الأسواق الشعبية في الخرطوم تغادرها باتجاه الريف

مثّلت الأسواق الشعبية وجدان السودانيين لما تحتويه من منتجات تقليدية لم تنجح نظيرتها العصرية بمنافستها
مثّلت الأسواق الشعبية وجدان السودانيين لما تحتويه من منتجات تقليدية لم تنجح نظيرتها العصرية بمنافستها
TT
20

الأسواق الشعبية في الخرطوم تغادرها باتجاه الريف

مثّلت الأسواق الشعبية وجدان السودانيين لما تحتويه من منتجات تقليدية لم تنجح نظيرتها العصرية بمنافستها
مثّلت الأسواق الشعبية وجدان السودانيين لما تحتويه من منتجات تقليدية لم تنجح نظيرتها العصرية بمنافستها

لم يستطع التاجر محمد البشري وعدد من تجار الأسواق الشعبية في الخرطوم الوقوف مكتوفي الأيدي إزاء الدمار وعمليات النهب التي طالت الأسواق الشعبية بسبب الحرب التي طالت عاصمتهم ودمّرتها، فكانت فكرة إعادة إحياء أسواقها الشعبية في مدن أخرى وذلك بخروجهم ونزوحهم إلى كبريات مدن الريف السوداني، حيث وقع اختيارهم على مدينتي ود مدني والمناقل (أكثر من 115 ميلاً) جنوب الخرطوم. واتفقوا بداية على إقامة معرض لسوق «سعد قشرة» الشعبية في صالة نادي الضباط بود مدني لنقل نشاطهم التجاري.

سوق شعبية في الخرطوم
سوق شعبية في الخرطوم

يقول محمد البشري، إن البداية كانت مع سوق «سعد قشرة» الشعبية التي شغلت مركزاً مهماً للتجارة في مدينة بحري في الخرطوم لأكثر من 60 عاماً سبقت الانتقال إلى أسواق خارج العاصمة. مؤكّداً أنه «رغم صعوبات نقل البضائع ومستلزمات العرض وتأهيل الأماكن، فإننا نجحنا بجهود شخصية في افتتاح محال تجارية»، مشيراً إلى أن عيد الأضحى كان فرصة جيدة لتجار الأسواق الشعبية، مكّنتهم من استقطاب زبائنهم من نازحي الخرطوم في كل من مدينتي ود مدني والمناقل.

ويتحسر البدري محمد، أحد نازحي الخرطوم، على وضع الأسواق الشعبية في العاصمة وما طالها من خراب ودمار، قائلاً: «ألقت الحرب بوزرها علينا ودمّرت الأسواق الشعبية التي كانت النصير الأكبر لجميع الشرائح الضعيفة في المجتمع». وتابع أن «حضور تجار هذه الأسواق إلى مناطق النزوح يلبي احتياجات المواطنين ويدعم شرائح المجتمع الفقيرة ومعدومة الحال مادياً، ما يسنح لها فرصة العمل فيها وفي الوقت نفسه قدرة الشراء بأسعار رخيصة».

أما محمد البرير من نازحي أمدرمان فيقول: «لدى دخولي السوق الشعبية في مدينة ود مدني، وجدت عدداً لا يُستهان به من بائعي سوق أمدرمان الشعبية يفترشون الأرض ويعرضون سلعهم الشعبية، تذكرت كل الأسواق الشعبية فيها، التي مثّلت وجدان غالبية السودانيين لما تحتويه من منتجات تقليدية لم تنجح نظيرتها العصرية بمنافستها». مشيراً إلى سوق «النسوان» بصفتها واحدة من أقدم الأسواق الشعبية في مجال بيع كل المنتجات الزراعية والبهارات والعطور التقليدية للنساء إلى جانب الملابس والأزياء الشعبية السودانية.

أغلب التجار الذين حضروا إلى مدني أو المناقل تمكنوا من إيجاد مساحات لأسواقهم
أغلب التجار الذين حضروا إلى مدني أو المناقل تمكنوا من إيجاد مساحات لأسواقهم

أما عبد الله الزين فيقول: «ليس من الغريب أن يحاول تجار الأسواق الشعبية في الخرطوم النزوح وإيجاد أسواق بديلة طلباً للرزق والاستثمار مع الكثافة السكانية الآتية من الخرطوم». ويستطرد: «السؤال هو، هل يمكن لهذه الأسواق البديلة أن تكون مثل التي كانت في الخرطوم وهل ستحمل ذاكرة المجتمع السوداني؟».

