اكتشاف «أكبر» ورشتي تحنيط آدمية وحيوانية في سقارة

تعودان إلى نهاية الأسرة الـ30 وبداية العصر البطلمي

نقوش على جدران إحدى المقابر الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
نقوش على جدران إحدى المقابر الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
TT

اكتشاف «أكبر» ورشتي تحنيط آدمية وحيوانية في سقارة

نقوش على جدران إحدى المقابر الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
نقوش على جدران إحدى المقابر الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية الكشف عن ورشتي تحنيط آدمية وحيوانية، وصفتهما بأنهما «الأكبر» و«الأكثر اكتمالاً». وأعلن وزير الآثار أحمد عيسى، أنه «للمرة الأولى يتم الكشف عن أكبر وأكمل ورشتين للتحنيط في منطقة آثار سقارة».

جاء الكشف خلال أعمال حفائر الموسم السادس للبعثة المصرية العاملة في منطقة جبانة الحيوانات المقدسة (البوباسطيون) بمنطقة آثار سقارة (محافظة الجيزة)، وتضمّن إلى جانب ورشتي التحنيط مجموعة من اللقى الأثرية ومقبرتين، وفق المسؤولين عن البعثة.

من جهته، أوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة الدكتور مصطفى وزيري، أنّ الورشتين المكتشفتين «تعودان إلى أواخر عصر الأسرة الـ30 وبداية العصر البطلمي، والبعثة تمكنت كذلك من الكشف عن مقبرتين تعودان إلى فترتي الدولة القديمة والحديثة، إضافة إلى عدد من اللقى الأثرية».

مجموعة من اللقى الأثرية (أ.ب)

وورشة التحنيط الآدمية عبارة عن مبنى مستطيل الشكل من الطوب اللبن (قرميد بدائي)، مقسم من الداخل إلى عدد من الحجرات تحتوي على سريرين للتحنيط الآدمي، وتبلغ أبعاد السرير نحو مترين طولاً، ومتر عرضاً و50 سنتيمتراً ارتفاعاً، وهو مكوّن من كتل حجرية عدّة. وقال وزيري إنه «عُثر داخل الورشة على عدد كبير من الأواني الفخارية، من بينها أوانٍ ربما كانت تُستخدم في عملية التحنيط، كما كُشف عن بعض الأدوات والأواني الطقسية وكمية كبيرة من الكتان ومادة الراتينج الأسود المستخدمة في التحنيط».

ولفت الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار إلى أنّ ورشة التحنيط الحيوانية «عُثر بداخلها على عدد كبير من الأواني الفخارية وبعض الدفنات الحيوانية مختلفة الأشكال والأحجام، إلى جانب بعض الأدوات الخاصة بالتحنيط الحيواني كالكتان وبعض الأدوات البرونزية». وقال إنّ «دراسة اللقى الأثرية داخل هذه الورشة، ترجح استخدامها في تحنيط الحيوانات المرتبطة بالإله باستت».

وبدأت البعثة الأثرية المصرية عملها في المنطقة عام 2018، وعلى مدار 6 مواسم، أُعلن عن عدد من الاكتشافات الأثرية، أبرزها مقبرة لكاهن من الأسرة الخامسة يدعى «واحتى»، وخبيئة للحيوانات المقدسة، تضم مومياوات وقططاً وحيوانات مختلفة. وعام 2020، أُعلن عن اكتشاف أكثر من 100 تابوت خشبي مغلقة بحالتها الأولى من العصر المتأخر، و40 تمثالاً لإله جبانة سقارة «بتاح سوكر». وخلال موسم حفائر البعثة في العام الماضي، كُشف عن «أول وأكبر خبيئة تماثيل برونزية تضم 150 تمثالاً لآلهة مصرية قديمة، بالإضافة إلى 250 تابوتاً خشبياً ملوناً مغلقاً يحتوي على مومياوات».

بدوره، أكد المدير العام لمنطقة آثار سقارة والمشرف على الحفائر صبري فرج، لـ«الشرق الأوسط»، أنّ «المنطقة غنية بالاكتشافات، ولم تبح بعد بأسرارها». وبشأن المقبرتين، أوضح أنّ «الأولى لشخص يدعى (ني حسوت با)، وهو أحد موظفي عصر الدولة القديمة من الأسرة الخامسة (نحو 2400 قبل الميلاد)، ويحمل العديد من الألقاب الدينية والإدارية أهمها (كبير عشرة الجنوب) و(مدير الكتبة) و(كاهن الإله حورس والإله ماعت)، و(المسؤول القانوني عن شق الترع والقنوات)».

