محمد عطية لـ«الشرق الأوسط»: لست من أنصار زمن الفن الجميل

يستقر في لبنان ويعتبره بلده الثاني

انتهى عطية من كتابة فيلم من إنتاج لبناني (إنستغرام الفنان)
انتهى عطية من كتابة فيلم من إنتاج لبناني (إنستغرام الفنان)
TT

محمد عطية لـ«الشرق الأوسط»: لست من أنصار زمن الفن الجميل

انتهى عطية من كتابة فيلم من إنتاج لبناني (إنستغرام الفنان)
انتهى عطية من كتابة فيلم من إنتاج لبناني (إنستغرام الفنان)

يأخذك محمد عطية إلى مرحلة عمر أخرى وأنت تتحدث إليه. تلمس مباشرة مدى النضج الفكري الذي يغمره. وبلحظات قليلة يمحو من ذهنك صورة ذلك الشاب المشاغب الذي حصد لقب «ستار أكاديمي» في موسمه الأول، وصار بين ليلة وضحاها نجماً عربياً بامتياز. وهو على أبواب الأربعين من عمره (39 عاماً) تكتشف محمد الرجل، وصاحب الحس الفني المرهف، والمتقدم بأفكاره.

يعلق عطية لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك في أن التقدم في العمر يحدث فرقاً في الإنسان. عملتُ على نفسي وطوّرت موهبتي الفنية. ولعل إدماني على القراءة أسهم في تزويدي بخلفية ثقافية أكبر، أنا أقرأ 6 كتب في الشهر الواحد. لا أملّ من القراءة، وألونها بمؤلفات مختلفة فلسفية، وروايات على أنواعها».

مؤخراً، أطل محمد عطية في الفيلم السينمائي اللبناني «ضيوف شرف»، وكان واحداً من أبطاله. وفاجأ مشاهد الفيلم بكركتير جدّي يجسده، بعيداً كل البعد عن شخصيته الكوميدية التي اشتهر بها. ويبرر: «لقد كُتب الدور بهذه الطريقة، وكان عليَّ تنفيذه كما هو. صحيح أنه يتضمن بعض (القفشات) الفكاهية، ولكن المساحة الأكبر لها كانت من نصيب جوزيف زيتوني. ولعبت الدور كما طُلب مني. فالنجاح ضمن عمل كامل يتطلب عملاً جماعياً. فلا يمكن أن يحصده واحد على حساب آخرين. والدور لا يتحمل أكثر مما قدمته. في النهاية، أنا أجسد شخصية ابن سفير مصري، وهذا يرسم تلقائياً أدائي».

إقامته في لبنان جاءت بالصدفة (إنستغرام محمد عطية)

كيف حدث واستقر عطية في لبنان وشارك في هذا الفيلم؟ يروي: «جزء كبير مني ينتمي إلى لبنان الذي أحبه كثيراً. فهو بلدي الثاني، وشكَّل نقطة بدايتي الفنية في برنامج (ستار أكاديمي). وحدث الأمر صدفة، وليس عن سابق تصور وتصميم. كنت أصور أغنية فيه عندما دعيت لحضور مسرحية (ع كعبا) لفؤاد يمين. وهنالك التقيت بالمخرج سامي كوجان وتعرفت إليه، وبعدها سألني عن إمكانية التعاون معه. وعندما قرأت الورق أعجبت بالدور، كما تحمست لمشاركتي في عمل تحضر فيه أسماء أحبها، كستيفاني عطالله. فصورنا الفيلم، ومن بعده قمنا بعمل درامي آخر، وكرّت السبحة إلى حد دفعني للاستقرار هنا».

العمل الدرامي الجديد الذي يتحدث عنه هو مسلسل «روح»، ويتناول موضوعاً سيكولوجياً. «سترونني فيه أيضاً بشخصية مغايرة تماماً عن تلك التي عرفتموني بها. إنه دور مركب وصعب، تطلب مني كثيراً من الجهد، حتى أنني اضطررت إلى إنقاص وزني والخضوع لجلسات علاج نفسي لأتخلص منه».

وعن تعاونه مع سامي كوجان، يقول: «أنا من محبذي فكرة: الفن واحد، وقد يشهد تفوقاً هنا أو هناك بحكم التاريخ وتراكم التجارب. ولكن العمل الجميل يفرض نفسه أينما وُلد. وسامي من المخرجين الشباب الممتازين، وتربطنا اليوم علاقة صداقة قوية. فالفنان المحترم يترك أثره الطيب ويصبح (حاجة لطيفة) عند التعاون معه. وهو ما يسهّل عليك القيام بالمهمة».

