«شوغر دادي»... معالجة متسرّعة لحبكة تقليدية

الفيلم المصري لم يخلُ من الأخطاء والتناقضات

بيومي فؤاد وليلى علوي في لقطة من الفيلم (الشرق الأوسط)
بيومي فؤاد وليلى علوي في لقطة من الفيلم (الشرق الأوسط)
TT

«شوغر دادي»... معالجة متسرّعة لحبكة تقليدية

بيومي فؤاد وليلى علوي في لقطة من الفيلم (الشرق الأوسط)
بيومي فؤاد وليلى علوي في لقطة من الفيلم (الشرق الأوسط)

يشكّل الرقص والغناء محرّكين أساسيَيْن في فيلم «شوغر دادي» المعروض حالياً بالصالات السينمائية في القاهرة والمحافظات، ضمن موسم الصيف، مستميلاً جمهوراً يبحث عن الترفيه والضحك خارج قضايا كبرى أو إشكاليات تتطلّب مجهوداً.

وتشير عبارة «شوغر دادي» (sugar daddy)، إلى علاقة غير رسمية بين رجل غالباً ما يكون في خريف العمر، ناجحاً وثرياً؛ وفتاة تصغره سناً، قوامها تبادل المنفعة.

ورغم تفاوت انتشار هذه الظاهرة في المجتمعات العربية، فإنّ تداول العبارة عبر مواقع التواصل، جعل، كما يبدو، صنّاع الفيلم يختارون هذا الاسم، وإن لم يعبّر تماماً عن فكرة العمل وأحداثه.

الحبكة تقليدية قديمة، تتمثل في وجود أب (بيومي فؤاد) يعاني أزمة منتصف العمر وتظهر عليه أعراض المراهقة المتأخرة، فيسعى إلى جذب اهتمام النساء، مُتعمّداً الظهور أصغر سناً.

يشكو الأب من جفاف حياته العاطفية وإهمال زوجته (ليلى علوي) له، لانغماسها في عملها، فيقرر الزواج من فتاة تصغرها سناً. هنا، يعترض الابنان (حمدي الميرغني ومصطفى غريب) لعمل العروس في الرقص، ويسعيان إلى منع الزواج بأي وسيلة.

لقطة من الفيلم (الشرق الأوسط)

المطاعم والحفلات الراقصة والشواطئ والمدن الساحلية، خلفية بصرية مناسبة لمثل هذه الحبكة خصوصاً مع «ثيمة» الرحلة التي يقوم بها أبطال العمل أثناء قضائهم إجازتهم. ويضفي ظهور الفنانَيْن نانسي عجرم وهشام عباس، ضيفَي شرف من خلال تقديمهما أغنيتين منفصلتين، حيوية على العمل.

وفق نقاد، وقع صنّاع الفيلم في العديد من الأخطاء والتناقضات الفنية، مثل ترحيب الأب بأن ترقص زوجته مع صديق (تامر هجرس)، ثم انفعاله ورفضه الأمر في مشهد آخر. ورغم أنّ الزوج هو الذي يشكو انشغال زوجته عنه، تنقلب القاعدة من دون مبرر درامي في النهاية، فنراها تشكو من عدم اهتمامه بها وانشغاله عنها.

هشام عباس من ضيوف شرف الفيلم (الشرق الأوسط)

ويؤكد الناقد الفني محمد عبد الخالق أنّ «الفيلم يغلب عليه التسرّع والاستسهال والرغبة في تحقيق إيرادات، من دون الاهتمام بتقديم عمل مُحكم»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحبكة لتحتمل الإضحاك عبر كوميديا الموقف القائمة على المفارقة، لكن المعالجة المتسرّعة جعلت صنّاع الفيلم يلجأون إلى (إفيهات) مُفتعلة لم تُضحك الجمهور».

وعن تجربة ليلى علوي، يعلّق: «هي فنانة ذكية وصاحبة تاريخ سينمائي طويل، قدّمت بنضوج دور الأم لفنانَيْن شابَيْن».

يتابع: «(شوغر دادي) هو التجربة الثانية لها مع المخرج محمود كريم والمؤلّف لؤي السيد، بعد فيلم (ماما حامل - 2021)، الذي حقق نجاحاً وردود أفعال جيدة. ويجمع المخرج في هذا الفيلم بين أجيال فنية مختلفة، فنجد بيومي فؤاد وليلى علوي، ومن الجيل الذي يليهما تامر هجرس العائد إلى السينما بعد غياب لنحو خمس سنوات، ومن جيل الشباب حمدي الميرغني ومصطفى غريب، بالإضافة إلى الاستعانة بالراقصة جوهرة، التي تقدّم للمرة الأولى مَشاهد تمثيلية مقنعة».


