جوانا ملاح لـ«الشرق الأوسط»: كان البعد قاتلاً

غيابها القسري أخفق في إلحاقها بالمنسيين خارج الضوء

الفنانة اللبنانية جوانا ملاح نجمة التسعينات تعود بأغنية جديدة (حسابها الشخصي)
الفنانة اللبنانية جوانا ملاح نجمة التسعينات تعود بأغنية جديدة (حسابها الشخصي)
TT

جوانا ملاح لـ«الشرق الأوسط»: كان البعد قاتلاً

الفنانة اللبنانية جوانا ملاح نجمة التسعينات تعود بأغنية جديدة (حسابها الشخصي)
الفنانة اللبنانية جوانا ملاح نجمة التسعينات تعود بأغنية جديدة (حسابها الشخصي)

تلتقي الأغنية الجديدة لجوانا ملاح، في عنوانها «أصعب قرار»، مع سياق حياة شكّلته مفارق ورسمت مساره الوعورة. كأنها بهذا الغناء ولوعة عنوانه، تحيل النفس على احتفال مُستَحق بعد المواجهة الشجاعة والتخطّي الباهظ. كتب سليم سلامة ولحَّن أغنية يلفحها العتب لكنها تنتصر للنجاة (إخراج الفيديو كليب أدونيس الخطيب). بعض القرارات شاق، يعتصر الأفئدة؛ إلى أن يمرّ وقتٌ فيدرك المرء عظمة المنعطفات في بلوغ صواب الوُجهة.

جوانا ملاح مطمئنة لمستقبل الغناء بوجود فنانين صادقين (حسابها الشخصي)

حديثها مع «الشرق الأوسط» ذريعته أغنيتها الجديدة، وحقيقته رغبة في محاورة فنانة تسكن الذاكرة منذ تسعينات القرن الماضي. هي من أسماء لمعت حين كان اللمعان عناء، وتركت وَقْعاً قبل أن يتشابه الوَقْع ويتكرر ردّ الفعل حيال الإشكاليات الفنية. منذ أن غنّت «شيناناي» (1997) فـ«عليك عيني» (2001)، وقبلهما، وهذه الفنانة اللبنانية الحائزة ميدالية ذهبية في «استوديو الفن» عن فئة الأغنية الفولكلورية وهي في سنّ التاسعة عشرة، تُعلِّم وتبقى. غيابها القسري أخفق في إلحاقها بالمنسيين خارج الأضواء.

يستوقفها سؤال عن نظرتها إلى حياتها بعد المِحن، وعلاقتها بالقرارات الحاسمة ومدى تحمّلها التبعات. هل العودة أصعب من الابتعاد وسط تحولات الزمن وسُبل استمالة الجمهور؟ تجيب: «القرارات المصيرية جزء من رحلة الإنسان على الأرض. تعلّمتُ أنّ الحياة بأسرها عبارة عن مفترق طرق، وثمة قرارات قد لا تخضع للتفكير المسبق. نتّخذها فحسب، تحت وطأة الظرف. فكيف إن تعلّق الأمر بالصحة؟ حينها لا مفرّ من مواجهة الصعب».

جوانا ملاح مع مخرج فيديو كليب «أصعب قرار» أدونيس الخطيب (حساب الفنانة)

«أحياناً أُفاجَأ بأنّ أرشيفي لا يزال حياً. هنا سعادتي. حتى الآن أجدني هاوية بشكل محترف. لم أُصَب بغرور أو ادّعاء، ومفهومي للنجومية لم يتغيّر. هي هدية من الله، ونعمة أن يُغمَر الفنان بحب الناس»

الفنانة اللبنانية جوانا ملاح

مؤلم انسلاخ الفنان عن فنه وناسه والحب المُنهمر. تقرّ بهذا الألم، وهي تتجنّب الإبحار في حديث يوقظ الحزن. ماذا يتغيّر بين ذورة النجاح وسنوات الصمت؟ كيف أقدمتِ على الأضواء مجدداً بعد هجرها؟ كم يكلّف التنزّه بين المصائر؟ تردّ: «شعرتُ بمسؤولية كبرى وأنا أعود في 2020 بعد سنوات من الغياب. إنني ممَن يسلّمون خطاهم إلى الله. لم أخف يوماً من العودة ومن درب اخترته منذ سنّ السابعة. شعرتُ بالجمهور يناديني مرة أخرى، وحين استجبتُ لندائه كنتُ على ثقة بأنه لن يخذلني. هو قوّتي ومعجزتي. الفنان من دون ناس عمارة بلا أرضية. ابتعادي جعل أيامي باردة. لو استمرّ طويلاً لكنتُ حقاً أمام (أصعب خيار). بإمكان العوض أن يحلّ دائماً».

تترك لإحساسها مَهمّة اختيار أغنياتها. تشدّها الكلمة، فاللحن والتوزيع والفكرة التي تريدها مختلفة. وهي ترفع سقف التحدّي بخوضه فقط مع نفسها، عوض المقارنات والانشغال بالآخرين. تُكمل: «أكترثُ لصقل النفس مع الحرص على عدم التفريط بالأصول وما تربّيتُ عليه. حتى الآن، أظنني أنجح».

