الملك تشارلز والفنون

انخرط في الحياة الفنية البريطانية ليس فقط كفنان... بل أيضاً كمتفرج نهم وراعٍ للفنون

الملك تشارلز مع الممثلة جودي دينش بعد حضوره عرضاً مسرحياً لفرقة شكسبير الملكية عام 2016 (تريستان فوينغ - غيتي)
الملك تشارلز مع الممثلة جودي دينش بعد حضوره عرضاً مسرحياً لفرقة شكسبير الملكية عام 2016 (تريستان فوينغ - غيتي)
TT

الملك تشارلز والفنون

الملك تشارلز مع الممثلة جودي دينش بعد حضوره عرضاً مسرحياً لفرقة شكسبير الملكية عام 2016 (تريستان فوينغ - غيتي)
الملك تشارلز مع الممثلة جودي دينش بعد حضوره عرضاً مسرحياً لفرقة شكسبير الملكية عام 2016 (تريستان فوينغ - غيتي)

في عهد الملك تشارلز الثالث، تحظى بريطانيا بأكثر ملوكها توافقاً مع الثقافات عبر أجيال من الزمان.

في عام 1987، قدم آرثر جورج كاريك، وهو رسام سابق بالألوان المائية غير معروف وعمره 39 عاما، عملاً للأخذ في الاعتبار في «معرض الصيف»، وهو أحد أهم العروض الفنية في بريطانيا.

يمنح المعرض الذي يقام سنوياً في الأكاديمية الملكية في لندن، الفرصة للهواة لعرض أعمالهم إلى جانب اللوحات والمنحوتات من أعمال مشاهير الفنون العالمية. إذ يقدم آلاف البريطانيين أعمالهم كل سنة. وكلها تقريباً أعمال مرفوضة.

كانت لوحة كاريك بسيطة وتقليدية - عبارة عن لوحة صغيرة بألوان مائية تصور بيوتاً ريفية وبضعة أشجار تحت سماء زرقاء شاحبة - لكن من الواضح أن أمناء المعرض رأوا فيها شيئاً خاصاً. لقد اختاروها على أكثر من 12.250 عملاً آخر لضمها إلى المعرض.

ما لم يعرفه قيّمو العرض هو أنهم خُدعوا، فآرثر جورج غاريك كان اسماً مستعاراً، والرسام الحقيقي كان الرجل الذي توج هذا الأسبوع ملكاً على بريطانيا.

الملك تشارلز يرسم أثناء رحلة لبوتان (تيم غراهام - غيتي)

خلال حياته انخرط الملك تشارلز في الحياة الفنية البريطانية ليس فقط كفنان، بل أيضاً كمتفرج نهم وراعٍ للفنون.

في بريطانيا دائماً ما كان يتم تصوير الملك تشارلز على أنه تقليدي في ميوله الثقافية بسبب حبه المعروف للعمارة الكلاسيكية وتردده الدائم على دار الأوبرا: وتوائم ميوله هذه مشروعات أطلقها باسمه، مثل مدرسة للفنون وأكاديمية للحِرف التراثية.

لكن العديد من أذواقه ليست كلها كلاسيكية. في المقابلات، قال تشارلز إنه من المعجبين بموسيقى وأفلام الممثلة باربرا سترايسند، وعروض الكوميديا السريالية، بما في ذلك «مونتي بايثون فلاينج سيركاس» و«غون شو». وهو أيضاً من الأشخاص المحبين لموسيقى ليونارد كوهين و«ذا ثري ديجريز»، إحدى فرق «صوت فيلادلفيا» الموسيقية.

الملك تشارلز مع باربرا سترايسند أثناء زيارته للوس أنجليس عام 1974 (غيتي)

بوجود هذه الاهتمامات المتنوعة، فإن تشارلز هو الملك الأكثر انسجاماً من الناحية الثقافية لأكثر من قرن من الزمان. وإذا كانت الملكة إليزابيث الثانية، التي توفيت العام الماضي، أكثر اهتماماً بسباق الخيل من آلاف عروض التأدية التي شهدتها أثناء فترة حكمها، فإن افتتان تشارلز بالفنون والترفيه يعكس شواغل العديد من الملوك الأوائل.

