عرض «خبيئة نادرة» من مقتنيات متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية

تضم لوحات لتشكيليين بارزين... بعضها يرجع إلى القرن الـ15

احتفت بعض الأعمال بمراقبة عناصر الطبيعة وتحولاتها بصورة مجردة (الشرق الأوسط)
احتفت بعض الأعمال بمراقبة عناصر الطبيعة وتحولاتها بصورة مجردة (الشرق الأوسط)
TT

عرض «خبيئة نادرة» من مقتنيات متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية

احتفت بعض الأعمال بمراقبة عناصر الطبيعة وتحولاتها بصورة مجردة (الشرق الأوسط)
احتفت بعض الأعمال بمراقبة عناصر الطبيعة وتحولاتها بصورة مجردة (الشرق الأوسط)

كشف «متحف الفنون الجميلة» في الإسكندرية خبيئة جديدة من مقتنياته الفنية «النادرة»، عبر معرض جديد بعنوان «المنظر الطبيعي من الكلاسيكية إلى التجريدية»، يضم 34 لوحة تُعرَض للمرة الأولى منذ إنشائه في عام 1906.

وتمثل الأعمال جانباً مهماً من مجموعات متحفية تحوي أعمالاً «نادرة» تعود إلى الفترة من القرن الخامس عشر وحتى القرن العشرين، لتشكيليين من جنسيات مختلفة، ينتمون إلى مدارس فنية متعددة، تجسد جميعها إبداعات في مجال المنظر الطبيعي، فيما يُعدّ إطلالة عالمية ثرية على هذا الفن، وفق الدكتور علي سعيد، مدير المتحف، الذي يقول، لـ«الشرق الأوسط»: «تتوافق فكرة المعرض مع اتجاه المجلس الدولي للمتاحف (ICOM)، في الفترة الأخيرة، إلى تعزيز مبدأ الاستدامة بمجالاته المتعددة، والعودة إلى الطبيعة، انطلاقاً مع احترام المسؤولية المجتمعية في مواجهة الاحتباس الحراري، على أثر ظاهرة تغير المناخ».

لوحة للفنان فيرجيه ساراه بعنوان «على طريق صفصا» بألوان مائية مجموعة محمد محمود خليل (الشرق الأوسط)

ويتابع: «تعود مجموعة الأعمال إلى مقتنيات أحد محبِّي الفنون الجميلة، الألماني السكندري إدوارد فريدهايم، الذي كان قد أهدى ثروته من اللوحات إلى بلدية الإسكندرية، في بداية القرن الماضي؛ وذلك بهدف إنشاء متحف للفنون في المدينة، وهي اللوحات التي جمعها، خلال سفرياته المختلفة للخارج»، مضيفاً «ومن ثَمّ توالت الإهداءات للمتحف خلال الحقب الزمنية المختلفة، وكان أبرزها الأعمال التي قدَّمها الوزير ورئيس مجلس الشيوخ المصري الأسبق محمد محمود خليل، في الثلاثينات من القرن العشرين، حين كان مولَعاً بالفن والثقافة، فضلاً عن مجموعة من الأعيان والشخصيات العامة».

ويبرز المعرض، المستمر حتى 15 يونيو (حزيران) الحالي، إلى أي مدى مثَّلت الطبيعة منبعاً لإبداعات الفنانين العالميين، منذ ولادة فن المنظر الطبيعي بعد مرحلة عصر النهضة؛ فسمحت الأجواء العامة بتأمل عناصر الطبيعة وتحولاتها، فجاءت أعمالهم من المناظر الخلابة بحساسية مميزة، وتركيز على لعبة الضوء والظل، كما تمتّع بعضها بأجواء درامية مؤثرة.

لوحة «الصيادون» (الشرق الأوسط)

ويضم المعرض أعمالاً للفنان الفرنسي نيكولا بوسين (1594 - 1665)، الذي يُعدّ أحد كبار فناني فرنسا وأوروبا، وصاحب التأثير الكبير على فن الرسم، في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وتتمتع أعماله بالشاعرية الساحرة، ووضوح التكوينات المحملة بالعاطفة، إضافة إلى رصانة ألوانها الزيتية، وهو ما يبرز في لوحته «الصيادون» في المعرض.

