البطولة النسائية... موضة عابرة أم استثمار طويل الأمد؟

كاتبة «للموت» نَدين جابر: كان يجب أن نمنح المرأة صدارة الدراما منذ زمن

البطولة النسائية... موضة عابرة أم استثمار طويل الأمد؟
TT

البطولة النسائية... موضة عابرة أم استثمار طويل الأمد؟

البطولة النسائية... موضة عابرة أم استثمار طويل الأمد؟

خلال السنوات القليلة الماضية تحوّلت البطولة النسائية في الدراما العربية، إلى ما يُشبه الموضة. داخل الموسم التلفزيوني الرمضاني وخارجه، باتت الحكايات التي تتمحور حول سيدات هي الطاغية على سواها؛ أكان في الدراما أم في الكوميديا، أو حتى في التشويق.

تراجَع حضور الذكور على الشاشة لصالح الإناث، وليست مسلسلاتٌ مثل «تحت الوصاية»، و«للموت»، و«حضرة العمدة» وغيرها، سوى دليل على هذا الواقع الدرامي المستجدّ.

لا تُنكر كاتبة «للموت» نَدين جابر في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن «المساحة الممنوحة لحكايات النساء اتّسعت مؤخراً في الدراما العربية». هذا عموماً، أما على صعيد قلمها فهي تكشف أنها عندما راودتها فكرة المسلسل عام 2016، تساءلت: «لماذا يجب أن تكون المرأة دائماً شخصية مسانِدة أو مكمّلة للرجل؟ لماذا لا تتشارك البطولة مع نساء أخريات، وليس مع رجل كما جرت العادة؟».

في «للموت» وسواه من مسلسلاتها، ركّزت نَدين جابر على الشخصيات النسائية (الشرق الأوسط)

المرأة تكتب عن المرأة

يبدو أن السؤال الذي راود نَدين جابر، طرحه كذلك كتّابٌ ومنتجون كثُر على أنفسهم؛ فكانت النتيجة عشرات المسلسلات حيث البطولة نسائية. لم يقتصر الأمر على الحكايات المستوحاة من قضايا إنسانية وحقوقية واجتماعية، كما في «تحت الوصاية» و«لعبة نيوتن» مع منى زكي، و«فاتن أمل حربي» و«عملة نادرة» مع نيللي كريم، و«بطلوع الروح» مع إلهام شاهين ومنّة شلبي. فقد انسحبت البطولة النسائية المطلقة على الكوميديا كذلك، من خلال أعمال مثل «البحث عن عُلا» مع هند صبري، و«صالون زهرة» مع نادين نجيم، و«كامل العدد» مع دينا الشربيني، و«شغل عالي» مع فيفي عبده وشيرين رضا.

للممثلات البطلات حصّـتهن كذلك في مسلسلات الجريمة والتشويق، مثل «اختطاف» مع إلهام علي، وثلاثية «للموت» حيث كرّست ماغي بو غصن ودانييلا رحمة مفهوم البطولة النسائية المشتركة. توضح الكاتبة نَدين جابر في هذا السياق أنها تمرّدت على نفسها عندما بدأت تسكب فكرة المسلسل على الورق. تضيف: «تعمّدت منح الممثلة المرأة المساحة الكافية لتقول ما تريد».

منذ انطلاقتها في الكتابة الدرامية، حرصت نَدين جابر على رفع صوت النساء وتمييزهنّ كما كانت الحال في مسلسلات مثل «قصة حب»، و«بلحظة»، و«عشرين عشرين»، و«صالون زهرة». يبدو لها الأمر بديهياً: «مَن أفضل من المرأة ليكتب عن المرأة؟ أفهمها. هي أنا وأنا هي. أوجاعنا ومشاكلنا مشتركة»، تقول نَدين جابر.

تتجنّب الكاتبة اللبنانية توصيف البطولة النسائية بأنها موضة رائجة، بل تراها ضرورة فتقول: «من الواضح أن الانطلاقة كانت في مصر ووصلت متأخرةً إلى الدراما اللبنانية – السورية المشتركة. كان يجب أن نمنح المرأة صدارة الدراما منذ زمن». وتذكّر هنا بممثلات رائدات وضعن حجر الأساس للبطولات النسائية مثل فاتن حمامة، وليلى علوي، ويسرا.

