المرتفعات الباردة وجهة السعوديين خلال الصيف

يقضي الزوّار من الأفراد والعائلات القادمين من مدن المملكة ودول الخليج وسياح آخرون وقتاً ممتعاً مع الطبيعة (واس)
يقضي الزوّار من الأفراد والعائلات القادمين من مدن المملكة ودول الخليج وسياح آخرون وقتاً ممتعاً مع الطبيعة (واس)
TT
20

المرتفعات الباردة وجهة السعوديين خلال الصيف

يقضي الزوّار من الأفراد والعائلات القادمين من مدن المملكة ودول الخليج وسياح آخرون وقتاً ممتعاً مع الطبيعة (واس)
يقضي الزوّار من الأفراد والعائلات القادمين من مدن المملكة ودول الخليج وسياح آخرون وقتاً ممتعاً مع الطبيعة (واس)

يلوذ السعوديون بالمرتفعات الباردة لقضاء أجواء صيفية ماتعة في ظل ارتفاع درجات الحرارة في معظم مناطق المملكة، باستثناء مرتفعات منطقة عسير والباحة ومدينة الطائف، حيث تعتدل الأجواء وتهطل الأمطار الصيفية، ويخيّم الضباب على قمم الجبال، وينزل الزائر الأبيض ليكسو المرتفعات، بينما يتوافد السعوديون لقضاء أوقات سعيدة في كنف الطبيعة الخضراء والمرتفعات المبلولة بزخات المطر.

وتشهد مرتفعات السعودية هطول أمطار صيفية متفرقة، تزين الأجواء وتضيف إلى جولة المصطافين متعة، وهم يتجولون في ربوع المرتفعات التي تحتفظ بالأجواء الباردة والمطيرة، بخلاف الحال في معظم مناطق وسواحل البلاد.

وإلى جانب المساحات الخضراء التي تكسو المرتفعات، تسيل شلالات الماء الصغيرة من أعالي الجبال بعد أن تغدق عليها زخات المطر من وابل السحاب، ويؤم المصطافون تلك الشلالات العذبة التي تحوّل الجبال الصماء إلى رياض غناء، عامرة بالحياة.

يلوذ السعوديون بالمرتفعات الباردة لقضاء أجواء صيفية ماتعة في ظل ارتفاع درجات الحرارة في معظم مناطق المملكة (واس)
يلوذ السعوديون بالمرتفعات الباردة لقضاء أجواء صيفية ماتعة في ظل ارتفاع درجات الحرارة في معظم مناطق المملكة (واس)

في مدينة أبها، وعلى قمة جبال السودة بالتحديد، أعلى منطقة ارتفاعاً في السعودية والتي يصل ارتفاعها إلى 3000م فوق سطح البحر، تنزل في بعض الأوقات زخات من البرَد الأبيض، كزائر صيفي غير متوقع، والحال نفسها في مدينة تنومة التي تنافس في جمال الأجواء مثيلاتها على سلسلة جبال السروات التي تحتضن المناطق الجنوبية السعودية وتُنعم عليها بأجواء باردة وماطرة خلال وقت الصيف.

وفي موقع متميز من محافظة تنومة التي تقع على مسافة (125 كيلومتراً) شمال مدينة أبها، يقضي الزوّار من الأفراد والعائلات القادمين من مدن المملكة ودول الخليج وسياح آخرون من خارج البلاد، وقتاً ممتعاً أمام شلالات جبل «منعا» بمحافظة تنومة التي تكونت بعد هطول أمطار غزيرة على المحافظة الواقعة على سلسلة جبال السروات. وفي منطقة الباحة، تهدر شلالات غابة خيرة، بعد أن يزورها المطر، ويغدق على سفوحها ومدرجاتها الخضراء، بعذب الماء وبارد الهواء، في حين يرسم نور الشمس وهو يتسلل بين الأشجار التي تملأ الأودية والجبال، لوحة جمالية للطبيعة، تجذب المصطافين للتأمل فيها، وللاستمتاع في كنف الطبيعة البِكر.

