زفاف على الطريقة الأردنية للأميرين حسين ورجوة

عرس ملكي يشغل الشعب والعالم

العروسان يحييان الجماهير المحتشدة في شوارع عمان (رويترز)
العروسان يحييان الجماهير المحتشدة في شوارع عمان (رويترز)
TT

زفاف على الطريقة الأردنية للأميرين حسين ورجوة

العروسان يحييان الجماهير المحتشدة في شوارع عمان (رويترز)
العروسان يحييان الجماهير المحتشدة في شوارع عمان (رويترز)

بمزيج من العراقة والأصالة والبساطة احتفل الأردنيون بزفاف الأمير الحسين بن عبد الله الثاني والأميرة رجوة الحسين ابنة خالد السيف، فبينما انطلقت مسيرة موكب الفرح في الشوارع المؤدية لقصر زهران برمزيته وتاريخه وقصر الحسينية بدلالاته وأهميته، انتشر مواطنون يحملون الأعلام لتحية العروسين والمباركة.

وأنعم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على الآنسة رجوة بنت خالد آل سيف بلقب «صاحبة السمو الملكي الأميرة رجوةُ الحسين المعظمة»، بمناسبة عقد قرانها على الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ولي العهد.

وحضر الحفل الأمير الحسن بن طلال الذي كان شاهدا على عقد القران، برفقة الأمير هاشم بن عبد الله الثاني، والأمراء فيصل وعلي وهاشم أبناء الحسين، والأميرين طلال وغازي ابني محمد، والأمير راشد بن الحسن، وقام بإتمام عقد القران إمام الحضرة الملكية الشيخ أحمد الخلايلة.

العروس توقع على عقد الزواج (رويترز)

كما حضر عقد القران الأميرة منى الحسين، والأميرة بسمة بنت طلال، والأميرة إيمان بنت عبد الله الثاني، والأميرة سلمى بنت عبد الله الثاني، والأميرات عالية وعائشة وزين وراية بنات الحسين، والأميرة ثروت الحسن، والأميرات رحمة وسمية وبديعة بنات الحسن، والأميرة زينا الفيصل، والأميرة ريم علي، والأميرة فهدة هاشم، والأميرة غيداء طلال، والأميرة مريم غازي، والأميرة زينة راشد، والأميرة تغريد محمد، و الأميرة فريال. إلى جانب والدي الأميرة رجوة الحسين وأفراد من عائلة السيف، والضيوف المدعوين من قادة دول وأولياء عهد وشخصيات من دول شقيقة.

جماهير المحتفلين

بعد عقد القران خرج موكب العروسين من القصر تتقدمه تشكيلات من القوات المسلحة رسمت ألوان العلم الأردني بلباسهم المنظم، وانطلق الموكب الأحمر بين المواطنين الذين احتشدوا للتحية عن قرب من موكب الأميرين.

وحيّا العروسان المصطفين للتهنئة على طول الشارع الرئيسي الممتد من منطقة الدوار الرابع مرورا بالدوار الخامس والسادس والسابع والثامن منعطفا نحو شارع المدينة الطبية وصولا إلى منطقة دابوق حيث قصر الحسينية الذي خصص لحفل الاستقبال.

استقل العروسان في موكب الزفاف سيارة من طراز رينج روفر موديل 1984، وهي السيارة نفسها التي تم تخصيصها للراحلة الملكة إليزابيث خلال زيارتها للأردن في ذلك الوقت. واستخدمها الراحل الملك الحسين، والملكة إليزابيث حينها في زيارة للبترا ومواقع أخرى في جنوب الأردن. كما رافقت الموكب الأحمر على مدى الطريق بين القصرين طائرات سلاح الجو التي نفذت تشكيلات مختلفة بدلالات عسكرية.