مقالات ذات صلة

تفاقم الحالة الصحية للسيناريست المصري بشير الديك

يوميات الشرق بشير الديك مع أحمد زكي وحسين فهمي (حسابه على فيسبوك)

تفاقم الحالة الصحية للسيناريست المصري بشير الديك

أثارت دينا ابنة السينارسيت المصري المعروف بشير الديك حالة واسعة من القلق والجدل في الساعات الأخيرة بشأن صحة والدها.

رشا أحمد (القاهرة )
سينما «إلى أرض مجهولة» (إنسايد آوت فيلمز)

اختيار الناقد لأفضل أفلام العام

أعلنت أكاديمية العلوم والفنون السينمائية قبل يومين قائمتها القصيرة لترشيحات «أوسكار» أفضل فيلم روائي ناقلةً البهجة والأمل لبعض المخرجين والخيبة لبعضهم الآخر.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز - كاليفورنيا)
يوميات الشرق سينما «متروبوليس» الجديدة في منطقة مار مخايل (متروبوليس)

سينما «متروبوليس» في حلّة جديدة من منطقة مار مخايل

قبل أيام قليلة أُعلن عن إعادة افتتاح سينما «متروبوليس» في حلّة جديدة... وإدارتها قرّرت إعادة إحيائها في مكان مختلف يقع في شارع مار مخايل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق فيلم «يوم دراسي» ضمن مشروع «المسافة صفر» (الشركة المنتجة)

3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات «الأوسكار»

دخلت 3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها (الأوسكار).

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

خطرت فكرة اعتزال السينما في بال نجم بوليوود، عامر خان، في خضمّ فترة التأمل التي أمضاها خلال جائحة كوفيد-19، لكنّ الممثل والمنتج الهندي بدّل رأيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«المسافر»... رؤية المصري وائل نور التشكيلية لفلسفة الترحال

من لوحات معرض «المسافر» للفنان وائل نور (الشرق الأوسط)
من لوحات معرض «المسافر» للفنان وائل نور (الشرق الأوسط)
TT

«المسافر»... رؤية المصري وائل نور التشكيلية لفلسفة الترحال

من لوحات معرض «المسافر» للفنان وائل نور (الشرق الأوسط)
من لوحات معرض «المسافر» للفنان وائل نور (الشرق الأوسط)

للسفر والترحال فلسفة وقصة تنتظر مَن يرويها، سواء أكان كاتباً أم رساماً أم موسيقياً، إذ يمكن لما يخوضه ويختبره من تجارب أن يصبح خيطاً سردياً لفنّه. وضمن معرضه بعنوان «المسافر» في غاليري «قرطبة» بالقاهرة، يقدّم المصري وائل نور نسيجاً من حكايات الترحال في 30 لوحة بالألوان المائية.

يعيد الفنان تقديم السمات الكلاسيكية للحياة المصرية، مُعبِّراً عن واقع متخيَّل وذكريات مشحونة بالتفاصيل البصرية والرمزية، ومجسِّداً صوراً للسفر بما يحمله من عناصر متنوّعة ومشاعر متداخلة. يقول: «السفر تنقُّل وحركة ليس للإنسان أو الحيوانات والطيور فقط. فالشمس تسافر، والهواء يسافر، والنيل يسافر... أرى أنّ كثيراً من عناصر الكون في حالة سفر مستمر».

يتفاعل المتلقّي مع الإيقاعات التعبيرية في لوحات المعرض المستمرّ حتى 26 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، التي يثريها التناغم بين الانطفاء والسطوع الضوئي، وبين الألوان القوية الزاهية والقتامة، فضلاً عن الحوارات الجمالية بين الظلّ والضوء.

دفء المنازل الريفية في لوحات الفنان (الشرق الأوسط)

هذه الرؤية الفلسفية التي يطرحها وائل نور تتوافق مع كونه، هو نفسه، في حالة سفر دائم داخل مصر وخارجها؛ لكن ربما كان تأثّره الأكبر بسفره بين أنحاء وطنه، وفق ما يوضحه لـ«الشرق الأوسط»: «أسافر باستمرار بين المحافظات المصرية لأوثّق ملامح البيئة وأدوّنها وأسجّلها عبر الرسم. أقيم في محافظة الأقصر (جنوب مصر)، وهي ليست مسقطي، لأبقى في حالة سفر».