تشهد منطقة عسير في شهري أبريل ومايو من كل عام تساقطاً للأمطار والبَرَد متزامنة مع فصلي الربيع والصيف (واس)
تشهد منطقة عسير في شهري أبريل ومايو من كل عام تساقطاً للأمطار والبَرَد متزامنة مع فصلي الربيع والصيف (واس)

أمطار صيفية تبدد حرارة الصيف

وتشهد منطقة عسير في شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار) من كل عام، تساقطاً للأمطار والبَرَد متزامنة مع فصلي الربيع والصيف، حيث تزداد كميات الأمطار، وتمتلئ السدود بمياهها وتجري الأودية والشعاب، حتى تصبح جبالها وسهولها واحة غناء يفرح بها المزارع، ويستمتع بها السائح مع اعتدال الأجواء وتدني درجات الحرارة فيها لتصل إلى 10 درجات مئوية في المساء.

وقال المركز الوطني للأرصاد، إن التوقعات تشير إلى استمرار هطول الأمطار الغزيرة على أنحاء متفرقة من المنطقة، وإلى زيادة معدلات هطول الأمطار على المرتفعات هذا العام، موضحاً أن الأمطار شملت معظم السلسلة الجبلية بدءاً من جبال السروات والسلاسل الجبلية في جازان والسهول الساحلية في عسير والباحة، بالإضافة إلى مرتفعات منطقة مكة المكرمة والأجزاء الشرقية منها. وأصدر المركز تقريراً مناخياً يتناول التقلبات الجوية المتوقعة خلال فصل الصيف الحالي، مشيراً إلى أن معدلات هطول الأمطار ستكون أعلى على المرتفعات عما كانت عليه خلال السنوات الماضية.

قال المركز الوطني للأرصاد إن التوقعات تشير إلى زيادة معدلات هطول الأمطار على المرتفعات هذا العام (واس)
قال المركز الوطني للأرصاد إن التوقعات تشير إلى زيادة معدلات هطول الأمطار على المرتفعات هذا العام (واس)

سياحة طبيعية وإثرائية

وإلى جانب السياحة الطبيعية، تتمتع المناطق التي تحتضن المرتفعات الباردة، بمزارات ثقافية وتاريخية مهمة، احتفظت بعبق الماضي، وبشواهد قائمة ودالّة على تكيف الإنسان مع الظروف الطبيعية والبيئية التي واجهها خلال العقود الماضية. وتزخر مناطق عسير والباحة ومدن الطائف وتنومة بمتاحف البيوت الأثرية المشيدة منذ مئات السنين، بعد أن حوّلها أصحابها إلى متاحف مشرعة للعالم. وتتيح تلك الوجهات الثقافية والتراثية للزائر، الوقوف من كثب على مجتمعها المسكون بالفنون، والانتقال من نوافذ البيوت والمتاحف في رحلة عبر الزمن تتجاوز مئات السنين، عند مشاهدة القلاع والقصور المشيدة من مكونات بيئتها البكر، بالإضافة إلى الاطلاع على تجربة النساء في تزيين البيوت والمجالس بالفن العسيري الذي أدرجته «اليونسكو» عام 2017م ضمن قائمتها للتراث الثقافي غير المادي، وعن التفاصيل وراء قصة استخلاص مكونات فنّ القط العسيري، من الألوان الزاهية من الأشجار والحجارة، وتحويله إلى هوية اجتماعية وفنية تعبر عن روح المكان والإنسان.

تزداد كميات الأمطار وتمتلئ السدود بمياهها وتجري الأودية والشعاب حتى تصبح واحة غنّاء (واس)
تزداد كميات الأمطار وتمتلئ السدود بمياهها وتجري الأودية والشعاب حتى تصبح واحة غنّاء (واس)

وفي الباحة، تتنوع السياحة بين المواقع الطبيعية والتراثية، حيث تتربع قرية ذي عين التي نشأت في القرن العاشر الهجري ويزيد عمرها على 400 سنة، ولُقّبت بالقرية الرخامية نسبة لنتوءاتها الصخرية البيضاء، وتتوسط مزارع الموز، وتشتهر بينابيعها العذبة التي جلبت سكانها الأصليين للعيش والاستقرار فيها، ويتدفق عليها الزوار للوقوف على شاهد تاريخي مهم يعبر عن حقب زمنية واجتماعية سابقة.