الملك تشارلز وقرينته كاميلا مع الملكة الراحلة إليزابيث في حفل أقيم عام 2018 بمعرض اللوحات في قصر باكنغهام (غيتي)

في القرن السابع عشر، بنى الملك تشارلز الأول، راعي الرسامين من بينهم «روبنز» و«فان دايك»، واحدة من أهم المجموعات الفنية في أوروبا. وأعاد نجله الملك تشارلز الثاني افتتاح مسارح بريطانيا بعد أن فرض المتمردون المتدينون إغلاقها لفترة طويلة، ووضع الأساس لما هو معروف اليوم باسم «ويست إند». في القرن الثامن عشر، جمع الملك جورج الثالث مجموعة فائقة من 65 ألف كتاب شكّلت قلب المكتبة البريطانية.

لكن حيث كان الملوك السابقون معروفين بشغفهم، كان تشارلز يُعرف غالباً بالأشياء التي لا يحبها. بدءاً من الثمانينات عندما كان أميراً لويلز، استخدم تشارلز الخطب، والكتب، والبرامج التلفزيونية لمهاجمة العمارة الحديثة بصفة متكررة، والترويج للبدائل القائمة على الأنماط الكلاسيكية. وفي مناسبات عدة، تدخل بصورة مباشرة لوقف مشاريع البناء بالزجاج والصلب. وفي هذه العملية، أثار حفيظة المهندسين المعماريين البريطانيين، الذين وصف بعضهم تدخله بأنه غير دستوري.

وظهر يوم السبت جلياً للكل محبة الملك للموسيقى. فقد كلف 12 عملاً لمراسم التتويج، بما في ذلك مقطوعة «أغنوس داي» لجوقة المؤلف الموسيقي الأميركي المولود في لندن طارق أوريغان. في مقابلة هاتفية، قال أوريغان إنه بمجرد أن «تتعمق في ما يحبه وما يكرهه تشارلز»، تظهر صورة لرجل كانت اهتماماته «دقيقة بشكل واضح».

قال أوريغان «إنه شخص يتأثر بالموسيقى والفنون الأخرى بصورة واضحة للغاية».

قال تشارلز مراراً إن محبته للثقافة نابعة من جدته الملكة إليزابيث الأم، التي اصطحبته إلى دار الأوبرا الملكية في لندن لمشاهدة الباليه الأول له في سن السابعة. وقال أيضاً خلال مقابلة إذاعية أجريت عام 2018 «أتذكر أنني كنت مأخوذاً للغاية بسحر هذا الباليه».

كما شجعت الملكة الأم حفيدها تشارلز أيضاً على محبة الموسيقى الكلاسيكية، وتعلم الملك المستقبلي البوق في أوركسترا المدرسة الداخلية. وتذكر تشارلز أنه اعتقد بأنه يحسن صنعاً في الآلة الموسيقية إلى أن قاطعه أحد المعلمين في البروفة بالصراخ «هذه الأبواق! أوقفوا هذه الأبواق!»، ومن ثم تحول إلى العزف على التشيللو.

الملك تشارلز أثناء دراسته في كلية ترينيتي بجامعة كمبردج يتدرب على عزف آلة التشيلو (غيتي)

في كلية ترينيتي، جزء من جامعة كمبردج، عزف تشارلز في الأوركسترا وقدم دوراً كوميدياً كعضو في المجتمع المسرحي للكلية.

الآن، تشارلز (74 عاماً) أكثر ارتياحاً كمشاهد من كونه مؤدياً. غالباً ما يحضر أعمال الأوبرا والباليه في لندن - قال متحدث باسم دار الأوبرا الملكية إن الملك زار الأوبرا الشهر الماضي بصفة خاصة - ويشاهد بانتظام أعمال «شركة شكسبير الملكية» في مقر فرقة المسرح في ستراتفورد أبون آفون، في إنجلترا. (تشارلز راعي كلتا المنظمتين).

يتذكر الأمير هاري في سيرته الذاتية الأخيرة «الاحتياطي»، وهو يرافق والده لزيارة «شركة شكسبير الملكية» في مناسبات عدة. يكتب هاري قائلاً «كنا نذهب إلى هناك من دون إخطار مسبق، ونشاهد أي مسرحية يؤدونها. لم يكن الإخطار المسبق مهماً لوالدي في شيء». (يقول هاري إن مسرحية «هنري الخامس» هي المفضلة لدى والده).