الحسين ورجوة في الموكب الرسمي (رويترز)

ووصلت الأميرة رجوة إلى قصر زهران على متن سيارة «رولز رويس فانتوم» موديل عام 1968، وهي السيارة التي صنعت خصيصا للملكة الراحلة زين الشرف (جدة الملك عبد الله الثاني ووالدة الراحل الملك حسين)، ويتم استخدامها في مناسبات رسمية فركبها الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبد الله خلال حفل عيد الاستقلال، وخلال الزيارة الأخيرة للملك تشارلز الثالث (الأمير حينها) إلى الأردن.

ارتدى ولي العهد الأمير الحسين بذلة تشبه تلك التي ارتداها والده الملك عبد الله الثاني في حفل زفافه عام (1993).

ولدى وصول العروسين إلى قصر الحسينية استقبلتهما تشكيلات عسكرية من قوات البادية وأخرى من فرق تابعة للقوات المسلحة، وتقدمت فرق الخيالة مركبة العروسين، قبل أن تصل إلى موقع حفل الاستقبال.

احتفالات أردنية في المحافظات

واحتفل الأردنيون في مختلف مناطق المملكة بحلقات الدبكة والسامر والهجيني، على وقع أغاني من الفلكلور والتراث المحلي، كما أقام ممثلون عن العشائر الأردنية مآدب الطعام فرحا بالمناسبة.

ونصبت شاشات عرض كبيرة في شوارع عمان بين قصري زهران والحسينية، واكتظت مناطق العرض بالمتابعين الذين رفعوا صوت الأغاني الوطنية، والأغاني التي أعدت بمناسبة عرس ولي عهد البلاد.

ومباشرة بعد وصول موكب زفاف الأميرين إلى مقر الحفل الرئيسي في قصر الحسينية، خرجت مواكب سيارات حملت صور الأميرين والأعلام الأردنية والسعودية على وقع أغاني الفرح والهتافات المباركة لهما.

وصاحبت وصول العروسين أهازيج تراثية على وقع الطبول وموسيقى القرب. توجه بعدها العروسان عبر قوس السيوف إلى ساحة الاستقبال في الهواء الطلق على أنغام زفة عسكرية تؤديها فرقة القوات المسلحة الأردنية. انضم إليهما الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبد الله ووالدا العروس لتحية أكثر من 1700 ضيف من الحضور. ولتستمر الأمسية مع مجموعة متنوعة من العروض لفنانين وموسيقيين محليين، وفرق فلكلورية.

الأمير الحسين والأميرة رجوة مع الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا ووالدي العروس (رويترز)

يشار إلى أن حملة السيوف من التقاليد المستخدمة في المملكة الأردنية الهاشمية وفي بعض دول العالم، واستخدم هذا التقليد في زفاف الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبد الله عام 1993، واستمر استخدامه في حفلات زفاف الأمراء. ويتمثل باصطفاف عدد من ضباط وحدات وتشكيلات القوات المسلحة الأردنية باللباس «الدركي» بشكل متقابل، بحيث تشكل السيوف قوسا لمرور العروسين للدلالة على حياة آمنة ومستقرة للعروسين.

وانتهت احتفالات المملكة الخميس بإقامة مأدبة الزفاف في القصر بعد الاستقبال الرئيسي وحضرها أفراد من العائلة المالكة ورؤساء الدول العربية والأجنبية وكبار المسؤولين.

أبرز الحضور من الشخصيات الدولية والعربية

وكان عدد من المسؤولين والقادة من دول شقيقة وصديقة وصلوا إلى العاصمة الأردنية عمّان، لحضور حفل زفاف الأمير الحسين والأميرة رجوة. ومن أبرزهم ملك ماليزيا السلطان عبد الله رعاية الدين المصطفى بالله، ورئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف رشيد وزوجته، وولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح. وولي عهد أبو ظبي خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ونجل سلطان عُمان، ووزير الثقافة والرياضة والشباب في السلطنة ذي يزن بن هيثم آل سعيد.

كما حضر عقد القران في قصر زهران ومراسم الزفاف في قصر الحسينية أمير ويلز الأمير وليام وزوجته الأميرة كيت ميدلتون، والسيدة الأولى للولايات المتحدة الأميركية جيل بايدن زوجة الرئيس جو بايدن، ووزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اللورد طارق أحمد وزوجته.