وتقدِّم لوحات الفنان الهولندي جاكوب فان روسيدل (1628 - 1682)، منظوراً مرتفعاً للطبيعة، وقدرة فريدة على إيجاد حالة من الدراما، من خلال المشاهد البانورامية الطبيعية المليئة بالتفاصيل، كما يضم المعرض مجموعة أخرى من الأعمال لفنانين آخرين يُعرَف عنهم مساهمتهم في تطوير هذا الفن، ومنهم فيفيامو كوتاجورا، وبول ريتشارد ولوحته «الريف المصري»، ولوحة «مراكب» للفنان الفرنسي جان دوكاس، و«على طريق صفصا» لفيرجيه ساراه، وفيلا ريما برودس، فضلاً عن لوحات لفنانين مصريين؛ منهم مصطفى كامل، وحسين محمد فوزي.

التركيز على لعبة الضوء والظل والأجواء الدرامية في بعض لوحات المنظر الطبيعي (الشرق الأوسط)

ويمثل الحدث جزءاً من سياسة «متحف الفنون الجميلة»، وفقاً لمديره، الذي يوضحها قائلاً: «نحرص على تقديم مقتنيات المتحف، للجمهور وفق برنامج فني مُعدّ مسبقاً يتضمن مفاهيم محددة؛ ويكون ذلك بهدف خروج الأعمال من المخازن إلى قاعات العرض، ليتواصل معها المتلقي». ويتابع «في هذا المعرض نعرّف الزائرين بالمنظر الطبيعي وفنانيه الذين برعوا في معالجة عناصره؛ من سماء وجبال وأشجار وأنهار وبحار ونبات وغيوم، فضلاً عن مشاهد رائعة من الريف بأماكن مختلفة من العالم، سيما أن المتحف يمتلك أعمالاً نادرة في هذا المجال، وفي حالة جيدة جداً لم تتطلب سوى ترميمات بسيطة».

اللون البني ساد مراحل زمنية طويلة في تاريخ هذا الفن (الشرق الأوسط)

وتعكس أعمال هؤلاء الفنانين جهودهم في ترسيخ جماليات اللوحات البصرية، وتعميق أفكارها، وقد شكّلت أعمالهم جانباً من تاريخ فن المنظر الطبيعي الذي يُعدّ بدوره المصدر الرئيس لمرحلةِ ما بعد الانطباعية، والمنطلق لكثير من فناني القرن العشرين المهتمّين بالتجريد، إذ جسّد هذا الفن نبعاً لأعمالهم المختلفة، وفقاً لسعيد.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق مدخل جناح نهاد السعيد الجديد الملاصق للمتحف الوطني (جناح نهاد السعيد للثقافة)

جناح جديد لـدعم «المتحف الوطني اللبناني»

أراد القيّمون على جناح «نهاد السعيد للثقافة»، الجناح الجديد للمتحف الوطني اللبناني، أن يكون وجوده دعماً للتراث الذي يتعرّض اليوم للقصف والخراب.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق لوحة تشير لمتحف الفنان نبيل درويش (إدارة المتحف)

أزمة هدم متحف الخزاف المصري نبيل درويش تتجدد

تجددت أزمة متحف الخزاف المصري نبيل درويش (1936 – 2002) الصادر قرار بهدمه؛ لدخوله ضمن أعمال توسعة محور المريوطية بالجيزة (غرب القاهرة).

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق عائشة القذافي ابنة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي تعرض أعمالها الفنية الجديدة المخصصة لأخيها وأبيها القتيلين خلال معرض «ابنة ليبيا» في متحف الشرق بموسكو17 أكتوبر 2024

«ابنة ليبيا»: معرض لعائشة القذافي في موسكو تمجيداً لذكرى والدها

افتتحت عائشة القذافي، ابنة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، معرضاً فنياً في موسكو خصصته لتخليد ذكرى والدها، الذي حكم ليبيا لأكثر من أربعة عقود.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
يوميات الشرق حساء الطماطم على لوحة «زهور عباد الشمس» لفان جوخ (غيتي)

نفد الصبر... «ناشونال غاليري» يضاعف إجراءاته الأمنية ضد محتجي المناخ

على مر الزمن كانت حركات الاحتجاج تلجأ إلى وسائل مستفزة وصادمة مثل إيقاف المرور في الطرق السريعة، أو استخدام الصمغ لإلصاق الأيدي بالحواجز وواجهات المحال…

عبير مشخص (لندن)

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير يتفاعل مع روح المدينة القديمة

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)
ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)
TT

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير يتفاعل مع روح المدينة القديمة

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)
ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)

مع انطلاق فعاليات الدورة الـ17 من «ملتقى الأقصر الدولي للتصوير» في مصر، الاثنين، بدأ الفنانون المشاركون في التفاعل مع فضاء مدينة الأقصر (جنوب مصر) بحضارتها العريقة وطبيعتها المُشمسة، استعداداً للبدء في تنفيذ أعمالهم من وحي روح المدينة القديمة.

