صوفي الشِّلح تحصد جائزة «إيمي» عن فئة التصميم لكأس العالم 2022

شكّل فوزها مفاجأة غير منتظرة لها

صوفي الشلح أمام «استوديوهات فوكس» التي صممتها في قطر (صوفي الشِّلح)
صوفي الشلح أمام «استوديوهات فوكس» التي صممتها في قطر (صوفي الشِّلح)
TT

صوفي الشِّلح تحصد جائزة «إيمي» عن فئة التصميم لكأس العالم 2022

صوفي الشلح أمام «استوديوهات فوكس» التي صممتها في قطر (صوفي الشِّلح)
صوفي الشلح أمام «استوديوهات فوكس» التي صممتها في قطر (صوفي الشِّلح)

لم يمرّ تصميم صوفي الشِّلح لاستوديوهات «فوكس سبورت» في مونديال 2022 مرور الكرام؛ فهي استطاعت لفت أنظار العالم بأفكارها المبدعة التي ترجمت معها ثقافتها العربية. فصوفي حصدت أخيراً جائزة «إيمي» عن فئة تصميم مجموعة الإخراج الفني المتميز لكأس العالم لكرة القدم في قطر.

وتُعدّ صوفي اللبنانية الوحيدة التي استطاعت تحقيق هذا الفوز إضافة إلى 4 مصممين آخرين من بلدان عربية مختلفة. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لقد فوجئت بتقديم هذه الجائزة العالمية لي. صحيح أنّني رُشّحت لها، ولكن الأمر كان بديهياً بالنسبة لي. فالاتفاق بيني وبين الشركة التي تعاملت معها يقضي بترشيحي في كل الأحوال. اعتقدت أن الموضوع سيمرّ مرور الكرام، خصوصاً أنّ الجهة المنافسة لي كانت تلك التي صمّمت مهرجان الألعاب الأولمبية».

استعانت بالخط العربي الكوفي لإبراز جمالية تصميمها (صوفي الشِّلح)

وتشير الشلح إلى أنّ الجوائز العالمية بهذا المستوى تدقّق كثيراً في أعمال المرشحين لديها، واعتقَدت لأنّها لبنانية، ستقلّ فرص فوزها على منبرٍ عالميٍّ كهذا.

وتعلق لـ«الشرق الأوسط»: «اتصلوا بي منذ نحو أسبوعين يزفّون لي هذا الخبر من أميركا. وحينها كنت في لبنان أمضي إجازتي، لذا لم يتسنَّ لي تسلّمها؛ واليوم استعدُّ للسّفر إلى أميركا حيث أقيم، لأتسلمها وأحتفظ بها ذكرى لن أنساها طيلة عمري».

تهدي صوفي الشِّلح جائزة إيمي لوالدها (صوفي الشِّلح)

غادرت صوفي لبنان منذ نحو 8 سنوات مهاجرة إلى الولايات المتحدة الأميركية، ساعية وراء أحلامها التي منعتها أوضاع البلاد المتردية من تحقيقها. ومن هناك انطلقت في مهنة التصميم الغرافيكي، تشق طريقها بخطوات ثابتة. وأثبتت قدراتها من خلال تعاونها الناجح مع «فوكس سبورتس» في مجال نقل بعض أضخم الأحداث الرياضية في العالم ومنها، المباراة النهائية لدوري كرة القدم الأميركية «سوبر بول» التي تنظمها الرابطة الوطنية الأميركية لكرة القدم (NFL).

وتكرَّر هذا التعاون عندما استعانت بها «فوكس سبورت» مجدداً واختارتها لتصميم استوديوهاتها التي أقامتها خصيصاً لمتابعة كأس العالم لكرة القدم 2022 ونقل مبارياتها.

«هذه الجائزة لا بدّ أن تنعكس إيجاباً على بلدي لبنان. فيدرك كثيرون أنه بلد الإبداع والقدرات الهائلة. وعندما علم أصدقائي بفوزي، هلّلوا للأمر واعتبروه علامة فارقة للبنان».

