الذكاء الصناعي يتنبأ بأداء القلب ويلتقط علامات «مبكرة» للشلل الرعاش

دراستان أسترالية وأميركية أشارتا لفوائده في التشخيص الطبي

الذكاء الصناعي يتنبأ بالشلل الرعاش قبل حدوثه (شاترستوك)
الذكاء الصناعي يتنبأ بالشلل الرعاش قبل حدوثه (شاترستوك)
TT

الذكاء الصناعي يتنبأ بأداء القلب ويلتقط علامات «مبكرة» للشلل الرعاش

الذكاء الصناعي يتنبأ بالشلل الرعاش قبل حدوثه (شاترستوك)
الذكاء الصناعي يتنبأ بالشلل الرعاش قبل حدوثه (شاترستوك)

في مقابل أحاديث عن سلبيات الذكاء الصناعي، إلى درجة القول بأنه «قد يهدد الوجود البشري»، فإن دراستين حديثتين تشيران إلى أن «الذكاء الصناعي قد يساعد في زيادة العمر البشري عبر تحسين جودة التشخيص الطبي في أمراض القلب ومرض الشلل الرعاش».

ووفق دراسة لباحثين من جامعة كاليفورنيا نشرتها (الأربعاء) دورية «جاما كارديولوجي» فإنه «يُمكن استخدام الشبكات العصبية العميقة (CathEF) وهي فئة من الذكاء الصناعي للتنبؤ بوظيفة المضخة القلبية (الانقباضية) من مقاطع فيديو تصوير الأوعية التاجية».

ويوفر إجراء تصوير الأوعية التاجية تقييما تشخيصيا إكلينيكيا قياسيا لجميع القرارات السريرية، من الأدوية إلى الجراحة، وفي كثير من الحالات يعد تحديد مقدار الكسر القذفي للبطين الأيسر (LVEF) في وقت تصوير الأوعية التاجية أمراً بالغ الأهمية لتحسين اتخاذ القرارات السريرية وقرارات العلاج، لا سيما عند إجراء تصوير الأوعية الدموية لمتلازمات الشريان التاجي الحادة التي قد تهدد الحياة (ACS).

ونظراً لأن البطين الأيسر هو مركز ضخ القلب، فإن قياس الكسر القذفي يوفر معلومات مهمة حول النسبة المئوية للدم الذي يغادر القلب في كل مرة ينقبض فيها، وفي الوقت الحالي، يتطلب ذلك أثناء تصوير الأوعية إجراءً إضافيا يسمى تصوير البطين الأيسر، حيث يتم إدخال قسطرة في البطين الأيسر ويتم حقن صبغة التباين.

والجديد الذي قدمه الذكاء الصناعي هو أن الشبكة العصبية العميقة (CathEF) قد تغني عن ذلك، حيث تقدم نهجاً جديداً يستفيد من البيانات التي يتم جمعها بشكل روتيني خلال كل صورة وعائية لتوفير معلومات غير متوفرة حاليا للأطباء أثناء تصوير الأوعية.

ويقول روبوت أفرام، اختصاصي أمراض القلب التداخلي، وزميل أبحاث سابق في جامعة كاليفورنيا، الباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع نشر الدراسة، «يقدم الذكاء الصناعي طريقة جديدة لتقييم الكسر القذفي للبطين الأيسر، وهو مقياس مهم لوظيفة القلب أثناء أي تصوير روتيني للأوعية التاجية دون الحاجة إلى إجراءات إضافية أو زيادة التكلفة». وأضاف «إذا كانت الفائدة في هذا التطبيق اقتصادية ومريحة للمريض، الذي قد لا يحتاج إلى عمل قسطرة إضافية، فإن التطبيق المتعلق بتشخيص (الشلل الرعاش) أو ما يعرف بـ(مرض باركنسون) قد يكون أكثر أهمية».