ويشاركه في المسلسل كارين رزق الله، وجوليا قصار، ومجدي مشموشي، وغيرهم. «لقد تحمست للفكرة؛ لا سيما أنها تضم أسماء لامعة تخطت حدود لبنان وصارت عربية بامتياز. والعمل مع هذه الأسماء هو بمثابة إضافة لي. فلم أتردد عن المشاركة في المسلسل، وهو قد صقل موهبتي من دون شك».

عندما يتحدث عطية عن لبنان، تلمس الحب والمعزة الكبيرين اللذين يكنهما له. وعندما أسأله عما إذا كان شعوره بالحنين لأيام خلت عاشها في لبنان دفعه للعودة إليه. يرد: «لا؛ القصة ليست مجرد نوستالجيا أبداً، كما أنه ليس المطلوب منا التعلق بنجاحات أحرزناها في الماضي فنبني عليها المستقبل. لبنان كان ولا يزال البلد العربي الرائد في عالم التلفزيون وبرامجه الترفيهية، والفن على أنواعه. لا شك أني في حقبة معينة كنت جزءاً من عالمه هذا، ولكنني أيضاً معجب به وبشعبه وبطبيعته».

يرى استسهالاً في كتابة النصوص الدرامية (إنستغرام محمد عطية)

مواهب محمد عطية كثيرة، فهو يمثل ويغني ويعزف موسيقى، ولكن ماذا عن الإخراج؟ هل تراوده فكرة التحول إلى مخرج يوماً ما؟ يبادر: «أحب الإخراج، ولكنني اليوم منشغل بأمور كثيرة. كتبت فيلماً كوميدياً لن أمثل فيه، سيكون جامعاً لفنانين لبنانيين ومصريين ومن إنتاج لبناني. ومن المتوقع أن يرى النور في الصيف المقبل».

هذا التعاون المصري اللبناني الذي أعاده المخرج اللبناني كوجان إلى عالم السينما يحبذه عطية. «هناك علاقة حلوة ووطيدة بين الشعبين منذ زمن طويل، وقد تُرجمت أيضاً بالفن. لا يمكنني أن أشرح سر هذه العلاقة (مش لاقيلها تفسير)، ولكنها تعود إلى أيام الراحلين صباح ومحمد عبد الوهاب. فالأولى استطاعت أن تكون نجمة لبنانية في مصر، والثاني لحّن للسيدة فيروز، وأعجب بأصوات لبنانية عديدة. فأتمنى أن نحافظ على هذا التعاون الفني التاريخي».

وعندما يصل الحديث إلى الدراما المصرية، لا يتوانى عطية عن الإفصاح عن رأيه بصراحة. «لدي ملاحظات كثيرة على الدراما المصرية؛ لأنها لا تتطور مع الأجيال. فكل جيل لديه متطلباته الفنية والعقلانية، كما أني لست من أنصار (فن الزمن الجميل)».

يحضر محمد عطية لأغنية جديدة باللبنانية (إنستغرام الفنان)

ويضيف: «مش صحيح أن نبقى هناك؛ لأننا نتطور، وتشهد ثقافاتنا الاختلاف بين حقبة وأخرى. فقبل عمرو دياب كان الراحل عبد الحليم حافظ، ويمكن أن نتفرج على تلك الحقبة ونستمتع بها. وكانت تملك قيمة فنية أكبر؛ لا سيما فيما يخص الكتابة الدرامية. بشكل عام نعاني اليوم من مشكلة، في الموضوعات الدرامية وكيفية تناولها. وفي موسم رمضان الفائت لاحظنا مجهوداً بُذل من أجل رفع مستواها، ويحترم في الوقت نفسه عقلية المشاهد. ولكن أعداد هذه الأعمال كانت قليلة جداً. في رأيي كان موسم رمضان الماضي الأضعف في الدراما المصرية. هناك استسهال من ناحية، وانغلاق السوق المصرية على نفس الكتاب من ناحية ثانية. فلا تعطي الفرص لجيل الشباب، وهو ما يضعف الدراما المصرية، ويدفع بالشباب للتوجه إلى مشاهدة المنصات الإلكترونية وإنتاجاتها. ولسنا وحدنا من يعاني من هذه المشكلة فهي باتت عالمية».

ما جديد محمد عطية؟ يقول: «عمل سيكون لبنانياً، ومن ألحاني، وأتمنى أن يحبه الجمهور».


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».