استخراج المياه الجوفية يؤثر على دوران الأرض

بسبب ضخ كميات الماء من تحت الأرض

ضخ كميات ضخمة من الماء من تحت الأرض (شاترستوك)
ضخ كميات ضخمة من الماء من تحت الأرض (شاترستوك)
TT

استخراج المياه الجوفية يؤثر على دوران الأرض

ضخ كميات ضخمة من الماء من تحت الأرض (شاترستوك)
ضخ كميات ضخمة من الماء من تحت الأرض (شاترستوك)

كشف علماء أن البشر ربما أحدثوا تغييراً كبيراً في دوران الأرض، بين عامي 1993 و2020 فقط، بسبب ضخ كميات ضخمة من الماء من تحت الأرض، ونقلها إلى أماكن أخرى، وفقاً لصحيفة «الإندبندنت» البريطانية.

وتسبَّب استخراج المياه بمعدلات مثيرة للقلق في إمالة الأرض بـ80 سنتيمتراً تقريباً (31.5 بوصة) باتجاه الشرق، خلال تلك الفترة، حسبما خلص بحثٌ نُشر في «دورية رسائل البحوث الجيوفيزيائية».

وكانت دراسات سابقة قد كشفت أن موضع محور الأرض ـ أو القطب الدوراني للأرض ـ تبدَّل بالنسبة للقشرة، مع دوران الكوكب على نحو مختلف بعض الشيء مع تحرك الماء.

وبالاعتماد على نماذج مناخية، يقدِّر العلماء أن البشر ضخُّوا 2.150 غيغا طن من المياه الجوفية ـ ما يكافئ أكثر عن 6 ملم (0.24 بوصة) من ارتفاع منسوب مياه البحر بين عامي 1993 و2010.

يُذكر أن اكتشاف قدرة الماء على التأثير على دوران الأرض جاء للمرة الأولى عام 2016، ومع ذلك ظل الإسهام المحدد للمياه الجوفية في هذه التغييرات الدورانية غير واضح.

وضعت الدراسة الجديدة نموذجاً للتغييرات الملحوظة في انجراف القطب الدوراني للكوكب وحركة الماء. بادئ الأمر، عكفت الدراسة على تقييم تأثير الصفائح والأنهار الجليدية فقط، وبعد ذلك نظرت في سيناريوهات مختلفة لإعادة توزيع المياه الجوفية.

في هذا الصدد قال أحد القائمين على الدراسة، كي وون سيو، الجيوفيزيائي بجامعة سيول الوطنية بكوريا الجنوبية: «يتغير قطب دوران الأرض كثيراً. تكشف دراستنا أنه من بين الأسباب المرتبطة بالمناخ، فإن إعادة توزيع المياه الجوفية له في الواقع التأثير الأكبر على انجراف القطب الدوراني».

ووجد القائمون على الدراسة أن النموذج انحرف عن المسار التقليدي بمقدار 78.5 سم (31 بوصة)، أو 4.3 سم (1.7 بوصة) من الانحراف سنوياً، عند النظر إلى معدل 2.150 غيغا طن من إعادة توزيع المياه الجوفية.

ضخ المياه الجوفية مصدر آخر لارتفاع سطح البحر (شاترستوك)

في هذا الإطار، قال الدكتور سيو: «أنا سعيد جداً للعثور على السبب غير المبرَّر لانحراف عمود الدوران. من ناحية أخرى، بصفتي من سكان كوكب الأرض وأباً، أشعر بالقلق والدهشة لمعرفة أن ضخ المياه الجوفية مصدر آخر لارتفاع مستوى سطح البحر».


مقالات ذات صلة

تنبؤات المستقبل... التاريخ يثبت صعوبة طرحها

علوم مسيرة الإنسان نحو المستقبل... اتجاهات وتوجهات مبهمة

تنبؤات المستقبل... التاريخ يثبت صعوبة طرحها

قبل 50 عاماً ظهرت توقعات الحرب النووية والطفرة السكانية التي ستتجاوز قدرة الكوكب على إطعام سكانه.