أحاطت روائع التحف تشارلز منذ أيامه الأولى. تتضمن المجموعة الفنية للعائلة المالكة 600 رسم لليوناردو دافنشي، من بين كنوز أخرى. ومع ذلك، قال تشارلز في فيلم «رويال باينتبوكس» الوثائقي لعام 2013، إنه لم يشغل باله بهذه الأعمال الفنية حتى بلغ المراهقة. ثم «فجأة، صارت كل الرسومات على الجدران، والأثاث، محل الاهتمام»، كما قال تشارلز.

لم يتلق أي تدريب فني رسمي، بحسب الفيلم الوثائقي، وعلّم نفسه الرسم بالألوان المائية. بحلول الوقت الذي دخل فيه عمل تشارلز الفني سراً إلى «معرض الصيف» بالأكاديمية الملكية، سنة 1987، كان يصنع صوراً لمشاهد ريفية ومساكن ملكية لعقود. (عُرضت مجموعة من الألوان المائية للملك في «ساندرينغهام هاوس»، أحد منازل تشارلز، في مقاطعة نورفولك، بتاريخ 12 أكتوبر/ تشرين الأول).

كما دفع تشارلز أموالاً ليرافقه الفنانون في جولات خارجية، منتجاً سجلات عن الفعاليات التي تُضاف إلى مجموعة الفنون الملكية. قال ديارمويد كيلي، الرسام التشكيلي الذي ذهب مع تشارلز في جولة في المكسيك وكولومبيا سنة 2014، إنه طُلب منه أن يرسم كل ما يحبه، رغم أن رجال البلاط حثّوه على تضمين تشارلز في الصور. قال كيلي إنه رسم مشاهد الشوارع وزيارة المعبد — «لا شيء غريب أو ريادي».

قال كيلي «النظام الملكي مُحافظ بطبيعته. لا يمكنك احتضان الفنانين المناهضين للمؤسسة عندما تكون جزءاً من المؤسسة».

قال المؤلف الموسيقي أوريغان، إنه بصرف النظر عن رأي الناس في أذواق تشارلز، فإنها مناسبة جيدة للغاية أن يكون هناك ملك محب للفنون على عرش بريطانيا. انخفض الدعم الحكومي لبعض المنظمات الثقافية العام الماضي، وقال أوريغان إن الموسيقى الجديدة التي طلبها الملك في مراسم للتتويج كانت «بياناً واضحاً حول أهمية الفنون».

وأضاف أوريغان أنه لا ينبغي على الملوك توجيه أعمال الحكومات، لكن تشارلز كان على الأقل يُظهر أهمية الثقافة.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

شؤون إقليمية رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة منصور ياواش (من حسابه على «إكس»)

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

تُظهر استطلاعات الرأي التي أُجريت منذ الانتهاء من الانتخابات المحلية في مارس الماضي تفوّق ياواش بوصفه مرشحاً للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة: )
شؤون إقليمية زيارة إردوغان لحزب «الشعب الجمهوري» ولقاء أوزيل للمرة الثالثة أحدثا جدلاً (الرئاسة التركية) 

إردوغان يلتقي زعيم المعارضة للمرة الثالثة في شمال قبرص

يعقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقاءً ثالثاً مع زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغو أوزيل في شمال قبرص.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا إردوغان ملوحاً لنواب حزبه بالبرلمان الأربعاء عقب انتهاء خطاب تحدث فيه عن محاولة انقلاب ضده وطالبهم بالحرص على دعم إصدار الدستور الجديد (الرئاسة التركية)

إردوغان يتهم حركة غولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة ضده

دعا إردوغان أعضاء حكومته ونواب حزبه إلى عدم التفريط أو التراجع بشأن وضع دستور مدني ديمقراطي جديد للبلاد.