المصمّمة اللبنانية صوفي الشِّلح

ارتكزت الشلح في تصاميمها الغرافيكية على الخط العربي المعروف بـ«الكوفي»، فاستخدمته مع عناصر أخرى استوحتها من الثقافة الأميركية، وترجمته من خلال أشكال هندسية متعدّدة. وألفت الطريقة الحديثة الممزوجة بالتراث العربي مشهدية استوديوهات «فوكس سبورت» في قطر. وقامت الشلح بتصاميم منبثقة عن الكوفي غطت جدران وطاولات وزجاج وحتى شاشة استوديو القناة. وتعلق: «رغبت في أن يسود الكوفي التصاميم خلفية أساسية تتوالد منه التصاميم (المودرن). ولأن القناة تبثّ من قطر، أخذت وقتها بعين الاعتبار تاريخ هذه البلاد الحديث، إلى حدٍّ ما. فجاءت الأحرف العربية التي يتألف منها اسم قطر بمثابة مصدر آخر لتصاميمي».

تؤكد صوفي شعورها بالفرح والفخر كونها استطاعت الفوز في إحدى أهم الجوائز العالمية. فجائزة «إيمي»‏ هي أميركية تُمنح للمسلسلات والبرامج التلفزيونية المختلفة، وقد أُنشئت في عام 1949، وهي المقابلة لجائزة «الأوسكار»؛ وفي حين أن هذه الأخيرة تقتصر على الإنتاج السينمائي فإن «إيمي» تختصّ في قطاع الإنتاج التلفزيوني.

ترى صوفي أنّ هذه الجائزة مكافأة على كل ما حققته وتعبت من أجله في مهنتها منذ بدايتها حتى اليوم. «إنها لفتة تشجيعية لي ولكل اللبنانيين من أبناء جيلي. فهذا الفوز يعزّز آمالنا نحن الشباب، وقد ذقنا الأمرّين في بلد أنهكته الحروب والأزمات».

ومن ناحية ثانية، تُهدي صوفي الجائزة لوالدها وتتابع حديثها: «منذ أن علمت بترشيحي للجائزة في مايو (أيار) الفائت، لم أعر الموضوع اهتماماً؛ وفَورَ معرفتي به لم يخطر على بالي سوى والدي الدّاعم الأكبر لي، وسندي، ومشجعي في كل ما أقوم به. وعندما كنت أشعر بالإحباط أو تتملكني فكرة التوقف عن بذل الجهد، كان يقف ورائي يذكرني بأنّ لا شيء يأتي بسهولة. كما أنه حثّني على السفر إلى أميركا لأكتشف آفاقاً أوسع من تلك المتوفرة لي في لبنان».

وتختم صوفي الشِّلح: «هذه الجائزة لا بدّ أن تنعكس إيجاباً على بلدي لبنان. فيدرك كثيرون أنه بلد الإبداع والقدرات الهائلة. وعندما علم أصدقائي بفوزي، هلّلوا للأمر واعتبروه علامة فارقة للبنان. فهناك مصممون معروفون في لبنان ولا سيما من الجنسية الأرمنية حققوا إنجازات في إطار التصميم الغرافيكي، ولكنهم في المقابل لم يستطيعوا حصد التقدير العالمي الذي حققته، وهذا شرف كبير لي».


مقالات ذات صلة

مصر: إعلان جوائز الدولة لرموز الفكر والإبداع محلياً وعربياً    

يوميات الشرق أعضاء المجلس الأعلى للثقافة في اجتماعهم لإقرار الجوائز (وزارة الثقافة المصرية)

مصر: إعلان جوائز الدولة لرموز الفكر والإبداع محلياً وعربياً    

أعلنت وزارة الثقافة المصرية، الثلاثاء، أسماء الفائزين بجوائز الدولة «النيل والتقديرية والتفوق والتشجيعية» التي تُمنح للمبدعين في مجالات الفنون والآداب.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق حصدت «شبكة الشرق» 117 جائزة من بينها 12 ذهبية و49 فضية و56 برونزية من جوائز «تيلي» المرموقة (الشرق الأوسط)

«الشرق» تحصد جائزة «تيلي» الكبرى لعام 2024

حصدت «شبكة الشرق» 117 جائزة، من بينها 12 ذهبية و49 فضية و56 برونزية من جوائز «تيلي» المرموقة، إضافة إلى «جائزة تيلي الكبرى» لهذا العام.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق للرسم التعبيري «ذكرى قاتمة» بتوقيع الرسّام لوكا دوربينو