الأمير ويليام ولي عهد بريطانيا وزوجته كيت يهنئان العروسين (رويترز)

كما حضر الحفل والدة أمير قطر الشيخة موزا بنت ناصر، ونجل ولي العهد البحريني الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة، رئيس ديوان ولي عهد البحرين الشيخ سلمان بن أحمد آل خليفة، ورئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي. وحرم الرئيس المصري السيدة انتصار السيسي وابنتها آية السيسي، ورئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، والمبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للمناخ جون كيري. بالإضافة إلى ملك هولندا الملك فيليم ألكساندر، وعقيلته ماكسيما وصاحبة السمو الملكي كاترينا أماليا، وملك بلجيكا فيليب والأميرة إليزابيث، ووريثة عرش السويد الأميرة فيكتوريا وزوجها الأمير دانيال، والأميرة اليابانية هيساكو من تاكامادو وابنتها الكبرى الأميرة تسوجوكو، وولي عهد النرويج الأمير هاكون، والرئيس الرواندي بول كاغامي، ووزير الخارجية الباكستاني بلاول بوتو زرداري، وولي العهد الدنماركي فريدريك هنريك أندريه كريستيان وزوجته، والابن الأصغر لدوق لوكسمبورغ الأكبر الأمير سباستيان وهنري والدوقة ماريا تيريزا، والوصية على عرش رومانيا مارغرينا وزوجها الأمير رادو.



3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
TT

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)
في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

كل 10 دقائق تُقتل امرأةٌ عمداً في هذا العالم، على يد شريكها أو أحد أفراد عائلتها. هذا ليس عنواناً جذّاباً لمسلسل جريمة على «نتفليكس»، بل هي أرقام عام 2023، التي نشرتها «هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة» عشيّة اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يحلّ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام.

ليس هذا تاريخاً للاحتفال، إنما للتذكير بأنّ ثلثَ نساء العالم يتعرّضن للعنف الجسدي، على الأقل مرة واحدة خلال حياتهنّ، وذلك دائماً وفق أرقام الهيئة الأمميّة. وفي 2023، قضت 51100 امرأة جرّاء التعنيف من قبل زوجٍ أو أبٍ أو شقيق.

كل 10 دقائق تُقتَل امرأة على يد شريكها أو فرد من عائلتها (الأمم المتحدة)

«نانسي» تخلّت عن كل شيء واختارت نفسها

من بين المعنَّفات مَن نجونَ ليشهدن الحياة وليروين الحكاية. من داخل الملجأ الخاص بمنظّمة «أبعاد» اللبنانية والحاملة لواء حماية النساء من العنف، تفتح كلٌ من «نانسي» و«سهى» و«هناء» قلوبهنّ المجروحة لـ«الشرق الأوسط». يُخفين وجوههنّ وأسماءهنّ الحقيقية، خوفاً من أن يسهل على أزواجهنّ المعنّفين العثور عليهنّ.

جسدُ «نانسي» الذي اعتادَ الضرب منذ الطفولة على يد الوالد، لم يُشفَ من الكدمات بعد الانتقال إلى البيت الزوجيّ في سن الـ17. «هذا التعنيف المزدوج من أبي ثم من زوجي سرق طفولتي وعُمري وصحّتي»، تقول الشابة التي أمضت 4 سنوات في علاقةٍ لم تَذُق منها أي عسل. «حصل الاعتداء الأول بعد أسبوع من الزواج، واستمرّ بشكلٍ شبه يوميّ ولأي سببٍ تافه»، تتابع «نانسي» التي أوت إلى «أبعاد» قبل سنتَين تقريباً.

تخبر أنّ ضرب زوجها لها تَركّزَ على رأسها ورجلَيها، وهي أُدخلت مرّتَين إلى المستشفى بسبب كثافة التعنيف. كما أنها أجهضت مراتٍ عدة جرّاء الضرب والتعب النفسي والحزن. إلا أن ذلك لم يردعه، بل واصل الاعتداء عليها جسدياً ولفظياً.

