تامر حسني في أضخم حفلات بيروت: «هُوَ ده»!

عشرات الآلاف احتشدوا وسط هتافات ملأت ليل المدينة

تامر حسني يُحيي حفلاً لـ«التاريخ» في بيروت (الجهة المنظمة)
تامر حسني يُحيي حفلاً لـ«التاريخ» في بيروت (الجهة المنظمة)
TT

تامر حسني في أضخم حفلات بيروت: «هُوَ ده»!

تامر حسني يُحيي حفلاً لـ«التاريخ» في بيروت (الجهة المنظمة)
تامر حسني يُحيي حفلاً لـ«التاريخ» في بيروت (الجهة المنظمة)

أوشكت القدمان على خيانته حين أُصيبتا باصطكاك. منح تامر حسني نفسه لمقعد، لعلّه باستراحةٍ لثوانٍ يُهدّئ الخفقان. هكذا هما القدمان، تضطربان حين تفوق المواقف المُتوقَّع. عشرات الآلاف ملأوا مقاعد «الفوروم دو بيروت»، مُطلقين هتافات باسم نجم مصر. أمام نبض الحناجر والأيدي الملوِّحة، ذُهل. منذ استقباله الحارّ في محيط فندق «فينيسيا»، وهو يدرك أنّ شيئاً استثنائياً سيحدث في لبنان. على الأرجح، لم يتوقّع أن يرى هذا النهر الجماهيري المتدفّق.

لذلك، سلّم نفسه لمقعد يستر ارتجافاته. «حَغنّي إزاي؟»، أطلق اعترافاً بانكماش المرء أمام اللحظات الكبرى، وسأل تصفيقاً للبنان وشعبه. سبع سنوات مرّت على آخر حفل أحياه على أرضه، ومساء السبت عاد. باللوك الأبيض والـ«إيفيه» الشهير «هُوَ ده»، أشعل فضاء المدينة بغناء امتدّ إلى ما بعد منتصف الليل، مُستفزاً السؤال الإشكالي: الانهيار، حقيقة أم كذبة؟

عشرات الآلاف احتشدوا في أحد أضخم حفلات لبنان (الجهة المنظمة)

منذ مدّة، ولم يحصل هذا الصخب المذهل في حفلات بيروت. العدد هائل، والجمهور مختلف. لكلّ فنان أحبّة، يطالبونه بأغنياتهم المفضّلة ويهتفون له بعبارات الحب. وكل فنان حالة تُحدِث وَقْعاً في الآتين ليفرحوا. تامر حسني شأن آخر من الوَقْع. ليس مبالغة الحديث عما يُشبه «انهيارات» عاطفية. حولي مَن صرخن حدّ خرق الآذان وسط الصخب. ومَن تفاعلن بذوبان مع أغنياته. وَصْفُه حفل لبنان بـ«التاريخي» لم يأتِ من عبث.

حاولت فرقة «ديسكو بيروت» ملء الوقت بانتظار صعوده على المسرح. لساعة، تأخر عن جمهور يتحرّق شوقاً. صبايا رقصن على نغمات الموسيقى الحماسية. وأطلّ بين حين وآخر، مَن طرد ملل المنتظرين، فأيقظ حناجرهم بسؤال «هل أنتم مستعدّون لتامر؟». كرَّر، والصيحات تتعالى.

افتتح السهرة بـ«هرمون السعادة»، بعد سؤاله «جاهزين؟»، واطمئنانه إلى الردّ: «إيييييه». حدَّث أهل البلد بلهجته: «باللبناني، اشتقتلكن كتير»، وانطلق: «مسّيلي على الحبايب/ الحاضر واللي غايب/ القعدة الليلة حلوة/ والسكر فيها دايب». وبين «كوبليه» وأخرى، هتَفَ «لبنان». لم يفته خلال الحفل رفع علمه، ومعه ارتفعت الأصوات واشتدّ التصفيق.

مرات، أوقف الغناء ليقول ما لديه. وصف اليوم بـ«الجميل جداً»، متوجهاً إلى اللبنانيين: «لا بأس، الفظوها جداً»، بتفخيم الجيم عوض ترقيقها على الطريقة المصرية. غنّى «من النهارده هدلّعني»، وهي ثقة النفس برفض الاتكاء على أحد. غنّى أيضاً «كل مرة أشوفك فيها»، مُستمتعاً بنغم الـ«آه» بصوت جماهيري واحد. ومع الغناء، كان التمايل الحرّ على المسرح، فقفز، ومثله فعل كثيرون، وتنقّل كأنه في دياره.

أراد إهداء أغنية لـ«أحلى وحدة معانا النهارده»، طالباً من مهندس الإضاءة تصويب النور على الوجوه. في المناسبة، تدخّلت مؤثرات من إضاءة لافتة و«سموكينغ» وشرارات النار، في إحداث الفارق. لم تُرد الشركة المنظّمة «GMH» وصاحبها حسين كسيرة الذي خصّه حسني بتحية على الجهد، سوى هذا المستوى من النجاح. إحداهنّ، صرخت باتجاه الفنان المصري: «انظر إلى هنا»، قاصدة نفسها ليختارها بين الجميلات، فيهديها الأغنية. بدبلوماسية، ساوى بين الملامح: «ما شاء الله كلكم حلوين»، فكانت «بنت الإيه» إهداءً جماعياً لمَن حضر.