«المجلّة» تحصد جائزتين عالميتين في حفل جمعية الرسّامين في نيويورك

حصدت مجلّة «المجلّة»، جائزتين عالميتين خلال حفل توزيع جوائز جمعية الرسّامين في متحف الرسوم التعبيرية التاريخي في مدينة نيويورك الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عالمية بيلينغهام نجم ريال مدريد حاملاً جائزة لوريوس الرياضية العالمية (رويترز)

فوز بونماتي وبيلينغهام وديوكوفيتش بجوائز لوريوس الرياضية العالمية

توجت إيتانا بونماتي نجمة منتخب إسبانيا للسيدات لكرة القدم وجود بيلينغهام نجم منتخب إنجلترا ونادي ريال مدريد الإسباني بجوائز لوريوس الرياضية العالمية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق دعاء العدل في رسم عن سرقة إسرائيل للأعضاء

الإعلان عن نتائج «جائزة محمود كحيل» في دورتها الـ9

ازداد عدد المشاركين في «جائزة محمود كحيل» 3 أضعاف، مقارنة بالأعوام الماضية. العدد الأكبر من مصر ومن ثَمّ لبنان فسوريا والأردن وفلسطين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
TT

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)

«ماريا»، الذي سبق وتناولناه هنا قبل يومين، ليس سوى أحد الأفلام المعروضة على شاشة الدورة 81 لمهرجان «ڤينيسيا»، (انطلق في 28 من الشهر الماضي وتسدل ستارته في 7 سبتمبر «أيلول» الحالي)، الذي يتناول حياة شخصيات شهيرة. إذ إن هناك أفلاماً عدّة تتحدّث عن شخصيات حقيقية أخرى بينها ثلاثة أفلام غير درامية.

إنها أفلام وثائقية وتسجيلية عن أسماء مشهورة تتباعد في أزمانها وشخصياتها كما في أدوارها في الحياة. هناك «رايفنشتال» عن المخرجة الألمانية ليني رايفنشتال التي عاشت نحو 101 سنة، و«جون ويوكو» عن حياة المغني جون لينون (من فرقة البيتلز) والمرأة التي ارتبط بها، كذلك يطالعنا فيلم المخرج التسجيلي إيرول موريس «منفصلون» الذي يتناول بعض ما تمر به الولايات المتحدة من أزمات بخصوص المهاجرين القادمين من فنزويلا وكولومبيا ودول لاتينية أخرى.

في هذا النطاق، وبالمقارنة، فإن «ماريا» للمخرج التشيلي بابلو لاراين، يبقى الإنتاج الدرامي الوحيد بين هذه المجموعة متناولاً، كما ذكرنا، الأيام الأخيرة من حياة مغنية الأوبرا.

المخرجة المتّهمة

«رايفنشتال» للألماني أندريس فايَل فيلم مفعم بالتوثيق مستعيناً بصور نادرة ومشاهد من أفلام عدّة للمخرجة التي دار حولها كثير من النقاشات الفنية والسياسية. حققت ليني في حياتها 8 أفلام، أولها سنة 1932 وآخرها «انطباعات تحت الماء» (Impressions Under Water) سنة 2002. لكن شهرتها تحدّدت بفيلميها «انتصار الإرادة» (Triumph of the Will) (1935)، و«أولمبيا» الذي أنجزته في جزأين سنة 1938.

السبب في أن هذين الفيلمين لا يزالان الأشهر بين أعمالها يعود إلى أنهما أُنتجا في عصر النهضة النازية بعدما تبوأ أدولف هتلر رئاسة ألمانيا.

دار «انتصار الإرادة» عن الاستعراض الكبير الذي أقيم في عام 1934 في مدينة نورمبيرغ، الذي ألقى فيه هتلر خطبة نارية أمام حشد وصل تعداده إلى 700 ألف شخص. فيها تحدّث عن ألمانيا جديدة مزدهرة وقوية وعن مستقبل كبير ينتظرها.

الفيلم الثاني من جزأين كان عن الأولمبياد الرياضي الذي أقيم صيف 1936، وحضرته أمم كثيرة بعضها من تلك التي تحالفت لاحقاً ضد الاحتلال الألماني لأوروبا.

