«رد اعتبار» بريطاني لمصريين اكتشفوا «الفرعون الذهبي»

معرض يُضيء على «دورهم الحاسم» في العثور على المقبرة

معرض الكشف عن المخطوطات (السفارة البريطانية بالقاهرة)
معرض الكشف عن المخطوطات (السفارة البريطانية بالقاهرة)
TT

«رد اعتبار» بريطاني لمصريين اكتشفوا «الفرعون الذهبي»

معرض الكشف عن المخطوطات (السفارة البريطانية بالقاهرة)
معرض الكشف عن المخطوطات (السفارة البريطانية بالقاهرة)

ألقت السفارة البريطانية في القاهرة الضوء على «الدور الحاسم» الذي لعبه مصريون في اكتشاف مقبرة «الفرعون الذهبي» توت عنخ آمون، في وادي الملوك بالأقصر (جنوب مصر)، الذي يعرف بـ«اكتشاف القرن».

وجاء معرض «الكشف عن المحفوظات» الذي افتتحه السفارة بالتعاون مع «معهد غريفيث» (مركز علم المصريات في جامعة أكسفورد)، ضمن الاحتفال بالذكرى المئوية لاكتشاف المقبرة ونقل محتوياتها إلى المتحف المصري في «ميدان التحرير».

ويرى متابعون وآثاريون مصريون المعرض بمنزلة «رد اعتبار» بريطاني لمنقّبين مصريين شاركوا عالم الآثار البريطاني هاورد كارتر في البحث عن المقبرة، فيما يشير البيان الصحافي بشأن الفعالية إلى أنّ المعرض يضيء على الأعضاء المصريين في فريق كارتر المسؤول عن التنقيب عن الآثار، و«دورهم الحاسم» في العثور على اكتشاف القرن.

«عندما يُفتتح المتحف المصري الكبير للجمهور، سنرى كنوز الملك توت عنخ آمون التي ستستمر في الإبهار، ولكن في بيئة جديدة تماماً».

غاريث بايلي سفير بريطانيا لدى مصر

وأعرب السفير البريطاني في القاهرة غاريث بايلي، مساء الاثنين، خلال كلمته في افتتاح المعرض عن فخره بـ«إلقائنا الضوء على دور المصريين في استعادة تاريخ بلادهم»، لافتاً إلى أنه «عندما يُفتتح المتحف المصري الكبير للجمهور، سنرى كنوز الملك توت عنخ آمون التي ستستمر في الإبهار، ولكن في بيئة جديدة تماماً».

سفير بريطانيا لدى مصر (السفارة البريطانية بالقاهرة)

يواكب المعرض مرور مائة عام على وصول الصناديق الأولى التي تحتوي على قطع أثرية من المقبرة إلى المتحف المصري في ميدان التحرير (وسط القاهرة)، وهو يبرز محتويات أرشيف كارتر، إلى صور هاري بيرتون «التي توثّق العمل البريطاني - المصري المشترك الذي كان له دور أساسي في تسهيل الاكتشافات الأثرية الماضية والحالية والمستقبلية»، وفق السفارة.

ويقدّم المعرض وصفاً حياً ومباشراً للاكتشاف من خلال الصور والخطابات والخطط والرسومات واليوميات، من أرشيف أنشئ بواسطة المنقبين بقيادة كارتر، ثم قدّمت بعد وفاته إلى «معهد غريفيث». وصورة صبي مصري يرتدي قلادة صدر مرصّعة بالجواهر، عُثر عليها في صندوق بخزانة المقبرة، ومذكرات كارتر التي تصف لحظة الاكتشاف.

وعن أهمية المعرض الذي أقيمت نسخته الأولى في مكتبة ويستون بجامعة أكسفورد من 13 أبريل (نيسان) 2022 إلى أوائل فبراير (شباط) الفائت؛ يقول رئيس الإدارة المركزية لتسجيل الآثار المصرية هشام الليثي لـ«الشرق الأوسط»: «لعلّها سابقة تاريخية نادرة بريطانياً، التطرق إلى دور المصريين في هذا الاكتشاف العظيم، إذ نُسب الفضل في العثور على مقبرة توت إلى كارتره وحده».

ويشير إلى أنّ «رئيس البعثة الأثرية لا يعمل بمفرده، بل يعاونه رئيس عمال يمتلك خبرة واسعة في مجال التنقيب، وعمال مهرة لديهم دراية كبيرة بفنون الحفر والتنقيب، وهذا يؤكد أنّ المصريين لهم دور رئيسي في اكتشاف القرن»، لافتاً إلى أنه «في بعض الحالات يكون المُكتشف الرئيسي للكنوز الأثرية عامل حفر أو أحد أعضاء البعثة، لكن ينسب الكشف لرئيس البعثة».