أما الثانية فتخصّ شخصاً يدعى «من خبر»، من عصر الدولة الحديثة من الأسرة الـ18 (1400 قبل الميلاد) حمل لقب «كاهن الإله قادش»، وهي «معبودة أجنبية من أصل كنعاني من منطقة سوريا كانت تعبد في مدينة قادش وعبدت في مصر في عصر الأسرة الـ18، وكانت المعبودة الخاصة بالخصوبة، وسيدة نجوم السماء عظيمة السحر»، وفق فرج.

وتضمّن الكشف مجموعة من اللقى الأثرية، من بينها تماثيل حجرية وتماثيل من الخشب والحجر لشخص يدعى «شبسس كا» من عصر الأسرة الخامسة، وتابوت من الخشب الملون على هيئة آدمية من عصر نهاية الدولة الحديثة وبداية عصر الانتقال الثالث، ومجموعة من موائد القرابين، وأبواب وهمية، ومجموعة من التمائم المصنوعة من الفيانس والأحجار، وتماثيل أوشابتي، وأجزاء من بردية، وقطع من البرونز، ومجموعة من الأواني الفخارية التي تحوي جبنة ماعز مصرية تعود لنحو 600 عام قبل الميلاد.

وقال وزير السياحة والآثار إنّ «منطقة آثار سقارة تعد أحد أهم أجزاء جبانة منف المُسجّلة على قائمة التراث العالمي لـ(اليونسكو)، وهي بمثابة متحف مفتوح يبرز جانباً كبيراً من فترات التاريخ المصري القديم، حيث تَحتضن أقدم بناء حجري في تاريخ البشرية وهو هرم (زوسر) المدرج على القائمة، إلى جانب العديد من أهرامات الملوك والملكات».

«المنطقة غنية بالاكتشافات، ولم تبح بعد بأسرارها»

صبري فرج المدير العام لمنطقة آثار سقارة والمشرف على الحفائر


مقالات ذات صلة

مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

يوميات الشرق جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)

مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

أثار تشويه بعض نقوش مقبرة ميروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) غضباً في مصر، وارتباكاً في أروقة وزارة السياحة والآثار.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق د. جعفر الجوثري يحمل صور الأقمار الاصطناعية ويستكشف موقع معركة القادسية (أ.ب)

في العراق... صور الأقمار الاصطناعية تقود علماء الآثار إلى موقع معركة تاريخية

قادت صور الأقمار الاصطناعية التي تم رفع السرية عنها والتي تعود إلى سبعينات القرن العشرين فريقاً أثرياً بريطانياً - عراقياً إلى ما يعتقدون أنه موقع معركة قديمة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
يوميات الشرق 77 مشروعاً بحثياً تنتشر في مختلف المناطق السعودية (هيئة التراث)

دلائل أثرية لاستيطان العصور الحجرية في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي

بدأت نتائج المسح الأثري في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي تظهر مبكراً مع إطلاق هيئة التراث بالسعودية أعمال المسح الميداني ضمن مشروع اليمامة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق تجربة فريدة ضمن مهرجان الممالك القديمة في العلا (الشرق الأوسط)

استعادة حيّة لتجربة «طريق البخور» في العلا وتاريخها الثري

لا يزال بإمكان زائر العلا مشاهدة التفاعل بين الممالك العربية الشمالية والقوى العظمى الأخرى، متمثلاً في الآثار التاريخية المختلفة على أرضها وبين جبالها.

عمر البدوي (العلا)
يوميات الشرق قناع من القطع المُستَردة من ألمانيا (وزارة الخارجية المصرية)

مصر تستردُّ قطعاً أثرية مسروقة من سقارة بعد تهريبها إلى ألمانيا

عملية الاسترداد ليست مجرّد استرجاع لقطع أثرية، وإنما استعادة لجزء من روح التاريخ المصري ورموزه.