«الشرق الأوسط»
علوم جدل علمي حول عدد القارات

جدل علمي حول عدد القارات

تقسيم القارات إلى «ثقافي» أكثر منه «علمياً»

يوميات الشرق آفاق العلم شاسعة (رويترز)

أحفورة عمرها 237 مليون عام تُضيء على صعود الديناصورات

يعتقد علماء أنّ حفرية من أقدم الحفريات على الإطلاق ربما تساعد في تفسير ظهور الديناصورات. فماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

تضارب الآراء في «الفيدرالي» بشأن وتيرة خفض الفائدة

لم يكن هناك إجماع كامل في «الاحتياطي الفيدرالي» عندما صوت الأسبوع الماضي لتخفيض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، حيث اعترض صانع سياسة واحد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
يوميات الشرق أصابع روبوتية تعيد حاسة اللمس للمصابين بفقدان الإحساس

أصابع روبوتية تعيد حاسة اللمس للمصابين بفقدان الإحساس

تمكن باحثون في جامعة كلية لندن (UCL) من تحقيق اختراق علمي جديد قد يُحدِث تحولاً كبيراً في علاج الأشخاص الذين يعانون فقدان حاسة اللمس، مثل مرضى متلازمة النفق…

«الشرق الأوسط» (لندن)

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)
مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)
TT

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)
مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)

كشفت بيانات الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا)، بالتعاون مع ألمانيا، عن تراجع حاد ومفاجئ في إجمالي كميات المياه العذبة على سطح كوكب الأرض.

وأوضح الباحثون أن هذا التغيُّر في مستويات المياه قد يشير إلى دخول القارات الأرضية في مرحلة جفاف مستمرة، ونُشرت النتائج، الجمعة، بدورية «Surveys in Geophysics».

وأظهرت قياسات القمرين الاصطناعيين «GRACE» و«GRACE-FO» أن كمية المياه العذبة المخزنة على اليابسة، بما في ذلك المياه السطحية، مثل البحيرات والأنهار والجوفية، انخفضت بنحو 290 ميلاً مكعباً (1200 كيلومتر مكعب) بين 2015 و2023، مقارنةً بالفترة بين 2002 و2014. وقدر الفريق حجم الانخفاض بأنه يعادل 2.5 ضعف حجم بحيرة إيري في أميركا الشمالية.

وتعمل هذه الأقمار الاصطناعية التي أُطلقت بالتعاون بين «ناسا» ووكالات ألمانية، على قياس التغيرات في الجاذبية الأرضية للكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها.

يذكر أنه بدأ التراجع في المياه العذبة مع جفاف كبير في شمال ووسط البرازيل، تلته موجات جفاف في أستراليا وأميركا الجنوبية والشمالية وأوروبا وأفريقيا. وارتبط هذا الجفاف بارتفاع درجات حرارة المحيطات في منطقة المحيط الهادي الاستوائي بين 2014 و2016؛ ما أدى إلى واحدة من أقوى ظواهر «النينيو» المسجلة منذ عام 1950، ما تسبب في تغييرات في أنماط الطقس، وهطول الأمطار على مستوى العالم، ورغم انتهاء ظاهرة «النينيو»، فإنه لم تشهد مستويات المياه العذبة العالمية تحسناً ملحوظاً.

وتُظهر الدراسة أن 13 من أقوى 30 موجة جفاف عالمية، التي رصدتها مهمة «GRACE»، حدثت منذ يناير 2015. ويُرجح الباحثون أن الاحتباس الحراري أسهم في استمرار استنزاف المياه العذبة؛ حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة تبخر المياه من السطح إلى الغلاف الجوي، إضافة إلى زيادة قدرة الغلاف الجوي على احتجاز بخار الماء.

وأكد الباحثون أن تغيُّر المناخ يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة بشكل متزايد، لكنها تكون متقطعة، ما يقلل من قدرة التربة على امتصاص المياه، وتجديد المخزون الجوفي.

وأضافوا: «عندما تكون الأمطار شديدة، تتدفق المياه بدلاً من أن تتسرب إلى الأرض، ما يفاقم من ندرة المياه الجوفية».

ووفقاً للفريق، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت مستويات المياه العذبة العالمية ستعود إلى ما كانت عليه قبل عام 2015، أو ستستقر عند المستويات الحالية، أو ستستمر في التراجع.

وأشاروا إلى أن تزامن انخفاض المياه العذبة مع تسجيل السنوات التسع الأشد حرارة في التاريخ الحديث ليس مجرد صدفة، بل قد يكون مؤشراً لما سيحدث في المستقبل.

وشددوا على الحاجة الماسة إلى اتخاذ تدابير عالمية للحفاظ على الموارد المائية، والتكيف مع التغيرات المناخية لضمان الأمن المائي للأجيال المقبلة.