ارتبطت أشجار النخيل الباسقة بتمورها المختلفة منذ مئات السنين بالعرب بشكل كبير، فكانت مصدراً أساسياً للغذاء، ووسيلة مهمة للعيش على مدار العصور.
هذا الارتباط الإنساني بالتمور تطور لاحقاً في السعودية ليصبح ذا أهمية اقتصادية وثقافية أساسية؛ كون البلاد تشتهر بأجود أنواع التمور في العالم؛ وهو ما عزز فكرة تصديرها. وخلال السنوات الأخيرة، أصبح التمر أحد أهم الصادرات السعودية - غير النفطية - للعالم، لتحقق المملكة في العام الماضي إيرادات قياسية بلغت 1.28 مليار ريال سعودي (341 مليون دولار).
ويحتفل السعوديون في كل عام بموسم حصاد التمور بمهرجانات كبرى تقام في مختلف المدن، أشهرها في القصيم و الأحساء والمدينة المنورة، وتضم مزادات لأجود أنواع التمور يتوافد عليها المستثمرون من مختلف الدول للشراء والتصدير.
ويعد «كرنفال بريدة للتمور» هو الأضخم في منطقة الشرق الأوسط من حيث كمية المعروض من التمور والقيمة السوقية لها وحركات التدفقات المالية في السوق التي تبدأ في شهر أغسطس (آب) وتمتد لشهرين، ويستقبل حصاد 11 مليون نخلة في منطقة القصيم، حيث أكدت الجهة المنظمة للمهرجان أن الأسبوع الأول من الكرنفال شهد تواجد ما يقارب 500 طن من التمور.
وكشف أمير منطقة القصيم رئيس اللجنة العليا لـ«كرنفال بريدة للتمور»، الأمير فيصل بن مشعل، عن أن قطاع التمور يعدّ من مرتكزات «رؤية 2030»، ويشهد تطوّراً كبيراً في الصناعات التحويلية المرتبطة به؛ كون الفرص في هذا الزمن للاستثمار داخل القطاع ميسّرة بشكل سلس لجميع الراغبين في الدخول فيها.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي أعقب زيارته، لـ«كرنفال بريدة للتمور»، حيث أشار إلى أن الكرنفال أصبح علامة فارقة في المناسبات الاقتصادية للسعودية بوصفه من أهم الفعاليات التي تعتني بالنخيل وثمارها. وثمّن الأمير فيصل بن مشعل، ما وصل إليه الكرنفال من تقدم ملحوظ، سواء في نوعية المنتَج أو الفعاليات المصاحبة التي تعزز من دور قطاع النخيل والتمور بالمنطقة.
وحول الاستثمار في الصناعات الغذائية للتمور وتحفيز المستثمرين والاستفادة من الفرص في قطاع التمور، قال الأمير: إن الدور على رجال الأعمال للاستفادة من الفرص الاستثمارية في القطاع، حيث يعدّ ذلك جزءاً اساسياً في الأمن الغذائي الداخلي.
وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، أوضح الدكتور خالد النقيدان، الرئيس التنفيذي لـ«كرنفال بريدة للتمور»، أن قيمة الصادرات السعودية من التمور بلغت في العام الماضي 1.28 مليار ريال (341 مليون دولار)، بزيادة قدرها 5.4 في المائة عن عام 2021، و121 في المائة عن عام 2016؛ إذ بلغت قيمة صادراته 579 مليون ريال (154 مليون دولار).
في الوقت الذي شهدت الصادرات خلال الربع الأول لعام 2023 ارتفاعاً بقيمة تجاوزت 566 مليون ريال (150 مليون دولار) بزيادة 2.5 في المائة مقارنة بالربع الأول لعام 2022، والتي شملت 116 دولة حول العالم.
وأكد النقيدان أن الهدف الذي تسعى إليه اللجنة المنظمة للكرنفال هو رعاية هذه الثمرة وتطويرها ونشرها للعالم وتعزيز دورها في زيادة الناتج المحلي السعودي، إضافة إلى تحقيقها الأمن الغذائي.
جدير بالذكر، أن الكرنفال يشتمل على عروض ثقافية وفنية وتراثية، وورش عمل حول زراعة النخيل وصناعة منتجات التمور، بالإضافة إلى كونه فرصة للتعرف على الثقافة السعودية، ويسهم أيضاً في تعزيز الاقتصاد المحلي بجذب السياح والمستثمرين.