محمد الكفراوي (القاهرة )

الذكاء الاصطناعي يعجز عن حل مسائل الرياضيات الصعبة

تغطي هذه المسائل مجموعة واسعة من المواضيع في الرياضيات الحديثة (arXiv - 2024)
تغطي هذه المسائل مجموعة واسعة من المواضيع في الرياضيات الحديثة (arXiv - 2024)
TT

الذكاء الاصطناعي يعجز عن حل مسائل الرياضيات الصعبة

تغطي هذه المسائل مجموعة واسعة من المواضيع في الرياضيات الحديثة (arXiv - 2024)
تغطي هذه المسائل مجموعة واسعة من المواضيع في الرياضيات الحديثة (arXiv - 2024)

قام فريق دولي من الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي وعلماء الرياضيات التابعين لعدة مؤسسات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتطوير مقياس رياضي، يسمح للعلماء باختبار قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي على حل مشاكل رياضية صعبة للغاية.

وأظهرت نتائج دراستهم المنشورة على منصة «أركيف بريبرنت (arXiv preprint)» للأوراق البحثية أن أنظمة الذكاء الاصطناعي التي حققت درجات جيدة من قبل، وفق كثير من المعايير والمقاييس التقليدية، لم تتمكن من تسجيل درجات أعلى من 2 في المائة في تقديم حلول للمسائل الرياضية الصعبة، وفق مقياس الاختبارات الجديد.

ووفق بيان منشور، الثلاثاء، على منصة «ساينس إكس نتورك» فإنه على مدى السنوات القليلة الماضية، أصبحت برامج الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق مثل «شات جي بي تي (ChatGPT)» أكثر تطوراً، وبالتالي تبدو في بعض الأحيان وكأنها تتمتع بمستوى عالٍ جداً من الذكاء يجعلها قادرة على حل كثير من المعضلات في كثير من المجالات المختلفة. إلا أنه وفقاً لنتائج الدراسة الأخيرة هناك مجال واحد لا يزالون يفشلون فيه، حل مشاكل الرياضيات الصعبة.

ومع استمرار عمل مطوري أنظمة الذكاء الاصطناعي من أجل تحسين مهارات الرياضيات في نماذجهم، فقد طوروا عدداً من المقاييس لتكون بمثابة وسيلة لاختبار تقدمهم، ومنها اثنان هما الأكثر شعبية؛ MATH وGSM8K.

وبمرور الوقت، تحسنت برامج ذكاء اصطناعي إلى الحد الذي أصبحت فيه قادرة على تسجيل درجات تصل إلى 90 في المائة في هذه اختبارات تلك المقاييس.

ولكن كما لاحظ أعضاء فريق الدراسة، فإن مستوى صعوبة مثل هذه المقاييس ليس مرتفعاً بما يكفي، لذا قرروا أن هناك حاجة إلى مقياس جديد لاختبارات قدرات الذكاء الاصطناعي في حل المسائل الرياضية الصعبة، وعليه أنشأوا مقياساً جديداً يفي بهذا الغرض، أطلقوا عليه اسم FrontierMath، وهو الذي يقدم مقياساً مستمراً للتقدم في التفكير الرياضي المعقد للذكاء الاصطناعي.

ومن ثم تواصل فريق البحث مع بعض من ألمع العقول في مجال الرياضيات، وطلبوا منهم تقديم بعض مسائل الرياضيات الصعبة حقاً، وبالفعل تلقوا المئات منها.

وكما يقول الباحثون، فإن «مثل هذه المسائل ليست فريدة من نوعها فحسب، بل إنها تتطلب أيضاً مستوى عميقاً من الفهم للرياضيات. وقد يستغرق حل بعضها عدة أيام». كما تغطي هذه المسائل مجموعة واسعة من المواضيع، من نظرية الأعداد إلى الهندسة الجبرية (أحد فروع علم الجبر). وللحصول على درجات جيدة في معيار FrontierMath، يجب أن يتمتع نظام الذكاء الاصطناعي بالإبداع والبصيرة، وما يصفه فريق البحث بـ«الخبرة العميقة في المجال».

ويوضح الباحثون: «نجحت نماذج الذكاء الاصطناعي في حل أقل من 2 في المائة من المسائل الرياضية الصعبة فقط، مما يكشف عن فجوة هائلة بين قدراتها، وبراعة أفراد المجتمع العلمي الرياضي من العلماء والباحثين».

وأضافوا: «رغم تقدم أنظمة الذكاء الاصطناعي في محاولة للوصول إلى القدرات الرياضية نفسها على مستوى الخبراء والمتخصصين، فإن منصة FrontierMath تقدم اختبارات صارمة تستطيع أن تقيس مدى هذا التقدم».