ولا يتم اكتشاف هذا المرض إلا بعد تطوره، لكن الباحثين في جامعة نيو ساوث ويلز بأستراليا نجحوا في بناء أداة ذكاء صناعي يمكنها التنبؤ به بدقة تصل إلى 96 في المائة، قبل ما يصل إلى 15 عاما من التشخيص السريري، بناءً على تحليل المواد الكيميائية في الدم.

وفي الدراسة المنشورة (الأربعاء) بدورية «إيه سي إس سينرتال ساينس»، نظر الباحثون في بيانات الدراسة الإسبانية الأوروبية المستقبلية للتحقيق في السرطان والتغذية (EPIC)، والتي شملت أكثر من 41000 مشارك، أصيب حوالي 90 منهم بمرض باركنسون في غضون 15 عاما. ولتدريب نموذج الذكاء الصناعي، استخدم الباحثون مجموعة فرعية من البيانات تتكون من اختيار عشوائي من 39 مشاركا أصيبوا فيما بعد بمرض باركنسون، وتمت مطابقتهم مع 39 من المشاركين الذين لم يصابوا، وحصلت أداة الذكاء الصناعي على بيانات الدم من المشاركين، وجميعهم كانوا يتمتعون بصحة جيدة وقت التبرع بالدم، وهذا يعني أن الدم يمكن أن يعطي علامات مبكرة للمرض.

وحدد الباحثون مادة كيميائية هي «ترايتيربينويد» كمستقلب رئيسي يمكن أن يمنع مرض باركنسون. ووجدوا أن وفرة «ترايتيربينويد» كانت أقل في دم أولئك الذين أصيبوا بمرض باركنسون مقارنة بأولئك الذين لم يصابوا به. كما تم ربط مادة كيميائية اصطناعية هي (ألكيل متعددة الفلور) كشيء يزيد من خطر الإصابة بالمرض، حيث تم العثور على هذه المادة الكيميائية بكميات أعلى في أولئك الذين أصيبوا لاحقا بالمرض.


مقالات ذات صلة

العيش في الأحياء الفقيرة يؤثر على القدرات العقلية

صحتك العيش في أحياء محرومة يرتبط بارتفاع ضغط الدم وتدني القدرات العقلية (رويترز)

العيش في الأحياء الفقيرة يؤثر على القدرات العقلية

توصلت دراسة أميركية إلى أن العيش في أحياء محرومة يرتبط بارتفاع ضغط الدم وتدني القدرات العقلية، حتى بين الأفراد الذين لا يعانون ضعفاً إدراكياً خفيفاً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق صعود 110 درجات سلَّم يومياً على الأقل يُحسِّن أداء القلب (دورية الأمراض القلبية الوعائية)

صعود السلالم يومياً يقلل من خطر السكتة الدماغية

هل ترغب في تجنُّب السكتة الدماغية؟ دراسة تكشف تغييراً بسيطاً يمكن أن يقلل الخطر بنحو الثلث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الشوكولاته تحتوي على مستويات عالية من الفلافانولات (جامعة كنغستون)

الشوكولاته الداكنة تقي من السكري

أظهرت دراسة أميركية طويلة المدى أن تناول خمس حصص من الشوكولاته الداكنة أسبوعياً يرتبط بتقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك القلب لديه نظامه العصبي المعقد الذي يُعد أمراً بالغ الأهمية للتحكم في إيقاعه (معهد كارولينسكا)

القلب له دماغه الخاص

أظهرت دراسة جديدة أجراها فريق بحثي من معهد كارولينسكا في السويد بالتعاون مع باحثين من جامعة كولومبيا الأميركية، أن القلب لديه دماغ صغير عبارة عن نظام عصبي خاص.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

أظهرت دراسة أميركية حديثة أن تعرض الأم والأب لملوثات الهواء الشائعة قد يزيد من خطر العقم لأنه قد يكون ضاراً بتطور البويضات والحيوانات المنوية والأجنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.