التفاصيل اليومية في معرض «المسافر» للفنان المصري وائل نور (الشرق الأوسط)

لا يتيح السفر مَشاهد وأصواتاً وثقافات جديدة للفنانين فحسب، وإنما يوفّر أيضاً لحظات من التأمّل والعزلة، وثروة من اللحظات ما بين عظمة الطبيعة والتفاعل بين البشر القابلة للتعبير الإبداعي. يتحقّق ذلك على مسطّح لوحات المعرض، إذ يلتقي المُشاهد بالناس والبيوت والمساحات الخضراء والمراكب والدواب والأبواب والأشجار والمقتنيات الخاصة، في رمز للاتصال المفقود والفقدان العاطفي الناتجَيْن من السفر والاغتراب. ويعكس تكرار بعض العناصر في هذه اللوحات الارتباط بالمكان، والحنين إلى الماضي النابع من الرحيل عنه، ما يضفي على الأعمال الفنية أبعاداً نفسية متعدّدة.

ومن ذلك، تكرار البيت الريفي المصري في أعماله؛ وهو ما يبرره الفنان قائلاً: «لأنه يحمل جماليات تشكيلية لا وجود لها في أي مكان آخر، إنه بسيط ملوَّن دافئ». ويتابع: «كما أنّ للحياة في الريف قوانينها البسيطة، مثل الترابط واحترام الكبار والعمل الدؤوب من الفجر حتى الغروب، فضلاً عن استخدام الخامات المتاحة في تلك البيئة للبناء، والاعتماد على النفس والاكتفاء الذاتي عبر الزراعة وتربية الطيور والحيوانات. ذلك كله يمثّل نسيجاً اجتماعياً ملهماً بالنسبة إليّ».

توثّق لوحته «هويس إسنا القديم» حياة باعة يقفون بأعداد كبيرة مع بضائعهم يومياً على حافة الهويس، ينتظرون المراكب السياحية العابرة والمسافرة بين الأقصر وأسوان، المكتظّة بالسياح. يمارس هؤلاء أعلى درجات التسويق بالفطرة ويتحدّثون بمختلف اللغات لجذب السياح إلى منتجاتهم وفنونهم اليدوية الملوّنة. عنها يوضح الفنان: «بعد مراقبتهم لساعات، لاحظتُ أنهم يستطيعون بخبرتهم الطويلة التمييز بين جنسيات السياح من النظرة الأولى. وبناءً على ذلك، يتحدّثون معهم بلغاتهم. إنه عمل مرهق، يتطلّب الوقوف في الشمس لساعات، ما لفت انتباهي ودفعني لرسمهم في أكثر من عمل».

لوحة «هويس إسنا» تحاكي الباعة (الشرق الأوسط)

تتناول لوحة «الحصاد» في المعرض سفر مجموعة عمال من قرية إلى أخرى، ومن نجع إلى آخر، مصطحبين معهم ماكينة «درس القمح»، آملين أن يحقّقوا أرباحاً في موسم الحصاد للاعتماد عليه في الإنفاق على أسرهم لأشهر. يُعلّق: «يتطلّب هذا العمل مجهوداً بدنياً كبيراً، علاوة على تعرّضهم للغبار الكثيف الناتج عن الماكينة، الذي يصعُب معه التنفُّس أو فتح العيون. لكنه عملهم الذي يعرفونه واعتادوا عليه. هذا الكفاح الإنساني من أجل لقمة العيش يشكّل بالنسبة إليّ نبض الحياة وقيمتها وأصالتها التي تستحق التوثيق فنّياً».

تُبرز اللوحات تناسباً في تدرّج الانسيابية الواقعية للفنّ، مع دقة وجمالية تعزّزهما تفاصيل وزخارف متّزنة، ويستخدم نور في أعماله بنى تعبيرية تعزّز عمق التكوين، بما يُثري تجربته الجديدة في هذا المعرض.

الفنان المصري وائل نور يعشق الألوان المائية (الشرق الأوسط)

يُعرف عن الفنان وائل نور شغفه بالرسم بالألوان المائية: «اخترتها بعد انبهاري بإحدى لوحات أستاذي الراحل الفنان بخيت فراج. فقد أسرتني تلك اللوحة، وقلتُ لنفسي (أريد الرسم بهذه الخامة)، فاعتمدتُها لفرط صدقها وحساسيتها».

ويتابع: «الألوان المائية تُعد أصعب الألوان، لحساسيتها الشديدة وتعذّر إصلاح أخطائها، لكني لا أجمع بينها وبين أي نوع آخر من الخامات لسببين: الأول هو حبّي واحترامي الشديدين لها، والثاني هو أنّ العمل بخامات أخرى مثل الألوان الزيتية والأكريليك تفقدني الحساسية والمتعة اللتين أجدهما في الألوان المائية».