شغل المخرجة على الفيلمين فعلٌ فني لا يرقى إليه الشك. تصوّر بثراء كل ما يقع أمامها من الجموع إلى المسيرات العسكرية والرياضية، ومنها إلى هتلر وهو يخطب ويراقب سعيداً الاستعدادات العسكرية التي خاضت لاحقاً تلك الحرب الطاحنة التي خرجت ألمانيا منها خاسرة كلّ شيء.

تبعاً لهذين الفيلمين عدّ الإعلام السياسي الغربي المخرجة رايفنشتال ساهمت في الترويج للنازية. تهمة رفضتها رايفنشتال. وأكدت، في مقطع من الفيلم مأخوذ عن مقابلة مسجّلة، أنها لم تنفّذ ما طُلب منها تنفيذه، ولم تنتمِ إلى الحزب النازي (وهذا صحيح) ولم تكن تعلم، شأن ملايين الألمان، بما يدور في المعتقلات.

ليني رايفنشتال خلال تصوير «أولمبياد» (مهرجان ڤينيسيا)

يستعرض الفيلم حياة المخرجة التي دافع عن أعمالها نُقاد السينما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم. فيلماها لا يزالان من أفضل ما طُبع على أشرطة في مجال الفيلم الوثائقي إلى اليوم، وذلك عائد إلى اختياراتها من اللقطات والمشاهد وتوثيقها لحدثين مهمّين لا يمكن تصوّر السينما من دون وجودهما بدلالاتهما المختلفة. النتيجة الواضحة إلى اليوم، حتى عبر المقتطفات التي يعرضها الفيلم، تفيد بحرفة متقدّمة وتعامل رائعٍ مع الحدث بأوجهه المتعدّدة.

ينتهج المخرج فايل موقفاً يشيد فيه بالمخرجة ومجمل أفلامها السبعة. لا يفوته الاعتراف بأن رايفنشتال كانت فنانة سينما حقيقية، لكن يوجّه مشاهديه في الوقت نفسه إلى أن هذا الفن لم يكن سوى مظهر دعائي للنازية، وأنها لعبت الدور المباشر في البروباغاندا في الفترة التي سبقت الحرب.

حيال سرد هذا التاريخ يستعين المخرج فايل بمقابلات متعددة أدلت بها (معظمها بعد نهاية الحرب) وواجهت فيها منتقديها كما يعمد المخرج إلى مشاهد من حياتها الخاصة. زواجها. رحلتها إلى السودان خلال اضطرابات عام 2000 حيث تحطمت الطائرة المروحية التي استقلّتها وأصيبت برضوض. رحلتها تلك كانت بصدد التعرّف على البيئة النوبية، وكانت قد حصلت على الجنسية السودانية قبل سنوات (إلى جانب جنسيتها الألمانية وإقامتها البريطانية)، وبذلك كانت أول شخص غربي يُمنح الجنسية السودانية.

لا يأتي الفيلم بجديد فِعليّ لما يسرده ويعرضه. هناك كتب عديدة دارت حولها أهمها، مما قرأ هذا الناقد، «أفلام ليني رايفنشتال» لديفيد هنتون (صدر سنة 2000) و«ليني رايفنشتال: حياة» الذي وضعه يورغن تريمبورن قبل سنة من وفاة المخرجة عام 2003.

هو فيلم كاشف، بيد أنه يتوقف عند كل المحطات التي سبق لمصادر أخرى وفّرتها. محاولة الفيلم لتكون «الكلمة الفصل» ناجحة بوصفها فكرة وأقل من ذلك كحكم لها أو عليها.

جون لينون ويوكو أونو

في الإطار الفني، ولو على مسافة كبيرة في الاهتمام ونوع المعالجة، يأتي (One to One: John & Yoko) «واحد لواحد: جون ويوكو» لكيڤن ماكدونالد، الذي يحيط بحياة الثنائي جون لينون وزوجته يوكو أونو اللذين وقعا في الحب وانتقلا للعيش في حي غرينتش فيلاج في مدينة نيويورك مباشرة بعد انفراط فريق «البيتلز» الذي كان جون لينون أحد أفراده الأربعة.