يتابع: «من قبل، لم يُسلّط الضوء على دور مصريين شاركوا كارتر في الكشف عن المقبرة، منهم عالم الآثار المصري صلاح بك حمدي، الذي ظهر في صورة مع كارتر خلال فحص مومياء توت عنخ آمون»، مشيراً إلى أنّ «الطفل حسين عبد الرسول هو الذي لفت انتباه كارتر للدرجات المؤدية إلى ممر المقبرة، عندما كان يحفر حفرة لتثبيت زير المياه، حيث اكتشف الدرجة الأولى لعدد 16 درجة مؤدية إلى ممر مختوم بختم المقبرة، وهو الممر الذي يؤدي إلى المقبرة.

ووفق بيان السفارة البريطانية في القاهرة، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإنّ «كارتر اعتمد على مجموعة من المصريين ذوي خبرة عملوا معه سابقاً لسنوات عدّة، منهم رئيس العمال أحمد جريجر، وزملاؤه جاد حسن وحسين أبو عوض، وحسين أحمد سعيد... وذكر كارتر أسماء المصريين، أعضاء فريق التنقيب، وشكرهم في منشوراته».

ووقّع كارتر مع اللورد الإنجليزي كارنافون، عقد تمويل عمليات تنقيب مقبرة توت عنخ آمون عام 1915، حيث ظلّ العمل جارياً في المنطقة على مدار 7 سنوات للبحث عنها، بعد التأكد من وجودها بالقرب من مقر البعثة عن طريق بعض الشواهد الأثرية.

ويبرز المعرض التصوير الفوتوغرافي الملوّن لهاري بيرتون أثناء أعمال تنقيب أجراها كارتر؛ إلى اللقطات الأولى للمقبرة من الداخل، وعمليات توثيقها ونقلها إلى القاهرة، كذلك عُرضت لقطات من فيلم توت عنخ آمون بالألوان، وهو وثائقي أنتجته الـ«بي بي سي4».

ويؤكد الليثي أنّ المعرض يضم أيضاً «جزءاً بسيطاً من أرشيف كارتر الموجود في (معهد غريفيث) البريطاني، بينها مذكراته الخاصة وخطاباته»، كاشفاً أنه اطلع بنفسه على وثيقة يعرضها المعهد في أكسفورد، عبارة عن خطاب مرسل من مموّل عمليات حفائر توت عنخ آمون، إلى السير آلن جاردنر عالم اللغة المصرية القديمة، بعد اكتشاف المقبرة  بنحو 3 أسابيع، يقول فيه إنه «ستُعرض كل هذه الكنوز في الطابق الثاني من المتحف البريطاني»، لكن مصر لم تسمح بتصديرها إلى خارج الحدود.

بدوره، يؤكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري، أنه من المقرر «الانتهاء من كل الأعمال في المتحف المصري الكبير الذي يعرض كل مقتنيات مقبرة توت آمون خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، تمهيداً لافتتاحه رسمياً».

 



ألفا مخطوطة نادرة تعكس الإرث العلمي والتاريخي في «معرض المخطوطات السعودي»

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان أمام صف من المخطوطات النادرة (وزارة الثقافة)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان أمام صف من المخطوطات النادرة (وزارة الثقافة)
TT

ألفا مخطوطة نادرة تعكس الإرث العلمي والتاريخي في «معرض المخطوطات السعودي»

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان أمام صف من المخطوطات النادرة (وزارة الثقافة)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان أمام صف من المخطوطات النادرة (وزارة الثقافة)

بين نسخ نادرة للقرآن الكريم تعود إلى القرن الثاني الهجري، ونسخة نادرة من التوراة عمرها 1000 عام، ومخطوطات أصلية ونادرة في مختلف فروع العلم والمعرفة، فتح «معرض المخطوطات السعودي» أبوابه للاطلاع على نحو 2000 مخطوطة نادرة وفريدة من محفوظات المراكز والمؤسسات السعودية التي تحتفظ بثلث المخطوطات الإسلامية والعربية في العالم.

وقال الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، إن معرض المخطوطات السعودي‬ يتيح فرصة مشاهدة مجموعة من المخطوطات التاريخية للمرة الأولى في التاريخ، مشيراً إلى أن أكثر من 27 في المائة من مجموع المخطوطات العربية والإسلامية الأصلية في الدول العربية، محفوظة ضمن الكنوز الثقافية السعودية.

وفي المعرض المقام في الدرعية، بتاريخها العريض، يجد الزائر نفسه محاطاً بتراث ثقافي وحضاري يعكس قروناً من المعرفة والتطور الإنساني، ويُبرز المعرض من خلال المخطوطات التي تحتفظ بها مؤسسات المملكة، الإرث الثقافي الموثق على مدى أكثر من 12 قرناً، بما في ذلك مقتنيات فريدة تُعرض لأول مرة.

ويساهم معرض المخطوطات السعودي الذي انطلق في الرياض، ويمتد لـ10 أيام، في تطوير هذا الموروث والتعريف بأهميته، ويستعرض نحو 2000 مخطوطة من أهم المخطوطات في مختلف المجالات، كما يضم مجموعة متنوعة من الفعاليات المصاحبة والمبتكرة التي تثري تجربة الزوّار.

