توني بينيت آخر الرومانسيين... 96 عاماً من الغناء والحب

توفي في نيويورك أمس

رحل توني بينيت بعد 6 أعوام من إصابته بمرض ألزهايمر (أ.ب)
رحل توني بينيت بعد 6 أعوام من إصابته بمرض ألزهايمر (أ.ب)
TT

توني بينيت آخر الرومانسيين... 96 عاماً من الغناء والحب

رحل توني بينيت بعد 6 أعوام من إصابته بمرض ألزهايمر (أ.ب)
رحل توني بينيت بعد 6 أعوام من إصابته بمرض ألزهايمر (أ.ب)

ورحل آخر المغنين العظام! رحل المغني الذي وصفه فرانك سيناترا بأنه الأفضل، وسجل اسمه أحد أهم المطربين الرومانسيين في العالم متميزاً بعذوبة صوته وقوة أدائه. توني بينيت الذي توفي اليوم لا يحتاج لمن يُعرّف عنه، صوته لف العالم وجاب الكرة الأرضية عبر الأسطوانات والأفلام والتليفزيون، أدى أغنيات شهيرة منحها اللمسة المخملية، وجعلها تنساب بنعومة وعذوبة لوجدان المستمعين، لتترك بصمتها الخاصة الأبدية. في عمر الـ96 رحل بينيت بعد أن عاصر أجيالاً وأجيالاً من الفنانين والمغنين والرؤساء، قدم دويتوهات مع أطياف من المغنين، بدءاً من فرانك سيناترا إلى ليدي غاغا، أبدع وحلق بأغنياته، وباع ملايين الأسطوانات خلال مشواره الثري والطويل جملها بالفوز بـ20 جائزة غرامي، آخرها تكريمية في 2022.

ارتبط توني بينيت بالمغنين العاطفيين أمثال فرانك سيناترا ودين مارتن وآندي ويليامز، وأطلق ألبومه الأول عام 1952، وهو في منتصف العشرينيات من العمر، وحاز أول جائزة غرامي في عام 1962 عن أغنيته الشهيرة «تركت قلبي في سان فرانسيسكو» (آي ليفت ماي هارت إن سان فرانسيسكو).

لم يتوقف توني بينيت عن الغناء، ولم يوقفه مرض ألزهايمر عن الغناء حين أصيب به في عام 2016 ولم يؤثر المرض في شخصيته ونظرته الإيجابية للحياة، وعبّر عن ذلك على أحد مواقع التواصل الاجتماعي حيث كتب «الحياة هدية... حتى مع ألزهايمر». واحتفل بهدية الحياة حتى آخر نفس. لا يكاد يوجد مثال في العالم لهكذا فنان، استمر في الغناء، وبث حب الحياة في جمهوره، غنى مع العمالقة سيناترا ودين مارتن، وغنى مع بول مكارتني ومايكل بوبليه وليدي جاجا وإيمي واينهاوس، أطرب الكبار والصغار وترك أثره في أجيال متتابعة. قال عنه سيناترا في عام 1965 في مقابلة صحفية بأنه «أفضل مغنٍ في المجال. يحمسني توني حين أشاهده، يحركني. هو المغني الذي ينقل ما يفكر به الملحن وأحياناً يتجاوز ذلك». إطراء سيناترا لبينيت غيّر حياة المغني الشاب الذي صرح في إحدى المقابلات بأنه يدين بنجاحه لسيناترا، وقال: «لقد غيّر حياتي. كنت مشهوراً على نحو متواضع، ثم وصفني فرانك بأني أفضل من سمع، ومنذ ذلك الوقت أصبحت كل حفلاتي كاملة العدد».