النقلة إلى ذلك الحي لم تكن اختياراً بلا مرجعية سياسية كون غرينتش فيلاج شهدت حينها حياة ثقافية وفنية وسياسية حافلة تعاملت ضد العنصرية وضد حرب فيتنام، وكانت صوت اليسار الشّعبي الأميركي إلى حين فضيحة «ووترغيت» التي أودت بمنصب الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون. يكشف فيلم مكدونالد (الذي سبق وأُخرج قبل أعوام قليلة، فيلماً عن المغني الجامايكي بوب مارلي) عن اهتمام لينون وزوجته بتلك القضايا السياسية. جون الذي باع منزله المرفّه في ضواحي لندن واستقر في شقة من غرفتين في ذلك الحي، ويوكو التي لعبت دوراً فنياً وتثقيفياً في حياته.

لا يكتفي الفيلم بالحديث عن الثنائي معيشياً وعاطفياً بل عن المحيط السياسي العام ما يُعيد لمشاهدين من جيل ذلك الحين بعض الأحداث التي وقعت، ويوجه المشاهدين الذين وُلدوا سنوات صوب تقدير الثنائي، كما لم يفعل فيلم ما من قبل. ليس لأن «واحد لواحد: جون ويوكو» فيلم سياسي، بل هو استعراض منفّذ مونتاجياً بقدر كبير من الإجادة لحياة ثنائيّ موسيقيّ مطروحة على الخلفية المجتمعية المذكورة.

إرث ترمب

نيسكون مضى ومعه قناعاته وبعد عقود حلّ دونالد ترمب ليسير على النهج اليميني نفسه.

يرتسم ذلك في «منفصلون» (Separated) للمخرج المتخصص بالأفلام التسجيلية والوثائقية السياسية إيرول موريس. من بين أفضل أعماله «ضباب الحرب» (The Fog of War)، الذي تناول الحرب العراقية وكيف تضافرت جهود الحكومة الأميركية على تأكيد وجود ما لم يكن موجوداً في حيازة العراق، مثل القدرات النّووية والصواريخ التي يمكن لها أن تطير من العراق وتحط في واشنطن دي سي (وكثيرون صدّقوا).

«منفصلون» لديه موضوع مختلف: إنه عن ذلك القرار الذي اتخذه ترمب خلال فترة رئاسته ببناء سياج على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة لمنع تدفق المهاجرين القادمين من الدول اللاتينية بدافع الفقر وانتشار العنف.

كان يمكن تفهّم هذا القرار لو أنه توقف عند هذا الحد، لكن ترمب تلاه بقرار آخر يقضي بفصل الأطفال عن ذويهم الراغبين في دخول البلاد عبر الحدود. بذلك لدى هؤلاء إمّا العودة من حيث أتوا مع أولادهم، أو العودة من دونهم على أساس وجود هيئات ومؤسسات أميركية ستعني بهم.

مثل هذا الموقف، يؤكد الفيلم، غير الأخلاقي، وكان له معارضون ومؤيدون. بعض المعارضين من أعضاء الكونغرس انقلبوا مؤيدين ما بين مؤتمر صحافي وآخر.

محور الفيلم هو رفض هذا الانفصال على أسس أخلاقية وإنسانية والمتهم الأساسي في فرض العمل به هو ترمب الذي لم يكترث، والكلام للفيلم، لفظاعة الفصل بين الآباء والأمهات وأطفالهم. تطلّب الأمر أن يخسر ترمب الانتخابات من قبل أن يلغي بايدن القرار على أساس تلك المبادئ الإنسانية، لكن بذلك تعاود أزمة المهاجرين حضورها من دون حل معروف.

يستخدم المخرج موريس المقابلات لتأييد وجهة نظره المعارضة وأخرى لرفضها، لكنه ليس فيلماً حيادياً في هذا الشأن. مشكلته التي يحسّ بها المُشاهد هي أن الفيلم يتطرّق لموضوع فات أوانه منذ أكثر من عامين، ما يجعله يدور في رحى أحداث ليست آنية ولا مرّ عليه ما يكفي من الزمن لإعادة اكتشافها ولا هي بعيدة بحيث تُكتشف.