منتدى «دراسات» يؤكد تمكين المرأة وتكافؤ الفرص بين الجنسين

اختتم أعماله في البحرين بمشاركة خبراء دوليين

جانب من ملتقى «دور المرأة في صنع السياسات» الذي اختتم في البحرين
جانب من ملتقى «دور المرأة في صنع السياسات» الذي اختتم في البحرين
TT

منتدى «دراسات» يؤكد تمكين المرأة وتكافؤ الفرص بين الجنسين

جانب من ملتقى «دور المرأة في صنع السياسات» الذي اختتم في البحرين
جانب من ملتقى «دور المرأة في صنع السياسات» الذي اختتم في البحرين

اختتمت، في العاصمة البحرينية المنامة، الخميس، أعمال منتدى «دراسات» السادس، الذي بدأ أعماله يوم الأربعاء، بعنوان «دور المرأة في صنع السياسات... ومراكز الفكر والبحوث».

ويهدف المنتدى إلى دعم تمكين وتقدم المرأة البحرينية، وتحقيق التوازن بين الجنسين، وضمان تكافؤ الفرص.

وأشاد المشاركون في المنتدى، الذي عُقد بالتعاون بين «مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة (دراسات)»، و«المجلس الأعلى للمرأة» الذي ترأسه الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل البحرين، وشارك في المنتدى نخبة من ممثلي مراكز البحوث والدراسات، وعدد من الخبراء والإعلاميين والمختصّين في دعم صانعي السياسات محلياً ودولياً وإقليمياً - بالجهود المتميزة والنوعية التي تضطلع بها دول المنطقة في مجال صنع السياسات ومراكز الفكر والبحوث.

إحدى جلسات دور المرأة في صنع السياسات

وتضمنت أعمال المنتدى، في يومه الثاني، ثلاث جلسات، شهدت الجلسة الأولى حواراً مع الدكتورة هناء عبد الله المعيبد، الباحثة بـ«مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية» في السعودية، وتناولت فيه تأثير الديناميكيات الاجتماعية على التوجهات في العمل والتعليم، والتوجه المستقبلي للبحوث في دول «مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، بالإضافة إلى عرض لأهمية التعاون الدولي في البحث العلمي وصنع السياسات، مع تأكيد التعاون بين الدول والمنظمات، وكذلك دور الخبراء والعلماء والباحثين في تشكيل السياسة على المستوى الكلي، إلى جانب آليات ضمان التعاون الفعّال.

واستعرضت الجلسة الثانية دور المرأة في مراكز الفكر، وإسهاماتها في صنع السياسات، وتسليط الضوء على تجاربها، ومناقشة تكافؤ الفرص بين الجنسين في مراكز الفكر، مع التركيز على التقدم المُحرز والخطوات لضمان الفرص والتمثيل المتكافئ للمرأة، وشارك فيها كل من ردينة البعلبكي، منسقة الشؤون العربية والدولية بـ«معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية» ببيروت، وروانا محمد الدجاني، مساعد باحث في إدارة الدراسات والبحوث بمركز «دراسات»، ونورا نظام الدين، زميل أول في «مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية».

بينما ركزت الجلسة الثالثة على أهمية تعزيز ثقافة سد الفجوات بين المجتمعات وتعزيز السلام، وتحليل التحديات والفرص التي يجري طرحها، والتركيز على حل النزاعات، وبناء السلام كوسيلةٍ لتعزيز التفاهم والتعاون بين الأطراف المختلفة، مع استعراض لدور «الأمم المتحدة» في تعزيز السلام العالمي، والتحديات التي تواجهها، والمسارات المحتملة لمعالجة القضايا العالمية المُلحّة، بالإضافة إلى استكشاف تأثير العولمة على الفجوات الاجتماعية والاقتصادية في جميع أنحاء العالم. وقد شارك في أعمال هذه الجلسة كل من الدكتور ديفيد فرنانديز بويانا، المفوض الدائم لبعثة «جامعة السلام»، التابعة لـ«الأمم المتحدة»، وميرسيا كورما، مدير «برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون الأميركي»، والدكتور عُمر أحمد العبيدلي، مدير إدارة الدراسات والبحوث في مركز «دراسات».

من إحدى الجلسات

وأصدر المنتدى بياناً ختامياً دعا فيه دول المنطقة لتطوير ومراجعة السياسات والقرارات المنظمة لعمل المراكز البحثية والفكرية، لتتبنى الحيادية القائمة على عنصر تكافؤ الفرص في عمليات التوظيف وتقلد المناصب، بما يعزز تحقيق التوازن بين الجنسين.