غالباً ما يبدأ التعنيف بعد فترة قصيرة من الزواج (أ.ف.ب)

«أريد أن أنجوَ بروحي... أريد أن أعيش»، تلك كانت العبارة التي همست بها «نانسي» لنفسها يوم قررت أن تخرج من البيت إلى غير رجعة. كانا قد تعاركا بشدّة وأعاد الكرّة بضربها وإيلامها، أما هي فكان فقد اختمر في ذهنها وجسدها رفضُ هذا العنف.

تروي كيف أنها في الليلة ذاتها، نظرت حولها إلى الأغراض التي ستتركها خلفها، وقررت أن تتخلّى عن كل شيء وتختار نفسها. «خرجتُ ليلاً هاربةً... ركضت بسرعة جنونيّة من دون أن آخذ معي حتى قطعة ملابس». لم تكن على لائحة مَعارفها في بيروت سوى سيدة مسنّة. اتّصلت بها وأخبرتها أنها هاربة في الشوارع، فوضعتها على اتصالٍ بالمؤسسة التي أوتها.

في ملجأ «أبعاد»، لم تعثر «نانسي» على الأمان فحسب، بل تعلّمت أن تتعامل مع الحياة وأن تضع خطة للمستقبل. هي تمضي أيامها في دراسة اللغة الإنجليزية والكومبيوتر وغير ذلك من مهارات، إلى جانب جلسات العلاج النفسي. أما الأهم، وفق ما تقول، فهو «أنني أحمي نفسي منه حتى وإن حاول العثور عليّ».

تقدّم «أبعاد» المأوى والعلاج النفسي ومجموعة من المهارات للنساء المعنّفات (منظمة أبعاد)

«سهى»... من عنف الأب إلى اعتداءات الزوج

تزوّجت «سهى» في سن الـ15. مثل «نانسي»، ظنّت أنها بذلك ستجد الخلاص من والدٍ معنّف، إلا أنها لاقت المصير ذاته في المنزل الزوجيّ. لم يكَدْ ينقضي بعض شهورٍ على ارتباطها به، حتى انهال زوجها عليها ضرباً. أما السبب فكان اكتشافها أنه يخونها واعتراضها على الأمر.

انضمّ إلى الزوج والدُه وشقيقه، فتناوبَ رجال العائلة على ضرب «سهى» وأولادها. نالت هي النصيب الأكبر من الاعتداءات وأُدخلت المستشفى مراتٍ عدة.

أصعبُ من الضرب والألم، كانت تلك اللحظة التي قررت فيها مغادرة البيت بعد 10 سنوات على زواجها. «كان من الصعب جداً أن أخرج وأترك أولادي خلفي وقد شعرت بالذنب تجاههم، لكنّي وصلت إلى مرحلةٍ لم أعد قادرة فيها على الاحتمال، لا جسدياً ولا نفسياً»، تبوح السيّدة العشرينيّة.

منذ شهرَين، وفي ليلةٍ كان قد خرج فيها الزوج من البيت، هربت «سهى» والدموع تنهمر من عينَيها على أطفالها الثلاثة، الذين تركتهم لمصيرٍ مجهول ولم تعرف عنهم شيئاً منذ ذلك الحين. اليوم، هي تحاول أن تجد طريقاً إليهم بمساعدة «أبعاد»، «الجمعيّة التي تمنحني الأمان والجهوزيّة النفسية كي أكون قوية عندما أخرج من هنا»، على ما تقول.

في اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة تحث الأمم المتحدة على التضامن النسائي لفضح المعنّفين (الأمم المتحدة)

«هناء» هربت مع طفلَيها

بين «هناء» ورفيقتَيها في الملجأ، «نانسي» و«سهى»، فرقٌ كبير؛ أولاً هي لم تتعرّض للعنف في بيت أبيها، ثم إنها تزوّجت في الـ26 وليس في سنٍ مبكرة. لكنّ المشترك بينهنّ، الزوج المعنّف الذي خانها وضربها على مدى 15 سنة. كما شاركت في الضرب ابنتاه من زواجه الأول، واللتان كانتا تعتديان على هناء وطفلَيها حتى في الأماكن العامة.