جوانا ملاح تؤكد أنّ الجمهور لم يخذلها يوماً (حسابها الشخصي)

القلق عند جوانا ملاح يتعلّق بحجم المسؤولية. تكبُر، فيزداد. عدم الرضا بالقليل يحرّض على تكثيف المحاولات، لذلك لا ترضى وتواصل السعي. تثق بمَن تتعاون معهم، وتلتقي والفريق على هدف: «علينا أن نقدّم للجمهور ما يستحقه». برأيها، «لا بدّ أن يُرفَق الزرع بالحصاد ويولّد التعبُ بهجة النتيجة».

تتفادى حديثاً يتناول رخاوة بعض المشهد الفني؛ وبعناية، تختار كلماتها: «لكل فنان ناسه ومَن يشجّع ويُعجَب بما يُقدِّم. لستُ خائفة على مستقبل الغناء اللائق. فالفن سيبقى في أوجه من خلال فنانين حقيقيين يحافظون على الأمانة. العيش من دون موسيقى حرة وفن شفاف يحوّل الحياة جحيماً في كل العصور». تصمت، معلنة الاكتفاء بهذا الجواب في انتظار السؤال المقبل.  

تطمئن لذكريات جميلة سكبها فنها في الأذهان: «أحياناً أُفاجَأ بأنّ أرشيفي لا يزال حياً. هنا سعادتي. حتى الآن أجدني هاوية بشكل محترف. لم أُصَب بغرور أو ادّعاء، ومفهومي للنجومية لم يتغيّر. هي هدية من الله، ونعمة أن يُغمَر الفنان بحب الناس. كنتُ حزينة طوال سنوات، فشعرتُ بأنني أفتقدُ كلّي، لا بعضي. ليس للهفة بالشهرة وإغراءاتها، بل لافتقادي الفرح في عيون مَن يريدونني أن أغنّي وأنجح. كان البعد قاتلاً».

التحضيرات مستمرة لتجدّد حضورها بمزيد من الأغنيات، فحياتها اليوم أشبه بورشة تزدحم بالأفكار. تتطلّع إلى الأصداء لتشعر بالسكينة، رغم إدراكها بأنّ الرضا التام محال. نعمتها الكبرى: «الإحاطة، فأنظر حولي لأجد الأحبة». لا تستهين بمصادفات تفتح الأبواب أمام الفنانين، لكنها وحدها غير كافية: «أؤمن بالموهبة والذكاء والدراسة والخبرة. الفنان عناصر، أهمها أن يكون من الداخل، من الأعماق، فناناً حقيقياً».


مقالات ذات صلة

بثروتها الضخمة ونفوذها الواسع... بيونسيه تخترق قائمة أقوى نساء العالم

يوميات الشرق احتلّت الفنانة الأميركية بيونسيه المرتبة رقم 35 على قائمة أقوى نساء العالم (فيسبوك)

بثروتها الضخمة ونفوذها الواسع... بيونسيه تخترق قائمة أقوى نساء العالم

800 مليون دولار و32 جائزة «غرامي» ومسيرةٌ صنعت فيها نفسها بنفسها. مواصفاتٌ كانت كافية لتضع بيونسيه في المرتبة 35 من بين أقوى نساء العالم وفق تصنيف مجلة «فوربس».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق الفنان علي الحجار وأغانٍ متنوعة في حفل له بالأوبرا (دار الأوبرا المصرية)

الحجار يستعيد وهج «تترات المسلسلات» بالأوبرا المصرية

قدّم الفنان المصري علي الحجار مجموعة من شارات الأعمال الدرامية التي غنّاها من قبل، في حفل احتضنه المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، الخميس.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق أنجلينا جولي في دور ماريا كالاس (أ.ب)

أنجلينا جولي تتحدث عن «عدم أخذها على محمل الجد» كفنانة... ما القصة؟

كشفت النجمة الأميركية، أنجلينا جولي، أنها لم تؤخذ على محمل الجد كفنانة، لأن التركيز كان على مكانتها كشخصية مشهورة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق محمد رمضان في لقطة من الأغنية (يوتيوب)

أغنية «برج الثور» تعيد محمد رمضان إلى دائرة الأزمات

أعادت أغنية «جوانا... برج الثور» الفنان المصري محمد رمضان إلى دائرة الجدل والأزمات مجدداً.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق محمد رحيم وجنات (حساب رحيم على فيسبوك)

«الثقافة» المصرية لتكريم الراحل محمد رحيم بـ«حفل ضخم»

تستعد دار الأوبرا المصرية لاستضافة حفل ضخم لتكريم الموسيقار المصري الراحل محمد رحيم.

داليا ماهر (القاهرة )

العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
TT

العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)

وسط أجواء من العراقة التي تتمثّل بها جبال العلا ووديانها وصحرائها، شمال السعودية، احتفلت، الجمعة، «فيلا الحجر» و«أوبرا باريس الوطنية» باختتام أول برنامج ثقافي قبل الافتتاح في فيلا الحجر، بعرض قدّمته فرقة باليه الناشئين في أوبرا باريس الوطنية.

