أعرب الفنان المصري محمد محمود عن سعادته بتكريمه في الدورة الـ16 من المهرجان القومي للمسرح المصري الذي سيُنظّم في الفترة من 29 يوليو (تموز) إلى 14 أغسطس (آب): «سعادتي لا توصف وأشعر أن مجهودي لم يذهب هباءً بعد عطاء مسرحي مدته 40 عاماً، فقد أفنيت عمري في المسرح، إلى أن شاء الله وعرفني الناس بشكل أكبر من خلال أعمالي السينمائية والتلفزيونية».
وأوضح محمود في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «المسرح المصري تراجع بشدة مقارنة بالعقود الماضية، ففي تسعينات القرن الماضي كان يعرض ما يقرب من 40 مسرحية موزعة بين المحافظات، وكان لدينا زخم فني وعروض منوعة لنجوم على غرار عادل إمام ومحمد نجم وسعيد صالح وأحمد بدير وسيد زيان ونجاح الموجي، بجانب فرق مسارح الدولة المختلفة».
«عدم تصوير الأعمال المسرحية وانتشارها يُعدّ مأساة حقيقة نعيشها ومعظم المكرمين في هذه الدورة تحديداً»
الفنان المصري محمد محمود
واستكمل محمود الذي شارك في عدد كبير من المسرحيات مثل «مأساة الحلاج»، و«مراتي زعيمة عصابة»، و«بهلول في إسطنبول»، و«راقصة قطاع عام»، سبب تراجع المسرح في مصر قائلاً: «التراجع الكبير حالياً سببه مادي ونفسي وإداري في الدرجة الأولى، بجانب تفضيل بعض الممثلين الظهور في برنامج حواري أو فيلم أو مسلسل، بدلاً من تضييع الوقت في المسرح كما يقولون».
وأكد محمود أن اختصار مشواره المسرحي الذي قدمه طوال 40 عاماً في عمل واحد صنع نجوميته أمر صعب، «لحظة وقفت على خشبة المسرح بدأ الحلم الكبير في الظهور، فكل عمل قدمته علامة مميزة في مسيرتي التي لم أخفق يوماً فيها ولم أقدم عملاً دون المستوى».
وشدَّد محمود على أهمية تصوير الأعمال المسرحية: «عدم تصوير الأعمال المسرحية وانتشارها يُعدّ مأساة حقيقية نعيشها ومعظم المكرمين في هذه الدورة تحديداً، يجمعنا قاسم مشترك، الجميع قدّموا تاريخاً مسرحياً طويلاً، ولم يعرفهم الناس مثل رشدي الشامي، وجلال العشري، ورياض الخولي، فالشهرة جاءتنا من السينما والدراما على الرغم من أن عرض مسرحية واحدة كان كفيلاً بأن يكون سبب شهرتنا منذ البداية، فعدم تصوير مجهودنا المسرحي كان عائقاً أمام وصولنا للناس».
وأضاف محمود: «قدمت ما يقرب من 100 عرض مسرحي ما بين القطاعين العام والخاص، ولكن مهما كانت مشاهدات المسرح فلن توازي مشاهدات العرض في التلفزيون، التي تصل للناس بشكل أسرع، فمن شاهدوني خلال 40 سنة على المسرح، عددهم أقل ممن شاهدوني في عمل تلفزيوني واحد».
وقارن محمود بين شهرة فناني مسرح مصر والمسارح الأخرى قائلاً إن «عرضه تلفزيونياً جعل أبطاله نجوماً في وقت قياسي، كذلك عرض (قهوة سادة) للمخرج خالد جلال، فالتصوير والعرض للجمهور هو المغزى والحكاية برمتها، لذا أناشد وزارة الثقافة والمسؤولين عن المسرح في مصر بوضع مجهود الشباب في الوقت الحالي بعين الاعتبار، كي نضعهم على الطريق الصحيح من دون أن نعرضهم للظلم».