توني بينيت وصفه فرانك سيناترا بأنه الأفضل (إ.ب.أ)

لم يكن سيناترا وحده من عدّه توني بينيت مغنياً مهماً، فقد صرحت المغنية والممثلة الأميركية جودي غارلند عنه بأنه «أعظم مغن في العالم». برز توني بينيت لأول مرة في الخمسينات من القرن الماضي بعدد من أغاني البوب التجارية الناجحة. سرعان ما طور أسلوبه الموسيقي، وتوسع في مجالات موسيقية أخرى. في السبعينات تراجعت شعبيته قليلاً، ثم عادت في الثمانينات والتسعينات، وتسبب التعاون مع ليدي جاجا في إنعاش جماهيريته، حيث أصدر ألبومين هما «لاف فور سايل» (حب للبيع) و«تشيك تو تشيك» (خداً بخد)، مستقطباً جمهوراً من الفئات الشابة. في عام 2008، تحدث بينيت عن عودته، قائلاً إنه لم يُفَاجَأُ بها. عزا نجاحه إلى جودة موسيقاه، قائلاً إن «الموسيقى الجيدة هي موسيقى جيدة». كما قال إنه يغني «أغاني جيدة، أغاني رائعة، كتبها أفضل كتاب الأغاني». في عام 2014 وهو في عمر 88 عاماً، أصبح بينيت أكبر شخص سناً تتصدّر مجموعة موسيقية له قائمة الألبومات الأميركية الأكثر مبيعاً، احتفل بينيت بعيد ميلاده التسعين من خلال حفلة زاخرة بالنجوم في قاعة «راديو سيتي ميوزيك هال» في نيويورك.

توني بينيت يغني في حفل عيد ميلاده الـ90 في لاس فيغاس (رويترز)

وأجرى جولات غنائية في عقده الأخير شملت محطات عدة في الولايات المتحدة وأوروبا، أطل خلالها للمرة الأخيرة أمام الجمهور في نيو جيرسي في 11 مارس (آذار) 2020 قبيل بدء جائحة «كوفيد». وبُعيد ذلك، كشف بينيت أن الأطباء شخصوا إصابته بمرض ألزهايمر سنة 2016، وقد تكتّم عن الموضوع لسنوات. وفضلاً عن سجله الفني الحافل بالنجاحات على مدى أكثر من 7 عقود، عُرف بينيت أيضاً بمواقفه المناهضة للعنصرية والحروب. بينيت، واسمه الحقيقي أنتوني دومينيك بينيديتو، تزوج ثلاث مرات، وله أربعة أبناء، بينهم أنتونيا بينيت التي سارت على خطى والدها في غناء البوب والجاز.

توني بينيت أمام دعاية لحفله في فندق هيلتون بلاس فيغاس عام 1972 (رويترز)

النجوم يرثون توني بينيت

امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بكلمات رثاء وتقدير لتوني بينيت، وبادر النجوم الذي سنحت لهم الفرصة للغناء معه بالإشادة بحياته ومشواره الفني.

قال عنه السير إلتون جون:

«حزين جداً لسماع خبر وفاة توني. بدون شك أرقى مغنٍ ورجل ومؤد يمكنك رؤيته. لن يحل محله أحد، لقد أحببته وأعجبت به كثيراً».

السيدة الأولى السابقة هيلاري كلينتون، كتبت على «تويتر»، أن توني بينيت كان «موهبة حقيقية، جنتلمان حقيقي وصديق حقيقي. سوف نفتقدك توني، شكراً على كل الذكريات».

أما بطل مسلسل «ستار تريك» الممثل جورج تاكي، فقد قال: «توني بينيت كان من طراز وحده، قد يكون ترك قلبه في سان فرانسيسكو (أغنيته الشهيرة) لكنه فاز بقلوبنا كلنا. ارقد بسلام وأطربنا من جوار النجوم توني».


مقالات ذات صلة

شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

يوميات الشرق الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)

شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

أثار خبر وفاة الملحن المصري محمد رحيم، السبت، بشكل مفاجئ، عن عمر يناهز 45 عاماً، الجدل وسط شكوك حول أسباب الوفاة.

داليا ماهر (القاهرة )
ثقافة وفنون الملحن المصري محمد رحيم (إكس)

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

تُوفي الملحن المصري محمد رحيم، في ساعات الصباح الأولى من اليوم السبت، عن عمر يناهز 45 عاماً، إثر وعكة صحية.

