ما الوظائف الأكثر عرضة للخطر في عصر الذكاء الاصطناعي؟

الماهرون في استخدام البرامج الذكية سيسلبونكم وظائفكم

ما الوظائف الأكثر عرضة للخطر في عصر الذكاء الاصطناعي؟
TT

ما الوظائف الأكثر عرضة للخطر في عصر الذكاء الاصطناعي؟

ما الوظائف الأكثر عرضة للخطر في عصر الذكاء الاصطناعي؟

لستُ عالمة مستقبل ولا خبيرة تقنية ولكنّ تجاربي الأولى مع «تشات جي بي تي» تُظهر أنّه فعّال في مجال ابتكار المحتوى، حتّى إنّني بدأت بإدراجه في دورات الفيديو خاصتي، وأستخدمه في بعض الأعمال المضجرة (نادراً في التوليف).

وظائف مهددة

ولكن مهما كان شعوركم تجاهه، فإن الذكاء الاصطناعي أصبح واقعاً. إذن، ما أنواع الوظائف المهدّدة؟ وما أفضل الطرق التي تبقينا متصلين بهذا العالم؟

ما الوظائف الأكثر عرضةً للخطر بسبب وجود الذكاء الاصطناعي؟

أظهرت دراسة أجرتها شركة «غولدمان ساكس» أنّ 300 مليون وظيفة حول العالم ستتأثّر بالأتمتة. يقولون: إنّ «معظم الوظائف والصناعات ستكون مكشوفة (أي مهددة) جزئياً أمام الأتمتة، وإنّ الذكاء الاصطناعي سيعمل كأداة مكملة لهذه الوظائف ولن يحلّ محلّها».

إذن، ما الوظائف المهدّدة؟ يقول جو آبلبوم، الذي يعطي روّاد الذكاء الاصطناعي دورات في استخدام الذكاء الاصطناعي: إنّ الوظائف الأكثر عرضة للخطر هي تلك التي ترتكز على عملية قابلة للأداء بسرعة أكبر وتكلفة أقلّ بواسطة الذكاء الاصطناعي، كتجميع المنتجات وجدولة عائدات الضرائب.

من جهته، يقول بول كانيتي، أستاذ محاضر في كليّة التجارة في جامعة كولومبيا والمؤسّس/الرئيس التنفيذي لشركة «سكيج» المطوّرة لمساعد جدولة مدعوم بالذكاء الاصطناعي: «إذا كنتم تعملون سمكرية، أو تملكون/تديرون عملاً بالسمكرة، فأنتم في وضعٍ جيّد لأنّ الذكاء الاصطناعي لا يملك يدين وذراعين». ويضيف كانيتي أنّ صانعي القرار والمديرين في مأمن أيضاً؛ لأنّ الذكاء الاصطناعي لا يستطيع تحفيز البشر وتقريبهم من بناء رأسمال سياسي - «ليس في وقتٍ قريب على أيّ حال».

أمّا شانان مونسون، مؤسسة مشروع وأستاذة، فتعد أنّ الذكاء الاصطناعي ليس جيّداً ولا سيئاً بالمطلق. وتشرح أنّ «النّاس لم يتوقّفوا عن غسل أطباقهم بعد اختراع آلة غسل الأطباق، بل أصبحوا ببساطة يفعلونها بسرعة وسهولة أكبر وبجهد أقلّ».

انتقالات وتحولات

مع تطوّر الذكاء الاصطناعي، قد لا يكون تبنّيه بالسرعة التي نتوقّعها، ولكنّ أولئك الذين سيستوعبونه ويتقنون استخدامه بسرعة سيكونون في المقدّمة.

يقول كانيتّي: إنّ «فترة التحوّل ستكون طويلة، وسيكون خلالها البعض قادرين على تقديم أداء رائع في عملهم عبر الاستفادة من هذه الأدوات قبل الآخرين من النّاس العاديين. أنتم مثلا تستخدمون آلة حاسبة، وكثير من الآخرين لا يزال يستخدم يديه - من تظنّون سيحصل على الترقية؟ تخيّلوا النسخة البديلة من أنفسكم التي أتقنت استخدام الذكاء الاصطناعي، هل تبدو أكثر أو أقلّ كفاءة في أداء الوظيفة؟»، يقول كانيتي: إنّ «من يستخدمون الذكاء الاصطناعي سيسلبونكم وظائفكم قبل استحواذ الذكاء الاصطناعي نفسه عليها بفترة طويلة».

الذكاء الاصطناعي مهما تطور لا يملك الإبداع الحقيقي ولا التفكير الحدسي الذي يملكه البشر

من جهته، ينصح مونسون النّاس «بتجربة كلّ شيء. لا تتعلّموه فقط، وعلّموا باقي الفريق كيف يستخدمونه أيضاً».

لم أكن أوّل من بدأ استخدام «تشات جي بي تي»، ولكن منذ بداية استكشافه، أصبحتُ أكثر حماسةً لاستخدامه للمهام السخيفة والمجهدة المتصلة بعملي. بدأتُ مسيرتي المهنية بكتابة أخبار النشرات التلفزيونية، ثمّ انتقلتُ إلى التسويق الرقمي واستراتيجية صناعة الفيديو. أملك طبيعة محبّة للابتكار، ولكنّني كأّي شخص آخر، أقوم بأعمال تتسم بالتكرار والملل كلّ يوم لا أستخدم فيها مهاراتي القيّمة. فبدل كتابة مدوّنة بسيطة تشرح ما هو «التدريب الإعلامي» أو تلخيص حلقة من مدوّنة صوتية، أستطيع التركيز على استراتيجية أعمق وعلى التواصل مع أشخاص آخرين (الزبائن).