«فيلا الحجر» التي جاء إطلاقها خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، في 4 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تعدّ أول مؤسسة ثقافية سعودية - فرنسية تقام في السعودية، لتعزيز الدبلوماسية الثقافية على نطاق عالمي من خلال التعاون والإبداع المشترك، بما يسهم في تمكين المجتمعات ودعم الحوار الثقافي، وتعد أحدث مشروعات الشراكة الاستراتيجية بين «الهيئة الملكية لمحافظة العُلا»، و«الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا».

وبمشاركة 9 راقصات و9 راقصين تراوح أعمارهم بين 17 و22 عاماً من خلفيات متنوعة، أدّى الراقصون الناشئون، تحت إشراف مصمم الرقصات الفرنسي نويه سولييه، عرضاً في الهواء الطلق، على الكثبان الرملية، ووفقاً للحضور، فقد نشأ حوار بين حركاتهم والطبيعة الفريدة للصخور والصحراء في العلا، لفت انتباه الجماهير.

تعزيز التبادل الثقافي بين الرياض وباريس

وأكد وجدان رضا وأرنو موراند، وهما القائمان على برنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح الموسم 2023 - 2024 لـ«الشرق الأوسط» أنه «سعياً إلى تحقيق الأهداف الأساسية لبرنامج ما قبل الافتتاح لـ(فيلا الحجر)؛ جاء (مسارات) أول عرض إبداعي للرقص المعاصر تقترحه الفيلا». وحول إسهامات هذا العرض، اعتبرا أنه «سيسهم في تحديد ما يمكن أن تقدمه هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم العلاقة بأرض العلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية».

من جهتها، شدّدت فريال فوديل الرئيسة التنفيذية لـ«فيلا الحجر»، لـ«الشرق الأوسط» على التزامهم «بتقديم عروض لفنون الأداء وتسليط الضوء على الطاقة الإبداعية للمواهب السعودية والفرنسية والدولية» مشيرةً إلى أن شراكة الفيلا مع أوبرا باريس الوطنية، من شأنها أن «تعزِّز وتشجّع التعاون والحوار الثقافي بين السعودية وفرنسا، وعلى نطاق أوسع بين العالم العربي وأوروبا، إلى جانب تشكيل فرصة فريدة لصنع إنجازات ثقافية تتميز بالخبرة في بيئة فريدة ولجمهور من كل الفئات».

«مسارات»

وبينما أعرب حضور للفعالية من الجانبين السعودي والفرنسي، عن إعجاب رافق العرض، واتّسم باستثنائية تتلاءم مع المكان بعمقه التاريخي وتشكيلاته الجيولوجية، أكّد مسؤولون في «فيلا الحجر» أن عرض «مسارات» جاء تحقيقاً للأهداف الأساسية لبرنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح، حيث يعدّ أول عرض إبداعي للرقص المعاصر على الإطلاق تقترحه المؤسسة المستقبلية، وتوقّعوا أن يُسهم العرض في تحديد ما يمكن أن تسهم به هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم علاقتها بأرض العُلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية.

وانتبه الحضور، إلى أنه احتراماً للمكان الغني بالتنوع البيولوجي وبتاريخه الممتد إلى آلاف السنين (العلا)، جاء العرض متحفّظاً وغير تدخلي، فلم تُستخدم فيه معدات موسيقية ولا أضواء، بل كان مجرد عرض مكتف بجوهره، في حين عدّ القائمون على العرض لـ«الشرق الأوسط» أنه حوارٌ مع البيئة الشاسعة التي تحتضنه وليس منافساً لها.

15 لوحاً زجاجياً يشكّلون عملاً فنياً معاصراً في العلا (الشرق الأوسط)

«النفس – لحظات طواها النسيان»

والخميس، انطلق مشروع «النفس – لحظات طواها النسيان» بعرض حي، ودُعي إليه المشاركون المحليون للتفاعل مع المنشأة من خلال التنفس والصوت؛ مما أدى إلى إنتاج نغمات رنانة ترددت في أرجاء الطبيعة المحيطة، ووفقاً للقائمين على المشروع، فإن ذلك يمزج العمل بين التراث، والروحانية، والتعبير الفني المعاصر، مستكشفاً مواضيع خاصة بمنطقة العلا، مثل العلاقة بين الجسد والطبيعة.

وكُشف النقاب عن موقع خاص بالمنشأة والأداء في العلا، حيث يُعدّ المشروع وفقاً لعدد من الحاضرين، عملاً فنياً معاصراً من إنتاج الفنانة السعودية الأميركية سارة إبراهيم والفنان الفرنسي أوغو شيافي.

يُعرض العمل في موقعين مميزين بالعلا، حيث تتكون المنشأة في وادي النعام من 15 لوحاً زجاجياً مذهلاً يخترق رمال الصحراء، بينما تعكس المنحوتات الزجاجية المصنوعة يدوياً جيولوجيا المنطقة في موقع «دار الطنطورة».