مقالات ذات صلة

وزارة السياحة السعودية تبحث مع المستثمرين سبل تطوير القطاع

الاقتصاد مبنى وزارة السياحة السعودية (الشرق الأوسط)

وزارة السياحة السعودية تبحث مع المستثمرين سبل تطوير القطاع

عقدت وزارة السياحة السعودية لقاءً استضافته غرفة الرياض مع المستثمرين والمشتغلين في القطاع السياحي، ناقشت فيه سبل تطوير القطاع، وفرص توسيع الاستثمارات السياحية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من «معرض السفر العربي» في دبي (الشرق الأوسط) play-circle 00:54

مشاريع سياحية مشتركة بين الرياض ودبي... واستقطاب الزوار القادمين من السعودية

كشف المدير التنفيذي في «مؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري» عن وجود مشاريع سياحية مشتركة مع المملكة والاستفادة القصوى من الزوار القادمين منها.

بندر المسلم (دبي)
الاقتصاد جانب من معرض «سوق السفر العربي 2025» (الشرق الأوسط)

السعودية تعرض وجهاتها الصيفية وفرصها الاستثمارية في «سوق السفر العربي» بدبي

تشارك الهيئة السعودية للسياحة في فعاليات «سوق السفر العربي 2025» الذي انطلقت أعماله بدبي، حيث تستعرض من خلال جناح «أرض السعودية» أبرز وجهاتها السياحية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد محافظة العُلا الواقعة شمال غربي السعودية (واس)

وجود أكثر من 966 ألف مشتغل في القطاع السياحي السعودي خلال الربع الرابع

تجاوز عدد المشتغلين في القطاع السياحي السعودي حاجز 966 ألف مشتغل خلال الربع الرابع من عام 2024، محققاً بذلك نمواً بنسبة 4 في المائة على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
الاقتصاد صورة جوية لجانب من جزيرة فرسان جنوب السعودية (واس)

بتكلفة تجاوزت 112 مليون دولار... السعودية تُنفذ 20 مشروعاً في جزر فرسان

أعلنت أمانة منطقة جازان في جنوب السعودية، الخميس، عن تنفيذ 20 مشروعاً تنموياً بمحافظة جزر فرسان، بتكلفة إجمالية تصل إلى 112.8 مليون دولار.


معرض في الرياض يُجسّد الهوية الثقافية للفلكلور من خلال الفن

دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة (معرض شذرات)
دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة (معرض شذرات)
TT
20

معرض في الرياض يُجسّد الهوية الثقافية للفلكلور من خلال الفن

دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة (معرض شذرات)
دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة (معرض شذرات)

دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الهوية، ودور الفن في مجتمعات تتغير بوتيرة متسارعة، يشجع عليها معرض «شذرات من الفلكلور» الذي يستضيفه حي جاكس في الدرعية، بمشاركة نخبة من أبرز المصممين والفنانين من مختلف دول العالم.

وفي وقت يتسارع فيه نمو المشهد الفني في منطقة الشرق الأوسط، تستضيف الرياض معرض «شذرات من الفلكلور»، الذي يُجسّد الهوية الثقافية من خلال الفن، ويجمع بين الموروث والتجريب المعاصر، ويُعيد صياغة مفهوم الوصول إلى التعبير الفني داخل السعودية وخارجها، ويتزامن المعرض مع عام الحِرف اليدوية 2025 في المملكة، وهي مبادرة تحتفي بالإرث الحرفي وتُعيد تقديمه ضمن السياق الفني المعاصر.

ويتجاوز المعرض النظر إلى التراث الشعبي، من مجرد موروث شفهي، من حكايات وأساطير يتم تناقلها عبر الأجيال، إلى لغة من الرموز والنقوش، ووسيلة لحفظ الثقافة وتوارثها، إذ لطالما كان التراث حاضناً للتاريخ ومحفزاً للابتكار.

من معرض «شذرات من الفلكلور» الذي يستضيفه حي جاكس في الدرعية (معرض شذرات)
من معرض «شذرات من الفلكلور» الذي يستضيفه حي جاكس في الدرعية (معرض شذرات)

وفي معرض «شذرات من الفلكلور»، تعيد كل من حمرا عباس، لولوة الحمود، راشد آل خليفة، ورائدة عاشور تقديم مكونات من الموروث الثقافي ضمن رؤى معاصرة، حيث لا يُقدَّم الفلكلور بوصفه أثراً جامداً من الماضي، بل بوصفه أرشيفاً حيّاً للهوية، يُعاد تشكيله عبر الزمن والمكان.