وتحدث محمود عن محاربته ومطالبته مراراً وتكراراً توثيق كل عمل مسرحي: «عندما كنت ممثلاً وأيضاً خلال وجودي في منصبي بإدارة 3 مسارح مصرية عريقة وهذا الكلام مسجل، طالبت بالتصوير كثيراً تضامناً مع الأجيال الجديدة، حتى ولو عن طريق وحدة تابعة لوزارة الثقافة، بتكلفة محدود للغاية، وليس تصويراً احترافياً للعرض التلفزيوني، فهذه العروض ثروة لا تقدر بثمن من الناحية الأدبية والفنية والتجارية».
وأوضح محمود: «هذه العروض يمكن أن نجعلها مرجعاً ودراسة عملية لطلبة أكاديمية الفنون وكليات الآداب قسم المسرح، من خلال المسرحيات السيئة قبل الجيدة كنموذج اختيار عملي لمعرفة عوامل النجاح والفشل، ولكن مع نهاية العرض تنتهي الحكاية ولا يبقى إلا قصاصات من ورق الصحف والمجلات، يشاهدها أولادنا».
وأكد محمود أن العمل الإداري أعاقه في مواصلة مشواره الفني: «عملت في منصب مدير مسارح (الكوميدي والحديث والطليعة) بمنتهى الحب والرضا والإخلاص ولم أندم، لكن حياتي العملية توقفت تماماً ولم أقدم سينما أو تلفزيوناً بسبب تكريس وقتي ومجهودي للعمل الإداري حتى عملي في المسرح توقف فقد كنت أخشى اتهامي باستغلال منصبي».
وأضاف: «خلال فترة عملي الإداري كانت العروض، التي أشرف عليها وتعرض ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري تكتسح نصف جوائز المهرجان، خصوصاً عروض مسرح (الطليعة) نظراً لجودتها».
ويرى محمود أن المسرح والإذاعة من أهم روافد الفن: «إذا عاد بي الزمن سأكرر ما فعلته، فالمسرح سيظل على رأس أولوياتي الفنية، ولولا المسرح ما وصلت للناس، فنحن لدينا نجوم وأسماء كبيرة ترفض الوقوف على خشبة المسرح، خوفاً من خشبته التي ترهب أي شخص، فالمسرح صعب جداً، رغم علمه الغزير وتأهيله لنجومه بكل الأشكال».
وذكر محمد محمود أن الشخصية التي قدمها في فيلم «أمير البحار» كانت السبب في تداول اسمه فنياً وخروجه من عنق الزجاجة حسب قوله: «الشخصية وراء معرفة الناس بي بسبب مشاهدات الفيلم التي لا تعد ولا تحصى، وهذا برهان عملي على حديثي عن تصوير الأعمال وعرضها تلفزيونياً، فعندما عرض علي هذا الفيلم كنت أمثل منذ 30 عاماً لكن المخرجين انتبهوا بعد عرضه».
وتحدث محمود عن استقبال الجمهور السعودي له خلال عروضه في موسمي الرياض وجدة: «جمهور ذوّاق ويحب الفن بشكل كبير، وهذا ليس مفاجأة بالنسبة لي فالجمهور الخليجي، اعتاد حب الفن والإفيهات المصرية، وأتذكر في عروضي مع الفنان سمير غانم على سبيل المثال، وهي أكثر من 6 مسرحيات كان المسرح يكتظ بالحضور العربي الكبير، خصوصاً الجمهور السعودي، الذي يستطيع التفرقة بين العمل الجيد والرديء».
ويعرض حالياً للفنان محمد محمود في السينمات فيلمي «البعبع»، و«شوجر دادي»، بجانب البدء في تصوير فيلم «عصابة عظيم» مع الفنانة إسعاد يونس، بالإضافة لتحضيره للجزء الثاني من مسلسل «أرض النفاق» مع الفنان محمد هنيدي، وينتظر عرض مسلسلي «على باب العمارة»، و«نصي التاني» على إحدى المنصات قريباً.