يستهدف المعرض الباحثين والجمهور عموماً (هيئة المكتبات)

ويسلط المعرض الضوء على الاهتمام البالغ الذي توليه السعودية للمخطوطات العربية والإسلامية، ويبرز دور المؤسسات السعودية التي تشارك بكنوزها النادرة والفريدة، وبما يبرز جهودها في حفظ التراث الثقافي والتعريف بقيمة المخطوطات.

وتتربع السعودية أوائل قائمة الدول في امتلاك المخطوطات والعناية بها، حيث تأتي في المركز الخامس عالمياً في امتلاك المخطوطات الإسلامية، وتواصل أعمالها في رقمنة المخطوطات وأرشفتها وإتاحتها إلكترونياً للباحثين، وأضحت تضم منصة المخطوطات 126 ألف مخطوطة، تشكل قرابة ثلث مخطوطات العالم العربي، من بينها نسخ نادرة من القرآن الكريم والحديث النبوي ومختلف العلوم، بالإضافة إلى كتب نادرة ونسخ أصلية في مجالات اهتم بها العرب والمسلمون، مثل الطب والفلك والقانون والأدب ووثائق تاريخية نادرة.

وزير الثقافة السعودي في زيارة للمعرض (وزارة الثقافة)

نسخة أصلية لمخطوطة نادرة في المعرض (هيئة المكتبات)

حكايات تروى لإرث يبقى

وتنظم هيئة المكتبات «معرض المخطوطات السعودي» تحت شعار «حكايات تروى لإرث يبقى»، من خلال المجموعة الفريدة والنادرة من المخطوطات التاريخية التي تعرض لعموم الجمهور والمهتمين للمرة الأولى، والتي تغطي مجالات معرفية متعددة.

وفي قسم «القرآن الكريم وعلومه» ضمن المعرض، تتاح أهم وأندر المخطوطات للمصحف الشريف من القرن الثالث حتى القرن الرابع عشر هجري، مع نوادر أصلية مختارة من مخطوطات التفسير وعلوم القرآن المحفوظة في السعودية.

وفي أحد أجنحة المعرض، تتتبّع جدارية داخل المعرض مسيرة ما تحتفظ به السعودية من مخطوطات نادرة وفريدة عبر القرون، ويتشارك المعرض الثري زواره تحقيباً زمنياً لتطور العلوم في مختلف المجالات وإسهامات الرواد من المؤلفين ونسخاً نفيسة من الكتب التي تزينت بخطوط كبار المؤلفين العرب والمسلمين، انتقلت عبر التاريخ حتى استقرت في عهدة إحدى المؤسسات والمراكز السعودية التي تناولتها بالصون والعناية والترميم، واحتفظت بها شاهداً على عطاء البارعين، وأعادت تقديم بعضها إلى المكتبات في ثوب جديد.

ويضمُّ المعرض باقة متنوعة من الفعاليات المصاحبة، تشمل ورش عمل يقدمها نُخبة من العلماء والباحثين، وتحظى بمشاركة المهتمين بالتراث المخطوط؛ لمعرفة أهمية المخطوطات، وتقنيات حفظها وترميمها، ورقمنتها وأرشفتها، إلى جانب دراستها وتحليلها.

واستعرضت جلسة «تاريخ المخطوطات النادرة»، نوادر مخطوطات الدرعية، وأهميتها التاريخية والثقافية، وركزت على أحد أبرز الكنوز التاريخية، وهو مخطوط نادر يعود تاريخه إلى أكثر من 800 عام، ويُعد أحد الكنوز الثقافية التي تسكن الرياض، وتناولت النقاشات القيمة العلمية لهذه المخطوطات ودورها في توثيق حقبة مهمة من تاريخ المملكة، مع استعراض أساليب الحفاظ عليها وإبرازها بوصفها إرثاً ثقافياً للأجيال القادمة، واختتمت بتسليط الضوء على أهمية تعزيز الاهتمام بالمخطوطات النادرة، ودورها الحيوي في حفظ الهوية الثقافية وتوثيق التاريخ.

يعكس المعرض جهود المؤسسات السعودية في حفظ المخطوطات (هيئة المكتبات)

ألفا مخطوط أصلي من التراث العربي والإسلامي في المعرض (هيئة المكتبات)

وباستخدام تقنيات الهيلوغرام، يأخذ المعرض زواره في رحلة عبر الزمن، ليكشف عن كنوز مخطوطة تجاوز عمرها أكثر من 1200 عام، مثل كتاب «شرح فصول أبقراط» الذي يتناول مجموعة الفصول المتنوعة التي تعرض بطريقة واضحة تمكن الزائر من قراءتها والتعرف على أبرزها، وكتاب «عنوان المجد في تاريخ نجد» الذي يعود عمره إلى أكثر من 100 عام، محفوظاً في مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض، وتُعد نسخة المملكة الثانية من الكتاب، وهي النسخة الوحيدة الموجودة بعد النسخة الأصلية، ما يجعلها شاهداً على العناية الفائقة بالحفاظ على التراث المكتوب.