البطولة النسائية الهادفة

الصورة الدرامية الأنثوية التي كان متعارفاً عليها في الماضي القريب، هي صورة الفتاة الجميلة والأنيقة حيث كانت تكتفي الممثلة بمساندة البطل والوقوع في حبّه. أما حالياً، فقد تحطّم هذا النموذج أو على الأقل، فإنه ما عاد رائجاً. البطلات في الدراما هنّ سيدات مستقلّات وقويّات وصاحبات رسائل وقضايا، وحتى في الشكل فهنّ تخفّفن من التبرّج وتعمّدن الظهور على طبيعتهنّ وبأقلّ قدر ممكن من الأناقة.

تتحدّث نَدين جابر عن البطولة النسائية الهادفة، التي «تحمل فيها الشخصية على ظهرها رسائل اجتماعية ومشاكل تعانيها النساء». حتى في البطولات المشتركة بين امرأة ورجل، باتت للأنثى فرادتها وخطّها الدرامي المستقل، وفق الكاتبة.

نادين نجيم في مسلسل «صالون زهرة» (إنستغرام)

ليست الرسالة التي تحملها البطلة منبثقة بالضرورة عن قضية واقعية، كما حصل في «فاتن أمل حربي» و«تحت الوصاية» وغيرها من المسلسلات الاجتماعية. ففي رأي نَدين جابر: «الدراما ليست واقعاً مائة بالمائة، بل غالباً ما تكون خيالاً وحدّوتة». وتضيف: «نحن لا نصنع (وثائقياً)، بل نمرر رسائلنا الواقعية ضمن حبكة دراميّة، كما حصل في (للموت)».

حمّلت نَدين جابر شخصيتَي سحر وريم رسائل عدّة، كقضية أطفال الشوارع، وتزويج القاصرات، والاغتصاب الزوجي. لا تُنكر مؤلّفة العمل أن «المبالغة هي سيدة الموقف في هذا المسلسل، فهذه هي لعبة الدراما ومن المشروع تضخيم الأحداث والشخصيات». أما التوظيف الزائد لصورة المرأة العنيفة والمثيرة، بما في ذلك من استعراض للقوة البدنية وللألفاظ غير اللائقة، فتفسّره نَدين جابر على أنه انعكاس لنماذج حقيقية مستوحاة من الحياة اليومية. توضح قائلةً: «يمكن إيجاد شخصيات شبيهة بسحر وريم في الواقع وليس على الشاشة فحسب، مثل النساء اللواتي يصطدن رجالاً أثرياء لاستغلالهم مادياً».

البطولة النسائية ترفع نسبة المشاهَدة

لا تلقى البطولات النسائية رواجاً في الدراما العربية حصراً، فهوليوود وأوروبا كانتا في طليعة مَن وضع المرأة في صدارة المسلسلات. ووفق الأرقام، فإن نسبة الشخصيات النسائية في المسلسلات الأميركية ارتفعت من 36 في المائة في 2018 إلى 50 بالمائة عام 2021.

هوليوود وأوروبا في طليعة مَن منح النساء بطولة المسلسلات

لم يأتِ اهتمام الجهات الإنتاجية بالبطولة النسائية من عدم، بل ارتكز إلى قاعدة «الجمهور عايز كده». خلال السنوات القليلة الماضية، اتّضح أن المشاهدين في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية يفضّلون المسلسلات حيث البطولة للنساء، أكان في الكوميديا أم في الخيال العلمي أو التشويق. أما الدراما فغالبيّة مشاهديها من الإناث، اللواتي يتماهين مع البطلات ومع قصصهنّ ومع القضايا التي يحملنها.

تَبيّنَ أن صورة البطلة الجميلة ما عادت تكفي القاعدة الجماهيرية، والدليل على ذلك نجاح مسلسلات مثل «Scandal»، و«Inventing Anna»، و«Maid»، و«The Crown»، و«The Queen’s Gambit»... هذا لا يعني أن البطلات في تلك المسلسلات لا يتمتّعن بمواصفات جماليّة كافية، لكنّ حكاياتهنّ تتفوّق على أشكالهنّ، وقوّتهنّ الحقيقية تكمن داخل رؤوسهنّ وليس فوق وجوههنّ.