ويقول محمد الفرضي، تاجر جملة: «إن أغلب التجار الذين حضروا إلى مدني أو المناقل تمكنوا من إيجاد مساحات لأسواقهم وذلك لانتمائهم إلى هذه المدن الريفية».وحسب محمد الفرضي فقد لعب المكان دوراً بين علاقة تجار الأسواق الشعبية القادمين من الخرطوم إلى مسقط رأسهم، وسرعة قبولهم داخل هذه المجتمعات وسارعوا في تنظيم أنفسهم وتحديد مساحات مخصصة لعرض بضائعهم.

ألقت الحرب بوزرها على الخرطوم ودمّرت أسواقها الشعبية
ألقت الحرب بوزرها على الخرطوم ودمّرت أسواقها الشعبية

ويعود الفرضي بذاكرته ليحكي عن تميز الأسواق الشعبية في الخرطوم ووجود تفاصيل وملامح لحياة الناس الاجتماعية، مشيراً إلى أن بعض الأسواق الشعبية أسسها القائد الإنجليزي برامبل، مؤكداً أنها كانت تستند إلى البساطة والتعارف بين الباعة والمشترين وتكوين علاقات إنسانية امتدت لسنوات طوال، والأسواق الشعبية في السودان لم تمتد إليها يد الإنشاءات الهندسية بل بقيت على حالها وعلى بساطتها، وما زالوا تجارها يعرضون البخور والعطور التقليدية والمنتجات الشعبية والملابس والأكسسوارات القديمة والنادرة.

ويرى صلاح العاقب وهو محلل اقتصادي، أن هذه الحرب أعادت تشكيل الأوراق من جديد، وما لاحظه أن الكثير من الهجرات تحدث بسبب الاضطرابات والأوضاع الأمنية السيئة، فيتجه النازحون صوب الأقاليم الوسطى والشمالية وكردفان، الأمر الذي ساهم في دفع الكثير من أصحاب رؤوس الأموال الوطنية إلى تحويل أعمالهم وأموالهم إلى عواصم الأقاليم المختلفة مثل (شندي، والدويم، ومدني، وبورسودان)، فكان من الطبيعي أن تنتقل الأسواق الشعبية إليها.



ما أفضل طريقة لتعلم الأطفال الرياضيات؟

تساعد ممارسة الرياضيات في وقت مبكر الأطفال على فهم معاني الأرقام والعمليات الحسابية (أسوسييشن سايكولوجيكال ساينس)
تساعد ممارسة الرياضيات في وقت مبكر الأطفال على فهم معاني الأرقام والعمليات الحسابية (أسوسييشن سايكولوجيكال ساينس)
TT
20

ما أفضل طريقة لتعلم الأطفال الرياضيات؟

تساعد ممارسة الرياضيات في وقت مبكر الأطفال على فهم معاني الأرقام والعمليات الحسابية (أسوسييشن سايكولوجيكال ساينس)
تساعد ممارسة الرياضيات في وقت مبكر الأطفال على فهم معاني الأرقام والعمليات الحسابية (أسوسييشن سايكولوجيكال ساينس)

ما أفضل طريقة لتعلم الأطفال الرياضيات وفنون الحساب... حفظ قيم الأعداد وجداول الضرب، أم دراسة الرياضيات على مستوى مفاهيمي أعمق؟

لطالما ناقش المعلمون مزايا هذين النهجين، لكن تقريراً جديداً نُشر في مجلة «سيكولوجيكال ساينس إن ذا بابليك إنترست» يُظهر أن الأطفال يتعلمون بفعالية أكبر عندما يتبع النظام التعليمي دورات تعليمية قائمة على تقديم الأدلة: ترسيخ الحقائق، واستخدام تدريب مُحدد بوقت قصير لجعل هذه الحقائق تبدو تلقائية، قبل العودة إلى النقاش والتأمل لتعميق هذه المعرفة المكتسبة.

كما يتناول تقريرهم رؤى من «علم الإدراك التنموي» لإظهار أفضل السبل لتعزيز الطلاقة الحسابية لدى الأطفال، والتي تُعرّف عموماً بأنها قدرة الطفل على حل المسائل الرياضية بسرعة ودقة. ويقترح الباحثون تعريفاً موسعاً للطلاقة الحسابية، بحيث لا يقتصر على التذكر التلقائي للحقائق، مثل 6×8 = 48، بل يشمل أيضاً ملاحظة العلاقات بين الأعداد واستخدامها في حل المسائل.