«اشتدّ عنفه في الفترة الأخيرة وهو كان يتركنا من دون طعام ويغادر البيت»، تروي «هناء». في تلك الآونة، كانت تتلقّى استشاراتٍ نفسية في أحد المستوصفات، وقد أرشدتها المعالجة إلى مؤسسة «أبعاد».

«بعد ليلة عنيفة تعرّضنا فيها للضرب المبرّح، تركت البيت مع ولديّ. لم أكن أريد أن أنقذ نفسي بقدر ما كنت أريد أن أنقذهما». لجأت السيّدة الأربعينية إلى «أبعاد»، وهي رغم تهديدات زوجها ومحاولاته الحثيثة للوصول إليها والطفلَين، تتماسك لتوجّه نصيحة إلى كل امرأة معنّفة: «امشي ولا تنظري خلفك. كلّما سكتّي عن الضرب، كلّما زاد الضرب».

باستطاعة النساء المعنّفات اللاجئات إلى «أبعاد» أن يجلبن أطفالهنّ معهنّ (منظمة أبعاد)

«حتى السلاح لا يعيدها إلى المعنّف»

لا توفّر «أبعاد» طريقةً لتقديم الحماية للنساء اللاجئات إليها. تؤكّد غيدا عناني، مؤسِسة المنظّمة ومديرتها، أن لا شيء يُرغم المرأة على العودة إلى الرجل المعنّف، بعد أن تكون قد أوت إلى «أبعاد». وتضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»: «مهما تكن الضغوط، وحتى تهديد السلاح، لا يجعلنا نعيد السيّدة المعنّفة إلى بيتها رغم إرادتها. أما النزاعات الزوجيّة فتُحلّ لدى الجهات القضائية».

توضح عناني أنّ مراكز «أبعاد»، المفتوحة منها والمغلقة (الملاجئ)، تشرّع أبوابها لخدمة النساء المعنّفات وتقدّم حزمة رعاية شاملة لهنّ؛ من الإرشاد الاجتماعي، إلى الدعم النفسي، وتطوير المهارات من أجل تعزيز فرص العمل، وصولاً إلى خدمات الطب الشرعي، وليس انتهاءً بالإيواء.

كما تصبّ المنظمة تركيزها على ابتكار حلول طويلة الأمد، كالعثور على وظيفة، واستئجار منزل، أو تأسيس عملٍ خاص، وذلك بعد الخروج إلى الحياة من جديد، وفق ما تشرح عناني.

النساء المعنّفات بحاجة إلى خطط طويلة الأمد تساعدهنّ في العودة للحياة الطبيعية (رويترز)

أما أبرز التحديات التي تواجهها المنظّمة حالياً، ومن خلالها النساء عموماً، فهي انعكاسات الحرب الدائرة في لبنان. يحلّ اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في وقتٍ «تتضاعف فيه احتمالات تعرّض النساء للعنف بسبب الاكتظاظ في مراكز إيواء النازحين، وانهيار منظومة المساءلة». وتضيف عناني أنّ «المعتدي يشعر بأنه من الأسهل عليه الاعتداء لأن ما من محاسبة، كما أنه يصعب على النساء الوصول إلى الموارد التي تحميهنّ كالشرطة والجمعيات الأهليّة».

وممّا يزيد من هشاشة أوضاع النساء كذلك، أن الأولويّة لديهنّ تصبح لتخطّي الحرب وليس لتخطّي العنف الذي تتعرّضن له، على غرار ما حصل مع إحدى النازحات من الجنوب اللبناني؛ التي لم تمُت جرّاء غارة إسرائيلية، بل قضت برصاصة في الرأس وجّهها إليها زوجها.