كما دعا للبناء على الدروس المستفادة من جائحة «كوفيد-19»، ومنها المواصلة في التحول الرقمي، وتأهيل القوة العاملة للمشاركة بفعالية في هذا الاقتصاد المتسارع، من خلال وضع وتفعيل سياسات عمل تساند التوازن بين العمل والأسرة، كسياسات العمل المرنة.

وتحليل واقع المرأة في مجال البحث العلمي، واستخلاص أفضل الممارسات في المجال، بالإضافة إلى تخصيص مِنح دراسية دون تمييز للالتحاق بمجالات دراسية نوعية.

واستحداث برامج خاصة بدراسات المرأة والتوازن بين الجنسين، ضمن مراكز الفكر تعالج كل التحديات من منظور يستديم تقدم المرأة على قاعدة عدالة إتاحة الفرص وتقدمها في الحياة العامة.

وتنويع مصادر التمويل، وتفعيل دور القطاع الخاص لإيصال مُخرجات المراكز البحثية لميادين التطبيق، بما يحقق أهدافها وينفّذ خططها، ويأتي في مقدمة ذلك ضمان إدماج احتياجات المرأة، وضمان تكافؤ الفرص بينها وبين الرجل.

وكذلك رفع وبناء قدرات الكوادر البحثية، من خلال اعتماد سياسات تلتزم بمعايير تكافؤ الفرص بين الجنسين عند التوظيف والترقي، وتوفير برامج الإرشاد وفرص التدريب المتخصص للتطوير البحثي، وعقد الندوات الفكرية.


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا إعادة تنشيط الريف الياباني الذي انعكست هجرة السكان سلباً عليه.

«الشرق الأوسط» (هيتاشي (اليابان))

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
TT

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

في النسيج الواسع لتاريخ الفن التشكيلي، تبرز بعض الأعمال الفنية وتكتسب شهرة عالمية، ليس بسبب مفرداتها وصياغاتها الجمالية، ولكن لقدرتها العميقة على استحضار المشاعر الإنسانية، وفي هذا السياق تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود»، وهي كذلك شهادة على «قوة الفن في استكشاف أعماق النفس، وصراعاتها الداخلية».

هذه المعالجة التشكيلية لهموم البشر وضغوط الحياة استشعرها الجمهور المصري في أول معرض خاص لماهر البارودي في مصر؛ حيث تعمّقت 32 لوحة له في الجوانب الأكثر قتامة من النفس البشرية، وعبّرت عن مشاعر الحزن والوحدة والوجع، لكنها في الوقت ذاته أتاحت الفرصة لقيمة التأمل واستكشاف الذات، وذلك عبر مواجهة هذه العواطف المعقدة من خلال الفن.

ومن خلال لوحات معرض «المرايا» بغاليري «مصر» بالزمالك، يمكن للمشاهدين اكتساب فهم أفضل لحالتهم النفسية الخاصة، وتحقيق شعور أكبر بالوعي الذاتي والنمو الشخصي، وهكذا يمكن القول إن أعمال البارودي إنما تعمل بمثابة تذكير قوي بالإمكانات العلاجية للفن، وقدرته على تعزيز الصحة النفسية، والسلام، والهدوء الداخلي للمتلقي.

لماذا يتشابه بعض البشر مع الخرفان (الشرق الأوسط)

إذا كان الفن وسيلة للفنان والمتلقي للتعامل مع المشاعر، سواء كانت إيجابية أو سلبية، فإن البارودي اختار أن يعبِّر عن المشاعر الموجعة.

يقول البارودي لـ«الشرق الأوسط»: «يجد المتلقي نفسه داخل اللوحات، كل وفق ثقافته وبيئته وخبراته السابقة، لكنها في النهاية تعكس أحوال الجميع، المعاناة نفسها؛ فالصراعات والأحزان باتت تسود العالم كله». الفن موجود إذن بحسب رؤية البارودي حتى يتمكّن البشر من التواصل مع بعضهم بعضاً. يوضح: «لا توجد تجربة أكثر عالمية من تجربة الألم. إنها تجعلهم يتجاوزون السن واللغة والثقافة والجنس لتعتصرهم المشاعر ذاتها».