سعيد عبد الرازق (انقرة)
شؤون إقليمية الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

حديث إردوغان عن «انفراجة سياسية» هل هو مناورة جديدة للبقاء في السلطة؟

فجّر حديث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن «انفراجة سياسية» تحتاج إليها تركيا جدلاً واسعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول في 31 مارس الماضي (رويترز)

تركيا: استطلاع رأي يصدم «العدالة والتنمية» بعد هزيمة الانتخابات

كشف استطلاع للرأي عقب الانتخابات، التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، عن أن الأتراك لا يثقون بالحزب الحاكم لحل مشاكلهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«كولكتيف ريبيرث»... حان وقت العودة

لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)
لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«كولكتيف ريبيرث»... حان وقت العودة

لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)
لوحات زيتية وأخرى أكليريك ومنحوتات تشارك في المعرض (الشرق الأوسط)

يلتزم بعض أصحاب الغاليريهات بتنظيم معارض رسم ونحت وتجهيزات فنيّة رغم أوضاع صعبة يعيشها لبنان... فالحرب أصابت معظم هذا القطاع بشلل تام، ولكن هذا التوقف القسري يقابله أحياناً الخروج عن المألوف. ومن باب إعطاء اللبناني فسحة أمل في خضمّ هذه الأجواء القاتمة، قرر مركز «ريبيرث بيروت» الثقافي إقامة معرضه للفنون التشكيلية. فقلب الجميزة عاد ينبض من جديد بفضل «كولكتيف ريبيرث» (ولادة جديدة جماعية)، وشهد افتتاحه حضوراً ملحوظاً. «سمر»، المشرفة على المعرض تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه كان لا بد من العودة إلى النشاطات الفنية. وتتابع: «جميعنا مُتعبون ونشعر بالإحباط. ولكننا رغبنا في كسر الجمود بمعرضٍ يزوّدنا بمساحة ضوء، ويسهم في تبديل حالتنا النفسية. وقد لبّى دعوتنا نحو 12 فناناً تشكيلياً».

جوي فياض تعرض أعمالها من الريزين (الشرق الأوسط)

لوحات زيتية، وأخرى أكليريك وزيتية، وتجهيزات فنية، حضرت في هذا المعرض. ومن المشاركين لاريسا شاوول، وجوي فياض، وكارلا جبور، وإبراهيم سماحة، ومها حمادة، ودانيا خطيب، وغيرهم... كلٌ منهم عبّر عن رغبته في التجديد والانكباب على الحياة.

ندى بارودي تعرض أكثر من لوحة تحت عنوان «الطبيعة». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «تربطني بالطبيعة علاقة وطيدة، لا سيما بالأشجار وأوراقها. فهي تذكرني بالأرض وجذورنا. أما الأوراق فتؤكد لنا أننا في حالة تجدّد دائم. وبين كل فصل وآخر نراها تموت لتعود وتولد مرة جديدة. وهو الأمل الذي نحتاجه اليوم في ظروف صعبة نعيشها». وترسم ندى لوحاتها بريشة دافئة تترجم فيها فصول السنة، بألوان الزهر؛ الأصفر والأخضر والبرتقالي. رسمت ندى بارودي لوحاتها في أثناء الحرب. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تكثر الضغوطات حولي أفرّغها بالرسم. وخلال الحرب شعرت بحاجة إلى الإمساك بريشتي، فمعها أخرج عن صمتي، وتحت أصوات الانفجارات والقصف كنت أهرب إلى عالمي، فأنفصل تماماً عمّا يجري حولي، لألتقط أنفاسي على طريقتي».

دانيا مجذوب... لوحاتها تتراوح بين الرسم والفوتوغرافيا (الشرق الأوسط)

في جولتك بالمعرض تكتشف في أعماله أساليب فنية مختلفة، منها لوحات فوتوغرافية ولكنها منفذة بتقنية جديدة؛ فيدخل عليها الطلاء. دانيا مجذوب اختارت هذا الأسلوب ليشكّل هوية خاصة بها. وتضيف: «أجول في مختلف المناطق اللبنانية وألتقط مشاهد تسرق انتباهي».

لوحاتها المعروضة تجسّد مناطق بيروتية. تشرح: «جذبتني هذه الأبنية في وسط بيروت، وبالتحديد في شارع فوش. وكذلك انتقيت أخرى مصنوعة من الحجر القديم في زقاق البلاط والسوديكو. أطبع الصور على قماش الكانفاس لأعدّل مشهديتها بالطلاء».