تامر حسني وهو يرقص ويغنّي في ليل بيروت (الجهة المنظّمة)

استمرّ بغناء ما ردّدناه في المراهقة، ويردّده جيل اليوم. بين الحضور مَن صدح بكل أغنية، جديدة وقديمة؛ فشعرت كاتبة السطور أنّ قطاراً ما يفوت. ولّد ذلك سؤالاً عن معنى مجاراة الزمن ومعاييره. المهم، غنّى «أنا ولا عارف»، وبعضَ ما بدّد «الغربة». جديدُ فنان الشباب، أوشك على ترك إحساس بأنّ المُتلكّئ عن الحفظ دخيلٌ بين مجموعة شطّار.

سأل، مَن بين الحضور يعيش حالة حب، فلاقى خفوتاً ما. أعاد صياغة السؤال: «مَن منكم يجافي الخفقان؟»، فهتفوا. طلب إضاءة الهواتف ليغنّي «إرجعلي»، مُسبباً بنزف بعض الأفئدة: «ما كلّ الناس بتقدر تنسى... طب أنا مش قادر أنساك ليه». أرفقها بـ«كفاياك أعذار»، والأنين الداخلي مستمر. ثم شاء إسكات الندوب: «حاسس بالمجاريح أوي بس كفاية أحزان». وأكمل ليل الفرح.

حفل تامر حسني تفاعلٌ مع الناس. لا يأتي ليُغني وفق الجاهز. بين كل أغنية، يُحدِّث، على الطريقة المصرية بإظهار الودّ. يقيم شيئاً من الحوار، تمهيداً للغناء. مرة أخرى، سأل: «عيد ميلاد مَن اليوم؟»، ففاجأته المبالغة حين رفعت أعدادٌ هائلة أيديها. «طب الشهر ده؟»، والأيدي تزداد. «كلنا بردو؟»، تتواصل مفاجآته. فغنّى لمَن صَدَق ومَن افتَعَل، «كل سنة وانت طيب». أجمل ما فيها المقطع الآتي: «وعمري لجاي أشيلك بين عيوني شيل/ ولو هتقدر يا روحي أجبلك نجوم الليل». لا داعي بعد الآن لوصف الصيحات.

منح فرصتين لمراهقتين لمشاركته الغناء. إحداهما تدعى كارولين والأخرى ليا، من «ذا فويس كيدز». أضحكت الحضور وهي تستبدل «هُوَ ده» بمرادفتها اللبنانية «هيدا هُوّي»، بينما تغادر المسرح وسط اعتراف «لوف يو تامر». غنّى للمتزوّجين، «حلم السنين»، ولم تفته «تلفوني رنّ». كثر طالبوه بـ«يا نور عيني»، فاستجاب. أيقظت «ما تبعدش عني ولا ثانية/ احضنّي نسّيني الدنيا»، الإحساس بالحاجة الإنسانية إلى عناق.

شكر لبنان، «استقبالٌ وذوق وطاقة حب وحماسة». اللبنانيون عشاق حياة، وأمل.


مقالات ذات صلة

أنغام تراهن على مواكبة الصيحات الموسيقية بألبومها الجديد

يوميات الشرق أنغام تطلق ألبومها الجديد «تيجي نسيب» (الشركة المنتجة)

أنغام تراهن على مواكبة الصيحات الموسيقية بألبومها الجديد

تراهن الفنانة المصرية أنغام على مواكبة أحدث الصيحات الموسيقية العالمية في ألبومها الجديد «تيجي نسيب» الذي احتفلت بإطلاقه، الأربعاء، في حفل كبير بإحدى دور العرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق ملصقات وسلع تحمل صور إلفيس بريسلي في برمنغهام ببريطانيا (إ.ب.أ)

سحر إلفيس بريسلي يتوهَّج في ذكرى ميلاده الـ90

تعمُّ الاحتفالات أرجاء بريطانيا إحياءً للذكرى الـ90 لميلاد أسطورة الغناء إلفيس بريسلي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الممثل بن أفليك وزوجته السابقة جنيفير لوبيز (رويترز)

بعد زواج دام عامين... جينيفر لوبيز وبن أفليك يتوصّلان إلى تسوية طلاق

توصّل النجمان الأميركيان بن أفليك وجينيفر لوبيز إلى تسوية بشأن طلاقهما، بعد 5 أشهر من الانفصال الذي أنهى زواجهما الذي دام عامين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المُلصق الترويجي للأغنية (حساب تامر حسني بفيسبوك)

تامر حسني ورامي صبري يخطفان الاهتمام في «فعلاً ما بيتنسيش»

