علماء يحذرون: محيطات العالم دافئة بشكل غير مسبوق... و«الأسوأ لم يأت بعد»

أعضاء من منظمة غير ربحية يغوصون في محيط لزرع الشعاب المرجانية في فلوريدا (أ.ف.ب)
أعضاء من منظمة غير ربحية يغوصون في محيط لزرع الشعاب المرجانية في فلوريدا (أ.ف.ب)
TT

علماء يحذرون: محيطات العالم دافئة بشكل غير مسبوق... و«الأسوأ لم يأت بعد»

أعضاء من منظمة غير ربحية يغوصون في محيط لزرع الشعاب المرجانية في فلوريدا (أ.ف.ب)
أعضاء من منظمة غير ربحية يغوصون في محيط لزرع الشعاب المرجانية في فلوريدا (أ.ف.ب)

لا يجد العلماء الصفات القاسية اللازمة لوصف حالة المحيطات، حيث ترتفع درجات حرارة سطح البحر على مستوى العالم بشكل كبير. شمال المحيط الأطلسي، على وجه الخصوص، غارق منذ شهور فيما وصفه العلماء بموجة حرارة بحرية «غير مسبوقة». كما كان خليج المكسيك وحوض الكاريبي دافئين بشكل غير عادي، وفقاً لتقرير لشبكة «إن بي سي نيوز».

وصلت درجة حرارة المياه قبالة سواحل فلوريدا إلى 100 درجة فهرنهايت (أي نحو 37 درجة مئوية) عدة مرات هذا الأسبوع – وهي درجات حرارة مماثلة لحوض الاستحمام الساخن. علاوة على ذلك، يقول بعض العلماء إن «الأسوأ لم يأت بعد».

قالت سفينيا رايان، عالمة المحيطات بمعهد «وودز هول» لعلوم المحيطات في ماساتشوستس «لسنا حتى في ذروة الصيف... عادةً ما يستمر ارتفاع درجة حرارة المحيط حتى سبتمبر (أيلول)، لذلك أعتقد بالتأكيد أنه يمكننا توقع استمرار موجة الحر هذه حتى الخريف».

هذا الشهر، كانت أجزاء من البحر الكاريبي وخليج المكسيك أكثر دفئاً من المعتاد بنحو 5 درجات فهرنهايت. في الأيام الأخيرة، كانت بقعة من شمال المحيط الأطلسي قبالة سواحل نيوفاوندلاند، كندا - وهي منطقة عادة ما تبقى باردة نسبياً - أكثر دفئاً بمقدار 9 درجات فهرنهايت من المعتاد، وفقاً لفريديريك سير، عالم أبحاث في «فيشرز أند فيشيز»، وهي إدارة تابعة للحكومة الكندية تشرف على العلوم والسياسات البحرية وتدير مصائد الأسماك في البلاد.

رجل يتصيد الأسماك بينما تشرق الشمس فوق المحيط الأطلسي (أ.ب)

يولي العلماء اهتماماً وثيقاً لموجات الحرارة البحرية لأن محيطات العالم ضرورية لقدرة الكوكب على تخزين الحرارة. توصلت الدراسات إلى أن محيطات الأرض قد امتصت حوالي 90 في المائة من الحرارة المحتجزة على الكوكب من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري منذ عام 1970.

نظراً لأن تغير المناخ يتسبب في ارتفاع درجة حرارة العالم، يمكن أن تقدم درجات حرارة سطح البحر أدلة حول صحة هذه المسطحات المائية. على هذا النحو، فإن مدى انتشار موجة الحرارة في شمال المحيط الأطلسي، وشدتها ومدتها كلها عوامل تدعو إلى القلق، كما أوضحت رايان.

وقالت «بصفتك عالماً، فأنت تعلم أن هذا يقع في نطاق ما تتوقعه النماذج المناخية أنه سيحدث في مرحلة ما، ولكن رؤية ذلك أمامك أمر مخيف نوعاً ما».

وبعض التأثيرات محسوسة بالفعل. يهدد ارتفاع درجات حرارة سطح البحر قبالة فلوريدا الشعاب المرجانية في المنطقة. حذر العلماء من أن موجة الحرارة يمكن أن تؤدي إلى موت جماعي للشعاب المرجانية، مما قد تكون له آثار عميقة على النظم البيئية البحرية في المنطقة.