مهارات بشرية متفوقة

يُجمع الخبراء على أنّ القيمة الأكبر ستبقى للمهارات البشرية، ولكنّ كانيتي يعد أنّه من الصعب توقّع تأثير الذكاء الاصطناعي على أمور كاستراتيجيات الأعمال لأنّ «جي بي تي -4» أظهر مهارة في هذا الأمر مثلاً. ولكن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع حثّ فريق ما على التنفيذ؛ ما يعني أنّ «البشر هم وحدهم المؤهّلون هنا. العمل من إنسان إلى آخر هو الأصعب استبدالاً».

ويقول مونسون: إنّ «التركيز يجب أن يكون على تطوير العمل التنفيذي والمهارات القيادية - هذه المهارات التي ستحتفظ بقيمتها دائماً بصرف النظر عن التقنية المتوفرة. يجب التركيز على بناء المهارات كلاعبٍ في الفريق وقائد للفريق».

في المقابل، يحاجج آبلبوم بأنّ الأمر لا يتعلّق فقط بإعادة إعداد المهارات، بل بضرورة «أن يفهم النّاس من هم، ما هي قواهم، وما الذي يثير حماستهم».

الذكاء الاصطناعي لا يملك الشغف، ولا الإبداع الحقيقي ولا التفكير الحدسي الذي يملكه البشر. يحتاج الناس إلى تجاوز مخاوفهم والتصالح مع أنفسهم ليظهروا بكامل إبداعهم.

عن مجلّة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

الاقتصاد المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:37

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

في ظل ما يشهده قطاع التقنية السعودي من تطور، حقَّقت «سيسكو» أداءً قوياً ومتسقاً مع الفرص المتاحة وقرَّرت مواصلة استثماراتها لدعم جهود السعودية في التحول الرقمي.

زينب علي (الرياض)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
الاقتصاد علم شركة «إنفيديا» على الحرم الجامعي في سانتا كلارا بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

بالأرقام... كيف أصبحت «إنفيديا» الشركة الأكثر قيمة في العالم؟

حققت «إنفيديا» مرة أخرى نتائج ربع سنوية تجاوزت توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
TT

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

وأظهرت الدراسة، التي قادها فريق من جامعة كوينزلاند في أستراليا، ونُشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «The Lancet Psychiatry»، أن كثيرين من المصابين بالاكتئاب لا يتلقون العناية اللازمة، ما يزيد من معاناتهم ويؤثر سلباً على جودة حياتهم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص الاكتئاب، مما يجعله السبب الرئيسي للإعاقة عالمياً. وتشير التقديرات إلى أن 5 في المائة من البالغين يعانون هذا المرض. وضمّت الدراسة فريقاً من الباحثين من منظمة الصحة العالمية وجامعتيْ واشنطن وهارفارد بالولايات المتحدة، وشملت تحليل بيانات من 204 دول؛ لتقييم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية النفسية.

وأظهرت النتائج أن 9 في المائة فقط من المصابين بالاكتئاب الشديد تلقّوا العلاج الكافي على مستوى العالم. كما وجدت الدراسة فجوة صغيرة بين الجنسين، حيث كان النساء أكثر حصولاً على العلاج بنسبة 10.2 في المائة، مقارنة بــ7.2 في المائة للرجال. ويُعرَّف العلاج الكافي بأنه تناول الدواء لمدة شهر على الأقل، إلى جانب 4 زيارات للطبيب، أو 8 جلسات مع متخصص.

كما أظهرت الدراسة أن نسبة العلاج الكافي في 90 دولة كانت أقل من 5 في المائة، مع تسجيل أدنى المعدلات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا بنسبة 2 في المائة.

وفي أستراليا، أظهرت النتائج أن 70 في المائة من المصابين بالاكتئاب الشديد لم يتلقوا الحد الأدنى من العلاج، حيث حصل 30 في المائة فقط على العلاج الكافي خلال عام 2021.

وأشار الباحثون إلى أن كثيرين من المرضى يحتاجون إلى علاج يفوق الحد الأدنى لتخفيف معاناتهم، مؤكدين أن العلاجات الفعّالة متوفرة، ومع تقديم العلاج المناسب يمكن تحقيق الشفاء التام. وشدد الفريق على أهمية هذه النتائج لدعم خطة العمل الشاملة للصحة النفسية، التابعة لمنظمة الصحة العالمية (2013-2030)، التي تهدف إلى زيادة تغطية خدمات الصحة النفسية بنسبة 50 في المائة على الأقل، بحلول عام 2030. ونوه الباحثون بأن تحديد المناطق والفئات السكانية ذات معدلات علاج أقل، يمكن أن يساعد في وضع أولويات التدخل وتخصيص الموارد بشكل أفضل.

يشار إلى أن الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، ويرتبط بشكل مباشر بمشاعر الحزن العميق، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، مما يؤثر سلباً على الأداء الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.