تصدرت أغنية «فعلاً ما بيتنسيش» التي جمعت تامر حسني ورامي صبري في «ديو غنائي» للمرة الأولى في مشوارهما «تريند» موقع «يوتيوب».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)

صفعات وضرب بالهواتف والمأكولات... بعض هدايا جمهور الحفلات إلى المغنِّين

بعد أن كان نجوم الغناء يُرمَون بالورود خلال حفلاتهم، باتوا يُرشَقون بالأغراض المؤذية التي تنتج عنها إصابات. ما خلفيَّة هذه الظاهرة المستجدة؟

كريستين حبيب (بيروت)

«ارتبط بأفضل زوجة»... جيمي كارتر أرجع الفضل في طول عمره إلى زواجه السعيد

جيمي كارتر يعانق زوجته روزالين في مقر حملته الانتخابية بأتلانتا عام 1966 (أ.ب)
جيمي كارتر يعانق زوجته روزالين في مقر حملته الانتخابية بأتلانتا عام 1966 (أ.ب)
TT

«ارتبط بأفضل زوجة»... جيمي كارتر أرجع الفضل في طول عمره إلى زواجه السعيد

جيمي كارتر يعانق زوجته روزالين في مقر حملته الانتخابية بأتلانتا عام 1966 (أ.ب)
جيمي كارتر يعانق زوجته روزالين في مقر حملته الانتخابية بأتلانتا عام 1966 (أ.ب)

كان الرئيس الأسبق جيمي كارتر أطول الرؤساء عمراً في تاريخ الولايات المتحدة، وقد أرجع طول عمره جزئياً إلى «ارتباطه بأفضل زوجة»، وهي روزالين كارتر، بحسب تقرير لشبكة «سي إن بي سي».

شغل جيمس إيرل كارتر الابن منصب الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة. توفي كارتر عن عمر يناهز 100 سنة في 29 ديسمبر (كانون الأول) 2024.

تُوفيت زوجته، روزالين كارتر، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 عن عمر يناهز 96 عاماً. تزوج الاثنان لمدة 77 سنة، وأنجبا 4 أطفال وإجمالي 22 حفيداً.

ويبدو أن السر وراء عيش عائلة كارتر حياة طويلة وسعيدة يعود إلى علاقتهما.

وعندما سُئل عن رأيه فيما يؤدي إلى حياة طويلة وسعيدة، قال كارتر في حديث صحافي: «أعتقد أن أفضل تفسير لذلك هو الارتباط بأفضل زوجة. شخص يعتني بك ويشاركك الأشياء ويفعل أموراً تبقيك على قيد الحياة».

وأوضح أنه والسيدة الأولى لم يكونا في الواقع يركزان بشكل كبير على طول العمر؛ فقد قضيا معظم وقتهما في البحث عن فرص لخدمة مجتمعهما والعطاء لبعضهما البعض.

الرئيس الأميركي الراحل جيمي كارتر (وسط) وزوجته إليانور روزالين كارتر يظهران عام 1978 (أ.ف.ب)

وقال كارتر لصحيفة «واشنطن بوست» إن قصة حبهما بدأت في مسقط رأسهما بلينز بولاية جورجيا. وبعد لقائهما في كنيسة بلينز يونايتد ميثوديست، طلب من روزالين الخروج في موعد إلى السينما، وأخبر والدته أنه سيتزوجها في صباح اليوم التالي.

خلال فترة رئاسته، حضرت روزالين اجتماعات مجلس الوزراء، بحسب تقارير صحافية.

أسَّس الزوجان أيضاً مركز كارتر، وهي منظمة غير حكومية مكرسة لتحسين الحياة، في عام 1982. وقد بنى المركز آلاف المنازل في أكثر من 10 دول.

أوضح كارتر سابقاً: «ما أردناه أنا وروزالين ملء الفراغات وحل المشكلات التي لم يكن الآخرون قادرين أو راغبين في القيام بها».

في وقت لاحق من حياتهما، استمتعا بوقت ممتع معاً من خلال أنشطة مثل التنس والتزلج على المنحدرات ومراقبة الطيور: «لقد رأيت أنا وروزا نحو 1300 نوع مختلف من الطيور»، كما قال في إحدى مقابلاته.

الرئيس السابق جيمي كارتر وزوجته الراحلة روزالين (رويترز)

بعد انتهاء فترة رئاسته، عاد الزوجان إلى مسقط رأسهما واشتريا منزلاً متواضعاً بقيمة 167 ألف دولار.

وأضاف كارتر: «الآن عندما يكون لدينا لحظة هدوء، مثل عيد ميلاد أو شيء من هذا القبيل، نحب البقاء في المنزل، بمفردنا فقط، والاستمتاع بيوم هادئ في منزلنا من دون أي زوار وبأقل قدر من المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني الواردة».

حتى إنهما احتفلا بالذكرى السابعة والسبعين لزواجهما في يوليو (تموز) 2023 بمنزلهما في جورجيا.

عاش الثنائي الديناميكي في منزلهما حتى وفاتهما. وسيتم دفن كارتر في العقار بجوار زوجته روزالين.