يسرا سلامة (القاهرة)
يوميات الشرق لها في كل بيتٍ صورة... فيروز أيقونة لبنان بلغت التسعين وما شاخت (الشرق الأوسط)

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يُضاف إلى ألقاب فيروز لقب «سيّدة الصمت». هي الأقلّ كلاماً والأكثر غناءً. لكنها عندما حكت، عبّرت عن حكمةٍ بسيطة وفلسفة غير متفلسفة.

كريستين حبيب (بيروت)
خاص فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص «حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

في الحلقة الثالثة والأخيرة، نلقي الضوء على نشوء «حزب الفيروزيين» في لبنان وسوريا، وكيف تحول صوت فيروز إلى ظاهرة فنية غير مسبوقة وعشق يصل إلى حد الهوَس أحياناً.

محمود الزيباوي (بيروت)
خاص فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

فيما يأتي الحلقة الثانية من أضوائنا على المرحلة الأولى من صعود فيروز الفني، لمناسبة الاحتفال بعامها التسعين.

محمود الزيباوي (بيروت)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
TT

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

وأظهرت الدراسة، التي قادها فريق من جامعة كوينزلاند في أستراليا، ونُشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «The Lancet Psychiatry»، أن كثيرين من المصابين بالاكتئاب لا يتلقون العناية اللازمة، ما يزيد من معاناتهم ويؤثر سلباً على جودة حياتهم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص الاكتئاب، مما يجعله السبب الرئيسي للإعاقة عالمياً. وتشير التقديرات إلى أن 5 في المائة من البالغين يعانون هذا المرض. وضمّت الدراسة فريقاً من الباحثين من منظمة الصحة العالمية وجامعتيْ واشنطن وهارفارد بالولايات المتحدة، وشملت تحليل بيانات من 204 دول؛ لتقييم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية النفسية.

وأظهرت النتائج أن 9 في المائة فقط من المصابين بالاكتئاب الشديد تلقّوا العلاج الكافي على مستوى العالم. كما وجدت الدراسة فجوة صغيرة بين الجنسين، حيث كان النساء أكثر حصولاً على العلاج بنسبة 10.2 في المائة، مقارنة بــ7.2 في المائة للرجال. ويُعرَّف العلاج الكافي بأنه تناول الدواء لمدة شهر على الأقل، إلى جانب 4 زيارات للطبيب، أو 8 جلسات مع متخصص.

كما أظهرت الدراسة أن نسبة العلاج الكافي في 90 دولة كانت أقل من 5 في المائة، مع تسجيل أدنى المعدلات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا بنسبة 2 في المائة.

وفي أستراليا، أظهرت النتائج أن 70 في المائة من المصابين بالاكتئاب الشديد لم يتلقوا الحد الأدنى من العلاج، حيث حصل 30 في المائة فقط على العلاج الكافي خلال عام 2021.

وأشار الباحثون إلى أن كثيرين من المرضى يحتاجون إلى علاج يفوق الحد الأدنى لتخفيف معاناتهم، مؤكدين أن العلاجات الفعّالة متوفرة، ومع تقديم العلاج المناسب يمكن تحقيق الشفاء التام. وشدد الفريق على أهمية هذه النتائج لدعم خطة العمل الشاملة للصحة النفسية، التابعة لمنظمة الصحة العالمية (2013-2030)، التي تهدف إلى زيادة تغطية خدمات الصحة النفسية بنسبة 50 في المائة على الأقل، بحلول عام 2030. ونوه الباحثون بأن تحديد المناطق والفئات السكانية ذات معدلات علاج أقل، يمكن أن يساعد في وضع أولويات التدخل وتخصيص الموارد بشكل أفضل.

يشار إلى أن الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، ويرتبط بشكل مباشر بمشاعر الحزن العميق، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، مما يؤثر سلباً على الأداء الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.