الفنان السوري ماهر البارودي يحتفي بمفردة الخروف في لوحاته (الشرق الأوسط)

لكن ماذا عن السعادة، ألا تؤدي بالبشر إلى الإحساس نفسه؟، يجيب البارودي قائلاً: «لا شك أن السعادة إحساس عظيم، إلا أننا نكون في أقصى حالاتنا الإنسانية عندما نتعامل مع الألم والمعاناة». ويتابع: «أستطيع التأكيد على أن المعاناة هي المعادل الحقيقي الوحيد لحقيقة الإنسان، ومن هنا فإن هدف المعرض أن يفهم المتلقي نفسه، ويفهم الآخرين أيضاً عبر عرض لحظات مشتركة من المعاناة».

وصل الوجع بشخوص لوحاته إلى درجة لم يعد في استطاعتهم أمامه سوى الاستسلام والاستلقاء على الأرض في الشوارع، أو الاستناد إلى الجدران، أو السماح لعلامات ومضاعفات الحزن والأسى أن تتغلغل في كل خلايا أجسادهم، بينما جاءت الخلفية في معظم اللوحات مظلمةً؛ ليجذب الفنان عين المشاهد إلى الوجوه الشاحبة، والأجساد المهملة الضعيفة في المقدمة، بينما يساعد استخدامه الفحم في كثير من الأعمال، وسيطرة الأبيض والأسود عليها، على تعزيز الشعور بالمعاناة، والحداد على العُمر الذي ضاع هباءً.

أحياناً يسخر الإنسان من معاناته (الشرق الأوسط)

وربما يبذل زائر معرض البارودي جهداً كبيراً عند تأمل اللوحات؛ محاولاً أن يصل إلى أي لمسات أو دلالات للجمال، ولكنه لن يعثر إلا على القبح «الشكلي» والشخوص الدميمة «ظاهرياً»؛ وكأنه تعمّد أن يأتي بوجوه ذات ملامح ضخمة، صادمة، وأحياناً مشوهة؛ ليعمِّق من التأثير النفسي في المشاهد، ويبرز المخاوف والمشاعر المكبوتة، ولعلها مستقرة داخله هو نفسه قبل أن تكون داخل شخوص أعماله، ولمَ لا وهو الفنان المهاجر إلى فرنسا منذ نحو 40 عاماً، وصاحب تجربة الغربة والخوف على وطنه الأم، سوريا.

أجواء قاتمة في خلفية اللوحة تجذب العين إلى الألم البشري في المقدمة (الشرق الأوسط)

وهنا تأخذك أعمال البارودي إلى لوحات فرنسيس بيكون المزعجة، التي تفعل كثيراً داخل المشاهد؛ فنحن أمام لوحة مثل «ثلاث دراسات لشخصيات عند قاعدة صلب المسيح»، نكتشف أن الـ3 شخصيات المشوهة الوحشية بها إنما تدفعنا إلى لمس أوجاعنا وآلامنا الدفينة، وتفسير مخاوفنا وترقُّبنا تجاه ما هو آتٍ في طريقنا، وهو نفسه ما تفعله لوحات الفنان السوري داخلنا.

لوحة العائلة للفنان ماهر البارودي (الشرق الأوسط)

ولا يعبأ البارودي بهذا القبح في لوحاته، فيوضح: «لا أحتفي بالجمال في أعمالي، ولا أهدف إلى بيع فني. لا أهتم بتقديم امرأة جميلة، ولا مشهد من الطبيعة الخلابة، فقط ما يعنيني التعبير عن أفكاري ومشاعري، وإظهار المعاناة الحقيقية التي يمر بها البشر في العالم كله».

الخروف يكاد يكون مفردة أساسية في أعمال البارودي؛ فتأتي رؤوس الخرفان بخطوط إنسانية تُكسب المشهد التصويري دراما تراجيدية مكثفة، إنه يعتمدها رمزيةً يرى فيها تعبيراً خاصاً عن الضعف.

لبعض البشر وجه آخر هو الاستسلام والهزيمة (الشرق الأوسط)

يقول الفنان السوري: «الخروف هو الحيوان الذي يذهب بسهولة لمكان ذبحه، من دون مقاومة، من دون تخطيط للمواجهة أو التحدي أو حتى الهرب، ولكم يتماهى ذلك مع بعض البشر»، لكن الفنان لا يكتفي بتجسيد الخروف في هذه الحالة فقط، فيفاجئك به ثائراً أحياناً، فمن فرط الألم ومعاناة البشر قد يولد التغيير.