كي تُبرز دانيا أسلوبها تستخدم الطلاء بالألوان البرّاقة... «هذه الألوان، ومنها الذهبي، تطبع اللوحة بضوء ينعكس من أرض الواقع». عمل دانا بتفاصيله الدقيقة توثّق عبره بيروت؛ مدينة الأجيال... «الصورة تبقى الطريقة الفضلى لنتذكّر مشهداً أحببناه. ويمكننا عدّ الفن الفوتوغرافي تخليداً لموقع أو مكان وحتى لمجموعة أشخاص».

وكما نوافذ بيوت المدينة العتيقة، كذلك تتوقف دانا عند أبوابها وشرفاتها، فهي مغرمة بالأبنية القديمة، وفق قولها. وتستطرد: «أهوى الرسم منذ صغري؛ ولذلك حاولت إدخاله على الصورة الفوتوغرافية».

الفنان إبراهيم سماحة أمام لوحته «بيروت»... (الشرق الأوسط)

من اللوحات المعروضة في «كولكتيف ريبيرث» مجموعة الفنان إبراهيم سماحة، فهو ينفذها بالطريقة ثلاثية الأبعاد. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أعتمد في تقنيتي التقنيةَ نفسها المتبعة في تنفيذ الأيقونات. أرسم المدينة على ورق الفضة لينعكس الضوء عليها. من ناحيتي أهتم بإبراز الظل، وتأتي هذه التّقنية لتضفي عليه النور. وكما يتغير انعكاس الضوء في حياتنا، كذلك باستطاعته أن يبدّل في مشهدية لوحة معينة». إحدى لوحات سماحة صورّها من مبنى «البيضة» وسط العاصمة، ونفذّها لتبدو متدرّجة بين قسمين، فيُخيّل إلى الناظر إليها أنه يشاهد مدينتين أو «بيروتين» كما يذكر سماحة لـ«الشرق الأوسط». ويوضح: «أبدأ بتلقف الفكرة، ومن ثم أنقلها على الخشب. وفي لوحاتي، رسمت بيروت في أثناء الجائحة. وكذلك درج مار نقولا وشارع مار مخايل والجميزة قبل انفجار المرفأ وبعده».

معرض «ولادة جديدة جماعية» في منطقة الجميزة (الشرق الأوسط)

تكمل جولتك في المعرض، فتستوقفك تجهيزات فنية ومنحوتات لجوي فياض. جميعها ترتبط ارتباطاً مباشراً بالموسيقى. كما يطبعها الخيال والحلم، فيشعر الناظر إليها بأنها تحلّق في الفضاء. وتقول جوي لـ«الشرق الأوسط»: «كل لوحاتي تحكي لغة الحب، فهو في رأيي أهم ما يجب الاعتناء به وتكثيفه في حياتنا. ولأني أعمل في مجال الغناء؛ فإنني أربطه بالموسيقى».

في لوحتها «الرجل المشع»، تصوّر جوي شخصاً يمسك بقلبه الحديدي كي ينثر جرعات الحب فيه على من يمرّ أمامه، وقد صنعته من مواد الريزين والحديد وطلاء الأكريليك. وتضيف: «بالنسبة إليّ، فإن الحب هو الأساس في أي علاقة نقيمها... مع شريك الحياة والأب والابن والصديق والأم. وفي لوحة (الرجل المشع) نراه يُخرج قلبه من جسده كي يوزّع الحب وينثره. وهو أسلوب تتداخل فيه فنون عدة ليؤلف مشهدية تشبه ثلاثية الأبعاد».

ومن أعمال فياض المعروضة «تركني أحلم»، وهو منحوتة مصنوعة من الريزين أيضاً، ونرى رجل فضاء يسبح بين السماء والأرض التي يخرج منها الضوء.

وفي منحوتة «أنحني لتاجك» تترجم رؤية فلسفية عن الحب... «هناك علاقة وطيدة بين العقل والقلب، وهذا الأخير أَعُدّه تاج الإنسان. ولذلك علينا الانحناء أمامه من أجل إبراز قيمته المعنوية في حياة الإنسان».