ويعمل كل فنان من خلال «شذرات» من المعرفة المتوارثة، سواء في الهندسة، الخط، المواد، أو التجريد، وتُمثل أعمالهم صدىً للماضي، مع إثبات وجودها في الحاضر من خلال تصورات معاصرة للأشكال والرموز المتجذرة.

وعبر اجتماع الفنانين الأربعة معاً لأول مرة، يفتح المعرض باباً لحوار ثقافي متعدد الأطراف حول التراث والرمزية والسرد البصري.

المعرض بمشاركة نخبة من أبرز المصممين والفنانين من مختلف دول العالم (معرض شذرات)
المعرض بمشاركة نخبة من أبرز المصممين والفنانين من مختلف دول العالم (معرض شذرات)

الفلكلور: حوار مستمر بين الماضي والحاضر

وحسب السردية التي يقدمها معرض «شذرات من الفلكلور»، فإن المعرض لا يسعى إلى تعريف الفلكلور بمصطلحات جامدة، بل يقدمه كحوار مستمر بين الماضي والحاضر، وامتداد للتفسير وإعادة الاختراع، وأن كل فنان مشارك، يقدم جزءاً من هذه القصة الكبرى، داعياً لإعادة النظر فيما يرثه الأفراد والمجتمع، وما يحتفظون به، وما يعيدون تشكيله.

ويمتد الحوار بين التقليد وإعادة الاختراع ليشمل تصميم المعرض ذاته، حيث يستلهم خطوطه من المتاهات المعمارية التقليدية في منطقة نجد، وقد صُممت المساحة كمتاهة متداخلة، مقسمة إلى أجزاء منفصلة لكنها مترابطة، تماماً كما هو الحال في الفلكلور، إذ تقف كل قصة بذاتها، لكنها تظل جزءاً من نسيج أكبر، لتأخذ الزوار في رحلة استكشافية غنية بالتفاصيل.

كل فنان مشارك يقدم جزءاً قصة الفلكلور وإعادة النظر فيه (معرض شذرات)
كل فنان مشارك يقدم جزءاً قصة الفلكلور وإعادة النظر فيه (معرض شذرات)

وتتيح الممرات الواسعة والزوايا الخفية لحظات من التقارب والاكتشاف، بينما يشكل العمود المركزي ركيزة رمزية تربط المعرض بجذوره التراثية، وتحتضن في الوقت ذاته روح التغيير والتجديد.

كما أن المواد المختارة تضيف عمقاً جديداً لهذه التجربة، من خشب الأكاسيا الذي يشكل الإطار الهيكلي، مستحضراً قدرة التراث على البقاء؛ مع دمج التاريخ في نسيج المكان ذاته، وفي هذه البيئة الغامرة، يتعزز التباين بين الماضي والحاضر، مما يسمح لأعمال الفن المعاصر بالتفاعل المباشر مع التراث المعماري والمادي الذي تعيد تفسيره.

المعرض لا يسعى إلى تعريف الفلكلور بمصطلحات جامدة (معرض شذرات)
المعرض لا يسعى إلى تعريف الفلكلور بمصطلحات جامدة (معرض شذرات)

تحوّل المشهد الثقافي في السعودية

تقول ليزا دي بوك، القيّمة الفنية للمعرض، إن (شذرات من الفلكلور) لا يقتصر على عرض أعمال فنية؛ بل يُجسّد حراكاً فنياً يُسلّط الضوء على الأصوات التي تُعيد تشكيل المشهد الفني في السعودية وخارجها.

وتضيف: «من خلال إبراز هذه الأصوات، يُساهم المعرض في صياغة التاريخ الفني، ويضمن أن يُصان الإرث الثقافي ويُعاد تخيّله بشكل حيوي للأجيال القادمة».

ومن جهته، يرى حسن القحطاني، مؤسس مبادرة «ثاء» المشاركة في تنظيم الحدث، أن الفلكلور «سرد حي ومتغيّر، يربط الماضي بالحاضر، ويُساهم في تشكيل الهويات المستقبلية»، مبيناً أن «المعرض يُعيد تخيّل التقاليد ضمن سياق معاصر، ويحتفي بالقصص المتجددة التي تُعرّف من نكون وإلى أين نمضي».