في أماكن أخرى من المحيط الأطلسي، يتتبع الباحثون التغيرات في توزيع الأسماك مع ارتفاع درجة حرارة المياه. أشارت رايان إلى أن بعض أنواع الأسماك الاستوائية تتوسع في مداها، وتغامر شمالاً أكثر من المعتاد. تقوم حيوانات أخرى، مثل الحيتان، بتغيير حركاتها لتتناسب مع فرائسها.

وتابعت «نرى بعض الحيوانات تضغط على موائلها، أو يتحول بعضها في خطوط العرض إذا كانت قادرة... أو، مثل الشعاب المرجانية في فلوريدا، لا يكون لديها فرصة... وتموت».

سمكة تسبح حول الشعاب المرجانية في كي ويست بفلوريدا (أ.ف.ب)

قالت كاثي ميلز، العالمة في معهد أبحاث خليج مين، إن العواقب طويلة المدى لمثل هذه المياه الدافئة قد لا تكون معروفة حتى لأن مثل هذه الظروف ليست لها مقارنة في التاريخ المسجل.

وأضافت «هذا خارج نطاق أي شيء لاحظناه أو تمكنا من مراقبته في الماضي... لذلك ليس لدينا حتى بيانات نلجأ إليها لفهم تأثير درجات الحرارة المرتفعة».

وقال سير إن العديد من العواقب لا يمكن اكتشافها على الفور. وأضاف «من السابق لأوانه فهم ما يحدث»، مؤكداً أن رصد الآثار الكاملة على مصائد الأسماك والأنواع البحرية وصحة المحيطات يتطلب وقتاً - والكثير من البيانات.

أجابت ميلز بالمثل، حيث إن الأمر قد يستغرق شهوراً لإجراء مسوحات بيولوجية والعمل مع مصائد الأسماك لقياس النتائج. وقالت، مع ذلك، إن الاحترار الملحوظ في الأشهر الأخيرة كان واسع الانتشار بشكل غير عادي.

وأفادت «على الصعيد العالمي، هناك عدد قليل جداً من الأماكن التي تكون أكثر برودة من المعتاد... تتوقع عادةً نوعاً من التوازن، لكن لدينا جزء كبير من المحيط أكثر سخونة من المتوسطات طويلة الأجل، وتعاني مناطق معينة من درجات الحرارة الاستثنائية حقاً».

هذا العام، من المتوقع أيضاً أن تلعب ظروف ظاهرة «النينيو» دوراً، مما يؤدي إلى تفاقم الاحترار الناجم عن تغير المناخ. يمكن أن يكون لظاهرة «النينيو»، وهي دورة مناخية تتميز بمياه أكثر دفئاً من المعتاد في وسط وشرق المحيط الهادئ المداري، تأثير كبير على هطول الأمطار والأعاصير وغيرها من الأحوال الجوية القاسية. عادةً ما تزيد الظاهرة من متوسط درجات حرارة الهواء والبحر.

وهذا يعني أن درجات حرارة سطح البحر قد تستمر في الارتفاع.


مقالات ذات صلة

قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

العالم كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)

قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

اتفقت دول العالم بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الولايات المتحدة​ بروك رولينز مرشحة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لمنصب وزير الزراعة (أ.ب)

ترمب يرشح المعاونة السابقة بالبيت الأبيض بروك رولينز لمنصب وزير الزراعة

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنه سيرشح المعاونة السابقة بالبيت الأبيض بروك رولينز لشغل منصب وزير الزراعة في إدارته المقبلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم أسلحة (أ.ب)

السجن 4 سنوات لأميركي باع أجزاء من أسلحة بشكل غير قانوني لأشخاص في إسرائيل

قالت شبكة «فوكس 32» شيكاغو إن رجلاً من مدينة بالوس هيلز الأميركية حُكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات تقريباً بتهمة شحن أجزاء من أسلحة بشكل غير قانوني

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أوستن يؤكد لكاتس أهمية ضمان أمن الجيش اللبناني والـ«يونيفيل»

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الوزير لويد أوستن تحدث مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

أتت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بفوائد على الملياردير إيلون ماسك بحسب تقديرات جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».