مقالات ذات صلة

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

يوميات الشرق شخصية (برّاك) التي يقدمها كاكولي في المسلسل مليئة بالعقد النفسية (إنستغرام الفنان)

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

المسلسل الذي بدأ عرضه الخميس الماضي على منصة «شاهد»، يُظهر أنه لا هروب من الماضي؛ إذ تحاول هند تجاوز الليالي الحمراء التي شكّلت ماضيها.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق مشهد يُشارك فيه فغالي ضمن مسلسل «البيت الملعون» (صور الفنان)

عماد فغالي لـ«الشرق الأوسط»: لم أحقّق طموحي الكبير في عالم التمثيل

يتساءل اللبناني عماد فغالي، أسوةً بغيره من الممثلين، عن الخطوة التالية بعد تقديم عمل. من هذا المنطلق، يختار أعماله بدقة، ولا يكرّر أدواره باحثاً عن التجديد.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أحمد حاتم في لقطة من مسلسل «عمر أفندي» (صفحة شاهد بـ«فيسبوك»)

«عمر أفندي»... دراما مصرية تستدعي الماضي

حظيت الحلقة الأولى من المسلسل المصري «عمر أفندي» بتفاعل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدرت «الترند» صباح الاثنين على «غوغل».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق أطلقت علامة تجارية لتصميم الأزياء خاصة بها (صور باتريسيا داغر)

باتريسيا داغر لـ«الشرق الأوسط»: أرفضُ كوميديا لا تفي موضوعاتها بالمستوى

بالنسبة إلى الممثلة اللبنانية باتريسيا داغر، الأفضل أن تجتهد وتحفر في الصخر على أن تزحف وتقرع الأبواب من دون جدوى.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق هند وإياد في مشهد يؤكد تباعدهما (شاهد)

نهاية مفتوحة لـ«مفترق طرق» تُمهد لموسم ثانٍ

أثارت نهاية حلقات مسلسل «مفترق طرق» ردود أفعال متباينة من جمهور «السوشيال ميديا» في مصر، حيث وصفها البعض بأنها «صادمة».

انتصار دردير (القاهرة )

بطاقة بريدية وصلت بعد مرور 121 عاماً أعادت لمّ شمل عائلة

البطاقة البريدية موجهة إلى الآنسة ليديا ديفيس (SWNS)
البطاقة البريدية موجهة إلى الآنسة ليديا ديفيس (SWNS)
TT

بطاقة بريدية وصلت بعد مرور 121 عاماً أعادت لمّ شمل عائلة

البطاقة البريدية موجهة إلى الآنسة ليديا ديفيس (SWNS)
البطاقة البريدية موجهة إلى الآنسة ليديا ديفيس (SWNS)

وصلت البطاقة البريدية، التي تحمل تاريخ 3 أغسطس (آب) 1903، إلى مقر جمعية «سوانسي للبناء» في ويلز البريطانية في 16 أغسطس 2024، وكانت موجهة إلى الآنسة ليديا ديفيس، التي كانت تعيش في السابق في مقر المكتب الرئيسي للجمعية.

يذكر أن البطاقة التي كتبها صبي يُدعى إيوارت، إلى شقيقته، وصلت متأخرة 121 عامًا. وبعد نشر القصة، تعرفت عائلتان على بعضهما، بعد أن اكتشفتا صلة القرابة بينهما، وفق صحيفة «ميترو» اللندنية.

والتقى عدد من أحفاد ليديا وإيوارت للمرة الأولى في مقر أرشيف غرب غلامورغان. وانضم إلى نيك ديفيس، حفيد إيوارت، أبناء إخوة ليديا، وهما هيلين روبرتس، ومارغريت سبونر، إضافة إلى فيث رينولدز، حفيدة ليديا.

وشعر الأقارب، الذين سافروا من أجزاء مختلفة من المملكة المتحدة، بحماسة شديدة للقاء بعضهم واكتشاف أسلافهم المشتركين.

ووصف نيك، البالغ من العمر 65 عاماً من غرب ساسكس، التجربة بـ«الاستثنائية». وقال: «إنها بمثابة لمّ شمل العائلة، التي تتمثل فيها الرابطة الوحيدة في سلف مشترك عاش منذ أكثر من مائة عام».

وكان قد أرسل إيوارت، الذي كان في الثالثة عشرة من عمره وقت كتابة البطاقة، ويقضي عطلة الصيف في منزل جده الأكبر في بلدة فيشغارد، البطاقة إلى شقيقته، التي كانت معروفة بجمعها البطاقات البريدية. وتتضمن البطاقة رسالة يعتذر فيها عن عدم القدرة على «إحضار اثنتين من هذه»، وقد فسرتها العائلة بأنها تشير إلى اثنتين من البطاقات البريدية.

كذلك ذكر إيوارت في البطاقة أنه كان بحوزته نحو 10 شلنات، مشيراً إلى أنها «مصروف جيب، دون احتساب أجرة القطار، لذا أنا على ما يرام».

وكان إيوارت وليديا من بين 6 أطفال ولدوا لجون إف. ديفيس، وماريا ديفيس، وكان والدهما يدير متجر حياكة في 11 شارع كرادوك.