الملتقى الذي يقام تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية وينظمه صندوق التنمية الثقافية، يواصل أعماله حتى السابع من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

ويقول الفنان المصري ياسر جعيصة، القوميسير العام للملتقى، إن «دورة هذا العام يشارك فيها 25 فناناً من مصر ومختلف دول العالم، منهم فنانون من سوريا، والأردن، والسودان، وقطر، واليمن، والولايات المتحدة، والهند، وبلغاريا، وروسيا، وألبانيا، وبولندا، والسنغال».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لم يتم تحديد ثيمة معينة ليعمل عليها الفنانون المشاركون في الملتقى؛ إذ نهدف إلى أن يلتقط كل فنان روح مدينة الأقصر بأسلوبه الفني الخاص وأسلوبه في التفاعل معها بشكل حُر، دون تقيّد بثيمة أو زاوية مُحددة، سواء كان التفاعل بطبيعتها، أو بوجهها الأثري، أو الخروج بانفعال فني ذاتي، وهذا يمنح للأعمال فرصة الخروج بصورة أكثر تنوعاً كنتاج للملتقى».

ويتابع: «بالإضافة إلى ذلك، فهناك اهتمام هذا العام بخلق حوار مع مجتمع مدينة الأقصر، عبر تنظيم أكثر من فعالية وورش عمل بين الفنانين والأطفال والأهالي لخلق حالة أكبر من التفاعل الفني».

عدد من الفنانين المشاركين في ملتقى الأقصر للتصوير (قوميسير الملتقى)

ومع اليوم الأول لانطلاق الملتقى بدأ الفنانون في الاندماج مع المدينة من خلال ورش عمل متخصصة، منها ورشة للفنان الهندي هارش أجراول الذي نظم ورشة عمل باستخدام خامة «الأكواريل» المعروف بتميزه في التعامل معها فنياً، وهي ورشة استقبلت عدداً من طلاب كلية الفنون الجميلة من قسم التصوير بالأقصر الذين سيحضرون على مدار أيام الملتقى للتفاعل مع الفنانين بشكل مباشر والاستفادة من خبراتهم الفنية، وفق القوميسير.

ويعتبر الدكتور وليد قانوش، رئيس قطاع الفنون التشكيلية في مصر، عضو اللجنة العليا للملتقى، أن «ثمة تغييرات تم استحداثها في برنامج الملتقى للخروج بنسخة مميزة لدورة هذا العام»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «توفير أفضل الظروف للفنانين من خامات، وإطالة مدة الجولات الفنية الخارجية داخل المدينة، والرسم في المواقع المفتوحة والأثرية... كان من أبرز الأفكار والموضوعات التي يسعى لتفعيلها قوميسير الملتقى ياسر جعيصة خلال تلك الدورة، في محاولة أن تخرج أعمال الملتقى أكثر انسجاماً وتعبيراً عن روح مدينة الأقصر».

ومن المنتظر أن تُعرض أعمال الملتقى في اليوم الختامي بمحافظة الأقصر، على أن يتم تنظيم عرض خاص آخر لها بالقاهرة مطلع العام المقبل.

ويرى الفنان طارق الكومي، نقيب الفنانين التشكيليين بمصر، عضو اللجنة العليا للملتقى، أن «ملتقى الأقصر مناسبة لتبادل الخبرات بين الجنسيات والأجيال المختلفة، وكذلك مناسبة لتقديم حدث تشكيلي مميز للمجتمع الأقصري وزوار المدينة، واستلهام الفنانين لعالم فني مُغاير يستفيد من عناصر مدينة الأقصر وتاريخها العريق»، وفق تصريحاته لـ«الشرق الأوسط».

وتعد مدينة الأقصر من أبرز الوجهات السياحية العالمية التي تضم مواقع أثرية وثقافية بارزة منها: معبد الأقصر، ومعبد الكرنك، ومقابر وادي الملوك، ووادي الملكات.