة وفق مبادئ منها الاستدامة ومحاربة الفقر. بالمقابل، تُتاح للمنضوي الاستفادة من بناء القدرات وتوسيع الرؤية، وما يقرّب الإنسان من الآخر، بالإضافة إلى اكتشاف عجائب المسارات الثقافية، وتنفُّس الهواء الطلق وسط التمتُّع بالجمالية الجغرافية وممارسة الرياضة والتأمُّل الروحي.

11 فبراير المقبل موعدُ ترجمة المشروع في الواقع (جذور ومسارات عربية)

11 فبراير (شباط) المقبل موعدُ ترجمة المشروع في الواقع. ذلك سيحدُث في قطر، تزامناً مع اليوم الرياضي الوطني، فتصبغُه لمسة رياضية. تتحدّث جويل حجار عن «اللعب السياحي». فشعوب عربية وغربية تزور العلا السعودية مثلاً أو بعلبك اللبنانية أو بترا الأردنية أو قلعة الحصن السورية، تنال ميدالية عن كل زيارة وجائزة تشجيعية. تتكرّر المحطات، فتعدّد الجوائز والميداليات حتى بلوغ «الميدالية الكبرى» المُصمَّمة من مجموعة ميداليات، أسوةً بما يناله عدّاؤو السباقات الدولية. ويخوّل تطبيق إلكتروني يتعقّب مسار السائح تدوينَ الإنجاز والذكريات. وبعد قطر، تتجدّد الانطلاقة من الرياض وأبوظبي وبيروت... بما يعزّز التبادلَيْن: السياحي والثقافي.

بالنسبة إليها، الإيمان بالأفكار وإرادة تنفيذها يقهران المستحيل: «المهم أن نريد الشيء؛ وما يُغلَق من المرة الأولى يُفتَح بعد محاولات صادقة. المشروع يوحّد الشعوب العربية ضد المحوّ الثقافي، ويُذكّر بأننا أبناء لغة واحدة وتاريخ متقارب. لدينا طاقات شبابية ومهارة باستعمال التكنولوجيا. كلّها عوامل نجاح».

وجدت في تلاقي الشعوب ما يُوحِّد خصوصاً لتشارُك لغة واحدة (جذور ومسارات عربية)

حلمٌ آخر...

الشغف المُشتعل حمل ابنة بيروت إلى طرابلس. ما يجمع الحدثين هو الإيمان بالفنّ موحِّداً للبشر. تروي مغامرةً أخرى بدأت من رغبتها والمايسترو هاروت فازليان في إحياء حفل موسيقي لغايات خيرية. اقترحا مسرحاً مهجوراً هناك منذ الستينات. ولمّا زارته، لمحت فيه لمسات أحد أكبر معماريّي البرازيل، أوسكار نيماير، الذي وصل إلى طرابلس عبر البحر ومكث شهرين كانا كافيَيْن لإنشاء المشروع بأكمله. وإذ كان يُتوقَّع أن يستغرق التنفيذ 3 سنوات، امتدَّ إلى 13 عاماً، حتى اندلاع الحرب عام 1975.

اليوم، يحمل هذا المشروع اسم «معرض رشيد كرامي الدولي»، بمساحته الشاسعة التي شكَّلت التعاطي الفنّي الأول مع الأسمنت؛ فتنهمك جويل حجار بإعادة النبض إلى مسرحه المنضوي تحت قبّة، والشاهد على تجاوزات مسلَّحة وعمليات نهب ميليشياوية، بأمل تحويله، ومعه المكان الأوسع، حيّزاً جماعياً يتيح فرص الاستثمار والعرض والإبداع الموسيقي.

بعظمة القوة الناعمة، تذهب في الأحلام بعيداً. انطلق مشروع تأهيل المسرح بـ3 أشخاص: جويل حجار، وهاروت فازليان، وعميد كلية الفنون الجميلة في طرابلس وسيم ناغي الذي تُخبر بأنه كرَّس حياته لهذا المكان التاريخي، وأنقذ أرشيفه، وسعى من أجل إدراجه ضمن قائمة «اليونيسكو». واليوم يبذل 28 فناناً ومعمارياً أجمل الجهود لبلوغ المُخطَّط له.

التمويل تحدٍّ، والاستقرار الأمني اللبناني أيضاً. يُحضّر الفريق لمزاد ضخم مع «سوذبيز» يعرض لوحات لتشكيليين مُكرَّسين لجَمْع ما يجعل الطموح يتحقّق. بابتسامة المُراهنين على الوصول، تُمازح: «تأخّرنا عاماً على مشروعٍ تأخّر 60 سنة. إنها ويلات الحرب. نرجو الأمان لتكتمل أحلامنا».