قالت نيكول ماكنيل، المؤلفة الرئيسية، والباحثة في قسم علم النفس بجامعة نوتردام الأميركية، في بيان نشر الثلاثاء: «لا يتعين على المعلمين الاختيار بين التدريب المحدد بوقت والمناقشات الصفية الثريّة. إن اتباع نهج منظم بعناية، يجمع بين جلسات قصيرة محددة بوقت معين، بحيث تُعزز الحقائق في الذاكرة، على أن يصاحب ذلك أنشطة تفكير ونقاش هادفة تُدمج هذه الحقائق في شبكة معرفية متكاملة، هو ما يمنح الطلاب الطلاقة الحسابية التي يحتاجون إليها للنجاح».

وارتكزت هذه الورقة البحثية على نتائج تجارب سلوكية، ودراسات طولية، ونتائج التصوير العصبي، لتسليط الضوء على أساسيات الطلاقة الحسابية ونتائجها، والتي تبدأ بإدراك الأرقام والتفكير العددي في سنوات ما قبل المدرسة.

وبينت النتائج أنه كما تدعم الصوتيات القراءة في وقت مبكر من عملية التعلم، تساعد تجارب ممارسة الرياضيات في وقت مبكر الأطفال على فهم معنى الأرقام والعلاقات والعمليات الحسابية.

ويقترح الباحثون أنه يمكن للآباء والمعلمين اغتنام الفرص لمساعدة الأطفال على عدّ وتسمية العدد الإجمالي للأشياء في مجموعات يومية، مثل المكعبات أو قطع الحبوب.

خطوات سهلة

ويوضح الباحثون أن الأطفال يبدأون أولاً بطرق بديهية في جمع الأرقام دون أن يتمكنوا من التعبير عن طريقة تفكيرهم. ثم تدريجياً، يجعلون هذه المعرفة صريحة، ويوضحون الأنماط والاستراتيجيات التى تربط بينها (مثل: «ابدأ بالرقم الأكبر»، «الترتيب لا يهم عند الجمع»، «استخدام العدد 10 كنقطة مرجعية للحسابات الذهنية السهلة»). ثم تُعيد الممارسة المُتأنية والمنظمة تنظيم هذه المعرفة الصريحة، مما يسمح للطلاب باسترجاع الحقائق والاستراتيجيات الحسابية تلقائياً، ودون بذل جهد ذهني يُذكر.

وتوصي الدراسة أنه يجب على التعليم أن يُعزز التحولات في كلا الاتجاهين بين المعرفة الضمنية والصريحة، مع استخلاص الأسباب الكامنة وراء الحدس المبكر وتوفير تدريب مُستهدف كافٍ لتصبح هذه الأفكار سريعة وسهلة لحل المشكلات على مستوى أعلى.

كما شددت على أن أهمية المناقشة، والتأمل، وتقديم المبررات، مما يُتيح للطلاب فرصة التعبير عن أفكارهم في أنشطة الرياضيات، ومساعدتهم على فهم المبادئ الأساسية للحساب.

وتُظهر دراسات سابقة أن الطلاب ذوي الطلاقة الحسابية العالية يكونون أكثر استعداداً لتعلم علوم الجبر، وحل المسائل الكلامية، والتفكير باستخدام الكسور. كما تربط الأبحاث الطلاقة الحسابية بنتائج الحياة اللاحقة، مثل التحصيل التعليمي بشكل عام ومستوى الدخل.

وتقول عالمة النفس التنموي ميليسا إي ليبرتوس، من جامعة بيتسبرغ: «تُثير هذه المراجعة البحثية أيضاً بعض العوامل المهمة للبحوث المستقبلية، مثل استخدام الأجهزة والأدوات الرقمية الحديثة لتسهيل تعلم الحساب الشخصي، وقلق الآباء تجاه الرياضيات في تعزيز مهارات أطفالهم الرياضية».

وأكدت ليبرتوس أن «ماكنيل وزملاءها يُقدمون حجةً مُقنعة على أن تعليم الطلاقة الحسابية يلعب دوراً مهماً في مساعدة الطلاب على تطوير مهارات الرياضيات من أجل النجاح في سوق العمل مستقبلاً».